الدستور
رحاب الشاذلي
مشكلة الحياة السياسية في مصر، أنها تقوم علي كيانات شبه حزبية، لكن هناك من يصر علي أنها أحزاب!
الغريب، أن كل هذه الكيانات التي تمزقها الصراعات الداخلية، لا وجود لها في الشارع، وليس لها أي تأثير سياسي، ولا تحقق أي مكاسب سوي ما يجود به عليها النظام، ومع ذلك فجميعها ترفع شعارات الديمقراطية والتغيير.. إلخ، وكل قياداتها وأماناتها السياسية ومكاتبها المركزية، بداية من الحزب الوطني - حزب الحكومة - نفسه مرورا بأحزاب الوفد، التجمع، الناصري، وحتي حزب الخضر الذي لم نسمع مرة عن برنامج له أو موقف سياسي اتخذه، يتحدثون عن الممارسة الديمقراطية.. والسؤال هنا: إلي أي درجة تلك الأحزاب التي وصل عددها إلي ما يقرب من أربعة وعشرين حزبا تعي معني الممارسة الديمقراطية،
وهل هي تحترم أصول العمل الديمقراطي في انتخاباتها وقراراتها أو حتي في إدارة الخلافات والانشقاقات ضمن لوائحها الداخلية؟!، الإجابة وبنسبة كبيرة لن تكون في صالح التجربة الحزبية والسياسية في مصر التي توارثت وورثت الانشقاقات والصراعات علي جميعالمستويات وبكل الأشكال سواء من خلال تزوير الانتخابات الداخلية أو بصدور قرارات الفصل للمختلفين مع القيادات وإقصاء الأصوات المعارضة لسياسات رئيس الحزب.
ما يحدث الآن من خلافات وصراعات داخل الأحزاب السياسية ليس جديدا علي الإطلاق، بل هو إرث قديم توارثته وتناقلته الأجيال جيلاً تلو الآخر حتي أصبحت السمة الرئيسية للحياة السياسية بشكل عام «منشقون ينشقون عن منشقين وتتوالي الانشقاقات »، هذا باختصار ما يمكن به وصف حال أحزابنا المصرية التي كان - في التاريخ - لها مواقف سياسية مهمة وفارقة في الحياة الحزبية فلا يمكننا أن ننسي مثلا مواقف حزب التجمع - حزب اليسار المصري - الذي دفع ثمن معارضته لنظام السادات بمصادرة صحيفته جريدة «الأهالي » واعتقال «كل كوادره وقياداته»، أو حزب الوفد ومدرسته الليبرالية المؤثرة والمهمة.. إلخ. لكن هذا التاريخ الذي كان لتلك الأحزاب لا ينفي علي الإطلاق الواقع السياسي المأزوم الذي أفرز جيلاً جديدًا من الشباب يعاني نفس المرض القديم وهو الخلافات التي تنتهي بالانشقاقات والنتيجة النهائية.. صفر.. غياب الديمقراطية.. عدم وجود مساحة حقيقية لحرية الاختلاف في الرؤي السياسية.. انفراد مجموعة القيادة بالحزب بكل شيء وتهميش باقي الأعضاء.. واختراق أمن الدولة للأحزاب كلها أسباب مباشرة لحدوث أي انشقاق داخل أي حزب أو جماعه سياسية.. الأسباب نفسها واحدة في كل قصص الانشقاقات التي بدأت منذ إنشاء الأحزاب عام 1907 وبدأ معها حدوث الانشقاقات حتي يومنا هذا..
رحاب الشاذلي
مشكلة الحياة السياسية في مصر، أنها تقوم علي كيانات شبه حزبية، لكن هناك من يصر علي أنها أحزاب!
الغريب، أن كل هذه الكيانات التي تمزقها الصراعات الداخلية، لا وجود لها في الشارع، وليس لها أي تأثير سياسي، ولا تحقق أي مكاسب سوي ما يجود به عليها النظام، ومع ذلك فجميعها ترفع شعارات الديمقراطية والتغيير.. إلخ، وكل قياداتها وأماناتها السياسية ومكاتبها المركزية، بداية من الحزب الوطني - حزب الحكومة - نفسه مرورا بأحزاب الوفد، التجمع، الناصري، وحتي حزب الخضر الذي لم نسمع مرة عن برنامج له أو موقف سياسي اتخذه، يتحدثون عن الممارسة الديمقراطية.. والسؤال هنا: إلي أي درجة تلك الأحزاب التي وصل عددها إلي ما يقرب من أربعة وعشرين حزبا تعي معني الممارسة الديمقراطية،
وهل هي تحترم أصول العمل الديمقراطي في انتخاباتها وقراراتها أو حتي في إدارة الخلافات والانشقاقات ضمن لوائحها الداخلية؟!، الإجابة وبنسبة كبيرة لن تكون في صالح التجربة الحزبية والسياسية في مصر التي توارثت وورثت الانشقاقات والصراعات علي جميعالمستويات وبكل الأشكال سواء من خلال تزوير الانتخابات الداخلية أو بصدور قرارات الفصل للمختلفين مع القيادات وإقصاء الأصوات المعارضة لسياسات رئيس الحزب.
ما يحدث الآن من خلافات وصراعات داخل الأحزاب السياسية ليس جديدا علي الإطلاق، بل هو إرث قديم توارثته وتناقلته الأجيال جيلاً تلو الآخر حتي أصبحت السمة الرئيسية للحياة السياسية بشكل عام «منشقون ينشقون عن منشقين وتتوالي الانشقاقات »، هذا باختصار ما يمكن به وصف حال أحزابنا المصرية التي كان - في التاريخ - لها مواقف سياسية مهمة وفارقة في الحياة الحزبية فلا يمكننا أن ننسي مثلا مواقف حزب التجمع - حزب اليسار المصري - الذي دفع ثمن معارضته لنظام السادات بمصادرة صحيفته جريدة «الأهالي » واعتقال «كل كوادره وقياداته»، أو حزب الوفد ومدرسته الليبرالية المؤثرة والمهمة.. إلخ. لكن هذا التاريخ الذي كان لتلك الأحزاب لا ينفي علي الإطلاق الواقع السياسي المأزوم الذي أفرز جيلاً جديدًا من الشباب يعاني نفس المرض القديم وهو الخلافات التي تنتهي بالانشقاقات والنتيجة النهائية.. صفر.. غياب الديمقراطية.. عدم وجود مساحة حقيقية لحرية الاختلاف في الرؤي السياسية.. انفراد مجموعة القيادة بالحزب بكل شيء وتهميش باقي الأعضاء.. واختراق أمن الدولة للأحزاب كلها أسباب مباشرة لحدوث أي انشقاق داخل أي حزب أو جماعه سياسية.. الأسباب نفسها واحدة في كل قصص الانشقاقات التي بدأت منذ إنشاء الأحزاب عام 1907 وبدأ معها حدوث الانشقاقات حتي يومنا هذا..
