أدار الحوار – محمود السقا وبسمة رمضان
“سبب إطلاق حزب الإصلاح والتنمية مبادرة (عودة آمنة للشباب المصريين من الخارج) هو قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنهاء حالة الطوارئ. ثم إطلاقه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”. هكذا عبر النائب السابق ورئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان -محمد أنور السادات- عن تفاؤله خلال استضافته في ندوة “الإصلاح السياسي وملف سجناء الرأي. التي نظمها موقع “مصر 360”.
وقال “السادات” إن هذه الإجراءات -مع إطلاق الحوار الوطني- بدعوة من رئيس الجمهورية كانت كفيلة باطمئنان أي شخص يمارس العمل الأهلي والسياسي ورفع درجات طموحه. وذلك للعمل على فتح صفحة جديدة من المشاركة المجتمعية بناء على ما طرحته الدولة. ولتمهيد الطريق لكل مصري يرغب في العودة إلى بلده. خاصة في ظل الإفراجات الكثيرة التي تصدر بقرارات عفو رئاسي عن المحبوسين في الداخل.
وأوضح السادات أنه مع استقرار الأمور واستعادة مؤسسات الدولة عملها بانتظام بعد سنوات العنف والفوضى شاهدنا تكوين لجنة العفو الرئاسي. والتي بذلت جهدا للإفراج عن سجناء الرأي. لذلك كان لا بد أن يكون هناك نظرة للمصريين بالخارج. وقد تناولت بعض الحالات الفردية منهم وعادوا بالفعل بعد التفاهم والتشاور مع النائب العام وأجهزة الأمن لأسباب إنسانية وصحية. لافتا إلى أن هذا المناخ يعتبر فرصة رائعة لإطلاق تلك المبادرة.
وقال السادات: “لم نقفز على دور أحد أو أن نلعب دورا لم يكن لنا. فجميع الأحزاب السياسية تقوم بوضع وتحديد رؤيتها وإعداد مقترحاتها حتى يتم طرحها على طاولة الحوار الوطني. والدعوة الأولى لمبادرة (عودة آمنة) كشفت أن هناك مصريين بالخارج لا يعلمون أي شيء عن السياسة ومع ذلك ممنوعون من نزول مصر”.
الجميع يريدون أن يشعروا بالأمان حينما يأتون للاطمئنان على أسرهم في بلدهم -بحسب السادات- وأنه لن يتم إلقاء القبض عليهم. فوعدناهم -والحديث لـ”السادات”- بفتح هذا الملف والعمل على حله. مؤكدا أنه “لم يتم التنسيق مع شخصيات مسئولة أو مؤسسات أمنية بالدولة بشأن هذه المبادرة”.
وقال “السادات”: “بخبرتي ومنذ الدعوة الأولى للمبادرة أشعر أن الدولة المصرية لا تمانع أبدا في فتح ذلك الملف إذا تم وضع معايير محددة له”. والدليل على ذلك أنه رغم الهجوم على المبادرة لم تكن الدولة منزعجة من هذا الطرح. لذلك قلت إن الدولة ترحب بهذه المبادرة. ولم أقل إن الدولة موافقة على هذه المبادرة. فقد قدمت الدولة عفوها عن محكومين. وأعتقد أن الأمر نفسه سيسري على المصريين في الخارج”.
وكشف أن “مجهوداته الشخصية أو بصفته الحزبية في ملف حقوق الإنسان توقفت تماما منذ إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي. فهذه الجهة صارت المعنية وحدها حاليا بحالات الإفراج عن المحبوسين. سواء بعفو رئاسي أو عن بعض الحالات الموجودة في النيابة العامة قيد التحقيق. لافتا إلى أن مبادرة “عودة آمنة” تستهدف أساسا أي شخص لم يصدر ضده حكم بسبب انضمامه لأي جماعة إرهابية. أو لم يثبت ضده اتهام بالتحريض على الدولة المصرية. لكن لدى بعض المصريين بالخارج تخوفات بسبب “الإشاعات” التي تتردد حول إلقاء القبض عليهم فور وصولهم إلى المطار بالقاهرة. وهذا ما جعلنا نكتشف أن المشكلة الحقيقية في عدم الثقة لدى الجميع والتأثر بالشائعات.
رسالة طمأنة للعودة
وأكد أنه لا بد أن تكون هناك رسالة إيجابية وطمأنة لكل الأشخاص المصريين الموجودين بالخارج. سواء من جهة تجديد جوازات سفرهم أو عدم المساس بأي من أفراد أسرهم. متمنيا وقف رفع قضايا إسقاط الجنسية ضد بعض المعارضين بالخارج. مبررا ذلك بأن هذا سلوك “لا يليق بدولة ديمقراطية”.
وقال “السادات” إن حزب الإصلاح والتنمية سيطرح مبادرة “عودة آمنة” على اللجنة المعنية بهذا الأمر في الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية. وأضاف أنه إذا كانت لجنة العفو الرئاسي لديها القدرة والاستعداد لتقوم بهذا الدور ستكون مشكورة جدا. وأتمنى أن يتولوا هذا الملف وتطويره لتحقيق الهدف المرجو منه بأن يكون المصريون جميعا آمنين في الداخل كما الخارج. لافتا إلى أن جميع أحزاب الحركة المدنية مؤيدة لهذه المبادرة.
