المصرى اليوم
كتب: مينا غالي
أكد عدد من النواب والحقوقيين أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد ، الذى وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا، يحمل قيوداً وتشدداً كبيراً فى مواجهة المنظمات الأهلية ويشل عملها، خاصة فيما يتعلق بحرية العمل وتلقى التمويل.
وقال النائب محمد أنور السادات «إن التشدد فى مواد القانون يرجع إلى انطباع لدى أجهزة الأمن وبعض الإعلاميين، والذى انتقل إلى كثير من أعضاء البرلمان، مفاده أن التمويل الأجنبى فى الفترة الماضية كان سبب قيام التظاهرات وأعمال العنف والتخريب والثورات التى مررنا بها، لذلك رأينا التشدد فى مواد القانون التى أرى أنه لا مبرر لها».
وتابع «السادات»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»: «لا يوجد وطنى عاقل حريص على بلده، يتفق على أن يكون هناك تمويل (سداح مداح) من دون إشراف الدولة ومتابعتها، مع التأكد من وصول هذه الأموال عن طريق البنوك الرسمية، وعلى أن تصرف فى الأنشطة والمشروعات المخصصة لها، لذلك أرى أنه إذا كان التمويل الأجنبى فيه أى نوع من الخطورة، فالأفضل حظره ومنعه، حتى لا يسود جو التشكيك والتخوين فى كل الجمعيات النشيطة التى تؤدى عملاً يفيد الدولة، ويدعم خطة التنمية، ويستبدل عنه المسؤولية المجتمعية للشركات متعددة الجنسيات والبنوك التى تعمل فى مصر، والتى تخصص حصيلة من أرباحها للمشروعات الخيرية، وأيضاً بيت الزكاة والوقف التابع للأزهر، وصندوق تحيا مصر وتبرعات المصريين، وما يمكن أن توفره وزارة التعاون الدولى من منح».
وأوضح أن كل هذه الأموال يتم توجيهها إلى صندوق دعم الجمعيات، على أن تتقدم كل جمعية لديها مشروع للحصول على المنحة المطلوبة، ويتم تخصيص مبالغ منه على ضوء مشروعات يتم دراستها والموافقة عليها.
وقال «السادات»: «أما الأمر الثانى فيتمثل فى تسهيل عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة بالتنمية التى تعمل فى القرى والريف والمحافظات، فلا نتشدد مع الجمعيات الخاصة بدفن الموتى وتحفيظ القرآن والكتاب المقدس، من ناحية الإجراءات الخاصة بتوفيق الأوضاع والتأسيس ومطالبتهم بـ10 آلاف جنيه رسوم، لأنها جمعيات فقيرة لا تحتمل، ولا يجب أن نتشدد فى حصولهم على موافقة، لأنهم يؤدون خدمات فى القرى التى تحتاج لهذه الخدمة».
وأضاف: «حتى نريح الرأى العام من جو التشكيك والتخوين، فالسبب الحقيقى فى كل هذه المشاكل هو التمويل الأجنبى، والهيئة التى نص عليها القانون مخصصة للتمويل، وبالتالى فمن الممكن إيجاد بدائل محلية»، لافتاً إلى أن القانون يشير إلى عدم تقدير الدور الذى يلعبه المجتمع المدنى فى خطط التنمية، خصوصاً أن الحكومة غائبة عن هذه المناطق الفقيرة التى تنشط بها تلك الجمعيات الخدمية كبديل للحكومة.
وقال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن هناك فارقاً كبيراً بين مشروع القانون الذى أعدته وزارة التضامن ومشروع البرلمان، لافتاً إلى أن تشكيل الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية أكثر توسعا من اللجنة التنسيقية بمشروع الحكومة، وهو تشكيل حكومى متشدد ذو قبضة أمنية شديدة، ويُعد رسالة سلبية تجاه المجتمع المدنى ومؤسساته، حيث يرتكز الأمر فى يد أجهزة أمنية وليس وزارة التضامن.
وتابع «أبوسعدة»: «الفقرة الثانية من المادة 24 بالقانون نصت على أن تلتزم الجمعية بعدم صرف الأموال الممنوحة خلال فترة الـ60 يوما، وإذا لم يرد الجهاز خلالها اعتبر ذلك عدم موافقة»، مشيراً إلى أن مشروع الحكومة نص على أنه فى حالة مرور 60 يوما دون رد من اللجنة التنسيقية يُعتبر موافقة وليس رفضاً.
وأضاف أن مشروع البرلمان يجعل المنظمات والجمعيات تلتزم بخطة التنمية الاجتماعية، مشيرا إلى أن ذلك يهدد برفض كل التمويلات للمشروعات الحقوقية أو غير المدرجة بخطة الدولة، بما يمثل قيدًا على المجتمع المدنى ويحوله إلى مؤسسات حكومية تلتزم بخطة الحكومة بدلاً من المبادرات الفردية والمجتمعية لحل مشكلات خارج تخطيط الدولة.
وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان «إن القانون يشل عمل المنظمات، فهو لم يصدر بمنطق تنظيم عمل المجتمع المدنى، وإنما صدر بمنطق مخابراتى لمحاصرة المؤسسات غير المرضى عنها، خاصة المؤسسات الحقوقية، ولو طبقنا هذا المنطق على المواد الموجودة نجد أنه يحول ما يسمى بالإخطار إلى موافقة، فى حين أن الكلمتين لا تتناسبان معاً».
وأضاف «عيد» لـ«المصرى اليوم»: «القانون يجعل الأمر كله فى يد أجهزة الأمن، فهناك إدارة هى التى تحكم عملها وليست وزارة، على أن تنظر الجهة الإدارية فى النشاط كإعلان التمويل، وهل النشاط القائم متوافق مع المعلن من نشاط الجمعية؟، وبالتالى فالقرار كله فى يد الجهة الإدارية، فضلاً عن أن القانون يتحدث عن الأنشطة غير الضارة بالسلام الاجتماعى والأمن القومى دون تحديد ذلك مع ترك الحسم أيضاً فى يد الجهة الإدارية».
وأشار إلى أن «المشروع يتحدث عن أنشطة تنمية الدولة، وهى دولة يضرب فيها الفساد، فكيف يطرح المجتمع المدنى رؤية مختلفة مع رؤية الدولة التى يضرب فيها الفساد بعمق، فلو قلنا إن التصالح مع الفاسدين يضر الاقتصاد نعتبر مجرمين، ولو اختلفنا مع الجهة الإدارية فى النشاط، فهل نواجه إجراءات قضائية؟!» وتساءل «عيد»: «كيف يمكن أن أحصل على إذن للتعاون مع مؤسسة دولية؟ وكيف يمكن أن أسجن لتغيير مقر الجمعية؟ وكيف لا يمكن لى أن أناقش قانوناً مثل قوانين الصحافة أو السجون وإهدار النصوص الموجودة فى الدستور باعتبارها تتناقض مع التنمية؟»، وأضاف: «نحن نتحدث عن قانون يطيح تماما بالمجتمع المدنى ولا يحوله لطرف وسيط بين الدولة والمواطن، ولكن لإدارات تابعة لهذا الجهاز».
كتب: مينا غالي
أكد عدد من النواب والحقوقيين أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد ، الذى وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا، يحمل قيوداً وتشدداً كبيراً فى مواجهة المنظمات الأهلية ويشل عملها، خاصة فيما يتعلق بحرية العمل وتلقى التمويل.
وقال النائب محمد أنور السادات «إن التشدد فى مواد القانون يرجع إلى انطباع لدى أجهزة الأمن وبعض الإعلاميين، والذى انتقل إلى كثير من أعضاء البرلمان، مفاده أن التمويل الأجنبى فى الفترة الماضية كان سبب قيام التظاهرات وأعمال العنف والتخريب والثورات التى مررنا بها، لذلك رأينا التشدد فى مواد القانون التى أرى أنه لا مبرر لها».
وتابع «السادات»، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»: «لا يوجد وطنى عاقل حريص على بلده، يتفق على أن يكون هناك تمويل (سداح مداح) من دون إشراف الدولة ومتابعتها، مع التأكد من وصول هذه الأموال عن طريق البنوك الرسمية، وعلى أن تصرف فى الأنشطة والمشروعات المخصصة لها، لذلك أرى أنه إذا كان التمويل الأجنبى فيه أى نوع من الخطورة، فالأفضل حظره ومنعه، حتى لا يسود جو التشكيك والتخوين فى كل الجمعيات النشيطة التى تؤدى عملاً يفيد الدولة، ويدعم خطة التنمية، ويستبدل عنه المسؤولية المجتمعية للشركات متعددة الجنسيات والبنوك التى تعمل فى مصر، والتى تخصص حصيلة من أرباحها للمشروعات الخيرية، وأيضاً بيت الزكاة والوقف التابع للأزهر، وصندوق تحيا مصر وتبرعات المصريين، وما يمكن أن توفره وزارة التعاون الدولى من منح».
وأوضح أن كل هذه الأموال يتم توجيهها إلى صندوق دعم الجمعيات، على أن تتقدم كل جمعية لديها مشروع للحصول على المنحة المطلوبة، ويتم تخصيص مبالغ منه على ضوء مشروعات يتم دراستها والموافقة عليها.
