جبهة انقاذ مصر
في تحدي لمشاعر الشعب المصري وللمشروعية القانونية التي تمثلها أحكام القضاء أعربت إسرائيل عن توقعها باستمرار تدفق امدادات الغاز المصري .. ولما لا إذا كان مبارك يدوس على القانون والدستور ويختطف مصر .
فقد أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة صباح اليوم، الثلاثاء، حكماً تاريخيا بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، مخالفا بذلك قرار الحكومة المصرية التي احتالت على القانون والدستور لتصدير الغاز لإسرائيل بالالتفاف على مجلس الشعب بتمرير الصفقة عبر شركة وسيطة يملكها الملياردير حسين سالم صديق مبارك المقرب، وبأقل كثيرا من أسعاره العالمية.
وصف السفير إبراهيم يسرى الذي أقام الدعوى الحكم ، بـ"التاريخى"، معتبراً أنه يدل على وجود قضاء عادل وشامخ في مصر. وقال إن هذه ثروات مصر الضائعة وأن القضاء يحافظ عليها.
وقررت المحكمة رفض الدفوع التى أبدتها وزارة البترول ومجلس الوزراء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وقبول تدخل عدد من المواطنيين الى جانب السفير ابراهيم يسرى مقيم الدعوى ورفض طلبات التدخل الانضمامى من جانب بعض المحامين.
وقال السيد / أنور عصمت السادات المتحدث الرسمي بأسم " حملة لا لنكسة الغاز " بأن هذا الحكم التاريخي يلبي رغبة و ارادة الشعب للحفاظ علي ثروته و موارده الطبيعية التي نحن في أشد الأحتياج اليها في ظل الظروف الأقتصادية و الأزمة المالية العالمية.
وتوجه إلى رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية و رئيس الوزراء بصفته رئيس المجلس الأعلى للطاقة أن ينتهزوا هذه الفرصة الذهبية لهذا الحكم من أجل اعادة النظر في وقف تصدير الغاز و اعادة النظر في تسعير الكميات المتعاقد عليها.
كما أكد السادات " أن حملة " لا لنكسة الغاز " مستمرة الي أن يتحقق الحفاظ علي ثروة مصر و مواردها من أجل مستقبل الأجيال القادمة.
وقالت محكمة القضاء الادارى فى حيثيات حكمها ان الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فى غير محله بما يتعين معه الرفض إذ انه من الثابت فى الأوراق ان المنازعة الماثلة تدور حول سلطة الادارة فى تنظيم وادارة واستغلال موارد الدولة وأحد ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها.
وأضافت المحكمة ان المدعى اختصم وزارة البترول كسلطة ادارية تقدم هذا المرفق وينبغى عليها أن تلتزم فى ذلك فى حدود الدستور والقانون، ومن ثم لا يعد تصرفها فى هذه الحالة ولا القرار 100 لسنة 2004 الصادر بشأنه الحكم من أعمال السيادة بالمعنى القانونى والدستورى وانما يعتبر من قبيل أعمال الادارة التى يقوم على ولاية الفصل فيها القضاء الادارى دون سواه طبقا لنص المادة (172) من الدستور.
وأشارت إلى أن الدستور فى المادة (123) منه حرص على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها موردا مهما من موارد الدولة ليست ملكا للأجيال الحالية فحسب بل يشترك فى ملكيتها الأجيال المستقبلية فنص صراحة على أن يحدد القانون والقواعد والإجراءات الخاصة بمنح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة.
وتابعت المحكمة انه بموجب ذلك فانه يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلى مجلس الشعب للحصول على موافقته على منح الالتزامات المشار اليها ويعتبر ذلك إجراء وجوبيا يحتمه الدستور وشرطا أساسيا لنفاذ العمل ونوعا من الرقابة التى تمارسها السلطة التشريعية - بنص الدستور - على بعض أعمال الإدارة وتتمثل في الفلسفة التي تبرر إعطاء هذه السلطة لمجلس الشعب فى الصفة التمثيلية للجهاز التشريعى فهو بحسب الأصل يكون منتخبا من الشعب ويعبلا عن إرادة أغلبيته وبالتالي فهو أصلح الأجهزة القادرة على مراقبة عمل الإدارة فيما يخص منح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية الموهوبة للشعب.
وقالت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها "إنه من الثابت من استعراض القرار المطعون فيه أنه فوض كل من رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول في إنهاء إجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعي مع شركة البحر الأبيض المتوسط ، وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعي ومواصفاته ومدة التوريد فى عقود شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز لتصدير الغاز الطبيعى من خلال خط أنابيب مع الشركات الواقعة فى منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل".
وأضافت المحكمة "أن هذا ما فوض وزير البترول كلا من الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية فى العمل بموجبه دون عرض هذا الالتزام المرتبط باستغلال أحد أهم موارد الثروة الطبيعية فى البلاد على مجلس الشعب ، الأمر الذى يعد افتئاتا على اختصاص مجلس الشعب وسلطته المقررة دستوريا فى هذه الحالة".
وتابعت فى حيثياتها قائلة إنه من ناحية أخرى فإن البادي من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر ، كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعي المصري إلى شركة البحر الأبيض المتوسط ومنها إلى إسرائيل.
