الشباب السياسى
كتبت : نجوى محمد - نورهان جمال
اختلفت ردود فعل القانونيين والشخصيات العامة والحقوقيين على البيان العسكرى، فالبعض اعتبره خطوة جيدة خاصة ما يتعلق بالوثيقة التوافقية باتفاق القوى الوطنية للإعلان الدستورى والمبادئ بشأن الهيئة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، فيما يرى آخرون أنه خطاب يفتقد للآلية، وكذلك غياب جدول زمنى يحدد وقت فعلى لانتهاء الفترة الانتقالية أو انتخاب رئيس الجمهورية، معتبرين أن المجلس العسكرى فى حاجة إلى الحسم ليظهر سيطرته على أى انفلات يحدث خاصة بعد التهديد لمنشآت وأماكن حيوية فى مصر.
حيث وصف الدكتور محسن عوض، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيس مكتب الشكاوى البيان، الصادر من المجلس العسكرى، بأنه خطوة جيدة توضح المسار السياسى للقضاء على الضبابية الشديدة، التى كانت موجودة مخلفة حالة من الانقسام السياسى حول هل الدستور أولا أم الانتخابات أولا بهدف الوضوح للمواطنين بين الفصائل السياسية المختلفة، وفى وجهة نظرى جاء البيان ليقضى على هذا الالتباس من خلال فكرة “الوثيقة الدستورية”.
أما الأمر الثانى فهو أن تلك الوثيقة ليست بدعة، حيث لا يستطيع أى من القوى السياسية أن يستأثر بالسلطة ويضع الدستور حسب أهوائه، وقال عوض إن البيان جاء أيضًا ليوقف الدعوات التى ترددت حول إيقاف المترو وقطع الطرق وهى دعوات ليست سياسية بالمرة.
وأوضح الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى أن المجلس العسكرى عليه أن يكون مسانداً لمطالب الثورة وتلك المطالب التى اعترف بمشروعيتها منذ البداية لافتاً إلى أن ذلك الحوار يعمل على تصعيد الأمور، لافتاً أن المجلس العسكرى لو لم يستطع حكم وإدارة البلاد عليه الاستعانة بمدنيين لمعاونه فى ذلك، موضحاً أن المجلس يتبع سياسية البطء والتراخى وهى التى أوصت الوضع إلى ذلك الحد.
وطالب الإسلامبولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بضرورة تشكيل لجنة تأسيسية لوضع الدستور من الآن، وليس الانتظار لحين انتخابات البرلمان، مؤكداً أن المجلس العسكرى من الطبيعى ودوره هو مساندة رئيس الوزراء فى تلك المرحلة الهامة.
قال محمد الدماطى، وكيل نقابة المحامين، ومقرر لجنة الحريات بالنقابة، إن خطاب المجلس العسكرى الذى ألقاه اللواء محسن الفنجرى عضو المجلس، تعارض مع مطالب الثوار وغالبية القوى والفصائل السياسية، ولم يستمع لرغبة غالبية الشعب فى ضرورة إرجاء الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو المطلب الذى أبدى رئيس الوزراء موافقته عليه أيضًا، ولم يضع فى الحسبان قضية الدستور أولا.
وأشار الدماطى إلى أن المجلس العسكرى يريد أن يؤكد للشعب من خلال هذا البيان أنه غير راغب فى السلطة والاستمرار فى إدارة البلاد، إلا أنه يجب أن يدرك أن ثورة الشعب ليست على الانتخابات والدستور وأن مطالب الثورة الجوهرية لم تنفذ، وأوضح أن وثيقة المبادئ الدستورية التى سيتم إعدادها سيأتى عليها تعديلات من اللجنة التأسيسية التى ستنتخب من مجلس الشعب.
وأكد ممدوح إسماعيل، عضو مجلس نقابة المحامين، ومحامى الجماعات الإسلامية، أن التأكيد على إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى فى موعدها المحدد تأكيد على إرادة الشعب فى الاستفتاء، لافتا إلى أن الشعب هو صاحب الحق الوحيد فى وضع وثائق حاكمة للجنة التأسيسية، مشيرا إلى أن المجلس العسكرى وظيفته حماية أمن البلاد وليس وضع وثائق حاكمة.
وأضاف إسماعيل أن الكلام عن الوثيقة الحاكمة هو كلام مبهم وغير واضح، فالوثائق والمبادئ التى تخص الدستور يحددها البرلمان، وليس من المجلس العسكرى، لافتا إلى أن اللهجة الشديدة التى جاء بها البيان هى تتوافق مع المؤسسة العسكرية وليس تهديدًا للشعب بعد التظاهر، مشيرا إلى أن مع حق التظاهر السلمى الذى لا يعطل مصالح المواطنين.
