المصريون
أنور عصمت السادات
كثرت تصريحات أصدقاء الأمس مع صدام حول مآثره وشجاعته ووطنيته واعتباره شهيدا .. رحم الله صدام حسين .. فهو أصلح وأخطأ .. وأخطأ مرات كثيرة .. شأنه شأن أي إنسان . يخطئ ويصيب ... .. وكثرت التشبيهات والمناظرات والمقارنات بين صدام وبين بوش .. في أعداد القتلي والخسائر ..وفيما قدمه كل منهما الي بلده .. ورفع سهم صدام عند بعض المغرمين به ..وهبط سهم صدام عند الكارهين له ..
رحم الله صدام حسين .. تحت أي تصنيف عاش ومات عليه .. ورحمه الله لأنه أعدم في يوم عيد ويوم أجازة في العالم الإسلامي كله .. وترحم عليه كل من رآه علي آلة الشنق .. هكذا كانت النهاية ولله الدوام ..
اما تقييم صدام كرئيس لدولة العراق .. فهذا شيء آخر .. فالتاريخ سيذكر الكثير والكثير عن تلك البلد ( العراق ) التي كان من المفروض انها أغني الدول العربية علي الإطلاق .. وأصبحت بفكره وتصرفاته موضع شفقة وحزن من الغريب والقريب .. وأصبحت أفقر دولة في الإحصائيات والقياسات العالمية ...
خلال فترة حكمه للعراق – والذي امتدت الي 24 عاما .. لم تقم دولة بمعني الدولة وتركيبة الدولة ..المعروفة في العالم كلة .. والتي تضم سلطات ثلاثة .. تنفيذية وقضائية ودستورية .. جمع كل السلطات في يده .. هو وزير المالية ووزير الدفاع والقاضي .. هو رئيس الدولة وصاحب القرار الأول والأخير في كل شيء .. اذا أمر بحرب قامت الحرب دون الرجوع الي الشعب .. اذا أرد سلاحا.. قام بشرائه ..دون توفير بنود بالميزانية .. فهو الميزانية وهو العقد نفسه .. هو الحاكم والقاضي والجلاد .. يقوم بتنفيذ أحكام الإعدام بنفسه .. في سابقة لم تحدث من قبل في أقل الدول تحضرا ..
قد يقول البعض ان هناك دولا عربية كثيرة الان يتم فيها التجميع الفعلي ..لكل السلطات في ايدي الحاكم وتترك شكليا في يد آخرين يقومون بتنفيذ الأوامر ورغبة الحاكم .. نعم أتفق معهم في هذا الرأي ولكن وجود آخرين ارتضوا القيام بدور المنفذ وساعدوا الحاكم علي تنفيذ رغبته أعتبرها نوعا من المشاركة في آليات الحكم .. وحد أدني من توزيع المسؤولية .. وهو أفضل من الانفراد المطلق الذي اتبعه صدام حسين.
رحم الله صدام حسين .. فلا يجوز عليه سوي الرحمة .. مهما كانت طيبة وحسن نواياه .. التي أعتقد انه ليست حسنة علي الإطلاق .. ان يقوم بهجوم - يشبه هجوم التتار علي دولة عربية جارة له لأخذ ثرواتها .. وضرب بكل القيم والأخلاق والإنسانية والعروبة والإسلام عرض الحائط .. غير مهتم بالمجتمع الدولي .. وغير مدرك انه دولة في المجتمع الدولي لها واجبات وحقوق .. وأسمها دولة العراق !! وتوهم ان النصر سوف يغطي علي تلك الجريمة و سيتغني العرب به كفاتح لدولة الكويت والتي اعتبرها الخطوة الاولي في طريق تحرير فلسطين .. وتخيل نفسه الناصر صلاح الدين الأيوبي
أوهام وراء أوهام .. عاشها صدام حسين ... ولكننا نسينا .. او تناسينا .. انه حاول القفز علي دور ريادة مصر في الوطن العربي مرات ومرات .. مرة بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل ومرة أخري بعد رحيل أنور السادات .. وساهم في توسيع هوة الخلاف بين مصر وباقي الدول العربية بالتهديد والتلويح بالقوة اذا أقدمت أي دولة الاقتراب من مصر !!
رحم الله صدام حسين .. فهو الآن في ذمة الله .. ولا نملك له سوي الرحمة .. ولا تجوز عليه سواها ..
