المؤتمر الأمني ببلغراد - حديث مع السيد محمد أنور عصمت السادات

راديو صربيا


في هذه الأيام يَنعَقد في بلغراد مؤتمر الأمن البلغرادي الذي يشارك فيه عدد كبير من الوفود من مختلف أنحاء العالم. شارك في هذا المؤتمر عدد من الشخصيات الرائدة من العالم العربي، ومن بينهم السيد محمد أنور السادات من جمهورية مصر العربية. وقد أتيحت الفرصة لصحفية إذاعة صربيا الدولية، ساندرا بيكيتش بالتحادث مع السيد السادات.

وبعد الترحيب بحضور السيد السادات توجَّهت صحفيتنا بسؤال عن الخطوات التالية فيما يخص مستقبل مصر؟

فأجاب قائلا:
 طبعا، بعد ثورة الـ 25 من يناير، وخطوات الإصلاح التي تمت وما تلاه من الإعلان الدستوري الذي ثم الاستفتاء عليه، بدأت مصر مرحلة جديدة التي من المفروض أن تُتوج بالانتخابات البرلمانية القادمة، المنتظر أن تتم في منتصف نوفمبر، ويليها بعد ذلك إعداد دستور جديد ثم انتخابات رئاسة الجمهورية المتوقع أن تكون في يونيو 2012. كل هذه خطوات تقوم بها مصر حاليا مع محاكمات لرؤوس النظام السابق وهي محاكمات لها كل ضمانات المحاكمات العادلة وأيضا تطهير وزارة الداخلية والشرطة المصرية من كل العناصر التي تجاوزت أو التي أفسدت، وفي الوقت نفسه تم حل الحزب الحاكم - الحزب الوطني، الذي كان يحكم مصر على مدى سنين طويلة.
هناك خطوات كثيرة تتم الآن بالإضافة إلى قانون جديد لاستقلال للسلطة القضائية المنتظر إقراره في خلال الأسابيع القادمة، كل ذلك يتم عمله.

 طبعا هناك بعض مطالب فئوية تتعلق بتحسين الأحوال المعيشية والرواتب والراعية الصحية وغيرها من احتياجات ومشاكل الناس نأمل إن تكون على مدى الفترة القادمة أن تكون هناك فرصة لحل هذه الأمور وإحساس الناس بأن الثورة جاءت لتحسين ظروفهم وظروفهم المعيشية وأيضا تحسين أحوال الحقوق المدنية والحقوق السياسية. بالطبع هي مسألة طبيعية أن يحتاج الأمر إلى وقت، يعني لا يوجد إصلاح يتم في يوم وليلة إنما على الأقل هناك خطوات جادة هناك إرادة شعبية وإرادة سياسية. المجلس العسكري الذي يحكم الآن وعد والتزم أمام العالم والشعب المصري أنه يسلم السلطة في خلال الـ 6 شهور القادمة وأعتقد أنهم سيوفون بوعدهم وتعود الحياة النيابية والسياسية لوضعهما الطبيعي.

وعلى سؤال عمّا يعنيه الربيع العربي الذي تسبب في التغيرات في شمال إفريقيا، بالنسبة للأمن والاستقرار العالمي؟

