ظهرت في الآونة الأخيرة مظاهر تنامي دور وتحول الاهتمام الي قطاع الأمن المركزي، الذي يتكون من عشرات بل مئات الآلاف من البسطاء من الجنود الذين نألف منظرهم وهم يُشحنون ذهابًا وعودة في كل أنحاء مصر بالعشرات في سيارات متهالكة أو مصطفين بالآلاف لعشرات الساعات علي جانبي الطريق يحملون عصي وهراوات وبنادق متخلفة فقط لإفزاع الشعب وقمع المظاهرات السلمية في جميع المناسبات وحماية الرئيس وعائلته ومواكب أركان النظام.
إن قوانين القوات المسلحة التي ينص الدستور في مواده رقم 180، 181، 182 علي أن الدولة وحدها هي التي تنشئ القوات المسلحة وأنها ملك للشعب ومهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، ولا يجوز لأي هيئة أو جماعة إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، ونظمت القوانين المترتبة أسلوب إمداد القوات المسلحة بالرجال عن طريق التطوع للكوادر والتجنيد الإجباري للشباب كجنود عند سن معينة وبشروط خاصة ومدد محددة كخدمة وطنية يقوم بها كل من هو لائق لأدائها للدفاع عن الوطن ضد أي تهديد أو عدوان خارجي وهو شرف يناله كل شاب يؤدي الخدمة العسكرية.
ينص الدستور في مادته رقم 184 علي أن الشرطة هيئة مدنية وليست عسكرية فلذلك تنطبق عليها قوانين الهيئات الحكومية وليست قوانين القوات المسلحة. إذن فإنها لا يجوز لها إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية كقوات الأمن المركزي التي أنشأتها مخالفة للدستور، وإمعانًا في المخالفة فإنها لجأت إلي تجنيد الشباب إجباريا للعمل كجنود في الأمن المركزي ليس لخدمة الوطن والدفاع عنه ضد اعتداءات عدو خارجي بل لحماية وتأمين النظام وحفنة من الأفراد حدث أنهم يشغلون وظائف في البلد كرئيس أو وزير أو منصب في الحزب الحاكم أو مجلسي الشعب والشوري أو ابن أو زوجة لأحد منهم.إن تجنيد هؤلاء الشباب البسطاء إجباريًا وأخذهم قسرًا من بين ذويهم لمدة تزيد أحيانا علي ثلاث سنوات تحت مسمي التجنيد الإجباري للقيام بحماية وتأمين النظام وهذه الحفنة من الأفراد وبدون مقابل يذكر سوي توفير النذر اليسير من مأكل وملبس وبضعة جنيهات زهيدة والممولة بأموال الشعب، لهو أحد مظاهر التهاون ويعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان واستهانة فاضحة بهذا الشعب المغلوب علي أمره.
إن نظامًا يطارد كل الشرفاء في مصر وسجونه تعج بالمعارضين من مختلف الانتماءات السياسية، نظامًا يدعم مجموعة من الفاسدين من رجاله الذين فاق فسادهم واستغلالهم كل صور الابتزاز، الذين يتحكمون حاليا في كل مقدرات الشعب، نظاما يطبق سياسة تجفيف المنابع وقد غير سياسة التعليم بالكامل في مرحلة النشأة بحملة مسخ للمناهج التعليمية، جند له فاسدين غير متخصصين قاموا بحذف مباديء قيمنا الأخلاقية والحضارية التي تقرر للنشئ هويته وثقافته الوطنية، نظامًا دمر التعليم الجامعي المصري من خلال تعيينات الأمن لأعضاء هيئات التدريس وشغل جميع المناصب القيادية في الجامعات بما في ذلك الأزهر من رؤساء للجامعات وحتي العمداء والوكلاء وعدم تعيين المتفوقين وتعيين بدلا منهم أبناء تلك القيادات الفاسدة كمعيدين مما جعل الجيل الجديد من الوظائف لجيل يرث الفساد ويتفوق بالتزوير، نظامًا تميز بانتشار الفقر والبطالة بين جميع فئات الشعب المصري وانعدام فرص العمل وإلغاء التعيين للخريجين مما زاد البطالة ودفع الشباب لأول مرة في تاريخ مصر للانتحار في البحر عبر قوارب متهالكة أملا في الخلاص والهرب الي أوروبا، نظام لا يؤيده سوي شلة الفساد من المستفيدين والذين يعتلون المناصب القيادية علي جميع الأصعدة بدءًا من العمد إلي الوزراء. إن نظاما يعلم تمام العلم أن الشعب المصري بأغلبيته يكرهه ويتمني رحيله لهو في أشد الحاجة إلي حماية قوية تحميه من هذا الشعب ولذلك دعم وطور قوات الأمن المركزي، فليدعم ما شاء من قوات الحماية ولكن ليس بأسلوب يستخدم فيه شباب هذا الوطن البسطاء ويقوم بتجنيدهم إجباريا.
فليذهب ويتعاقد مع شركة بلاك ووتر الأمريكية لتحميه من شعبه. إننا نبحث عن بارقة أمل واحدة تزيل عن النفس المصرية ما تراكم من خوف وإحساس بانعدام الكرامة، ليكتشف المصري فجأة أن مصر بلده، وأن هذا النظام يعبث بمقدراته دون رقيب منذ أكثر من ربع قرن، وأن عشرات الآلاف في السجون والمعتقلات هم أهله، وأن الملايين من المصابين بأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والسرطان تربطهم به صلة رحم، وأن قانون الطواريء ازدراء له ولإنسانيته. إنها سياسة ليست مكتوبة ولكنها تنفذ وإذا وضعنا رءوسنا في الرمال فإننا نهييء البلاد لنهاية محتومة لن ينجو منها أحد
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الأصلاح والتنمية
0 comments :
إرسال تعليق