المصريون
عصمت أنور السادات
بعد أزمة وقصص أولاد الشوارع ووصولها إلي قمة الاهتمام الإعلامي .. ومناقشة كافة جوانبها .. بقي لي سؤال مرتبط بموضع بيئة نشأة الأطفال في المناطق الأشد فقرا والعشوائيات ..
العشوائيات ليست في المناطق السكنية فقط ولكنها في الصناعات الصغيرة أيضا ..و الفقر هو أساس كل مشاكل البيئة والصحة والاقتصاد والسياسة .. وصدق قول عل بن أبي طالب ( كرم الله وحهه ) حين قال ( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) فهو أصل البلاء وأصل الجريمة ..
وعشوائيات الصناعات الصغيرة تكمن في الصناعات البلاستيكية الرخيصة والتي تنتج آلاف من أشكال قطع البلاستيك في صور لعب أطفال أو بالونات ... وخطورة تلك المصنعات أن المادة الأساسية في التصنيع وهي بودرة البلاستيك يكون مصدرها من نفايات المستشفيات الملوثة والتي بالقطع تحمل أمراضا خطيرة ..
ويستخدمها الأطفال كلعب ودمي وأواني أكل .. وجميعها تستخدم مرات ومرات . وتؤدي الي الإصابة بأخطر أمراض العصر ( السرطان والايدز).
وساعد علي انتشار تلك الصناعات رخص التصنيع من آلات ومعدات .. ورخص سعر البيع للعائلات الفقيرة والتي تبحث عن سد الحاجة بأقل الأسعار .. فهم يعيشون تحت خط الفقر.. وبالكاد يستطيعون توفير الغذاء لهم ولأطفالهم ..
وعشوائيات إنشاء المصانع التي تقوم بتصنيع تلك المنتجات ( مصانع تحت السلم ) والغير مراقبة من الدولة ..تحتاج منا إلي وقفة جادة من المؤسسات الإنمائية التي تدعم الصناعات الصغيرة والتي تقرض أموالا لإنشاء صناعات بيئية ومحلية من المنح الدولية .. فهي تحتاج إلي مزيد من التوعية الإعلامية من خلال التليفزيون لتعريف أصحاب تلك العشوائيات الصناعية من تطوير و تدعيم منشآتهم لتتلاءم مع المواصفات العالمية في منتجاتها .. وهذا ليس بالصعب .. فإنشاء جهاز شبابي خاص بالتوعية في مجال تطوير الصناعات العشوائية وجعلها صناعات لها مواصفات علمية سليمة يعتبر واحدا من المشروعات التي تخلق فرص العمل وتحقق طفرة في المجال الصناعي .. فالعمالة ذات حجم كبير ولكنها غير مدربة وتحتاج إلي فرصة لإثبات الوجود ..
هونج كونج وتايوان ... تلك الأسماء التي تمثل القلاع الصناعية العالمية الآن .. كانت من قبل كلها صناعات بير السلم ! وهي نفس ما نحن فيه الآن .. ولكنهم طوروها وزادوا من أعدادها ولم يخجلوا من الاعتراف بها ... صنعوا ( وشوش فوانيس سيارات .. وصنعوا كماليات السيارات .. التي لا تؤثر علي السلامة المباشرة .. وأطلقنا نحن عليها .. ماركات مضروبة ) وأسعار رخيصة .. واستخدمناها ..
ما نحن فيه الآن .. ليس عيبا.. ولكنه إذا استمر علي هذا النمط من الاستسهال والتواكل وعدم التطوير سيصبح قنبلة موقوتة .. وأخطر من مياه الشرب الملوثة .. التي تدخل قري كثيرة في دلتا مصر وصعيدها ..
و نشرت ايضا فى
نهضة مصر 14-1-2007
asadat@link.net
0 comments :
إرسال تعليق