رد محدثنا قائلا، ليس هناك من شك في أن ما يحدث الآن منطقة العربية: في تونس ومصر وليبيا وأيضا سوريا واليمن، كل هذه الأمور، تعبر عن الاحتقان الشعبي وأيضا الغضب الشعبي من الحكام الذي مكثوا في الحكم مدة طويلة ولم يكونوا يديرون بلادهم لا بطريقة ديمقراطية ولا بطريقة، بحيث يشارك الشعب فعلا في اختياراته أو يشارك في سياساته.من الطبيعي أن هناك توقعات إن هذه التغيرات ربما يترتب عليها تغييرات في السياسة الخارجية لهذه المنطقة العربية وربما يكون لها انعكاسات على السلام والصراع العربي والإسرائيلي، ربما سيكون لها انعكاسات على تعاون هذه المنطقة من العالم مع الغرب بشكل عام، سواء أكان مع أوروبا أو أمريكا، طبعا مطلوب أن يحدث تنمية حقيقية وبسرعة في هذه البلدان، فالشعوب تعاني وإلاَّ سنستمر في الهجرة غير الشرعية وسيستمر أيضا في بروز التيار الإسلامي الذي يجد مناخا جيدا بوجود حالة من الفقر وعدم تكافؤ الفرص والمساواة وعدم وجود عدالة اجتماعية. كل ذلك يمكن أن يؤثر بشكل وبآخر على استقرار المنطقة وأمن المنطقة العربية وشرق الأوسط بشكل عام. نتمنى إن يقدم الغرب وأمريكا والاتحاد الأوروبي وكل الدول الصديقة برنامج للتنمية، برامج للدعم الاقتصادي والمالي لرفع مستوى الظروف المعيشية ورفع من الحالة التي تعاني منها بعض من شعوب هذه المنطقة في الوقت الحالي.

وعلى سؤال حول ما يتوقعه محادثنا من التغييرات الديمقراطية في البلدان الأخرى خاصة في بلدان الشرق الأوسط؟

أجاب السيد السادات بأنه لا شك في أن ما حدث، قد خلق نوعا من الانزعاج لبعض البلدان العربية وبالضبط بلدان منطقة الخليج مثل السعودية والبحرين والإمارات كل هذه الدول ذات طبيعة خاصة. كلها ممالك أو إمارات وشعوبها عددها غير كبير لكنها تتمتع بثروة كبيرة فأصابها نوع من القلق والانزعاج بسبب ما يحدث في المنطقة العربية. خاصة أن هناك الكثير من العمالة المصرية المتواجدة هناك. نرى الآن أن البعض منهم بدأ يتخذ بعض الإجراءات كنوع من الحماية لأسلوب العمل السياسي في هذه بلاد، والبعض منهم بدأ يبدي بعض المرونة في إنشاء مجالس للشورى ومجالس النيابية والبعض منهم بدأ يهتم بشعبه وبدأ يحسن الأحوال ويزيد من العطايا والمميزات حتى لا يتعرضون لما حدث في مصر وليبيا وتونس فأنا أتوقع دون شك أن هذه الرياح يمكن تأني بتغيير في بعض دول الخليج، التي كما نقول طبيعتها تختلف بعض الشيء لأنها تعتمد على القبلية وتعتمد على عائلات وأسر حاكمة لكن الجيل الجديد من هذه الدول يدعو أيضا إلى الحرية وإلى الديمقراطية وتوزيع عادل للثروة. فدعونا ننتظر ونرى ما سيحدث، نتمنى ألا تسوء الأمور في هذه المنطقة، لأنها في تهاية الأمر، بلاد عربية شقيقة وداعمة لقاضيا مصر وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام ونأمل إذا كان هناك أي نوع من التحول، أن يكون تحولا سلميا أو تحولا إلى الأفضل. علينا ألاَّ نستبق الأحداث ودعونا ننتظر لنرى. إنما نتمنى في النهاية أن تتم الأمور كلها بدون عنف أو أي نوع من التحولات الكبيرة في المنطقة لأن المنطقة أمامها تحديات كبيرة. عندنا إيران تنظر وترى ما يمكن أن تقدر على خلقه في المجتمعات الخليجية والعربية كدول إسلامية وأيضا نرى الدور التركي الآن يتصاعد ونرى أيضا بعضا من دول غربية التي لها مصالح معينة في الحفاظ على الأوضاع كما هي. في الحقيقة المنطقة العربية عندنا مليئة بالتناقضات والمصالح المختلفة ونتمنى أن نخرج من هذه الصراع بشكل يحفظ للشعوب حقوقها وأيضا حريتها وفرصة خلق مجتمعات على المستوى الديمقراطي أو المستوى المقبول شعبيا.

كان هذا الحديث الذي أدلى به السيد محمد أنور السادات من جمهورية مصر العربية لإذاعة صربيا الدولية بمناسبة مشاركته في مؤتمر الأمن البلغرادي

0 comments :

إرسال تعليق