المصرى اليوم
كتب: مينا غال
كشف محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، النائب البرلمانى السابق، أنه يدرس جدياً الترشح لانتخابات الرئاسة فى مصر 2018، بعد أن طالبه بذلك ممثلون عن الأحزاب والقوى الشبابية والفلاحين والعمال فى أعقاب خروجه من البرلمان، مؤكدًا أن ذلك حق دستورى لأى مواطن، فيما شدد على أن المواجهة مع شخص بحجم وشعبية الرئيس السيسى تحتاج للتفكير بجدية فى الأمر، لأن ترشحه ليس «منظرة أو من أجل الشهرة»، ولكنه يسعى لتحقيق نتيجة قوية.
وقال السادات فى حواره مع «المصرى اليوم»، إن هناك عددًا من الخبراء يعكفون حالياً على إعداد تصور لبرنامجه الانتخابى، وفى حال ما إذا قرر رسمياً خوض الانتخابات سيعلنه للرأى العام، وإذا لم يقرر سيقدمه لمن يرى فى نفسه الكفاءة لخوض تلك الانتخابات.
وأوضح أن الفترة الحالية تشهد حالة من سيادة «الصوت الواحد» وقيودًا على حركة القوى السياسية، مشيرًا إلى أهمية تنظيم الدور المدنى للقوات المسلحة والفصل بين السلطات وفتح مجال أوسع للإعلام لعرض مختلف وجهات النظر.
وانتقد أداء البرلمان الحالى، كاشفاً عن أنه تلقى رسائل تهنئة بخروجه من البرلمان، أكثر من التى تلقاها بفوزه فى الانتخابات، مشددًا على أن البرلمان الحالى خذل الشعب ولم يقم بدوره الذى خوّله له الدستور.. وإلى نص الحوار:
■ بداية ما حقيقة ما تردد عن اعتزامك الترشح للرئاسة المصرية 2018؟
- عقب خروجى من البرلمان زارنى وتوافد علىّ فى مكتبى أو فى قريتى فى ميت أبوالكوم، ممثلون لأحزاب وشباب وفلاحين وعمال، وجميعهم طالبونى بالتفكير جديا فى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وهو حق دستورى يسمح به القانون طالما تنطبق علىّ الشروط.. والتقيت مؤخرًا ممثلين عن القوى المدنية والسياسية وكان هناك نوع من التوافق على شخصين يخوضان الانتخابات، فالموضوع محل دراسة جدية ولكنه صعب، خصوصاً أن الرئيس السيسى مرشح متوقع، وهو قوى ويمتلك كل الأدوات التى تدعمه من الدولة وأجهزتها، وكى تكون مرشحاً جدياً يجب أن يكون لديك حملة ببرنامج بأطروحات قواعد شعبية داعمة، فالموضوع ليس نزهة أو منظرة ولا شهرة، فالأمر يحتاج لـ«شغل كبير ودراسة» حتى تكون قادرًا على تحقيق رقم كبير وليس للشهرة فقط، وحتى أستطيع الحصول على عدد أصوات يليق بتاريخى ومنافستى.
■ وما أبرز القوى السياسية التى التقيت بها ودعمتك؟
- التقيت العديد من القوى السياسية، منها ما هو يسارى وما هو ليبرالى، وممثلون عن بعض القوى الشبابية الفاعلة، والجميع ينظر للانتخابات على أنها مثل كل العالم، يتقدم لها من يجد فى نفسه الكفاءة والقدرة على أن يقدم نفسه للناس، وفى النهاية القرار للمواطنين.
■ ماذا ترى فى نفسك من إمكانيات تؤهلك لخوض منافسة قوية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- أنا لى تجارب وخبرة من خلال تمثيلى فى البرلمان لمدة 3 دورات، ومتواصل مع الناس وعشت تجارب كثيرة جدًا من خلال وجودى كرئيس حزب ونائب فى البرلمان، وأفهم جيدًا الظروف التى نعيشها، وكذلك الظروف الدولية التى تحيط بنا، وأيضاً من واقع تجربتى بالتواصل مع العالم الخارجى، أفهم كيف يفكر شركاؤنا فى الخارج، وفى النهاية يجب أن أكون واحدًا من الناس؛ عايشتهم وأعى احتياجاتهم، فالأمر ليس صدفة، ولكنه خبرة فى العمل السياسى والعام لمدة 15 عاماً، وبالتالى أرى أننى أستطيع أن أقدم خبراتى التى عايشتها لمدة 15 سنة، ما يؤهلنى لخوض المنافسة أمام الرئيس السيسى.