وفيما يتعلق بانتقادات “بطء تحضيرات الحوار الوطني” قال السادات: “نسعى جاهدين لخلق حالة توافق العام على القضايا المُلحة. لكن مشكلة الحوار تكمن في تشعب عدد كبير جدا من اللجان. ما ترتب عليه التوافق منذ بداية اختيار مجلس الأمناء إلى اللجان واللجان الفرعية. وهذا تطلب وقتا كبيرا للتوافق على المرشحين سواء من قبل الدولة أو من قبل المعارضة. لكن بالفعل انتهت التحضيرات ومن المفترض أن تبدأ جلسات الحوار الوطني خلال أسبوعين. لافتا إلى مطالبته ببث جلسات الحوار على الهواء ليتابعها المصريون جميعا. لأن من حق الناس أن تشعر بأنها طرف وجزء من هذا الحوار.
ملف سجناء الرأي
وعن ملف الإفراج عن سجناء الرأي أكد أنه يجب صدور عفو عام عن كل المحبوسين في قضايا الرأي والتظاهر. لا أن يكون العفو على دفعات. وأضاف: “يجب أن تقتصر السجون على القضايا الجنائية. ونتمنى أن يحدث ذلك في القريب العاجل. لكن علينا أن نعطي القائمين على ملف سجناء الرأي حقهم في تقدير الموقف لكل حالة من حالات المحبوسين. فدورنا الآن يقتصر على تمني المزيد من الإفراجات”.
ورد السادات عن سؤال حول ما حققته استراتيجية حقوق الإنسان المصرية بأنه “لا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا. فالاستراتيجية لم يتعد عمرها عاما واحدا. ولم تحقق بالطبع مستهدفاتها. أو ما ورد في محاورها الأربعة. وما زال أمامها عمل طويل جدا. لكنني أتصور أن القائمين على تطبيقها وتنفيذ ما ورد في محاورها كانوا في مرحلة تجهيز خطط عمل. لذلك ننتظر خروج التقرير الخاص بحقوق الإنسان لنعلم ماذا تحقق خلال عام وما المعوقات والصعوبات”.
وعن ضمانات حماية مَن تم إطلاق سراحهم من الحبس الاحتياطي سواء من النشطاء أو غيرهم قال السادات: “سأتحدث عن تجربة عشتها لمدة عامين في بعض الحالات التي كنت شاهدا على خروجها من السجن. حيث كان الحديث واضحا جدا وهو أن بإمكان الشخص أن يمارس عمله بحرية تامة. سواء كان في الصحافة أو الإعلام أو نشاط سياسي أو حقوقي لكن دون تجاوز أو تشكيك في حق أحد دون دليل. لكن غير ذلك فهو حر في ممارسة دوره”.
ولفت “السادات” إلى إعادة القبض على شريف الروبي. وقال إنه وقت الإفراج عنه كان لا يعرف كيف سيعيش. وبالتالي من الممكن أن يترتب على ذلك بعض رد الفعل منه سواء بتصريح أو كتابة شيء عبر السوشيال ميديا. وربما يكون هذا قد استفز بعض السلطات. وكان يجب ألا يصل الأمر إلى حد إعادة القبض عليه مرة أخرى أو تقديمه إلى محاكمة. فلا بد أن يكون هناك قدر من التسامح والتفاهم للظروف النفسية التي مر بها المحبوسون. وهذا دور لجنة العفو الرئاسي ومن مسئولياتها إيجاد مثل هذه الضمانات. وأرى أن إعلان أعضاء باللجنة إعادة دمج وتأهيل المحبوسين احتياطيا وإعادتهم إلى أعمالهم إن أمكن أمر شديد الأهمية.
ضرورة الإصلاح التشريعي
ولفت “السادات” -خلال الندوة- إلى ضرورة إدخال بعض الإصلاحات التشريعية. كقانون الإجراءات الجنائية وما يتعلق بالحبس الاحتياطي. كما نحتاج إلى تشريع للحق في إتاحة المعلومات ومفوضية عدم التمييز. كذلك قانون الأحوال الشخصية الذي يحتاج إلى نظر بتمعن لأنه يهم الأسر المصرية.
وردا على التخوفات المثارة من أحزاب وأفراد من أن يتم إلقاء القبض عليهم بعد انتهاء الحوار الوطني قال السادات: “هذا تخوف يتردد كثيرا. لكنني أرى أن الدولة حينما أبدت الرغبة والنية في فتح المجال العام. ومناقشة قضايا سياسية واقتصادية حساسة. فلن تتراجع وتخرق الأمر بهذه البساطة. وعلينا أن ننتظر ما ستأتي به الأيام”.
وتابع: “نصدق الحوار الوطني إلى أن يثبت العكس. ونعيش الحالة. ونُعدّ أوراقنا على أنه حوار وطني جاد وسيسفر عن انفراجة سياسية”.
واختتم “السادات” بأنه إذا أرادت مصر أن تكون دولة ديمقراطية حديثة و”جمهورية جديدة” فقد آن الأوان لإعادة النظر في كثير من سياساتنا وقراراتنا. وأن يشعر المواطن أنه طرف أساسي يُستمع إليه. هذه فرصة ذهبية تأتينا عبر طرح فكرة الحوار الوطني ولعلها تكون بداية لحوار متواصل وليس وقتيا أو ظرفيا.