الثلاثاء, مارس 26, 2019
محمد أنور السادات
السادات في حوار مع “رأي اليوم”: المصريون بحاجة إلى من يحنو عليهم فعلا وهم في حالة ” استكانة” وينتمون لسيدنا ” أيوب” ..آن لنظام السيسي أن يأخذ زمام مبادرة للمصالحة الوطنية ومصر يجب أن تسع الجميع.. أرفض التعديلات الدستورية التي ستزيد من حالة الانقسام المجتمعي
صحيفة راى اليوم
قال النائب البرلماني البارز محمد أنور السادت رئيس حزب الإصلاح والتنمية إن مصر الآن في أشد الحاجة الى مصالحة وطنية، مشيرا الى أن البلد منقسمة، والمصريين في حالة من الخوف والرعب والاستكانة. واستبعد السادات ” ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات وسميه ” أن يشهد الشارع المصري حراكا ثوريا في المدى القريب، داعيا نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لأخذ زمام المبادرة لإجراء مصالحة وطنية تشمل الجميع بما فيهم الإسلاميون، مؤكدا أن مصر بسماحتها ورحابتها وحضارتها تسع الجميع . السادات قال إنه دفع ثمن مواقفه المستقلة راضيا مرضيا، مشيرا الى أنه مستريح البال، مطمئن الضمير. والى نص الحوار:
* بين حكومة تعدد الإنجازات، وإعلام يبيض الصفحات، وشعب يسقى المرارات، كيف ترى المشهد في مصر الآن ؟
المشهد في مصر الآن صعب لاسيما فيما يخص الدعوات لإصلاح سياسي حقيقي، وفيما يخص مشاركة المواطنين في السياسات التي تمس حياتهم ومستقبلهم، ومن يتابع ما طرح من تعديلات دستورية، الى الآن لا يوجد حوار حقيقي، ولا يوجد رأي ورأي آخر. المشهد صعب وطبعا لا أحد يحب أن تتعرض بلده لأي هزات أخرى . مصر لا تحتمل، التحديات كبيرة، لكن للأسف جزء من التحديات نحن نوجدها بأنفسنا، نتيجة لعدم سماع بعضنا بعضا. ولا يوجد ثقة ولا أي نوع من الحوارات الجدية للخروج من الأزمات التي نمر بها.
* أما من أفق ترسمه للخروج من النفق المظلم وللإصلاح ؟
أرى أن لدينا دستورا توافقنا عليه واستفتينا عليه، لو طبق كما ورد في مواده، سيفرق معنا كثيرا، لو سعينا الى توازن بين السلطات، وفصل بينها، سيعرف كل منا التزاماته، وحينا نستطيع أن نرى محاسبة شفافة ومساءلة حقيقية، ولكن هذا لا يحدث للأسف.
* كيف ترى الفرق بين تعديلات ألفين وسبعة وتعديلات ألفين وتسعة عشر؟
كل تعديلات أدخلت على الدستور تمت في ظروف مختلفة، وبأهداف مختلفة، في ألفين وسبعة كان الهدف منها تهيئة مناخ وإعداد لتوريث السلطة. أما الآن فالهدف هم إحكام السيطرة والتمديد لفترات وولاية الى ما لا نهاية، والتعديلان رفضتهما، في ألفين وسبعة كنت عضوا في البرلمان، والآن أيضا أعلنا رفضنا لها، لأنها ليست في مصلحة مصر، وستؤدي الى مزيد من الانقسام ومزيد من الخلافات. للأسف مصر منقسمة الآن، ولكن يد السلطة وأجهزتها وإعلامها هي الأقوى مهما عبرنا عن رأينا، لأن معهم كل الأدوات التي تساعدهم في تحقيق أهدافهم، خصوصا أن الشعب المصري الآن أصبح في حالة من الخوف والرعب، إضافة الى أن ظروف الحياة والمعيشة أصبحتضاغطة عليه، فلم تعد لديه الشهية تدفعه لاتخاذ مواقف حادة كما حدث في ألفين وأحد عشر وما تلاها، المصريون تعبوا، وفاض بهم الكيل، وابتعدوا عن السياسة وتواروا عن المشهد كله .
