منظمات المجتمع المدني ترفض قانون الجمعيات الأهلية المقترح من الحكومة

المصرية نيوز

أعلن ممثلو المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان عن رفضهم جملة وتفصيلاً مشروع قانون الجمعيات الأهلية والذي طرحته الحكومة المصرية نظراً لكونه لا يحقق المتطلبات الأساسية لتحرير العمل الأهلي في مصر، جاء ذلك في ختام فعاليات المؤتمر الصحفي، الذي عقد في المنظمة المصرية اليوم الأحد الموافق 22 يناير لعام 2011.

ومن جانبه أكد أ. حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن منظمات المجتمع المدني جزء من المجتمع المصري، فقد عمدت على مدي العقود الماضية على ترسيخ واحترام مبادئ حقوق الإنسان على كافة المستويات، ولهذا فعلي البرلمان المشكل حاليا دعم مشروع تحرير العمل الأهلي، لا سيما أننا قد عانينا من قانون المؤسسات لعام 1964 وحتى الآن.

وأشار أ. محمد أنور السادات عضو مجلس الشعب ورئيس حزب الإصلاح والتنمية على أن قانون الجمعيات الأهلية الذي طرحته الحكومة مرفوض جملة وتفصيلاً من قبل الجمعيات الأهلية، موضحا أن الحكومة المصرية يجب أن ترفع يدها عن المجتمع المدني إذا كنا نريد نهضة حقيقية، ولنترك أصحاب الشأن الحق في اختيار قانونهم الذي يناسبهم ويضمن في الوقت ذاته حرية العمل الأهلي. وأكد السادات أن الزمن قد تغير، فالمجتمع المدني بكل شرائحه أصبح له دور كبير ولهذا سنقف ضد مشروع القانون الحالي بكل قوة، وسنطرح مشروع بديل لمجلس الشعب يعمد على ترسيخ دور المجتمع المدني في الحياة السياسية ويغير ثقافة التشكيك ضد أحد القوي الأساسية في الحياة السياسية المصرية، فنحن نريد تغيير المفاهيم في مصر الجديدة.

ومن جانبه أشار د. عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو مجلس الشعب أن منظمات المجتمع المدني لعبت دوراً هاماً خلال القرن الماضي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ولهذا فعلي الأطراف الأخرى أن تقف معها الآن في هذه المحنة، فهي التي وقفت بجوار معظم القوي السياسية في السابق. وشدد جاد على دور هذه المنظمات في دعم التطور السياسي، وقد تحملت هذه المنظمات كل الصعاب في ظل النظام السابق، حيث تعمد نظام مبارك تشويه هذه المؤسسات وتوجيه الاتهامات لها وتشويه رموزها، وبالتالي يجب إفساح المجال لها ممارسة دورها في الدفاع عن القضايا.

وأكد أ. أحمد فوزي الأمين العام لجمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية أن مجلس الوزراء والمجلس العسكري مصممين على وضع قانون جديد للجمعيات، علما بأن مجلس الشعب سيكون له الدور المنوط به التشريع. وشدد فوزي على الدور الذي لعبته المنظمات في كشف ممارسات النظام السابق لا سيما ما قام به من تزوير الانتخابات البرلمانية لعام 2010 لصالح أعضاء الحزب الوطني، ولهذا فقيادات هذا الحزب المنحل مازالت تتربص بالمنظمات، وبالتالي فالمستهدف ليس الجمعيات الأهلية ككل ولكن منظمات المجتمع المدني الحقوقية التي فضحت ممارسات النظام السابق. وكانت المنظمة قد عقدت يوم الخميس الماضي الموافق 19 يناير لعام 2011 اجتماعاً للجنة الاستشارية المكونة من بعض أعضاء المجتمع المدني وقانونيين وأعضاء أحزاب سياسية، والذين أعربوا عن دهشتهم من الهجمة التي استهدفت منظمات المجتمع المدني في الفترة الأخيرة، رغم أنه من المفترض أن الجمعيات الأهلية كان يجب أن تشهد تحرراً مثلما حدث في الأحزاب السياسية والنقابات المهنية إلى حد ما، لكن للأسف ظلت الجمعيات بعيدة كل البعد عن أي محاولة لتحريرها بعد الثورة مثلما حدث مع الجمعيات الأهلية في تونس والتي شهدت نوعاً من التحرر عقب نجاح ثورتها.

