المصرى اليوم
حوار نشوى الحوفى
لم يكن يعلم، حينما قدم استجوابه الأول عام ٢٠٠٦ تحت قبة البرلمان ضد عقد تصدير الغاز، أنه سيصبح فى خصومة مباشرة مع الرجل الأقرب للرئيس. ولم يكن يعلم أنه بعدها بسنوات قليلة سيواصل بحثه عن الرجل وينشر فضائح انتهاكه حرمة الأمن القومى المصرى. هكذا هو الحال مع محمد أنور عصمت السادات، عضو البرلمان السابق، وكيل مؤسسى حزب الإصلاح والتنمية، الذى بات هدفه الأول الوصول لحسين سالم «جليس الرئيس» كما يسميه. يقول السادات إن سالم يتحمل النسبة الأكبر فى فساد الحياة السياسية فى مصر ومن عداه لعبوا أدوارا ثانوية.
ويتهمه بالسيطرة على رؤية مبارك التى وصفها بـ«محدودة الفكر»، وإفساد البقية الباقية منها، لتصبح التقارير الرقابية من الجهات المعنية التى تصل إلى مكتب الرئيس السابق بلا أهمية. يؤكد السادات أن ملف حسين سالم ملىء بالمفاجآت لا بسبب التربح واستغلال النفوذ فحسب، ولكن بسبب لعبه فى السياسة العامة لمصر إلى حد تهديد حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، وهو فى منصبه، بأنه سيحضر سامح فهمى بدلا منه. وإلى نص الحوار معه:
■ كيف بدأت مواجهتك وملاحقاتك لحسين سالم؟
ـ بدأت منذ كنت عضوا بمجلس الشعب حينما قدمت أول استجواب ضد سامح فهمى، وزير البترول، فى عام ٢٠٠٦، بسبب ما كان يحدث من انتهاكات وتجاوزات فى قطاع البترول، وكان على رأسها قضية تصدير الغاز لإسرائيل. وقتها طلبنى الدكتور فتحى سرور وطلب منى التفاهم مع وزير البترول حتى لا نفجر مشكلة، فقلت له إنه لا مجال للتفاهم لأن المعلومات التى قدمت بسببها الاستجواب تؤكد الكثير من الوقائع الخطيرة ولا يمكن السكوت عليها. ثم حدث أننى تعاملت فى استجواب آخر فى ملف جمال مبارك، وأسامة الشريف، وعمر طنطاوى، اللذين كانا يديران ثروة جمال فى الخارج وهما الآن خارج مصر، وكان الاستجواب يتعلق بميناء العين السخنة وبعض تجاوزات الأراضى شمال غرب خليج السويس. ولذا كانت القضية التى افتعلوها لإقصائى من المجلس ولكن أنصفتنى المحكمة بتبرئتى. وفى استجواب وزير البترول لم يكن الموضوع متعلقاً بتصدير الغاز المصرى لإسرائيل فقط، ولكنه امتد لتصدير الغاز لإسبانيا أيضا، ومن يقرأ تفاصيل تلك الصفقات يعرف أن مصر كانت تباع نهارا جهارا وبلا رقيب.
■ ولكنك تولى فكرة القبض على حسين سالم اهتماماً كبيراً.. لماذا؟
ـ فى اعتقادى أن حسين سالم مفتاح لكثير من الألغاز بحكم علاقته برئيس الدولة السابق. وكان يمتلك الكثير من الصلاحيات التى تجعله على صلة قوية جدا بالشخصيات العالمية والمحلية التى تمثل دائرة علاقات مبارك. هناك صفقات سلاح مع إسبانيا كان طرفاً فيها على سبيل المثال. وجميع رؤساء وملوك العالم الذين كانوا يأتون لزيارة مبارك فى شرم الشيخ كان حسين سالم يلتقى بهم ويشرف على ترتيبات الزيارات الخاصة بهم. كان أخطبوطاً يتعامل فى كل شىء وله يد فى علاقات مصر مع إيران وإسرائيل ودول أفريقيا. ولذا لم ينتظر حتى تنحى الرئيس، بل أخذ طائرته وسافر دبى عقب اندلاع الثورة، وعلمت من مصادر موثوق بها أنه كان بحوزته ٥٠٠ مليون دولار وتم التحفظ على ما معه من مال حتى تلقت السلطات هناك اتصالا من شخصية سيادية كبرى قريبة من مبارك ـ لن أذكر اسمها ـ طلبت منهم السماح له بالرحيل بما معه من مال. فهذا الرجل لا يمتلك خزانة المال فقط للرئيس السابق ولكنه يمتلك أيضا خزانة الأسرار الخاصة بأمور تمس الأمن القومى لمصر، ويصعب علىَّ أن يظل فى الخارج يخرج لنا لسانه ويتمتع بما هو من حقه وبما ليس من حقه.