الوطنى
كل السلطة للرئيس..الإقصاء لكل صاحب رأي مختلف.. والتزوير في الانتخابات.. مصر صغري يعني!
رغم أنه الحزب الذي ينفرد وحده بحكم مصر منذ أكثر من 26 عاما، ورغم أن قياداته الذين هم رؤوس النظام والحكومة، يتحدثون كل يوم عن غياب الديمقراطية داخل أحزاب المعارضة، ويشيرون للانشقاقات داخلها، فإن الحزب الوطني هو أكثر الأحزاب المصرية التي لا تعرف الديمقراطية الداخلية، ولا الرأي والرأي الآخر، وتسارع إلي إقصاء المختلفين والمعارضين لتوجهات القيادة، بل حتي المتميزين سياسياً.. فالحزب الوطني يحكم داخليا بنفس الطريقة التي تحكم بها مصر في عصر الرئيس مبارك.
ولأن الرئيس مبارك هو رئيس الحزب الوطني، فإن كل من يختلف مع رأي القيادة إما أن يتم تهميشه، أو فصله من الحزب، لأنه لا مجال للاختلاف داخل الوطني، ولأن المكاسب التي تعود علي أعضائه كثيرة، يشهد الحزب الوطني صراعات لا تنتهي، وانشقاقات شبه يومية وتحديدا في مستوياته القاعدية في الأقاليم، حيث يصبح أمين المحافظة هو الآمر الناهي لأعضاء الحزب هناك، وعندما يرفض أحد الأعضاء قرار هذا الأمين أو يعارض وجهة نظره، يبدأ الصراع الذي ينتهي عادة بخروج المجموعة المعارضة من صفوف الحزب.
هذا علي المستوي القاعدي، أما في المستويات القيادية فالصراعات أقوي وأكثر شراسة، لأنها تدور بين مجموعة من أقوي رجال المال والسلطة، والهدف من تلك الصراعات هو الوصول إلي أمين السياسات ونجل الرئيس جمال مبارك، كما أن هناك صراعاً من نوع آخر يدور حاليا بين مجموعة جمال مبارك، وبين من يطلق عليهم الحرس القديم الذين تسحب منهم المجموعة الأولي البساط يوما بعد يوم.
الديمقراطية الداخلية، وآليات الاختلاف غير موجودة علي الإطلاق داخل الحزب الوطني، وذلك يتم حسب الاختلافات دائما بأن تقضي مجموعة علي أخري وتطيح بها تماما من الحزب.. وهكذا.
اللائحة والنظام القانوني هي أولي خطوات الممارسة الديمقراطية.. وهذا ما يفتقده الحزب الوطني، حيث تأتي لائحة الحزب خالية من أي آليات ديمقراطية حقيقية تمكن أعضاء الحزب من اختيار المستويات القيادية عبر الانتخابات، فقد أعطت اللائحة الداخلية للحزب في المادة «32» سلطات مطلقة لرئيس الحزب - الذي هو نفسه رئيس الجمهورية- فهو يرشح ويختار الهيئة البرلمانية للحزب في مجلسي الشعب والشوري ويختار المكتب السياسي الذي يختار بدوره الأمانة العامة، بينما يقتصر دور المؤتمر العام علي التصديق علي قراراته.
وجاءت انتخابات المستويات التنظيمية المختلفة في المؤتمر العام التاسع للحزب الوطني أشبه بالتعيين، فلم يتقدم أحد للترشح أمام رئيس الحزب، كما وافق أعضاء المؤتمر العام بالإجماع علي ترشيحه لأعضاء المكتب السياسي.
انتخابات الحزب الوطني نموذج لأي انتخابات تجري في مصر من حيث الثقافة الانتخابية التي تعتمد علي الصراع القبلي والعائلي والنفوذ، كذلك هي انتخابات لا تغيب عنها التدخلات الأمنية وحتي التزوير والبلطجة ونفوذ وسطوة رأس المال.
تقرير مرصد حالة الديمقراطية لعام 2007 والصادر عن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية «الذي تابع ورصد العملية الانتخابية في المحافظات » أشار إلي أن الانتخابات القاعدية في المحافظات شهدت صراعات ومصادمات ساخنة وتقديم عدد كبير من الاستقالات الجماعية من قبل بعض الأعضاء، حيث شهدت محافظة الدقهلية صراعا وصل لحد الاستعانة بالبلطجية، نفس المشهد تكرر في محافظة بورسعيد حيث استعان الحزب بـ«البودي جارد» للسيطرة علي الانتخابات، وفي دمياط رفض أعضاء الوحدات فرض الوصاية عليهم واختيار أسماء بعينها، ورفض ناخبو الوحدات الضغوط التي مورست عليهم لاختيار مرشحين بعينهم مسبقا، مما نتج عنه وقوع المشاجرات ومشادات خارج اللجان، كما شهدت وحدة الأصيل التابعة لمحافظة دمياط مشادات كلامية بين المرشحين القدامي والجدد بسبب تدخل أمين الوحدة حافظ أباظة في العملية الانتخابية، وفي الغربية أصيب 4 أشخاص بإصابات بالغة خلال مشاجرة بين الجبهتين المتنافستين في انتخابات وحدة « مجول» التابعة للمحلة الكبري التي استخدمت فيها الأسلحة البيضاء والهراوات، وعن تدخل رجال الأعمال في الانتخابات القاعدية شهدت انتخابات الوحدات الحزبية بمدينة شبين الكوم عدداً من المشاجرات وتدخل رجال الأعمال.
كما شهدت تلك الانتخابات عدداً من الاستقالات الجماعية للأعضاء، حيث تقدم في مركز كفر شكر أكثر من ثلاثين عضواً من أعضاء الحزب باستقالات جماعية وفي مركز شبين القناطر تقدم أكثر من أربعين عضواً باستقالات جماعية إلي أمين التنظيم أحمد عز.
ذلك هو دفتر أحوال الحزب الوطني وانتخاباته بدءا من القواعد الحزبية وحتي اختيار رئيس الحزب، والتي سادتها أعمال البلطجة والتزوير ونفوذ وسطوة المال ورجال الأعمال.
