جبهة انقاذ مصر
حالة الغليان.. التي يعيشها المجتمع المصري الآن لها أسباب ودوافع وأصول نتيجة لتراكمات من الأخطاء وسوء التصرف والسلوك الخاطئ ممن يديرون دفة الأمور في مصر.. قد يكون العنوان أكبر من المشكلة.. وقد يكون ـ في نظر البعض أصغر منها.. ولكن علي كل حال هناك بركان يغلي وحمم من النار داخل البركان تريد أن تنطلق وتقذف في كل اتجاه وصوب لتهدم ما تبقي من الوطنية المصرية وحب الانتماء.. الموقف أصبح الآن مخيفاً.. وغير مبشر بالخير.. أحكام حبس رؤساء تحرير صحف المعارضة والمستقلة وقيادتها.. ووضعهم في قضايا تحمل صيغ الإضرار بالوطن.. وباقتصادياته!!
ارتفاعات متلاحقة لأسعار السلع الأساسية لا يستطيع المواطن البسيط أن يلاحقها.. سواء بالعلاوات أو بزيادة العمل، وحيرة بين عدم الاستقرار وفقد الأمل في حياة كريمة.. وتزايد الحقد بين طبقات المجتمع وتميز طبقة علي طبقات فقيرة.
.. تزايد أزمة الإسكان يوماً بعد يوم، وتزايد المطلوب من الشقق والوحدات السكنية البسيطة من شباب وأفراد الشعب.. ليقيم بها.. وليس للتجارة وليس حباً في الامتلاك.. أزمة خلقها دخول شركات عالمية سوق العقارات. ورفعت قيمة الأراضي ومستلزمات البناء إلي أرقام قياسية في فترة قليلة جداً.. وزيادة فرص الاحتكار لأسواق الصناعات الثقيلة والأساسية (الحديد والأسمنت) في مجالات الإنشاءات.
..من يدير مصر؟؟ عنوان مقال كان بجريدة يومية مستقلة.. لخيري رمضان. يتساءل فيها عن المسئول الخفي وراء كل تلك الأزمات؟ ومقالات أخري أسبوعية في جريدة قومية لنائب رئيس تحرير الأهرام عبدالعظيم درويش.. كلها تنتقد سلوكيات وأفعال الحكومة ووزاراتها الخدمية مثل وزارة التضامن.. التي من المفروض أنها تتضامن مع الفقراء ضد الجشع وضد الاستغلال..
حتي القضاة.. والسلطة القضائية أصبحت أداة من أدوات السلطة التنفيذية.. وتشابكت المهام وأصبحت القضايا القومية لها أكثر من وجهة نظر في رأي القانون.. ولم تعد العدالة عمياء.. أصبح لها عيون مبصرة.. وتنظر إلي المتهم قبل أن تنظر إلي المعتدي عليه!
أصبحنا كلنا مستقلين ومعارضين وقوميين.. ننتقد حال البلد.. ونرصد نقاط ومناطق وبؤر الفساد الذي ينخر في عظام المجتمع..
وانتقلت حالة عدم الرضا إلي العمال.. وظهرت حالات الإضرابات المتكررة في قلاع الصناعة بالدلتا. وغيرها من المؤسسات الإنتاجية.. كلها ترفض الواقع.. وترفض البيع وترفض الخصخصة وتطالب بحقها في حياة كريمة.
لم أجد أحداً يستحسن سلوك الدولة في مواجهة المشاكل اليومية والمستقبلية، أو شخصاً واحداً يجمع الناس علي حبه وعلي صدق كلامه.. اختفت تلك القدوة والمثل من حياتنا اليومية.. وإذا ظهرت شخصية لها من المصداقية وحب الناس.. تدافعت عليها الأقلام والمغرضون والمنافقون يرمونها بالأكاذيب وتشويه صورتها.. حتي لا تكون لها ذكر.. وفي نفس الوقت يفرض عليك أشخاص وشخصيات تافهة ولا تاريخ لها.. تجدها علي كافة القنوات التليفزيونية وعلي جميع موائد الحوار وعلي جميع صفحات الجرائد القومية. تتحدث وتتكلم بما يرضي من يديرون مصر.. أو هكذا أتصور هذا.. ولعلي أكون مخطئاً في هذا التصور..
ولم تعد تلك الممارسات خافية علي رجل الشارع البسيط.. الموظف والعامل وصاحب العمل والمهنيين.. وحتي من لا يقرأ ولا يكتب.. يفهم هذا الأسلوب.. الوحيد الذي لا يفهمه، هو من وضعه وتخيل وتوهم أنه أكثر ذكاء من كل هؤلاء.. وتلك مصيبة وكارثة أن يتولي علينا جهلاء.. وضيقو الأفق.. والمنافقون وأصحاب المصالح الشخصية..
مصر.. أكبر دولة عربية تعداداً.. مصر أعرق دولة عربية تاريخا.. مصر قاطرة التقدم في المنطقة العربية.. مصر الكنانة.. ومخزن احتياطي القوة البشرية للعالم العربي..
