البشائر
وكيف لا نحيى ذكراك
غبت عنا
ولن تغب إن العين لتدمع ،
وإن القلب ليحزن ، وإنا لفراقك يا طلعت لمحزونون ، شيعتك القلوب وأنت فيها حبيباً طاهراً عفاً نقياً , تبكيك العيون ولن تنساك السنين.
نعم إسترد الله وديعته وإنتقل طلعت السادات الذى تشرب بحب مصر إلى جوار الرفيق الأعلى , وأجد نفسى الآن حائراً ما بين أن أبوح بما فى قلبى وما بين أن يخطئ البعض فهمى ، ويظن أننى أبالغ لكونى أكتب عن شقيقى.
لا أراكم الله صعوبة اللحظة التى أمسك فيها بقلمى الآن ، حيث تاهت منى الكلمات ، وتتكالب على الأحزان بدموع وصمت قاتل ، وتلامس أناملى السطور ثم تعود ولا تكتب وتراودنى الصور والذكريات فأتوقف , ولا تزال دقات قلبى تنادى شقيقى لا ترحل.
كنت لنا ولكل محبيك أخاً وأباً ، طيب القلب ، لا تعرف طريقاً للرياء ولا للنفاق تبوح بما فى داخلك دون تحفظ أو تجميل ، قلت لا والنظام فى أشد عنفوانه وقوته ودفعت ثمناً غالياً من شرفك وسمعتك وكرامتك وأسرتك وعائلتك وما تراجعت ، كنت مناصراً للحق ، فارساً شجاعاً مقاتلاً فى سبيل الحرية والديموقراطية والإصلاح ، وبقيت حتى آخر رمق فى حياتك متمسكاً بموقفك الواضح تجاه قضايانا المصيرية بكل صدق وثبات ، نبهت فى أكثر من خطاب لك على خطورة صراعاتنا وخلافاتنا وتفرقنا على مستقبل مصر التى عشقت ترابها ,,,,, وشاءت الأقدار آلا تكمل طريقك الذى كان كالعادة مليئاً بالأشواك. زرعت في قلوبنا وقلوب عشاقك وردة أمل ومحبة ، وها أنت ترحل ومصر تجدد نفسها وتعيد ترتيب الأمنيات تاركاً لنا سيرةً عطرة لن تفارقنا إلى الأبد وأحبنا الكثيرون لحبهم فيك. لا أعرف تماماً فيما كنت تفكر فى لحظاتك الأخيرة قبل أن تفارقنا ، وما كنت تريد أن تقوله لى ، لكننى واثق تماماً أن مشاعرك كانت تتأرجح ما بين الفرح والقلق ,, الفرح بحراك أبناء أمتك ضد الظلم والإستبداد والفساد ، والقلق من محاولات أعداء مصر إستغلال مطالب أبنائها المشروعة لخدمة أهدافهم ومخططاتهم المشبوهة. وداعاً أيها الغالى وداعاً فطيفك عندنا يأبى الذهابا ، ووجهك لا يزال أمام عينى وفى الأحلام تبادلنى الكلاما ,, ويا أبناء مصر,, أقولها من القلب ,, تذكروا طلعت السادات دائماً فلم يترك موقفاً إلا وتحدث بلسانكم شجاعاً صامدا ، وكلكم كنتم له إما أخاً أو والداً ، فإن نسيتموه تصبحوا معيرين أبدا. تركتنا كالطير المذبوح نصرخ ونتألم لكن بشموخ وكبرياء ، أوصيتنى بأن أحمل لكل من خالفتهم الرأى فى العمل السياسى والحزبى من أشخاص أوحركات أو إئتلافات أن يسامحوك ويذكروك بالخير وسيفعلون ، وداعاً يا طلعت فلك الرحمة والمغفرة وجنة الفردوس ولنا الصبر والسلوان ، وداعاً يا طلعت فهكذا الدنيا لقاء ثم إفتراق ، وداعاً يا طلعت فمصر لا تنسى أبنائها الأوفياء.
ونشرت ايضا فى :
المصرى اليوم بتاريخ 24-11-2011
أنور عصمت السادات
0 comments :
إرسال تعليق