جبهة انقاذ مصربقلم: أنور عصمت السادات
حالة الغليان .. التي يعيشها المجتمع المصري الآن لها أسباب ودوافع وأصول نتيجة لتراكمات من الأخطاء وسؤ التصرف والسلوك الخاطئ ممن يديرون دفة الأمور في مصر ..
الموقف أصبح الآن مخيفا .. وغير مبشر بالخير ... أحكام حبس رؤساء تحرير صحف المعارضة والمستقلة وقيادتها.. ووضعهم في قضايا تحمل صيغ الإضرار بالوطن .. وباقتصادياته..!!
ارتفاعات متلاحقة لأسعار السلع الأساسية لا يستطيع المواطن البسيط ان يلاحقها .. سواء بالعلاوات او بزيادة العمل، وحيرة بين عدم الاستقرار و فقد الأمل في حياة كريمة ..وتزايد الحقد بين طبقات المجتمع وتميز طبقة علي طبقات فقيرة تزداد يوما بعد يوم !
وحتي الفتنة الطائفية ازدادت اتساعا وأصبحت تهدد السلام الاجتماعي والمواطنة ... بسبب عدم وجود ثقافة ورؤية واضحة مترجمة في سطور تفيد بأن الدين لله ... و مصر للجميع 0
...تزايد أزمة الإسكان يوما بعد يوم ، وتزايد المطلوب من الشقق والوحدات السكنية البسيطة من شباب وأفراد الشعب .. ليقيم بها .. وليس للتجارة و ليس حبا في الامتلاك ... أزمة خلقتها دخول شركات عالمية سوق العقارات .ورفعت قيمة الأراضي ومستلزمات البناء الي أرقام قياسية في فترة قليلة جدا .. وزيادة فرص الاحتكار لأسواق الصناعات الثقيلة والأساسية ( الحديد والاسمنت ) في مجالات الإنشاءات .
من يدير مصر ؟؟ سؤال يطرح نفسه ... ولا يجد اجابة شافية .. ولا يجد من يستطيع ان يعطيك كلمة واضحة وصريحة وتحتوي المعني كله .. قانونا أو عرفا .. أو حتى دستورا ... حتى القضاة.. والسلطة القضائية أصبحت أداة من أدوات السلطة التنفيذية ... وتشابكت المهام وأصبحت القضايا القومية لها أكثر من وجهة نظر في رأي القانونين .. ولم تعد العدالة عمياء ..أصبح لها عيون مبصرة .. وتنظر الي المتهم قبل ان تنظر الي المعتدي عليه !
أصبحنا كلنا مستقلون و معارضون و قوميون .. ننتقد حال البلد ... ونرصد نقاطا ومناطق وبؤر الفساد الذي ينخر في عظام المجتمع ..
وانتقلت حالة عدم الرضا الي العمال ... وظهرت حالات الإضرابات المتكررة في قلاع الصناعة بالدلتا . وغيرها من المؤسسات الإنتاجية.. كلها ترفض الواقع ... وترفض البيع وترفض الخصخصة وتطالب بحقها في حياة كريمة .
لم أجد أحدا يستحسن سلوك الدولة في مواجهة المشاكل اليومية والمستقبلية .. أو شخصا واحدا يجمع الناس علي حبه وعلي صدق كلامه .. اختفت القدوة والمثل الاعلي من حياتنا اليومية . واذا ظهرت شخصية لها مصداقية .. تدافعت عليها الاقلام والمغرضون والمنافقون يرمونها بالاكاذيب وتشويه صورتها .. حتي لا يكون لها ذكر .. وفي نفس الوقت يفرض عليك أشخاص وشخصيات تافه ولا تاريخ لها .. تجدها علي كافة القنوات التليفزيونية وعلي كافة موائد الحوار وكافة الصحف القومية .. تتحدث وتتكلم بما يرضي من يديرون مصر .. أو هذا ما أتصوره !! . ولعلي أكون مخطأ في هذا التصور !!
مصر ... أكبر دولة عربية تعدادا ...مصر أعرق دولة عربية تاريخا .. مصر قاطرة التقدم في المنطقة العربية .. مصر الكنانة ... ومخزن احتياطي القوة البشرية للعالم العربي ...
تستحق أن يكون لها وجود بين العالم المتقدم .. وتستحق ان تجد لها مكانا وسط الدول المتقدمة ..
وما يحدث في مصر يستحق أيضا الي إعادة نظر .. ولكن ممن ؟ والي من نوجه هذا السؤال ؟
وانا أعتقد وربما يتفق معي الكثيرون أو يختلفوا ، ان هناك شيئا ما قد حدث في حياتنا نحن المصريين ويعتبر ظاهرة تمثل سببا رئيسيا ومباشرا لما نحن فيه الآن ...