أما علي مستوي الممارسة الديمقراطية والحق في الاختلاف والاعتراض علي قرارات القيادة الحزبية داخل الوطني، فهذا أمر غير موجود علي الإطلاق، فمن يعترض أو يختلف مع رأي القيادة «يُنفي إلي الأبد» هذا ما حدث مع الدكتور أسامة الغزالي حرب الذي قرر التصادم مع النظام الحاكم في واقعة تعديل المادة 76 التي اعترض عليها حرب في موقف صريح وواضح بمجلس الشوري، هذا الموقف الذي كلفه الكثير من محاصرة وإقصاء داخل أمانة السياسات التي كان قد انضم إليها في ذلك الوقت، وتلك هي الواقعة التي قرر بعدها الغزالي القفز من مركب السلطة والانحياز إلي الأصوات المطالبة بالتغيير والإصلاح الحقيقي وأنشأ حزب الجبهة الذي يتولي رئاسته حاليا.
دفع الغزالي ثمن معارضته لتعديل 76 بأن تم استبعاده من المجالس التي سبق وأن تم تعيينه بها كما قادت بعض الصحف الحكومية حملة تشهير ضده، نفس الموقف الإقصائي المعادي للرأي الآخر تم ممارسته ضد الدكتورة هالة مصطفي عضو أمانة السياسات ورئيس تحرير مجلة «الديمقراطية» التي تم إقصاؤها ومحاصرتها لفترة وإبعادها عن دوائر صنع القرار بالأمانة بسبب موقفها من تحكم الأمن وتدخله في إدارة شئون الدولة، كذلك ملاحظتها علي أداء رجال الحرس القديم بالحزب، هذا الموقف الذي دفعت ثمنه بتعرضها لهجوم وتشويه من قبل صحف الحكومة أيضا
التجمع
عندما يرفع السعيد شعار «من النهاردة مافيش تجمع.. أنا التجمع»!
لم يشهد حتي الآن انشقاقاً بمعني الكلمة.. وإن كان من أهم المؤسسات الحزبية القائمة التي لها طابع ومميزات خاصة، تدفع بشكل أو بآخر لتأجيل حدوث انشقاق، لكنه يسير الآن بخطوات واسعة نحو الانشقاق ! ..ما يحدث في حزب التجمع الآن لا يقول سوي أن أقدم كيانات المعارضة التي تحدت جبروت نظام السادات، وألاعيبه.. بداية من حملات الاعتقال والمصادرة وحتي تلفيق قضايا التخابر..فشل الآن في مواجهة الخلافات الداخلية التي أخذت تتعاظم يوما بعد يوم، في ظل انفراد شخص واحد بإدارة الحزب والجريدة، والسيطرة علي كل مقاليد الأمور، وهو الدكتور رفعت السعيد الذي هدد خلال مدة لا تزيد علي ثلاثين يوما، مرتين بتقديم استقالته من رئاسة الحزب في حالة إذا لم يتم تنفيذ قراراته !
طريقة السعيد في التعامل مع الأزمات الداخلية بالتجمع وتلويحه بالاستقالة للضغط علي معارضيه من أجل تنفيذ قراراته - سواء كانت تلك القرارات صائبة أو خاطئة- أسلوب يتنافي مع أبسط قواعد الديمقراطية..فما معني أن يهدد رئيس الحزب كل من يختلف معه أو يعارض رأياً له بعقاب الجميع، وإدخال الحزب إلي نفق مظلم، ملوحا باستقالته.. وأبرز مثال علي ذلك، طريقة السعيد في إدارة الخلاف الحادث بين أبو العز الحريري - عضو اللجنة المركزية وأحد مؤسسي التجمع - وبين رئيس الحزب وبعض القيادات الحزبية، حيث أصدرت الأمانة المركزية لحزب التجمع توصية بوقف نشاط أبو العز الحريري عضو اللجنة المركزية وتقديمه اعتذاراً مكتوباً عما صدر عنه من تصريحات، مع استكمال التحقيق معه أمام لجنة الانضباط بشأن تصريحاته الأخيرة بسب وقذف قيادات وأعضاء الحزب وتشويهه المواقف السياسية للحزب أمام الرأي العام ووصفها بالمهادنة للسلطة والحزب الحاكم.
أزمة« الحريري» و«السعيد» هي مجرد نموذج للأزمات التي يعاني منها التجمع حتي الآن، وهي تتضخم يوماً بعد يوم، لأن رئيس الحزب والعديد من قيادات التجمع المحسوبين عليه، لم يختاروا بعد الطريق الأسهل لحل الخلافات الداخلية التي تزداد عمقاً بسبب طريقة إدارة السعيد لها.
المفارقة الحقيقية أن حزب التجمع الذي يعاني مشاكل كثيرة تهدد باختفائه عن الساحة السياسية، بسبب غياب الديمقراطية الداخلية وعدم قبول قيادته للاختلاف معها، كان صاحب السبق الأول في إعطاء درس مهم في كيفية العمل الديمقراطي وتعزيز مبدأ تداول السلطة حينما أعلن خالد محيي الدين زعيم الحزب ومؤسسه وأحد قادة ثورة يوليو في ديسمبر 2002 تنحيه عن منصبه كرئيس للحزب، بعد أن ظل في موقعه قرابة 23 عاما.
كما أن الحزب علي مدار تاريخه قام أكثر من مرة بإدخال تعديلات علي لائحته الداخلية، بل وتم تغييرها أكثر من مرة حتي يضمن إجراء انتخابات داخلية نزيهة وشفافة.
ومع ذلك يعيش التجمع حاليا فوق صفيح ساخن، بل فوق بركان علي وشك الانفجار، خاصة بعد تزايد عدد الاستقالات المقدمة من قبل عدد من القيادات الحزبية، في مقدمتهم مجدي شرابية أمين التنظيم، وعبد الله أبو الفتوح أمين الاتصال، وسيد شعبان أمين تنظيم القاهرة، بالإضافة إلي الاستقالات الجماعية من جانب شباب الحزب، وجاءت تلك الاستقالات جميعها لتحمل سبباً واحداً.. هو انفراد رئيس الحزب باتخاذ القرارات.