وأوضح طارق العوضى المحامى اليسارى، أن الجزء الإيجابى فى بيان المجلس العسكرى هو إعداد وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور بتوافق بين القوى السياسية، مؤكدا أن هذه الوثيقة يجب أن يحدث توافق حولها من كافة القوى والفصائل السياسية وشباب الثورة وكافة المؤسسات والنقابات ومنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان حتى تخرج معبرة عن الجميع، مما يسهل إنشاء دستور جديد متوافق عليه ويمنع سيطرة أى قوة سياسية على وضع الدستور الجديد، خاصة أن هذه الوثيقة يجب أن تكون ملزمة للجنة التأسيسية التى ينتخبها مجلس الشعب لوضع الدستور، كما أنها ستمنع الجدل حول وضع الدستور أولا.
وذكر العوضى أن ما يعيب بيان المجلس العسكرى هو اتهامه للبعض بالخيانة عن طريق سعيهم لمصالح خاصة وضيقة، ولكن هذه المطالب مشروعة ويجب التوقف عن هذه الاتهامات وحل مشاكل هؤلاء المواطنين لأنها جزء من المصلحة العليا للبلاد، وعلى المجلس العسكرى أن يحدد من هى القوى التى تريد زعزعة استقرار البلاد ويكشف على وجه السرعة عن البلطجية والمجهولين الذى ينفذون عمليات تخريبية.
قال الدكتور مصطفى حجازى، المفكر الاستراتيجى، إن بيان المجلس العسكرى ينبئ بملامح حدث جلل وقع ومن الواضح أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لديه معلومات بأن هناك قوى تحاول أن تنقض على السلطة، وهو المحرك الأساسى فى الخطاب لذلك كان الخطاب به نبرة تهديد ووعيد واضحة.
وأوضح أن نبرة التهديد والردع على حساب التعامل السياسى مع مطالب التحرير وتقدم عليه نوعا من أنواع التصريح غير الكامل والتلميح دون التصريح، بأنه لن يسمح بالعبث فى قضية السلطة وهى الأولية الأولى للقوات المسلحة وبعدها تأتى كل الأوليات.
وأضاف “حجازى” أن التهديد ليس موجهًا لميدان التحرير بل للموجهين للمشهد وهؤلاء أعتقد أنهم بعيدون عن ميدان التحرير، فالبيان يتحدث عن أصحاب المصلحة ويوجه إليهم الوعيد والتهديد، موضحًا أن البيان يوجه رسالة تريث وهدوء لقراءة الأمور بالنسبة للموجودين فى ميدان التحرير.
أوضح د.عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية، أحد مؤسسى حزب مصر الحرية، أن البيان فيه استجابة واضحة لمطلب أساسى وهو إعلان دستورى جديد يؤسس لمبادئ حاكمة وضوابط لاختيار الجمعية التأسيسية للدستور الجديد، بما يعد مخرجا جيدا لحالة الجدل الدائرة بين الداعين للدستور والداعين للانتخابات أولا، مضيفًا أن ما جاء من تأكيد فى البيان العسكرى من الالتزام بالمبادئ الشرعية والاستفتاء الدستورى، وكذلك التوقيت الذى أعلنه عن تسليم السلطة لرئيس منتخب.
لكنه أشار إلى أن الخطاب يفتقد لبعض من الآليات أو الجدول الزمنى الذى يرى أنه يحتاج لبيانات حاكمة لاحقة توضح ماذا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية ووضع الدستور وكيف ومتى سينتهى الأمر والفترة الانتقالية، كما غاب عنه التعامل مع مطلب أساسى وهو ضرورة إلغاء محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
ووصف حمزاوى الخطاب بالإيجابى والذى يتفاعل مع مطالب القوى السياسية، واصفًا اللهجة الحادة التى جاء فيها الخطاب بأنها لهجة حاسمة تحتاجها الفترة الحالية، مشددا على أن هناك أولوية للحسم خاصة وأن البيان ذكر أن الإعلان الدستورى أو أى قرار يتم بالحوار مع القوى السياسية وتوافق وطنى وحوار مع الشباب، مؤيدًا حدة التلميح بعدم الانحراف بمسار التظاهرات والخروج عن القانون التى يتفق معها الجميع، وخاصة فى ظل خروج تصرفات غير مقبولة وتهديدات لشرايين الحياة والاقتصاد التى يتحدث بها البعض من غير المدركين لخطورة الأمر، مشددًا على أن المجلس العسكرى فى حاجة فى فترة معينة للحديث بحسم.