* كما تفضلت يوجد خوف، ويوجد أيضا غضب غير خاف، برأيك لأيهما الغلبة ؟!
في الوقت الحالي المناخ السائد أن المصريين لديهم استكانة، نعم يوجد غضب، لكن توجد استكانة أيضا، ولا أعتقد أننا سنشهد وقفات احتجاجية أو مظاهرات حاشدة.
* رأيك هذا كونته من خلال معايشة الناس أم من خلال ماذا ؟
طبعا من خلال معايشة الناس، والالتقاء بهم في جولات سواء في القاهرة أو المحافظات أو مع أهالي دائرتي الانتخابية . المصريون تعبوا كثيرا، وفقوا الآمل في التغيير الآن .
ربما يتغير الوضع بعد بضع سنوات، ولكن الآن لا أرى أي بوادر للاحتجاجات .
* كيف ترى خطورة رهان النظام على سياسة ” الحديد والنار ” ؟
النظام يلعب لعبة عن طريق أجهزة إعلامه وعن طريق أدواته الكثيرة، وهي إعطاء الناس انطباعا أن الاستقرار يتطلب اتخاذ إجراءات، لدواعي وجود مؤامرات على مصر، وإذا لم نتخذ تلك الإجرءات، سينتهي بنا الحال كما انتهت اليه دول كثير حولنا، وهذا الأمر هو ما يخيف الناس، لأن
المصري بطبيعته يميل الى الاستقرار، ويحب أن يعيش بسلام . أعتقد أنهم نجحوا في تصدير هذه الصورة، وبناء عليها، لا توجد أي معارضة حقيقية لأنه للأسف لديهم من وسائل المنع والمنح ما يساعدهم على تحقيق أهدافهم .
* وجهت من قبل نداء للسيسي بعنوان ” هل يفعلها الرئيس ؟ “، داعيا إياه لعدم الموافقة على التعديلات الدستورية، ما السيناريوهات التي تتوقعها في قادم الأيام ؟
عندما كتبت ” هل يفعلها الرئيس؟ “
كان هناك أكثر من مناسبة ومؤتمر في الداخل والخارج، وسبق للرئيس أن وعد بعدم الترشح لأكثر من المدة القانونية، وتصورت حينها أن الرئيس سيشكر كل من اقترح إجراء تعديلات دستورية لبقائه، وسيكتفي بمدتين فقط حسب نص الدستور، ويعطي القدوة للآخرين بالاكتفاء بالمدة القانونية، وربما يحدث هذا، وما زال الأمل يراودني، ولكن الواضح أنه لن يفعلها !
* قال الإمام علي ” لو كان الفقر رجلا لقتلته ” .. ماذا فعل الفقر بالمصريين طيلة عقود طويلة سابقة؟
الأغنياء الآن يعانون في مصر وليس الفقراء فقط، لكن المصريين لديهم نعمة وهي ” الصبر ” والتحمل والجلد، وهم شعب ينتمي لسيدنا أيوب،وهم حريصون على بلدهم ولديهم الأمل في أن يكون ثمة ضوء في نهاية النفق . ولكن الوضع لن يستمر طويلا، كل شيء له نهاية . ولكن الى متى يستطيعون تحمل هذا ؟ الله أعلم . والمصريون في رأيي يستحقون أن يشاركوا في تحديد الأولويات الخاصة بالمشروعات، وخطط الإصلاحات الاقتصادية، لأنهم أولى بمن يحنو عليهم، لا أن يضغط عليهم، ويوصلهم الى ظواهر وجرائم لم نشهدها من قبل في مصر من حالات اغتصاب، وقتل من أجل السرقة، وخطف وطلب فدية، وأم تقتل أولادها وأب يقتل أبناءه ! كل تلك الجرائم جاءت نتيجة ضغوط الحياة والمعيشة والفقر والجهل، ولابد من البحث لمعرفة ماذا حدث للمصريين .