حتي الأزمة الأخيرة للتجمع التي أسفرت أيضاً، عن اعتصام الشباب احتجاجاً علي قرار رفعت السعيد بإلغاء ما أسفرت عنه الأمانة العامة للشباب التي عقدت منتصف الشهر الجاري، قام السعيد أيضا بحلها بطريقته الشهيرة «مش لاعب» وبالفعل هدد بالاستقالة..وفي ظل مركزية القرار في التجمع وتمحور كل الأمور حول شخص واحد اسمه رفعت السعيد صوتت أغلبية الأمانة المركزية في اجتماعها بإعادة انعقاد الأمانة العامة للشباب تنفيذاً لقرارات السعيد.
لا شك أن أحد أزمات الأحزاب السياسية في مصر هي اللوائح الداخلية المنظمة لعمل تلك الأحزاب التي تعطي حقوقاً مطلقة للمستويات التنظيمية الأعلي، وهذا هو الداء الحقيقي الذي يعاني منه حزب التجمع الآن، وهو ما تضمنته كل الاستقالات المسببة التي قدمت في الفترة الأخيرة احتجاجا علي انفراد السعيد باتخاذ القرارات، وهذا يرجع في الأصل إلي العوار الموجود في اللائحة الداخلية للتجمع التي أعطت للجنة المركزية والمكتب السياسي ورئيس الحزب سلطات واسعة، فمثلاً عند استعراض اللائحة نجد أنها فرقت بين طريقة اختيار رئيس الحزب الذي ينتخب من قبل المؤتمر العام الذي يتحكم في تشكيله توصيات اللجنة المركزية باختيار عدد أعضائه المسموح لهم بالحضور، بينما أسند انتخاب الأمين العام ومساعديه والمكتب السياسي والأمانات العامة إلي اللجنة المركزية التي يتم اختيارها بطريقة غير مفهومة، فبعض أعضاء اللجنة المركزية يتم تصعيدهم من لجان المحافظات والبعض الآخر يتم انتخابه من قبل المؤتمر العام، وهي ازدواجية غير مفهومة.
وهذا ما اتضح بقوة في المؤتمر العام السادس للحزب، حيث تقدم عدد كبير من الأعضاء بالمحافظات بشكاوي لتدخل وانحياز بعض القيادات المركزية في أعمال مؤتمرات المحافظات والأقسام والوحدات ومحاولة القيادات المركزية إلغاء الانتخابات واعتماد ما يسمي بالتوافق، بحجة المحافظة علي وحدة الحزب.
الوفد
انقلب أباظة علي جمعة ثم انقلب بدراوي والبدوي علي أباظة .. ومجدي سراج الدين منشق من بدري!
«صراعات وانشقاقات وصلت لحد إشعال النيران في مقر الحزب » هذا ما وصل إليه حزب الوفد الجديد أحد أبرز الأحزاب السياسية المصرية والذي يحمل سجلا تاريخا مهما ومحترما في الحياة السياسية منذ تأسيسه في 1978 برئاسة الراحل فؤاد سراج الدين، مستندا إلي جذور حزب الوفد الأصلي الذي ظهر من قلب الشعب مع انفجار ثورة 1919.
الوفد الآن برئاسة محمود أباظة ومن قبله برئاسة دكتور نعمان جمعة لا يمكن لنا القول إن هذا هو حزب الوفد الذي واجه استبداد السلطة وتعنتها. ذلك لأن نعمان جمعة اختار أن يلعب دور الكومبارس في انتخابات الرئاسة ثم قاد فيما بعد صفوف البلطجية لمداهمة مقر الحزب وانتزاع الرئاسة من محمود أباظة بالقوة والبلطجة، وهو الأمر الذي واجهه أباظة بالعنف أيضا وكان الضحية هو سقوط حزب الوفد بسبب الصراعات الشخصية بين الطرفين للحصول علي رئاسة الوفد، وكان لنعمان جمعة الرئيس السابق للوفد الدور الرئيسي في تصعيد الخلافات داخل الحزب، ذلك لأنه لم يقبل قرارات الهيئة العليا للوفد وخروجه من منصبه كرئيس للحزب الذي استمر فيه لسنوات طويلة.
كما أن رئاسة أباظة لحزب الوفد لم تكن الحل للخروج من الأزمات التي أثرت بدرجة كبيرة علي الأداء السياسي لرئيس الوفد وهو أداء «نفي» طوال الوقت بمعني أنه كلما أتيحت له الفرصة يظل ينفي وينفي ولكنه في الحقيقة لا يقدم معلومة أو يأخذ موقفا جادا وواضحاً من التوريث أو غيره من القضايا السياسية المطروحة علي الساحة، ورغم أن « أباظة» خرج ليؤكد أكثر من مرة لينفي وجود صفقات مع الحزب الوطني وأنه يعتبره- أي الوطني- السبب الرئيسي في تراجع مصر كان من الأفضل له أن يتحدث عن فساد الحزب ويترجم هذا الموقف في استجوابات برلمانية تحت قبة مجلس الشعب.. لكن هذا ما لم يفعله رئيس الوفد حتي الآن، مكتفيا بأن يطلق عليه رئيس حزب معارض، حتي لو كانت مواقفه السياسية علي أرض الواقع لا علاقة لها بالمعارضة الجادة ولا توحي بأنه أحد المنافسين علي السلطة.
انقلب حلفاء الأمس ضد بعضهم.. وظهرت انشقاقات عديدة داخل الهيئة العليا للحزب واتسعت مساحة التباين بين قياداته بشكل ينذر بانفجار الوضع داخل الحزب علي نحو ما حدث بعد فصل الدكتور نعمان جمعة الرئيس السابق للحزب وما تبع ذلك من صراع دام تبادل فيه طرفا النزاع إطلاق النار وانتهي بقضاء جمعة شهورا خلف القضبان.
تصاعد حدة الانقسام داخل الحزب جاء علي خلفية الانتقادات التي وجهت ضد رئيسه محمود أباظة وسكرتيره العام منير فخري عبد النور، بزعم سوء الإدارة وإهدار الأموال وتوجيه جريدة الحزب لتحقيق مصالح شخصية وهو ما قاد إلي انخفاض شعبيتها وانهيار توزيعها في الفترة الأخيرة إلي ما يقرب من 15 ألف نسخة يوميا.