■ ألم تر أن خروجك من البرلمان سلاح ذو حدين قد يؤثر عليك بشكل سلبى، خصوصاً أن عددًا كبيرًا من المواطنين يستقون أخبارهم من وسائل إعلام محددة؟
- بالتأكيد هذه المسألة أضعها فى اعتبارى، ولكن كما قلت من قبل فى المجلس إنه لو كان هناك أى مخالفات ضدى، فأنا مستعد أن أحاسَب عنها بالقانون، ولكن جميعها أمور غير واقعية أو حقيقية، بدليل أن النيابة العامة حفظت الادعاءات التى تم الحديث بها عنى فى البرلمان، وحالياً ألتقى بالعديد من النواب فى مناسبات مختلفة وتجمعات فى الشارع، والكل يعلم ومتفهم لحقيقة خروجى من البرلمان، فللأسف وببساطة، حاولت أن أمارس دورى كنائب منتخب أقسمت على احترام الدستور والقانون وأقسمت أن أحترم آمال وطموحات ورغبات الناس، وللأسف لم أُمكّن، وهذا هو واقع البرلمان حالياً، وكأن لسان حال البعض يقول: «أنت صدقت إنك نائب وتمارس دورك كما تصورت»، وأنا بالطبع لم أقبل ذلك على نفسى وأن أكون نائبا صورياً؛ فإما أنا أكون نائبا حقيقيا وإما أن أكون كما يرى الناس البرلمان حالياً بأنه «غير مؤثر ولا وجود له»، وهذا واضح وتستطيع أن تستفتى الشعب المصرى على رؤيته ونظرته للبرلمان وتقديره له.
■ فى حال ترشحك للرئاسة.. من أين ستبدأ التحرك؟
- بالتأكيد من الشارع، فالتواصل مع الشارع ليس غريباً علىّ، لأننى سبق أن تواصلت مع الشعب ولكن على مستوى أصغر، فالفكرة واحدة، وهى لابد أن تتواجد وأن تعقد لقاءات فى كافة المحافظات مع كل قادة المجتمع من قيادات وشباب ونماذج للمرأة من خلال لقاءات شعبية أو رسائل نرسلها عبر وسائل الإعلام- لو كان ذلك متاحاً- وعن طريق بعض المؤيدين الذين من المفترض أن يدعموك ويقومون بالدعاية لك فى الانتخابات، فكما قلت لى داعمون فى محافظات مختلفة، ودائما ما تصلنى دعوات للمشاركة فى العديد من الفعاليات بالمحافظات المختلفة، وهذه مسألة ليست غريبة علىّ، وسأكرر ذلك على نطاق أوسع إذا ما قررت الترشح للرئاسة.
■ ما أبرز السلبيات التى تراها حالياً والتى دفعتك للتفكير فى الترشح ضد الرئيس السيسى؟
- لا أحد يمكن أن ينكر أن الرئيس السيسى مخلص ووطنى ويجتهد فى ظل ظروف وتحديات صعبة، فأنا دائما ضد بعض القوى السياسية التى تتجاوز وتلقى بالاتهامات وعدم الوطنية وغيرها، وهذا الكلام غير مقبول بالنسبة لى ولا أقبله على نفسى ولا أحد.