وقال «السادات»: «أما الأمر الثانى فيتمثل فى تسهيل عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة بالتنمية التى تعمل فى القرى والريف والمحافظات، فلا نتشدد مع الجمعيات الخاصة بدفن الموتى وتحفيظ القرآن والكتاب المقدس، من ناحية الإجراءات الخاصة بتوفيق الأوضاع والتأسيس ومطالبتهم بـ10 آلاف جنيه رسوم، لأنها جمعيات فقيرة لا تحتمل، ولا يجب أن نتشدد فى حصولهم على موافقة، لأنهم يؤدون خدمات فى القرى التى تحتاج لهذه الخدمة».
وأضاف: «حتى نريح الرأى العام من جو التشكيك والتخوين، فالسبب الحقيقى فى كل هذه المشاكل هو التمويل الأجنبى، والهيئة التى نص عليها القانون مخصصة للتمويل، وبالتالى فمن الممكن إيجاد بدائل محلية»، لافتاً إلى أن القانون يشير إلى عدم تقدير الدور الذى يلعبه المجتمع المدنى فى خطط التنمية، خصوصاً أن الحكومة غائبة عن هذه المناطق الفقيرة التى تنشط بها تلك الجمعيات الخدمية كبديل للحكومة.
وقال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن هناك فارقاً كبيراً بين مشروع القانون الذى أعدته وزارة التضامن ومشروع البرلمان، لافتاً إلى أن تشكيل الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية أكثر توسعا من اللجنة التنسيقية بمشروع الحكومة، وهو تشكيل حكومى متشدد ذو قبضة أمنية شديدة، ويُعد رسالة سلبية تجاه المجتمع المدنى ومؤسساته، حيث يرتكز الأمر فى يد أجهزة أمنية وليس وزارة التضامن.
وتابع «أبوسعدة»: «الفقرة الثانية من المادة 24 بالقانون نصت على أن تلتزم الجمعية بعدم صرف الأموال الممنوحة خلال فترة الـ60 يوما، وإذا لم يرد الجهاز خلالها اعتبر ذلك عدم موافقة»، مشيراً إلى أن مشروع الحكومة نص على أنه فى حالة مرور 60 يوما دون رد من اللجنة التنسيقية يُعتبر موافقة وليس رفضاً.
وأضاف أن مشروع البرلمان يجعل المنظمات والجمعيات تلتزم بخطة التنمية الاجتماعية، مشيرا إلى أن ذلك يهدد برفض كل التمويلات للمشروعات الحقوقية أو غير المدرجة بخطة الدولة، بما يمثل قيدًا على المجتمع المدنى ويحوله إلى مؤسسات حكومية تلتزم بخطة الحكومة بدلاً من المبادرات الفردية والمجتمعية لحل مشكلات خارج تخطيط الدولة.
وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان «إن القانون يشل عمل المنظمات، فهو لم يصدر بمنطق تنظيم عمل المجتمع المدنى، وإنما صدر بمنطق مخابراتى لمحاصرة المؤسسات غير المرضى عنها، خاصة المؤسسات الحقوقية، ولو طبقنا هذا المنطق على المواد الموجودة نجد أنه يحول ما يسمى بالإخطار إلى موافقة، فى حين أن الكلمتين لا تتناسبان معاً».
وأضاف «عيد» لـ«المصرى اليوم»: «القانون يجعل الأمر كله فى يد أجهزة الأمن، فهناك إدارة هى التى تحكم عملها وليست وزارة، على أن تنظر الجهة الإدارية فى النشاط كإعلان التمويل، وهل النشاط القائم متوافق مع المعلن من نشاط الجمعية؟، وبالتالى فالقرار كله فى يد الجهة الإدارية، فضلاً عن أن القانون يتحدث عن الأنشطة غير الضارة بالسلام الاجتماعى والأمن القومى دون تحديد ذلك مع ترك الحسم أيضاً فى يد الجهة الإدارية».
وأشار إلى أن «المشروع يتحدث عن أنشطة تنمية الدولة، وهى دولة يضرب فيها الفساد، فكيف يطرح المجتمع المدنى رؤية مختلفة مع رؤية الدولة التى يضرب فيها الفساد بعمق، فلو قلنا إن التصالح مع الفاسدين يضر الاقتصاد نعتبر مجرمين، ولو اختلفنا مع الجهة الإدارية فى النشاط، فهل نواجه إجراءات قضائية؟!» وتساءل «عيد»: «كيف يمكن أن أحصل على إذن للتعاون مع مؤسسة دولية؟ وكيف يمكن أن أسجن لتغيير مقر الجمعية؟ وكيف لا يمكن لى أن أناقش قانوناً مثل قوانين الصحافة أو السجون وإهدار النصوص الموجودة فى الدستور باعتبارها تتناقض مع التنمية؟»، وأضاف: «نحن نتحدث عن قانون يطيح تماما بالمجتمع المدنى ولا يحوله لطرف وسيط بين الدولة والمواطن، ولكن لإدارات تابعة لهذا الجهاز».
0 comments :
إرسال تعليق