وفي هذا السياق، انتشرت ظاهرة توزيع المنشورات داخل الحزب التشي وجهت اتهامات لمحمود أباظة وجبهته بالمسئولية عن انهيار الحزب طوال السنوات التي شغل فيها نعمان جمعة منصب رئيس الحزب بسبب دعمهم لقراراته الديكتاتورية ومساعيه لشخصنة الحزب وموافقتهم علي التخلص من العديد من شرفاء الحزب دون أن تتم محاسبته. كما اتهمت المنشورات أباظة بالضعف الشديد والعجز عن اتخاذ قرارات تستطيع إقالة الحزب من عثرته، وتحوله إلي ساحة لتصفية الحسابات بين أعضائه، وهو ما كانت له آثاره السلبية علي صورة الحزب في الحياة السياسية. ونوهت إلي استضافته المستمرة للسفير الأمريكي بالقاهرة فرانسيس ريتشاردوني داخل مقر الحزب دون أن يبلغ حتي أعضاء الهيئة العليا بهذا الأمر مسبقا.
فضلا عن ذلك، رفع الدكتور فؤاد بدراوي النائب الثاني للرئيس مذكرة للهيئة العليا للحزب في 9 يناير الماضي، حذر فيها من خطورة سيطرة عدد من أعضاء الحزب الذين يديرون جمعيات شبه حقوقية بأموال أمريكية علي مقاليد الحزب والجريدة. وقد أثارت هذه المذكرة التي رفضتها الهيئة العليا أزمة حادة بين أباظة وبدراوي.
وكان د. فؤاد بدراوي قد شكل تحالفا مع السيد البدوي السكرتير العام السابق ليكونا جبهة سميت بجبهة الإصلاحيين الجدد في يناير الماضي مؤكدا أن الهدف منها إنقاذ الحزب من مأزقه الشديد، الذي يعاني منه وأدي إلي تراجع وزنه علي الساحة السياسية. وتقوم الجبهة الجديدة في الوقت الحالي بحملة علاقات عامة، في لجان الحزب بالقاهرة والمحافظات، ضد محمود أباظة رئيس الحزب، محملة إياه مسئولية تدهور أوضاع الحزب، والتدخل في شئون الجريدة في محاولة لاستغلالها في تحقيق مصالحه. لكن ثمة صعوبات عدة تواجه هذا المسعي، أهمها أن انتقادات بدراوي ومؤيديه لجبهة أباظة تفتقد للمصداقية، لاسيما أنهم حتي فترة قريبة كانوا ضمن جبهة الرئيس وساندوه في قراراته بل تنازلوا له عن سلطات الهيئة العليا، فضلا عن أن علاقة جبهة بدراوي بلجان الحزب في المحافظات مقطوعة منذ فترة وتحتاج لوقت طويل وجهد أكبر لاستعادة نفوذها بداخلها، وهو الأمر الذي يقلص إلي حد ما من فعالية تحركات الجبهة.
وبالإضافة إلي جبهتي أباظة وبدراوي، ثمة جبهتان أخرتان تدعيان أحقيتهما في قيادة الوفد: الأولي، يقودها الدكتور نعمان جمعة الرئيس المخلوع الذي لا يزال يري في نفسه رئيسا شرعيا للحزب لاسيما بعد الحكم الذي قضت به محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحزاب بفصله، والاعتداد بمحمود أباظة رئيسا للحزب. وقد بدأ جمعة، علي خلفية حكم المحكمة، اللعب علي أوتار الخلافات الداخلية داخل الحزب معلنا في الوقت نفسه عزمه إصدار جريدة جديدة باسم الوفد المصري ليصبح الحزب برئيسين وجريدتين.
والثانية، ما يعرف بـجبهة الوفديين الأحرار التي يقودها المهندس مجدي سراج الدين والتي ناصبت الرئيس السابق للحزب العداء حتي خروجه من الوفد. وكان سراج الدين قد دعا في 16 نوفمبر الماضي، كلا من محمود أباظة ونعمان جمعة إلي الابتعاد عن الحزب واعتزال العمل السياسي، من أجل التفرغ لأعمالهما الخاصة وإدارة ما وصفه بـ الثروة الضخمة، التي يتمتع بها كلاهما، والتي تدر عليهما الملايين، بما يجعلهما غير قادرين علي التدخل لحل مشاكل السواد الأعظم من الشعب الفقير.
تصاعد حدة الاحتقان داخل حزب الوفد ووصولها إلي هذه المرحلة الحرجة، وانعكاسها بالسلب علي جريدة الوفد التي تأثرت كثيرا بتلك الصراعات، يشير إلي أن أزمة حزب الوفد ليست مجرد صراع بين طرفين أساءوا التصرف وتخلوا عن التقاليد الحزبية المتعارف عليها، بل أن أزمته نتاج لأزمة عمل الأحزاب السياسية في مصر والقوانين المنظمة لعملها التي تقيد حق التنظيم وتضع قيودا قانونية علي تكوين الأحزاب السياسية.
الناصرى
عرف الانشقاقات مبكراً.. فلما أصبح حزبا خرج منه فرع طلعت حرب وفرع عابدين!
كان حزبا لامعا في الحياة السياسية المصرية.. وارتبط اسمه وأيديولوجيته السياسية بمرحلة مهمة في تاريخ مصر وهي الفترة الناصرية.. لكنه الآن خفت نجمه وكاد يختفي تماما كأنه لم يكن هناك حزب اسمه الحزب العربي الناصري، وبعد أن كان حزبا قويا ثوريا يحمل أفكار الاشتراكية والقومية العربية.. انتهي إلي حزب مفرغ كالكيان الهش أو الجسد الذي يعاني شيخوخة ماقبل الرحيل.. بعدما وقع تحت براثن الانشقاقات والصراعات التي قضت عليه، حيث تسببت هذه الخلافات والنزاعات بين الناصريين في تشتيت قواهم، وتنازعهم «قميص» الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وادعاء كل فصيل أنه الأحق بالتعبير عن أفكار الناصرية.
ومع هذا فهناك بالفعل بعض المحاولات لإعادة إحياء الحزب من «موته الإكلينيكي» الحالي وجاءت تلك المبادرة علي يد سامح عاشور - النائب الأول لرئيس الحزب- ونقيب المحامين السابق حيث قام بتعديل البرنامج الحزبي بما يحافظ علي روح المبادئ الناصرية وفي الوقت نفسه تستطيع التعامل مع روح العصر، لكن نجاح تلك المبادرة من عدمها يرجع إلي ضرورة خلق مساحة حقيقية من الديمقراطية يتحاور فيها الجميع دون تفرد شخص بكل شيء، هذا الأمر الذي كان السبب الرئيس وراء كل الانشقاقات والصراعات.