ولكن أرى من خلال الفترة الماضية، أن هناك قيودًا على حركة القوى السياسية والحزبية، وأنه لا يوجد مساحة من النقاش أو الحراك، وهى مسألة أصبح الجميع يعانى منها ولابد من فتح نقاش وحوار مع الآخرين وأن يعطى الرئيس الفرصة لسماع رأى ممثلى البرلمان والمجتمع وغيرهم من المهتمين بقضايا الوطن فى كل ما هو خاص بمشروعات قومية، فيجب أن نحدد أولوياتنا وأن نعرف ما نحتاجه اليوم وغدًا.. ولابد أيضاً أن تكون هناك رؤية لوضع الاستدانة بحيث يتم الاتفاق على المبالغ التى نحتاجها، وتوضيحها، والتى وصلت لأرقام كبيرة سواء القروض الداخلية أو الخارجية.. وفضلاً عن ذلك، دور القوات المسلحة التى هى محل احترام وتقدير من الجميع، ولكن دورها فى المشاركة فى الحياة المدنية والاجتماعية لابد أن يُنظم وأن يكون هناك نوع من إعطاء الفرصة المتساوية للجميع؛ قطاع خاص أو غيره، وأن تكون هناك منافسة حقيقية، مع ضرورة وجود نوع من المحاسبة والمراقبة للعديد من الأنشطة التى أصبحت محل حديث كثيرين فى مصر، وأنا أقدر المشاركة والجهد المبذول، ولكن لابد أن يكون هناك نوع من المتابعة والرقابة والحساب- إذا كانت هناك أخطاء- وألا تُترك الأمور لكل مؤسسة.. فيجب أن يشعر المصريون بأن هناك فصلاً بين السلطات؛ فما يراه المصريون – وأنا منهم- أن السلطة فى مصر هى رئيس وقوات مسلحة، وما دون ذلك فلا قيمة له، ومن ثم يجب أن يكون هناك فصل بين السلطات وتوزيع لمهامها وهى السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، وكذلك سلطة الإعلام والصحافة التى أصبحت محور تأثير كبير على الناس.
■ وكيف ترى وضع سلطة الصحافة والإعلام حالياً؟
- أغلب وسائل الإعلام أصبحت موجهة ونحن نعلم ذلك، وهو الأمر الذى أثار حالة من التشويش على الناس، فضلاً عن أنها تتبنى أحيانا مواقف غير حقيقية وتؤذى ولا تفيد، وهذا الأمر يحتاج لوقفة حتى نرى إعلاما هادفاً وبرامج تساعد على المعرفة والتسامح بما يخلق ثقة الشعب فى الإعلام من جديد، أما الرأى الواحد فلن يفيدنا إطلاقاً، ونغمة «لتصمت جميع الأصوات ولا حديث عن حقوق أو حريات، لأننا نواجه إرهاباً»، فهذا كلام يجب أن نتوقف عنه، فنحن نحارب الإرهاب وكلنا داعمون للدولة فى حربها ضد الإرهاب، ولكن هذا لا يجب أن يكون على حساب حقوق الناس وكرامتهم ومعيشتهم وحياتهم التى أصبحت صعبة، فلا نريد شماعات نعلق عليها أخطاء أو تجاوزات تقع فى حق أى مواطن.
■ إذن.. ألا تعتقد أن الحرب على الإرهاب فى الوقت الحالى تستلزم وجود رئيس ذى خلفية عسكرية لديه من الإمكانيات ما يؤهله لذلك؟
- العالم كله يحارب الإرهاب وليست مصر فقط، فليس معنى ذلك أن كل دولة تواجه الإرهاب تأتى برئيس ذى خلفية عسكرية؛ فهذا كلام غير حقيقى، لأن الدولة يجب أن تكون دولة مؤسسات، فالرئيس يقود ويدير، بينما المؤسسات تعمل؛ كلٌّ فى مجاله، سواء جيش أو شرطة أو قضاء أو إعلام أو غيرها، فلابد أن نكون حريصين على بناء المؤسسات بناءً صحياً ومحترماً حتى تمارس جميعها دورها؛ سواء كان الرئيس موجودًا اليوم أو غيره، فلا تقف الدولة على شخص، ولكن على مؤسسات يقوم كل منها بدوره و«يشيل مسؤوليته»، لأنها هى التى تعمل والرئيس يدير، ومطلوب بالطبع أن يتمتع الرئيس بالحنكة والثقافة وحسن الإدارة، ولكن ليس بالضرورة أن يكون ذا خلفية عسكرية، وإذا كان ذلك موجودًا فى فترة صعبة مرت بها مصر، فليس من المقبول أن نكمّل بنفس الوضع دائماً.