بينما حلل الدكتور ضياء رشوان، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام البيان، مؤكدًا أن البيان به بعض النقاط الجديدة مثل التحذير من القفز على السلطة، والوثيقة الحاكمة للدستور، بينما جاءت بعد النقاط تحصيل حاصل مثل استمرار الحوار مع القوى السياسية التى بدأها من قبل.
وأوضح رشوان أن إعلان المجلس العسكرى بدعم الدكتور عصام شرف يدل على أن المجلس العسكرى مقتنع بأن الحكومة تؤدى عملها، مشيرا إلى أن التأكيد على فكرة الانتخابات أولا مسألة لا تتناقض مع الوثيقة الحاكمة للدستور، وأن المجلس العسكرى بذلك عمل الحل الوسط الذى توصلت له القوى السياسية.
وأضاف رشوان أن الأمر يتوقف فى الفترة القادمة على تحديد موعد إجراء الانتخابات، متوقعًا أنه على الأرجح سيعلن المجلس العسكرى عن الإجراءات الخاصة بالانتخابات قبل نهاية شهر سبتمبر القادم حتى لا يتعارض الأمر مع الإعلان الدستورى الذى ينص على إجراء الانتخابات فى ستة أشهر من تاريخ الإعلان، على أن يتم الانتخابات فى شهر نوفمبر أو ديسمبر.
وحول التحذير من القفز على السلطة، يرى رشوان أن هذا جاء بعدما تردد خلال الجمعة الماضى من جانب بعض الفئات بتشكيل مجلس رئاسى يحل محل المجلس العسكرى.. مؤكدا على أن هذا البيان جاء فى لحظة حرجة قائلا “الثوار يريدون رحيل عصام شرف الذين جاءوا به، والثوار غير قابلين بأية مطالب، وبعضهم منفصل عن الناس مما يسبب فراغًا خاصة لدى الجمهور العادى الذى يرفض إغلاق مجمع التحرير وتهديد الملاحة بقناة السويس”، مطالبًا بسرعة المحاكمات.
أكد الدكتور ممدوح حمزة، المتحدث الرسمى باسم المجلس الوطنى، أنه بعد استجابة كل من حكومة الدكتور عصام شرف والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب الشعب والمعتصمين، والتى كان أهمها إعداد وثيقة إعداد وثيقة مبادئ حاكمة وضوابط، لاختيار جمعية تأسيسية لإعلان دستور جديد للبلاد، فيجب على الجميع أن يرجع إلى قواعده لإعطاء تلك الجهات الفرصة لتنفيذ قراراته.
وكشف حمزة أن الشق الأكبر لآن من مطالب الشعب أمام القضاء والخاص بأحكام الفاسدين من النظام السابق، مطالب القضاء بضرورة الخروج لإعلان موقفه من القضايا التى رفعها الشعب، بعد إدانته بمشاركته فى حماية الفاسدين من خلال تراخيه فى إصدار أحكام على هؤلاء الفاسدين والإبقاء على إصدار تأجيلات فقط.
فيما أكد أنور عصمت السادات، مؤسس حزب “الإصلاح والتنمية”، أن بيان المجلس العسكرى هو “تحصيل حاصل للوضع الراهن” على حد قولة – موضحا أن الهدف منه هو التأكيد على أن التظاهرات والاعتصامات لم تسبب له أى رهبة، وأضاف السادات أن مضمون البيان لم يشكل له أى مضايقة خاصة أن الهدف منه أيضًا هو التأكيد على مصلحة الوطن فى محاولة لتهدئة الأجواء العامة، وطالب السادات المجلس العسكرى بضرورة الإسراع فى تنفيذ مطالب الشعب المصرى من خلال جدول زمنى لا يتعدى الشهرين.
أما الحزب الناصرى فقد استمر فى تحفظه على البيانات التى بدأت تخرج سواء من حكومة الدكتور عصام شرف أو من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث أكد سامح عاشور، رئيس الحزب الناصرى، أن تلك البيانات، والتى آخرها بيان المجلس العسكرى الهدف منها الالتفاف حول مطالب الشعب متعجبًا من موقف المجلس العسكرى من الإصرار على إجراء الانتخابات فى موعدها.
وأوضح عاشور أن الاستفتاء الذى يستند إليه المجلس العسكرى ليس له علاقة بإجراء الانتخابات –كما يدعى- وكان من الأولى له هو تلبية هذا المطلب بإجراء الدستور أولا.
وأضاف رئيس الحزب الناصرى أن كلاً من بيان الدكتور شرف والمجلس العسكرى هو خدعة تهدف إلى إخماد المعتصمين والمتظاهرين فى ميدان التحرير