وفي الوقت الذي يصر فيه ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري، علي البقاء في كرسي الرئاسة علي الرغم من سنه المتقدمة مما تسبب في غيابه عن كثير من المؤتمرات واللقاءات السياسة المهمة ومن ثم غياب تمثيل الناصري الذي كان واحدا من أبرز أحزاب المعارضة، وتركه كل مقاليد الأمور في يد شخص واحد وهو أحمد حسن الأمين العام للحزب، نجد داخل الناصري عدداً من القيادات التي ارتضت بوضع الحزب وما يحتويه من خلافات وانشقاقات والبقاء في الحزب بوضعه الحالي.
مشاهدات المؤتمر العام الرابع للحزب الناصري الذي عقد عام 2007 تؤكد غياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب لعدم وجود ميثاق شرف أو لائحة داخلية تحسم الخلافات داخله، فجميع الأطراف المتصارعة في الحزب الناصري تدعي صحة موقفها استناداً إلي اللائحة الداخلية التي لم تحدد سلطة المؤتمر العام ولا كيفية تشكيل اللجنة المركزية أو آلية واضحة لفض المنازعات داخل الحزب. فما معني أن يقدم أحد الأعضاء طلبا بالترشح علي منصب فيرفضه رئيس الحزب دون إبداء أسباب منطقية، هذا ما حدث مع دكتور حسام عيسي الذي تقدم بطلب للترشح علي منصب الأمين العام فقام ضياء الدين داود برفضه، فكانت النتيجة الطبيعية هو تقدم عيسي بالاستقالة، كما شهد المؤتمر اشتباكات ساخنة بين أعضاء الناصري بسبب اكتشاف أعضاء المؤتمر اختفاء كشوف المؤتمر وأوراق التصويت قبل بدء أعمال التصويت علي منصب النائب الأول والأمين العام..
الأحداث المتلاحقة للحزب الناصري والتي بدأت قبل المؤتمر العام الرابع في ديسمبر 2006، والذي استكمل في مارس 2007، وكذلك أعمال اللجنة المركزية في أبريل 2007، تؤكد أن جوهر الخلاف في الحزب الناصري كغيره من الأحزاب المصرية هي خلافات شخصية علي مناصب، وليست علي خلفية اختلاف سياسي أو أيديولوجي، وهو ما اتضح خلال الاتهامات المتبادلة بين الأعضاء والكتل المتصارعة.
ما يحدث الآن في الحزب الناصري ليس أمراً مستجداً أو وليد اللحظة لكنه «جين سياسي» متوارث علي مدار تاريخ الحزب، حيث بدأت الانشقاقات والصراعات الداخلية في الحزب منذ الموافقة علي تأسيسه والخلاف الشهير بين كل من ضياء الدين داود المحامي ووزير الشئون الاجتماعية الأسبق في فترة الستينيات وهو من قدم طلبا بتأسيس الحزب، والراحل فريد عبد الكريم المحامي ووكيل مؤسسي الحزب العربي الاشتراكي الناصري، وانتهت هذه الأزمة بانقسام الحزب بين مقر طلعت حرب ويخص داود وزملائه، ومقر عابدين ويخص عبد الكريم ورفاقه، كما انشق عن الحزب المئات من قياداته الأساسية وكوادره وعدد كبير من مؤسسيه ربما كان أبرزهم النائب حمدين صباحي وكيل مؤسسي حزب الكرامة العربية (تحت التأسيس ) وعشرات من أبناء جيله، ود. أحمد الصاوي والدكتور صلاح دسوقي.
وفي الأعوام الأخيرة خرج من الحزب أعداد كبيرة من القيادات المستقلة والمحترمة كان أبرزهم السفير السابق محمد وفاء حجازي، والدكتور حسام عيسي، كما جمد محمد فائق الوزير الأسبق منذ توليه موقع الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان. ويعاني الحزب منذ تولت إدارته الحالية حالة من استنزاف الكوادر والعضوية الجماهيرية وغياب القدرة علي الجذب الجماهيري للمواطنين.
ويبقي الحزب الناصري في ظل هذه المأساة، ليؤسس الناصريون خارج الحزب عدداً من الأشكال السياسية والحزبية الأخري منها، حزب الكرامة والذي ما زال يناضل أمام القضاء لتأسيسه، وحزب الوفاق القومي، والذي نال موافقة نادرة من لجنة الأحزاب في عام 2000، بالإضافة إلي عدد من الأشكال الأخري منها جماعة المحامين الناصريين، والمؤتمر القومي العام الناصري، واللجنة العربية لتخليد القائد جمال الناصر.
ويشير الكثيرون من داخل الحزب إلي أن هناك حالة من عدم الشفافية تسيطر علي كل شيء في الحزب، ويتحمل الانتقادات الرئيسية الأمين العام الحالي أحمد حسن الذي يري الكثيرون أنه قام باستبعاد وتهميش الكثيرين من قيادات الحزب ومسئوليه، وتقريب البعض واختيارهم في مناصب قيادية في المحافظات.
الغد
الأمن تولي عملية تفجيره من الداخل.. وموسي مصطفي قاد عملية حرق مقر الحزب!
هو حزب استثنائي شهد الانشقاقات والصراعات التي وصلت لحرق مقر الحزب علي يد بلطجية موسي مصطفي موسي المنشق عن الحزب، ومن قبل سجن رئيسه ومؤسسه دكتور أيمن نور بتهمة التوكيلات المزورة، وفي كل مرة يتوقع الجميع أن هذه هي المرة الأخيرة لقيام الحزب وأنه سينتهي إلي الأبد، إلا أننا سرعان ما نجده ينتفض من جديد متجاوزا الانشقاقات والحرائق محاولا إعادة تنظيم بنيانه الحزبي من جديد، علي الرغم من كل المحاولات التي تهدف إلي القضاء علي «غد نور».
حزب الغد وأيمن نور تحديدا من بين كل رؤساء الأحزاب في حالة حصار دائم، بالطبع الحصار السياسي يطول ويمتد لكل أحزاب المعارضة، ذلك من أجل التضييق عليها وعدم ترك أي مساحة لعرض برامجهم السياسية التي ربما يراها كثير من المثقفين والسياسيين أنها أفضل كثيرا من البرنامج السياسي لحزب الغد، مع ذلك فإن حصار الغد من نوع خاص، فهو لم يتوقف لحد تضييق الخناق بل امتد لحد نفي «غد نور» ونسبته إلي «موسي مصطفي موسي» المنشق عن الغد وخلق مجموعة موازية، علي الرغم من أن القضاء حسم هذا النزاع بين الطرفين لصالح جبهة أيمن نور.