■ كيف ترى تعامل الدولة مع الأزمة الاقتصادية بدءًا من تحرير سعر الصرف ورفع الأسعار بشكل متتابع؟
- أنا لست خبيرًا اقتصادياً، ولكن من خلال رأى الخبراء، فإن عملية الإصلاح الاقتصادى كانت مسألة حتمية ولا خلاف عليها، خصوصاً أن كل مواردنا تكاد تكون تقلصت جدًا؛ السياحة والتصدير والإنتاج تضاءلت بشكل كبير، فكان لابد أن ندخل فى تلك الإصلاحات وأن نتعامل مع الأسعار وتعويم الجنيه، الذى كانت آثاره صعبة جدًا على المواطنين، بشكل كان يحتاج أن نخفف عليهم من خلال تحسين مواردهم وأجورهم؛ سواء للعاملين بالدولة أو أصحاب المعاشات، فلابد من حزم اجتماعية وحماية اجتماعية وليس فقط ما يطلق عليه «معاش تكافل وكرامة» أو محاولة توفير بعض السلع بأسعار مخفضة، فهذه كلها أمور مفيدة، ولكن الدولة تستطيع أن ترشد الإنفاق بشكل كبير، وأن تحصّل ضرائب على بعض رجال الأعمال الذين تسمح ظروفهم المالية بمشاركة أكبر لدعم الدولة، لتخفيف العبء عن محدودى الدخل.. وللأمانة لدينا خبراء عمليون- وليسوا نظريين- نستطيع من خلال الاستماع إليهم أن نحسّن ونطور المنظومة القائمة حالياً بشكل لا يضر، ومن الجيد أننا اقتحمناه بقرارات جريئة، ولكن الشعب يكاد يكون قادرًا على المعيشة وهو ما يحتاج منا اهتماماً لن يتحقق إلا بتوفير البدائل التى تخفف عنهم ذلك مثل قانون تأمين صحى يشمل كل المصريين، وتعليم مجانى حقيقى، ووسيلة نقل قادرة على مجابهة أسعار البنزين والسولار بما يخفف عن المواطن وطأة عدم امتلاكه سيارة.
■ فى حال ترشحت للرئاسة.. ما أبرز ملامح برنامجك الانتخابى؟
- ليس هناك برنامج جاهز أستطيع الإفصاح عنه، ولكن هناك مجموعة خبراء مارسوا العمل السياسى والعام، لن أفصح عن أسمائهم حاليًا، ولكنهم يعكفون حالياً على وضع برنامج وخطة عمل للسنة الأولى والثلاث سنوات التى تليها، ورسالة للشعب.. طبعا فى حال ما إذا كان هناك قرار نهائى بالترشح سأعلن عنه وسيكون متاحاً للجميع، وفى حال عدم الترشح لأسباب أراها متمثلة فى عدم تكافؤ الفرص، سأقدم هذا المشروع لمرشح تكون ظروفه أفضل منى، بمن فيهم الرئيس السيسى نفسه، فالأهم مصر، ولا مشكلة من أن تكون حصيلة الرؤى والأفكار فى متناول الأقرب لرئاسة مصر، ليأخذ بها أو لا كما يرغب، فهذا قراره.
■ كيف ترى المنافسة مع الرئيس السيسى خاصة أنك تؤكد أنها شبه محسومة؟
- طبعاً، المسألة ليست سهلة، فالرئيس ما زال فى السلطة ولديه كل الدعم من أجهزة الدولة، وبالتالى المسألة ليست سهلة، ولكن ليس معنى ذلك ألا توجد منافسة أو يوجد مرشحون، بل تكون منافسة نزيهة تتمتع بحيادية وأيضاً تحكم العملية الانتخابية فرص متساوية للجميع، وهى أقل ضمانة يجب أن تكون موجودة، سواء رقابة محلية من المنظمات أو جمعيات معتمدة مؤهلة، وأيضاً رقابة دولية، فليس لدينا ما نخبئه.