هذا ما أريد أن أتحدث عنه في كلمات وفي خطاب.... أريد ان أصيغه .. وأرسله بكلمات راقية وبلا روتوش الي : رئيس الجمهورية
خطاب الي السيد الرئيس :
السيد الرئيس / محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية ...
تحية طيبة وبعد
من مواطن مصري يحمل هم وهموم بلد عريق ... مثل مصر الي رئيسها الذي يحمل الي جانب هذه الهموم يحمل آمل أبناء هذا الوطن ..
ارفع إليكم قضية ظلم وقع علي شعب مصر ... قضية تحتاج منكم الي نظرة اعتبار بعين أخري غير التي تري بها وتحتاج الي قرار صعب وكلمة ترفع بها أسباب الظلم والتفرقة ..
وتجعل الشعب كله يشعر بمصريته ويرتفع بكرامته الي عنان السماء ..
لقد قدمتم وميزتم نجلكم السيد / جمال مبارك علي كل الصفوف وعلي كل القيادات الطبيعية للبلد واعتبرته هو الرئيس القادم ( رغم نفيكم لهذا بالصحف ) .. وبدأ بالفعل سيطرته ( الغير معلنة) علي كافة أمور الدولة .. مما تسبب في خلق رفض عام ( غير معلن أيضا ) من كافة القوي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشعبية المحبة لمصر وتاريخ مصر والتي أصبحت ترصد فقط الأحداث وابتعدت عن هذا الصراع الخفي .. واكتفت بالمشاهدة فقط خوفا من الإذلال وخوفا من تلفيق تهم فساد أو خيانة الوطن أو الإضرار باقتصاد البلاد ..
وخلق هذا ايضا ظهور لوبي من المنتفعين بهذا الوضع من المحيطين بالسيد جمال مبارك .. ينتظرون فيها اللحظة التي تأتي ويتولي هو فيها السيطرة الكاملة .. ويضربوا بيد من حديد كافة المعارضين لهم ...
سيدي الرئيس ... لعل هذا الوضع كان من أهم أسبابكم الشخصية في رفض تعيين نائب رئيس جمهورية طوال الخمسة والعشرين عاما الماضية .. ازدواجية الحكم .. وهو الآن موجود .. و بدون نائب رئيس !
وقد ظهر آثار هذا التصعيد والتمييز لنجلكم في صور كثيرة .. منها عدم المبالاة ورفض الانتماء الوطني ... وظهور فئات استغلالية تخرب في اقتصاد البلد ...
كنوز مصر لا نهاية لها .. تلك حقيقة يعرفها كل من قرأ تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة الي وقتنا الحالي ... ومع هذا ابتدعت قصص الخصخصة وبيعت معظم الأصول الاقتصادية ..بفكر الشباب الملتف حول الرئيس الجديد ...تحت مسمي الاقتصاد العالمي الحر ...
و كثرت وتعددت مظاهر سيطرة وبطش الأمن وتدخله في كل شئون البلاد والعباد ..
سيدي الرئيس ... اتفق معك كل الاتفاق إننا لدينا دوافع خوف مشترك علي مصر ... ولكن لن يكون هذا الخوف سببا في القفز فوق الدستور وفوق الديمقراطية وفوق العرف الدولي ... بدفع نجلكم الي مصاف رؤساء مصر ... واعتباره ظاهرة فريدة لم تحظي بها مصر من قبل ..!!
وتغيره التركيبة السياسية والتدرج القيادي بتخطيه لكل القوانين والصعود علي قمة الهرم السياسي في مصر ...
كلنا نحب أبناءنا ... بل ونعشقهم ... ولكن عندما يكون هناك مصلحة وطنية عليا تتطلب ان ننكر الذات ونرقي الي مرتبة الشرف الوطنية .. فإننا نبعدهم عن تلك النقط الشائكة
...ونضعهم في أماكن أخري يخدم فيها وطنه كمواطن شريف .. من جهده ومن عرقه وليس من جهد وتاريخ الآخرين وإمكانيات دولة كلها باسم المصلحة الوطنية والاستقرار !
1
خطوة صعبة وقرار تاريخي - ان أتخذ- سيرفع كثيرا من الظلم الواقع علي نفوس الشباب. .وأبنائك وسيخلق قدوة حسنة ومثالا للوطنية وإنكار الذات حبا في مصر ..
وهذه الخطوة - ان تمت - سوف تحفظ لكم تاريخكم وميراثكم الذي بنيته طوال الخمسين عاما الماضية ..
الشعب بمثقفيه ومفكريه سوف يذكر لكم تلك الخطوة الشجاعة..وستظل علامة لعصركم ..تذكر كلما ذكرت الديمقراطية في مصر ... وأنت أهل لهذا وتستحق هذا ...
وفقكم الله الي ما فيه الخير لمصرنا الحبيبة
و نشرت ايضا فى
المصريون بتاريخ 24-12-2007
مواطن مصــــــري
المصريون