الحديث عن انشقاقات وصراعات حزب الغد له طبيعة خاصة، تختلف لحد كبير عما حدث في باقي أحزاب المعارضة، ذلك لان الانشقاقات فيه بدأت مع إعلان أيمن نور - رئيس الحزب - ترشحه لانتخابات الرئاسة، تلك الفترة التي شهدت اختراقات أمنية واسعة للحزب من خلال تجنيد ودس عناصر أمنية لتعزيز الخلافات والانشقاقات. الانشقاق الأول في حزب الغد كان في عام 2005 بخروج موسي مصطفي موسي ورجب هلال حميدة من الحزب ومن ثم أصبح هناك فريقان متصارعان علي رئاسة الغد، الجبهة الأولي برئاسة أيمن نور ومعه إيهاب الخولي ووائل نوارة وجميلة إسماعيل والجبهة الثانية لموسي ورجب، وقد وصل الصراع بين الطرفين إلي القمة واتهم الفريقان كلا منهما الآخر بالعمالة والخيانة وسرقة أموال الحزب، وادعي كل فريق أنه الممثل الشرعي لحزب الغد ودخل في نزاع قضائي لم ولن يحسم.
واستمراراً للأزمات التي يعاني منها الحزب، فقد تقدم عدد من قيادات الحزب باستقالاتهم احتجاجا علي اتهام جميلة إسماعيل زوجة أيمن نور، ومسئولة الإعلام بالحزب، بالسيطرة علي الحزب وادعوا غياب الديمقراطية داخل الحزب.
كما قام المئات من أعضاء الحزب في مختلف المحافظات، بجمع توقيعات لتأييد ترشيح جميلة إسماعيل لمنصب رئيس حزب الغد، لكونها من أهم القيادات، ولكن جميلة إسماعيل تقدمت باعتذارها لأعضاء الحزب، لرفضها فكرة الحزب العائلي، وتوليها المنصب بدلا من زوجها يتعارض مع رفضهم لتوريث الحكم في مصر.
وشهدت الجمعية العمومية غير العادية التي عقدت في مارس 2007 بداية الأحداث الساخنة بين الجبهتين الرئيسيتين في الترشح علي الرئاسة، الجبهة الأولي برئاسة وائل نوارة والثانية برئاسة إيهاب الخولي وتم تبادل الاتهام من جبهة نوارة لإيهاب الخولي بالتلاعب في أوراق الجمعية العمومية بمساعدة موظفين في الحزب، باستخدام ختم الحزب في إضافة عضويات إلي الجمعية العمومية، مما دفع نوارة إلي التهديد بالانسحاب من الانتخابات، ثم بدأت مواجهات عن طريق رسائلSMS .
إلا أن هذا الخلاف لم يستمر طويلا وتم إنهاؤه بشكل محترم حيث أصبح الخولي رئيسا للغد.
المشكلة الرئيسية في حزب الغد الآن هي شباب الحزب، علي الرغم من أن عضوية الشباب داخل أي حزب تعني نجاحه إلا أن تزايد العضوية للشباب داخل الغد لم يؤد إلي زيادة نجاحه بل الخصم من رصيده، ذلك لأن الغد فتح بابه لكل الشباب، حتي الذين لم يعملوا في السياسة علي الإطلاق واكتفوا بالتفاعل السياسي عبر « الفيس بوك» وشبكات الانترنت، وهذا يعني أن هؤلاء الشباب لم ينضموا من قبل في كيان حزبي وكان لهذا أثر سلبي، حيث أصبح وجودهم في حد ذاته مادة خصبة لتزايد الانشقاقات، خاصة أن الحماس المطلق في ظل غياب التربية السياسية زاد من حدة الصراع والخلاف الذي أثر بشكل أو بآخر في حزب الغد.
الجبهة
عاني قلة الخبرة السياسية لكثير من أعضائه.. فكانت النتيجة تحول نشاط الحزب إلي «الحالة ج»!
كانت موافقة لجنة شئون الأحزاب علي منح حزب الجبهة الديمقراطية رخصة تأسيسه في 24 مايو 2007، مفاجأة للجميع فقد اعتادت اللجنة رفض مشروعات الأحزاب الجادة في مصر، ولم تمنح رخصة الإشهار إلا لأحزاب وصفتها النخب السياسية والمهتمين بالشأن العام بالأحزاب الورقية باستثناء ما حدث مع حزب الغد.
وكانت الخطوات الأولي لحزب الجبهة تشير إلي أن هذا الحزب يريد أن يكون حزبا سياسيا معارضا بمعني الكلمة دون الوقوع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها أكبر أحزاب المعارضة « الوفد والتجمع والناصري»، وهذا ما جعل الخلافات والصراعات داخل حزب الجبهة تختلف لحد كبير عن أسباب الخلافات في باقي الأحزاب، فقد كانت قلة الخبرة السياسية أحد أكبر المشكلات التي تواجه حزب الجبهة خاصة أن بدايات أي تجربة سياسية عادة ما تحمل كثير من الإخفاقات والخلافات، لكنها في النهاية مع خبرة العمل يمكن تداركها وتجاوزها، وهذا هو رهان الجبهة حاليا، خاصة بعد أن شهدت الفترة الأولي من تأسيسه خروج عدد كبير من الأسماء التي انضمت للحزب.
الانشقاقات والصراعات وقعت قبل مرور العام الأول علي الحزب حيث بدأت المناوشات بعد أقل من ثلاثة أشهر حين قام دكتور علي السلمي بتقديم استقالته في شهر سبتمبر 2007 وتضامن معه عدد من الأعضاء وقدموا استقالتهم، ومن بعدها بدأت الهيئة العليا للحزب مناقشة أمر إجراء انتخابات للمناصب القيادية ومحاولة الوصول إلي حل يعيد المستقيلين مرة أخري، وتبادل كل من أسامة الغزالي حرب المرشح لموقع رئيس الحزب ومحمد أنور عصمت السادات المرشح لموقع الأمين العام الاتهامات حول الصراعات داخل الحزب في هذه المرحلة، وكانت المناوشات قد بدأت قبل فتح باب الترشيح بحوالي ثلاثة أشهر عندما اتهم نائب رئيس الحزب أسامة الغزالي حرب الأمين العام للحزب محمد السادات بتخريب الحزب خاصة لجنة المنوفية التي اعتمد فيها علي القبلية وضم عضويات تدين له بالولاء الشخصي والعائلة والعلاقات الشخصية غير الحزبية ووصل الخلاف إلي وسائل الإعلام المختلفة.