■ فى حال تقديم الضمانات التى تضمن نزاهة الانتخابات.. هل ستترشح للرئاسة؟
- لا، فالقضية بالنسبة لى ليست فى ضمانات متعلقة بمفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات ونزاهتها، ولكن فى وجود توافق مجتمعى أشعر به من خلال بعض ممن التقيت بهم وتحدثوا معى، والذين يوجد بعضهم ما زال يشاور قواعده، وليس بالضرورة أكون أنا، فمن الممكن أن يكون شخصاً آخر، فالأهم المبدأ، وأن نوعّى الناس بأنه ليس عيباً أن يترشح أحد أمام الرئيس الموجود، لأن تلك هى الديمقراطية، فلا بأس من خلق حالة حراك فى المجتمع وأن يكون هناك نقاش، حتى إذا ما فاز الرئيس يأخذ برؤى المرشحين الآخرين وهذا ليس عيباً ولكنه فى مصلحة مصر.
■ ننتقل إلى البرلمان.. بعد انتهاء دور الانعقاد الثانى.. كيف تقيّم أداء البرلمان حتى الآن؟
- ببساطة، أنا صدمت فى إدارة البرلمان وأدائه منذ اليوم الأول، فلم أكن أتصور أن برلمانا بعد دستور 2014 بهذه الصلاحيات وتلك الاختصاصات، يكون حاله كما عايشته وأحمد الله أننى خارج البرلمان، وللعلم فإننى تلقيت عددًا من التهانى والمباركات عقب خروجى من البرلمان كانت أكثر ممن هنأونى بعد نجاحى فى البرلمان، فأنا انتخبت لأمارس دورى كما توقع منى الناخبون والناس الذين أمثلهم، ولم أُمكن منذ اليوم الأول سواء وأنا نائب أو رئيس للجنة حقوق الإنسان، من اتخاذ أى موقف أو أن يكون لى صوت داخل البرلمان، وهذا أمر بالنسبة لى كان مرفوضاً، بسبب محاولات إسكاتى، فببساطة لا تتوقع ولا تنتظر أى موقف أو أى شىء من هذا البرلمان. وأعتقد أنه ليس حكمى الشخصى، ولكنه حكم الناس نفسها وتقييمها له.
■ هل تعتقد أنه لا يرقى لطموحات الشعب؟
- بالتأكيد، لأن الناس كانت لديها آمال وطموحات كبيرة، ولكن البرلمان الحالى خذل الناس وجعلها فى صدمة.
■ كيف ترى البرلمان باعتباره الأكثر معاقبة لنوابه فى التاريخ سواء بالفصل أو الإحالة للقيم أو التجميد أو التهديد؟
- هذا الأمر من مساوئ إدارة البرلمان، فمسألة الإفراط فى التهديد والوعيد للنواب أو إسكاتهم وعدم تمكينهم من إثارة موضوعات أو مناقشة أى من أفراد الحكومة، يؤكد أن البرلمان يُنظر إليه كمؤسسة – طبقاً للدستور- تم انتخابها ولكنها لا حول لها ولا قوة لممارسة صلاحياتها.. وللأسف بعض النواب حديثى العمل السياسى يظنون أنهم يفعلون المعجزات، وأن البرلمان أعظم برلمان، والحقيقة أنا مندهش من طريقة تفكير هؤلاء الناس، وعلى أى أساس يقولون هذا الكلام وأعرف نواباً يبكون لعدم قدرتهم على ممارسة دورهم أو أن تُسمع أصواتهم، وبعضهم أصبح حريصاً على عدم حضور الجلسات لأنها بلا فائدة.