وقد أكد المشاركون أن القانون الجديد يتعامل مع الجمعيات وكأنها إدارات محلية تابعة للشئون الاجتماعية، فالقانون المقترح قد زاد من الأعضاء المؤسسين للجمعية بأن تكون عشرين عضواً بدلاً من عشرة أعضاء فقط كما كان مقرراً في القانون القديم مما يعنى زيادة أعباء جديدة وضرورة اكتمال هذا العدد لإنشاء جمعية مما يخلق لبعض المجموعات ذات العدد الأصغر التي لن تقدر على تجميع عشرين عضواً لإنشاء جمعية أهلية، كما أن المادة الرابعة في الفقرة (ط ) نصت على أنه في حالة انقضاء الجمعية لأي سبب ألا تؤول أموالها ألا لصندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو أحدى الجمعيات أو المؤسسات الأهلية التي تعمل في ذات ميدان عمل الجمعية قد يدفع الجمعية مضطرة أن توافق على أن تؤول أموالها لأي جمعيه قد لا تكون متفقه معها في النهج لسبب أنها متفقه معها في الغرض فقط وهذا اشتراط لا مبرر له نهائيا، كما نصت المادة الخامسة أمراً في غاية الغرابة ألا وهو أن إنشاء الجمعية يجب أن يتطلب قيد ملخص النظام الأساسي للجمعية ويقدم إلى الاتحاد الإقليمي المنشأ وفقا لأحكام هذا القانون بعد أن كان هذا الطلب يقدم للجهة الإدارية مباشرة في القانون القديم مما يؤدي هذا الأمر إلى مزيد من العراقيل والعقبات في مراحل إنشاء الجمعية، حيث أنه بعد استلام الاتحاد لهذه الأوراق من الشخص المسئول والتأكد من استيفاءه للمستندات المطلوبة يثبت تاريخ تقديم الطلب على صورة منه تسلم لطالب القيد في سجل لديه ثم يخطر الاتحاد الإقليمي الجهة الإدارية في مدة أقصاها أسبوعين بالمستندات مستوفاة للحصول على موافقتها. وانتقد المشاركون أيضا المادة التاسعة والتي قصرت عمل الجمعيات وأغراضها في ميادين الرعاية الاجتماعية والتنمية وتنوير المجتمع، فأصبحت بذلك العديد من الميادين الحقوقية المستندة للاتفاقيات الدولية والعهد الدولي لحقوق الإنسان أو غيرها من الأنشطة الأخرى محظورة على تلك الجمعيات كنشاط حقوق الإنسان بوجه العموم، حيث منع القانون عمل الجمعيات بأكثر من مجال إلا بموافقة الجهة الإدارية.

وكذا المادة الثامنة عشر والتي أباحت للجمعيات أن تستثمر فائض إيراداتها على نحو يضمن لها الحصول على مورد مالي لدعم أنشطتها أو أن تعيد توظيفها في مشروعاتها الإنتاجية والخدمية لدعم مركزها المالي، وهذا ما نصت عليه المادة 9 من القانون بأنه لا يعد إتباع الضوابط التجارية لتحقيق ناتج يساهم في تحقيق أغراض الجمعية نشاطا مخالفا وهاتين المادتين قد يكونا سببا في حل الجمعية إذا ما اعتبرت بعض الأنشطة التجارية التي تقوم بها كشكل من أشكال المضاربات المالية المحظورة قانونا فهذا الأمر يجب أن يحدد تحديدا كافيا حتى لا يكون ذريعة أو حجة في حل الجمعية. وكذا انتقد المشاركون رفع سقف المال المخصص لإنشاء المؤسسة لتحقيق أغراضها من 10 ألاف جنيه إلى مبلغ 100 ألف جنيه في المادة 47 مما يشكل عبئا ماليا كبيراً قد يكون سببا لإنشاء الجمعيات فقط دون المؤسسات مما يزيد القيود على العمل الأهلي وليس التسهيل والتبسيط. وجدد المشاركون تأكيدهم على أن العديد من مواد مشروع القانون المقترح محتاجه لتفسير قبل إصدار اللائحة التنفيذية حتى لا يتم الموافقة عليها ثم نفاجأ بإجراءات معقدة في اللائحة من أجل تطبيق تلك المواد وتحقيقها، فضلا عن اشتراطه إخطار الجهة الإدارية بأي نشاط أو إجراء تقوم به الجمعية كما هو متبع في القانون القديم اشترط أيضا أنه يتعين عليها أن تخطر الجهة الإدارية والاتحاد الإقليمي معا مما يزيد العبء ولا يخفف على الجمعية، كما أن المادة الرابعة استحدثت بعض العقوبات والتي جاءت بشكل مبهم مثلما نصت على أن يعاقب بغرامه لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن خمسة ألاف جنيه كل عضو بمجلس إدارة جمعية أو مؤسسة أو اتحاد تسبب بوصفه عضوا بالمجلس في وقوع مخالفات أدت إلى عزل المجلس أو حل الجمعية وفقا لأحكام القانون، مما سيؤدي في مجمله إلى إحجام الأفراد في الانضمام إلى أي جمعية خوفا من هذه العقوبة وفي نهاية الاجتماع؛ أجمع المشاركون على ضرورة التشبيك بين كافة التحالفات التي تكونت لتحرير العمل الأهلي، وتكوين رؤية موحدة للعمل الأهلي في المرحلة المقبلة، وصياغة مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية موازي للطرح الحكومي، وأن يتم التشبيك مع الأحزاب والقوي السياسية المختلفة لخلق إجماع أمام الرأي العام المصري من أجل الترويج لهذا القانون، فضلا عن تكوين تحالف لطرحه على البرلمان في دورته المقبلة في مواجهة المشروع الحكومي، وشن حملة دعائية على الصعيد المجتمعي لتوعية المواطنين بأهمية دور المجتمع المدني والجمعيات الأهلية.

0 comments :

إرسال تعليق