وأشارت إلى أن ذلك يأتي بالرغم من مطالبة العديد من نواب الشعب والخبراء المتخصصين فى مصر بالإطلاع على تفاصيل هذه الصفقة ورغم الجدل الكبير الذى يدور فى الأوساط العلمية حول حجم الاحتياطي المصري من هذه الثروة الناضبة على نحو ما ورد بالمستندات المقدمة من المدعى بالإضافة إلى ما نطقت به الأوراق من سرعة متناهية وتعاصر مريب في إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وإنشاء شركة شرق البحر الأبيض المتوسط وهى شركة مساهمة قطاع خاص وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها ثم منحها - فور ذلك - دون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعي المصري الذي يتم تصديره في هذه الحالة إلى إسرائيل.
وأكدت المحكمة أن ما سلف ذكره يثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن العجيب وعن السرية والتكتم الشديد الذي فرضته الإدارة حول صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل والمترتبة على صدور القرار المطعون فيه وحجب تفاصيلها عن الشعب ونوابه وذلك ما يتعارض مع الشفافية التي بات أمرها مستقرا في ضمير الأمة والعالم المتحضر، ومع المسيرة الديمقراطية التي تشهدها البلاد ، كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها في تعاملات جهة الإدارة.
وسبق لهيئة قضايا الدولة وللمحامين المتدخلين انضمامنا في صف وزارة البترول - فى الجلسة الماضية - أن دفعوا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لكون المدعين غير ذي صفة، فضلا عن أن مجلس الدولة - حسبما قالوا - ليس من اختصاصاته بحسب القانون التدخل في أمور سيادة الدولة. .
وكان الدبلوماسي السابق السفير إبراهيم يسرى وعضو مجلس الشعب محمد أنور السادات وعدد من المواطنين منهم أسامة رشدي رئيس تحرير موقع إنقاذ مصر قد أقاموا دعوي قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة يطالبون فيها بوقف قرار وزير البترول بتصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل.
واستندوا في ذلك إلى عدة أسباب أولها أن الاتفاق الموقع بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار العالمية للغاز وأن مصر في حاجة إلى هذا الغاز بدلا من تصديره إلى إسرائيل وأخيراً أن إسرائيل لم تحترم تعهداتها مع الدول العربية وخاصة بعد الأحداث الأخيرة والتصعيد في الضفة الغربية وغزة.
وكان مقيمو الدعوى قد أشاروا في دعواهم إلى أن مصر وقعت اتفاقية تقضى بتصدير 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي لإسرائيل على مدار 15 سنة قابلة للتجديد بسعر منخفض للغاية لا يتجاوز دولارا وربع الدولار في حين أن قيمته السوقية تزيد على 9 دولارات، وذلك فى الوقت الذى قامت فيه الحكومة مؤخرا برفع أسعار المحروقات من بنزين وسولار في السوق المحلى.
واعتبر السفير إبراهيم يسرى أن قرار تصدير الغاز ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر لكونه يحدد سعر وكمية الغاز التى يتم تصديرها إلى إسرائيل ويمنع في نفس الوقت أى تغيير في هذه الأسعار لمدة 15 عاما، مشيرا إلى ان ذلك "يعوق التنمية الاقتصادية ويحرم البسطاء من المواطنين المصريين من الاستفادة بفروق الاسعار العالمية التى تصب فى مصلحتهم ".
وقال إن مصر تخسر 9 ملايين دولار يوميا جراء هذه الصفقة وان صفقة كهذه كان من الأجدر التعامل معها بعرضها أولا على مجلس الشعب لإبداء رأيه فيها بالموافقة أو الرفض على اعتبار ان الغاز المصري ملك للشعب وليس لشركة خاصة، خاصة وان المدة المقدرة للغاز بمصر فى حدود 17 سنة، بما يعنى ان صفقة كهذه فى حكم الاهدار للمال العام والثروة القومية.
وكان الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية قد أكد أن الحكومة لا تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل، وإنما يتم التصدير عن طريق شركات خاصة وينحصر دور الدولة في توصيل خطوط الأنابيب التي تمر بأراضي أكثر من دولة.
ورفض الوزير الإفصاح عن سعر بيع الغاز لإسرائيل وقال إن هذه الأسعار ليست 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بل تزيد عن أسعار بيع الغاز في السوق المحلي للمنازل والمصانع كثيفة استخدام الطاقة، ومن المقدر في نهاية عام 2009 أن تزيد التكلفة ولكنها لن تصل إلى 2.65 دولار، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأوضح أن عقود تصدير الغاز تتضمن بنودا لسرية المعلومات تسري طوال مدة سريان العقد ولا يتم الإفصاح عن البيانات إلا بموافقة الطرفين وهذا البند موجود في كل عقود تصدير الغاز.
وقال شهاب ان عقد بيع الغاز ليس اتفاقا بين دولتين او دولة وشركة وإنما اتفاق بين شركات مصرية لها شخصيتها الاعتبارية موضحا ان عقد البيع بين طرفين هما الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات وشركة استثمارية تعمل فى مجال تصدير الغاز وحصلت على كل الموافقات على نشاطها من وزارة الاستثمار.
يذكر أن تصدير الغاز لإسرائيل جاء بموجب اتفاق وقع في عام 2005 بين شركة الشرق الأوسط للغاز ومصر لتوريد 1.7 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي المصري لمدة 15 عاماً، بسعر لا يتعدي 7 سنتات للقدم المكعب.
وبدأ الضخ الفعلي للغاز المصري لإسرائيل عبر خط أنابيب الشرق الممتد من العريش إلي عسقلان بتكلفة 470 مليون دولار.
وأثار اتفاق تصديره إلي إسرائيل جدلاً واسعاً مصر، خاصة بعد أن كشفت بعض التقارير في تدني أسعار البيع مقارنة بالأسعار العالمية.
0 comments :
إرسال تعليق