شكك في قيمة حرب أكتوبر 73 وفي فكر أبطال وشهداء مصريين ضحوا بحياتيهم من أجل الأمة العربية ومن أجل ان تكون هناك كرامة للعرب أمام إسرائيل...وقف وقفة الأسد ضد مصر بعد اتفاقية السلام في مقاطعتها مع كثير من الدول العربية وحصارها اقتصاديا ..وأصبح المواطن المصري البسيط الذي يعمل في العراق في عهده لا يساوي شيء .. وتوالت صناديق الموتى تصل لمطار القاهرة .. تحمل جثثهم ونعود بهم الي أهلهم بلا أي تحقيق عن أسباب الوفاة !!
وبلا دراسة وبلا مقدمات علمية وبلا أي تخطيط قرر صدام ان يمتد فتحه في اتجاه إيران .. ويدفع بأبناء بلدة الي حرب طويلة تمتد ثمانية أعوام كاملة تفقد فيها العراق وإيران ملايين من المسلمين ما بين قتلي وجرحي .. خرجوا من نطاق الحياه الي التقاعد .. ... فهل تلك واحدة من مآثره التي يتغني بها محبيه ومريدة .. الذين لم ينسوا تلك الأيام والليالي التي قضوها في بغداد ..والهدايا الخرافية التي منحت لهم أثناء الزيارة .. ( أقلها قيمة كانت سيارة مرسيدس آخر موديل .. هدية من القائد صدام حسين ) ..ولم يدرك أو يعي ان لعبة السياسة الدولية - في هذا الوقت - وضعته في آتون النار في مواجهة عسكرية صريحة ضد ايران .. لصالح أمريكا .. بل أن أمريكا مدته بالمعلومات والصور الفضائية لإيران لتساعده في القضاء نهائيا عليها ..
رحم الله رجلا مسلما شنق يوم العيد أمامنا .. وكما سكتنا في حياته وفي ظل حكمه .. سكتنا وترحمنا عليه ..
يوم العيد ..ولم ننطق ... سوي الله يرحمه ..
و نشرت ايضا فى
نهضة مصر بتاريخ 25-2-2007
عضو مجلس الشعب المستقل
أنور عصمت السادات
كثرت تصريحات أصدقاء الأمس مع صدام حول مآثره وشجاعته ووطنيته واعتباره شهيدا .. رحم الله صدام حسين .. فهو أصلح وأخطأ .. وأخطأ مرات كثيرة .. شأنه شأن أي إنسان . يخطئ ويصيب ... .. وكثرت التشبيهات والمناظرات والمقارنات بين صدام وبين بوش .. في أعداد القتلي والخسائر ..وفيما قدمه كل منهما الي بلده .. ورفع سهم صدام عند بعض المغرمين به ..وهبط سهم صدام عند الكارهين له ..
رحم الله صدام حسين .. تحت أي تصنيف عاش ومات عليه .. ورحمه الله لأنه أعدم في يوم عيد ويوم أجازة في العالم الإسلامي كله .. وترحم عليه كل من رآه علي آلة الشنق .. هكذا كانت النهاية ولله الدوام ..
اما تقييم صدام كرئيس لدولة العراق .. فهذا شيء آخر .. فالتاريخ سيذكر الكثير والكثير عن تلك البلد ( العراق ) التي كان من المفروض انها أغني الدول العربية علي الإطلاق .. وأصبحت بفكره وتصرفاته موضع شفقة وحزن من الغريب والقريب .. وأصبحت أفقر دولة في الإحصائيات والقياسات العالمية ...
خلال فترة حكمه للعراق – والذي امتدت الي 24 عاما .. لم تقم دولة بمعني الدولة وتركيبة الدولة ..المعروفة في العالم كلة .. والتي تضم سلطات ثلاثة .. تنفيذية وقضائية ودستورية .. جمع كل السلطات في يده .. هو وزير المالية ووزير الدفاع والقاضي .. هو رئيس الدولة وصاحب القرار الأول والأخير في كل شيء .. اذا أمر بحرب قامت الحرب دون الرجوع الي الشعب .. اذا أرد سلاحا.. قام بشرائه ..دون توفير بنود بالميزانية .. فهو الميزانية وهو العقد نفسه .. هو الحاكم والقاضي والجلاد .. يقوم بتنفيذ أحكام الإعدام بنفسه .. في سابقة لم تحدث من قبل في أقل الدول تحضرا ..