* يتهم البعض الرئيس الراحل السادات بأن من عباءته خرجت الجماعات الاسلامية ؟
الرئيس السادات لما تولى السلطة بعد رحيل الرئيس عبد الناصر، كانت كل التيارات السياسية في غياهب السجون، إخوان، يسار، شيوعيين، إقطاعيين، الرجل كان مقدما على معركة تحرير الأرض، أفرج عن الجميع، وحارب بهم معركته، وأكرمه ربه وانتصر في 73، وأحب بعد ذلك إن يجري نوعا من المصالحة، وهذا ما أطالب به الآن، لابد من مصالحة بين كل طوائف الشعب، بما فيهم الإسلاميون، لأنهم يمثلون شريحة كبيرة في المجتمع، وواقع لا يمكن إنكاره . والسادات في آخر خطبه له اعترف و قال: أنا أخطأت، وكلهم زي بعض يقصد كل الجماعات الاسلامية. ويشفع للرئيس السادات أنه كان يحاول فتح صفحة جديدة مع كل المصريين لاسيما من تعرض لظلم شديد خلال فترة الستينيات . وكان يحاول أن يبني مصر بكل المصريين مع اختلاف توجهاتهم . الرجل كان يحاول أن يفتح صفحة جديدة لكل المصريين ليمارسوا حقوقهم، والتجربة أجهضت نتيجة لتصرفاتهم، إنما الآن في ألفين وتسعة عشر في أشد الحاجة الى المصالحة الوطنية مع كل التيارات بما فيها الاسلامية، ومصالحة مع الشباب، ولابد من لم الشمل.
* من يأخذ زمام المبادرة ؟
المفروض أن يكون هذا هو توجه الدولة، من خلال إعلامها ومن خلال وسائلها، ويساعدها في هذا المجتمع المصري كله بنقاباته وأحزابه والمجتمع المدني، لأنه في النهاية مصر للمصريين جميعا، مهما كان الخلاف السلمي بعيدا عن العنف، ولابد أن تتسع مصر لنا جميعا .
* نعلم أنك مهموم بقضة الديمقراطية والحريات، كيف ترى طريق الديكتاتورية في العالم العربي ؟ ألا يزال طويلا ؟
للأسف واضح في منطقتنا العربية وليس فقط في مصر، وهي رغم تحفظنا على أداء المؤسسات بها، فإنها أرحم كثيرا من غيرها، وكلنا يرى الممارسات والانتهاكات في البلاد الأخرى، وللأسف لايزال بيننا وبين الحرية أمد بعيد، ونحتاج الى الوعي، والى التعليم والفكر، ونحن أولى باللحاق بالركب الحضاري قبل أن يتدخل الآخرون في شؤوننا، ويفرضوا علينا أشياء، ولابد من الانتباه كعرب لما يحيق بنا من مخاطر . وآن لجامعة الدول العربية أن “تحس على دمها شوية ” ويكون لها دور لجمع العرب بدلا من فرقتهم حتى باتوا ” ملطشة للجميع ” !
* أستاذ أنور.. ما زلت من أولي بقية ينهون عن الفساد في الأرض ورفع راية المعارضة .. ألا تخشى الاعتقال ؟
من يمارس العمل العام لاسيما السياسي لابد أن يتوقع كل شيء، وفي النهاية أقول رأيي وأشارك في فاعليات داخل مصر وخارجها وفي إطار من الأدب وحسن الحوار، ولا أدعو الى عنف ولا أدعو الى أي نوع من الارهاب، والرزق على الله! ولا يوجد شيء مضمون الآن، وما عدش في عزيز! أي واحد عرضة الآن للإيقاف والمنع من السفر، ولكن الله هو الحارس، واحنا بنعمل اللي علينا وخلاص!
*هل دفعت ثمن مواقفك المستقلة ؟
بالتأكيد تعرضت لمواقف ما كانت لتحدث من واحد حريص على بلده، ويدعو الى التسامح والى الحوار ن والى وضع رؤية لعلاقاتنا الخارجية أو في الداخل مع المواطنين الذين ظُلموا، وفي النهاية أنا راض وعندي قناعة أن ضميري مرتاح، وفي كل الأحوال لن أكون أفضل ممن أناس كثيرين تعرضوا لأذى وهم مظلومون، والحمد لله على كل حال .
0 comments :
إرسال تعليق