تستحق أن يكون لها وجود بين العالم المتقدم.. وتستحق أن تجد لها مكاناً وسط الدول المتقدمة.. وما يحدث في مصر يستحق أيضاً إعادة نظر.. ولكن ممن؟ وإلي من نوجه هذا السؤال؟
هذا ما أريد أن أتحدث عنه..
السيد الرئيس/ محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية..
تحية طيبة وبعد..
من مواطن مصري يحمل هم وهموم بلد عريق.. مثل مصر إلي رئيسها الذي يحمل إلي جانب هذه الهموم يحمل أمل أبناء هذا الوطن..
أرفع إليكم قضية ظلم وقع علي شعب مصر.. قضية تحتاج منكم إلي نظرة اعتبار بعين أخري غير التي تري بها وتحتاج إلي قرار صعب وكلمة ترفع بها أسباب الظلم والتفرقة.. وتجعل الشعب كله يشعر بمصريته ويرتفع بكرامته إلي عنان السماء..
لقد قدمتم وميزتم نجلكم السيد جمال مبارك علي كل الصفوف وعلي كل القيادات الطبيعية للبلد واعتبرته هو الرئيس القادم (رغم نفيكم لهذا بالصحف).. وبدأ بالفعل سيطرته (غير المعلنة) علي كافة أمور الدولة.. مما تسبب في خلق رفض عام (غير معلن أيضاً) من جميع القوي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشعبية المحبة لمصر وتاريخ مصر والتي أصبحت ترصد فقط الأحداث وابتعدت عن هذا الصراع الخفي.. واكتفت بالمشاهدة فقط خوفاً من الإذلال وخوفاً من تلفيق تهم فساد أو خيانة الوطن أو الإضرار باقتصاد البلاد..
وخلق هذا أيضاً ظهور لوبي من المنتفعين بهذا الوضع من المحيطين بالسيد جمال مبارك.. ينتظرون فيها اللحظة التي تأتي ويتولي هو فيها السيطرة الكاملة.. ويضربون بيد من حديد كافة المعارضين لهم..
سيدي الرئيس.. لعل هذا الوضع كان من أهم أسبابكم الشخصية في رفض تعيين نائب رئيس جمهورية طوال الخمسة والعشرين عاماً الماضية.. ازدواجية الحكم.. وهو الآن موجود.. وبدون نائب رئيس!
وقد ظهر آثار هذا التصعيد والتمييز لنجلكم في صور كثيرة.. منها عدم المبالاة ورفض الانتماء الوطني.. وظهور فئات استغلالية تخرب في اقتصاد البلد..
كنوز مصر لا نهاية لها.. تلك حقيقة يعرفها كل من قرأ تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة إلي وقتنا الحالي.. ومع هذا ابتدعت قصص الخصخصة وبيعت معظم الأصول الاقتصادية.. بفكر الشباب الملتف حول الرئيس الجديد.. تحت مسمي الاقتصاد العالمي الحر.
سيدي الرئيس.. أتفق معك كل الاتفاق أننا لدينا دوافع خوف مشترك علي مصر.. ولكن لن يكون هذا الخوف سبباً في القفز فوق الدستور وفوق الديمقراطية وفوق العرف الدولي.. يدفع نجلكم إلي مصاف رؤساء مصر.. واعتباره ظاهرة فريدة لم تحظ بها مصر من قبل!! وتغيره التركيبة السياسية والتدرج القيادي بتخطيه لكل القوانين والصعود علي قمة الهرم السياسي في مصر..
كلنا نحب أبناءنا.. بل ونعشقهم.. ولكن عندما تكون هناك مصلحة وطنية عليا تتطلب أن ننكر الذات ونرقي إلي مرتبة الشرف الوطنية.. فإننا نبعدهم عن تلك النقط الشائكة.. ونضعهم في أماكن أخري يخدم فيها وطنه كمواطن شريف.. من جهده ومن عرقه وليس من جهد وتاريخ الآخرين وإمكانيات دولة كلها باسم المصلحة الوطنية والاستقرار!!
خطوة صعبة وقرار تاريخي ـ إن اتخذ ـ سيرفع كثيراً من الظلم الواقع علي نفوس الشباب. وأنبائك وسيخلق قدوة حسنة ومثالا للوطنية وإنكار الذات حباً في مصر..
وهذه الخطوة ـ إن تمت ـ سوف تحفظ لكم تاريخكم وميراثكم الذي بنيته طوال الخمسين عاماً الماضية..
الشعب بمثقفيه ومفكريه سوف يذكر لكم تلك الخطوة الشجاعة.. وستظل علامة لعصركم.. تذكر كلما ذكرت الديمقراطية في مصر.. وأنت أهل لهذا وتستحق هذا..
وفقكم الله إلي ما فيه الخير لمصرنا الحبيبة.
و نشرت ايضا فى
المصريون بتاريخ 29 - 10 – 2007
الوفد بتاريخ 2-11-2007
0 comments :
إرسال تعليق