قد يقول البعض ان هناك دولا عربية كثيرة الان يتم فيها التجميع الفعلي ..لكل السلطات في ايدي الحاكم وتترك شكليا في يد آخرين يقومون بتنفيذ الأوامر ورغبة الحاكم .. نعم أتفق معهم في هذا الرأي ولكن وجود آخرين ارتضوا القيام بدور المنفذ وساعدوا الحاكم علي تنفيذ رغبته أعتبرها نوعا من المشاركة في آليات الحكم .. وحد أدني من توزيع المسؤولية .. وهو أفضل من الانفراد المطلق الذي اتبعه صدام حسين.
رحم الله صدام حسين .. فلا يجوز عليه سوي الرحمة .. مهما كانت طيبة وحسن نواياه .. التي أعتقد انه ليست حسنة علي الإطلاق .. ان يقوم بهجوم - يشبه هجوم التتار علي دولة عربية جارة له لأخذ ثرواتها .. وضرب بكل القيم والأخلاق والإنسانية والعروبة والإسلام عرض الحائط .. غير مهتم بالمجتمع الدولي .. وغير مدرك انه دولة في المجتمع الدولي لها واجبات وحقوق .. وأسمها دولة العراق !! وتوهم ان النصر سوف يغطي علي تلك الجريمة و سيتغني العرب به كفاتح لدولة الكويت والتي اعتبرها الخطوة الاولي في طريق تحرير فلسطين .. وتخيل نفسه الناصر صلاح الدين الأيوبي
أوهام وراء أوهام .. عاشها صدام حسين ... ولكننا نسينا .. او تناسينا .. انه حاول القفز علي دور ريادة مصر في الوطن العربي مرات ومرات .. مرة بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل ومرة أخري بعد رحيل أنور السادات .. وساهم في توسيع هوة الخلاف بين مصر وباقي الدول العربية بالتهديد والتلويح بالقوة اذا أقدمت أي دولة الاقتراب من مصر !!
رحم الله صدام حسين .. فهو الآن في ذمة الله .. ولا نملك له سوي الرحمة .. ولا تجوز عليه سواها ..
شكك في قيمة حرب أكتوبر 73 وفي فكر أبطال وشهداء مصريين ضحوا بحياتيهم من أجل الأمة العربية ومن أجل ان تكون هناك كرامة للعرب أمام إسرائيل...وقف وقفة الأسد ضد مصر بعد اتفاقية السلام في مقاطعتها مع كثير من الدول العربية وحصارها اقتصاديا ..وأصبح المواطن المصري البسيط الذي يعمل في العراق في عهده لا يساوي شيء .. وتوالت صناديق الموتى تصل لمطار القاهرة .. تحمل جثثهم ونعود بهم الي أهلهم بلا أي تحقيق عن أسباب الوفاة !!
وبلا دراسة وبلا مقدمات علمية وبلا أي تخطيط قرر صدام ان يمتد فتحه في اتجاه إيران .. ويدفع بأبناء بلدة الي حرب طويلة تمتد ثمانية أعوام كاملة تفقد فيها العراق وإيران ملايين من المسلمين ما بين قتلي وجرحي .. خرجوا من نطاق الحياه الي التقاعد .. ... فهل تلك واحدة من مآثره التي يتغني بها محبيه ومريدة .. الذين لم ينسوا تلك الأيام والليالي التي قضوها في بغداد ..والهدايا الخرافية التي منحت لهم أثناء الزيارة .. ( أقلها قيمة كانت سيارة مرسيدس آخر موديل .. هدية من القائد صدام حسين ) ..ولم يدرك أو يعي ان لعبة السياسة الدولية - في هذا الوقت - وضعته في آتون النار في مواجهة عسكرية صريحة ضد ايران .. لصالح أمريكا .. بل أن أمريكا مدته بالمعلومات والصور الفضائية لإيران لتساعده في القضاء نهائيا عليها ..
رحم الله رجلا مسلما شنق يوم العيد أمامنا .. وكما سكتنا في حياته وفي ظل حكمه .. سكتنا وترحمنا عليه ..
يوم العيد ..ولم ننطق ... سوي الله يرحمه ..
و نشرت ايضا فى
نهضة مصر بتاريخ 25-2-2007
عضو مجلس الشعب المستقل