وقبل انعقاد الجمعية العمومية للحزب في مارس 2008 بأيام قليلة اشتدت المنافسة وانقسمت الهيئة العليا وأعضاء الجمعية العمومية بعد إعلان الدكتور علي السلمي عن ترشحه لمنصب رئيس الحزب بعد إعلان د.يحيي الجمل دعوته للمستقيلين إلي الدخول في صفوف الحزب مرة أخري مما أشعل الصراع بين جبهة د. أسامة الغزالي حرب وجبهة د.علي السلمي التي انحاز لها د. يحيي الجمل علي أساس أن د. علي السلمي قام بتقديم استقالته منذ سبتمبر 2007 مما لا يعطيه الحق في الترشح لأي منصب قيادي داخل الحزب إلا بعد مرور عام علي عودته إلي الحزب، بينما دافع أنصار السلمي عن ترشحه علي أساس قرار د. يحيي الجمل رئيس الحزب في فبراير 2008 بدعوة جميع المستقيلين من الحزب إلي الدخول في صفوف الحزب مرة أخري ويكون لهم الحق في الترشح والانتخاب.
بعد ذلك شهدت الجمعية العمومية لحزب الجبهة العديد من التجاوزات والتي بدأت بوقوع مشادات كلامية بين مارجريت عازر المرشحة علي منصب الأمين العام وأنور السادات المنافس لها مما جعل لجنة تنظيم الانتخابات تأخذ قراراً بوقف عملية التسجيل لمدة نصف ساعة تقريباً. ثم بدأت مشادات أخري بين أنصار السادات والغزالي حرب وتبادل الاتهامات بين الطرفين بمحاولة تخريب الحزب حتي وصل الأمر إلي الاشتباكات بالأيدي.
ما حدث من تجاوزات في الجمعية العمومية لحزب الجبهة وما سبقها من استقالات جماعية لعدد من الأعضاء والمؤسسين للحزب تكشف أن الأزمة الرئيسية في الحياة السياسية في مصر هي أنها تعرضت لعملية تجريف قبل ما يزيد علي خمسين عاما حتي أن نخبتها لم يعدوا بقادرين علي ممارسة العمل الديمقراطي بشكل سوي وسليم.
خبراء
قانون الأحزاب.. عدم تداول المناصب.. غياب الديمقراطية.. لهذه الأسباب تتفكك الأحزاب
الانشقاقات والخلافات داخل الأحزاب المصرية كلها تدور حول سبب واحد مشترك وهو غياب آليات الممارسة الديمقراطية الداخلية وذلك رغم أن تفاصيل الانشقاقات تختلف من حزب لآخر، فمثلا أسباب الخلاف داخل الغد تختلف عن أسبابه داخل الوفد، كذلك أسباب الخلاف داخل الناصري تختلف إلي حد ما عن أسبابه في التجمع وأيضا الوطني يختلف في أسباب صراعاته التي تقوم علي أساس المصالح الفردية عن باقي أسباب الخلاف في أحزاب المعارضة، وإن بقيت العلة واحدة لدي الجميع.
«الخلافات داخل الحزب الوطني سببها أنه لديه فائض في النفوذ والقوة، أما خلافات المعارضة فسببها أنه لديه فائض من الإحباط واليأس من العمل السياسي خارج الحزب وفرض القيود عليه» هذا ما ذهب إليه دكتور وحيد عبد المجيد ـ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - حول الفارق الجوهري بين الخلافات بين أحزاب المعارضة والحزب الوطني، مضيفا أن الخلافات داخل الحزب الوطني يحكمها نمطان من الخلاف، الأول هو صراع علي النفوذ والقوة وهذا الصراع يتم علي المستويات القيادية، وهو مرتبط بوجود مساحات واسعة من السلطة والنفوذ والقوة السياسية ومن ثم يحدث الصراع للحصول علي مساحة اكبر من النفوذ وهذا في أحيان يؤدي الي انشقاق لكنها أحداث استثنائية ويتم تجاوزها بإعادة ترتيب الهيكل الحزبي.
أما النمط الثاني من الصراع داخل الوطني فهو يقوم علي أساس الصراعات الانتخابية وترشيحات الحزب، وهذا الخلاف يتم علي جميع المستويات الحزبية وغير محصورة علي المستوي القيادي.
وعن خلافات أحزاب المعارضة قال «عبد المجيد» إن السبب الرئيسي لحدوث الانشقاقات هو انهيار الكيانات الحزبية نتيجة التضييق عليها ومحاصرتها وغلق المجال العام أمامها.هذا الوضع تسبب في انغلاق الأحزاب علي ذاتها وانحصارها داخل مقاراتها ومن ثم توجيه كل طاقتها الي الشئون والخلافات الداخلية، تلك الخلافات التي تتعاظم مع غياب التنافس السياسي علي الساحة ومن ثم تتحول التنافسات الي صراعات داخلية.
من جانبه أكد دكتور عمرو هاشم ربيع - خبير الشئون البرلمانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - أن الانشقاقات موجودة في كل الأحزاب المصرية بما فيهم الحزب الوطني، لكن لأنه حزب الرئيس فيتم التغاضي عن تلك الانشقاقات حتي لا تتعمق وتتكشف أمام الرأي العام وهذا أمر لا يريد الحزب الوطني الوقوع فيه بسبب انه الحزب الحاكم ورئيسه هو رئيس الجمهورية فلا يجوز أن يكون هناك منشقون عن الرئيس وسياساته، أما عن غياب الممارسة الديمقراطية الداخلية، فهذا موجود في أحزاب المعارضة والحكومة، ذلك لأن المناخ السياسي المصري أصلا يعاني من مشكلة غياب الديمقراطية، هذا الأمر الذي ينقلنا بالضرورة الي سبب آخر يزيد من حدة الصراع داخل أحزاب المعارضة وهو قانون الأحزاب الذي يمثل عائقا واضحاً أمام إنشاء الأحزاب ومن ثم تصبح رخصة أي حزب بمثابة كنز كبير يتصارع عليه الجميع، لأنهم يعلمون جيدا أنهم لو خرجوا عن الكيان الحزبي الموجود لن يمكن لهم العودة من جديد للحياة الحزبية إلا من خلال الانضمام لحزب آخر وليس بتأسيس حزب جديد، ومن هنا نستطيع فهم طبيعة الخلاف الذي حدث في حزب الوفد والذي مازال قائما حتي الآن بتصارع جبهات وكتل داخل الحزب منها هو من مع محمود أباظة ومنها من ضده، والجميع يتنافسون علي الرخصة الحزبية.
0 comments :
إرسال تعليق