■ وماذا عن موقفه من اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية المعروفة بـ«تيران وصنافير»؟
- طبعاً موقف أغلب الشعب المصرى كان له رأى وأنا منهم، وهو أنه ما كان يجب للحكومة أن تحيل الاتفاقيات للبرلمان من الأساس لأن هناك حكما قضائياً واضحاً ومحدداً، وما كان يجب للبرلمان أن يتصدى لتلك الاتفاقية ويقرها بهذه السرعة وبالطريقة التى أثارت غضب العديد من المواطنين بهذه الطريقة، فأندهش من سعى البرلمان واجتهاده لإثبات سعودية الجزيرتين، وأيضاً قيام بعض النواب بطباعة كتب لإثبات لماذا تيران وصنافير سعوديتان.. والبرلمان – إذا كان فى مأزق كبير- كان يمكن أن يطرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبى.. ولكن أرى بذلك أن البرلمان يتنازل عن اختصاصات وصلاحيات كثيرة جدًا.
■ كيف ترى القانون الجديد للجمعيات الأهلية؟
- قانون الجمعيات الأهلية – وفقاً لرأى كل الجمعيات المحلية والدولية ووزارة التضامن- أسوأ قانون للجمعيات وأسوأ من الحالى، فالوزارة صدمت من هذا القانون، لأنه لم يؤخذ رأيها فيه، واعتقدنا أنه سيتم تأجيل التصديق عليه من الرئيس السيسى لحين تعديله، إنما تم تمريره، وهو بصورته الحالية لن يساعد المجتمع المدنى والأهلى الذى يقع على كاهله مسؤولية كبيرة فى مساعدة الدولة لإنجاز مشروعات كثيرة، لكن القانون صُدق عليه ويجب أن يُحترم، وسنتعامل معه بالشروط الموجودة.. فلا يوجد أحد عاقل ضد الأمن القومى للبلد والحفاظ على استقرار الدولة، وإنما ليس بفرض موانع أو قيود، بينما ننظم كى نشجع العمل الأهلى والتطوعى وأن نشجع الناس على ثقافة التبرع طالما تتم تحت أعين الدولة وبموافقتها، أما شلّ حركة المجتمع المدنى فليس فى صالح البلد الذى يعانى مشاكل كبيرة جدًا، بالأخص فى القرى والريف الذى يوجد به جمعيات تحل محل الدولة هناك.
■ بصفتك كنت رئيس لجنة حقوق الإنسان فى البرلمان.. كيف ترى حالة حقوق الإنسان فى مصر فى الوقت الحالى؟
- حالة حقوق الإنسان فى مصر من خلال معايشتى- وما زلت أتلقى كثيرًا من الاستغاثات- تحتاج لوقفة ومراجعة حقيقية للحفاظ على كرامة المواطن وانتمائه لهذا البلد، فهذا ليس متعلقاً بالحقوق والحريات السياسية فقط، ولكن فيما يخص الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، كالسكن والتعليم والصحة، وكلها أمور تحتاج لوقفات جدية، فالناس فى حاجة لمن يشعر بهم وباستغاثتهم، وأيضاً ما هو متعلق ببعض الأحداث الطائفية، التى للأسف، لسنا قادرين على اتخاذ موقف جذرى تجاهها من خلال الانتهاء من القوانين المتعلقة بالتمييز والمواطنة والمساواة، وانتهاءً بكل ما هو مرتبط بالصلح العرفى والأمور الخارجة عن القانون، وأن يكون هناك تطبيق حقيقى للقانون ومحاسبة المتجاوز.
■ ما تقييمك للموقف العربى بالمقاطعة مع قطر واتهامها بدعم الإرهاب؟
- أرى أنه لابد من الحذر وعدم التصعيد، فجميعنا لديه تحفظات كبيرة جدًا على أسلوب الأسرة الحاكمة فى قطر، واحتضان بعض المطلوبين للمحاكمات فى مصر من الإرهابيين، لكن فى النهاية أرى أن منطقة الخليج العربى تتعرض الآن إلى عملية انتهازية يجب أن نكون حذرين منها، لأنها من الممكن أن تعرّض منطقة الخليج لمواجهات مباشرة، نتيجة دخول الأتراك والإيرانيين فى قلبها، حتى لا يتم جرجرتنا لمشكلات كبرى تستنزفنا جميعاً.