■ لهذا كنت على رأس الوفد الوحيد الذى سافر سويسرا للمطالبة بإعادة الأموال المنهوبة؟
ـ ليس سويسرا وحدها ولكن لندن أيضا وكان معى وفد شعبى، وحاولنا جمع معلومات عن ملف الأموال بوجه عام، والصناديق التى تم وضعها بها وكيفية تتبع شركات إدارة الأموال الخاصة بهم. وحصلت على معلومات عن شركة «بوليون» التى يديرها وليد كابا وعمر طنطاوى، وشركة «ميد انفست» التى يديرها شريف طنطاوى ووليد شاش، وهؤلاء الأربعة أصدقاء جمال مبارك من أيام الجامعة ويديرون ثروته فى لندن وسويسرا، وتقدر بمبلغ يتراوح بين ٥ و٦ مليارات دولار متمثلة فى إدارة عقارات وسندات أموال سائلة. وبعض هذا المبلغ يخص استثمارات جمال مبارك وبعضه الآخر إيداعات صناديق الاستثمار فى البنوك المصرية. لأن بعض هذه البنوك كان يستثمر فى صناديق جمال مبارك، لتدخل له نسبة ربح تتراوح بين ١٠ و٣٠% بإيداعات المصريين. وهذه معلومات موثقة وضعناها على مكتب النائب العام.
■ هل ترى أن هناك تعاملاً جاداً مع ملف استعادة الأموال من رموز النظام السابق، خاصة بعد قرارات الإفراج الأخيرة؟
ـ نعم هناك جدية رغم حالة الإحباط التى تسود الشارع المصرى، خاصة بعد قرارات الإفراج بكفالة عن بعض الرموز بعد ما ذكر عن حجم أموالهم، ولكن إجراءات تلك القضايا تستغرق وقتا طويلاً. هذا غير الهاربين، وعلى رأسهم حسين سالم، الذى أتوقع القبض عليه وفقا لمعلومات أتابعها بنفسى قريبا من خلال الإنتربول الدولى، والنيابة تعمل فى مناخ صعب جدا عبر تضخم أرقام قضايا نهب الأموال.
■ وهل أنت مقتنع بأن ما تملكه سوزان مبارك فقط ٤ ملايين دولار؟
ـ بالطبع لا، وهذا الأمر أصاب الناس كلها بصدمة ورأيى أن كل من تسبب فى فساد سياسى أو نهب ثروات البلد لا يمكن التساهل معه. التصالح فقط مع من شارك فى قضايا اقتصادية يمكن علاجها برده ما أخذ من مستحقات دون وجه حق حتى تسير عجلة الحياة.
■ هل التقيت بحسين سالم فى أى مناسبات سابقة؟
ـ نعم التقيت به فى بعض المناسبات القليلة جدا، وكان يتباهى لبعض الشخصيات المشتركة بأنه أقصانى عن المجلس لمجرد أننى تجرأت وقدمت استجواباً ضده فى صفقة الغاز.
■ ما المفاجآت التى تقول إن ملف حسين سالم يحتويها؟
ـ الموضوع لم يكن فقط إدارة الغاز وصفقاته، ولكنه كان يدير إمبراطورية فساد واستغلال نفوذ كان مبارك فى خلفياتها، وليس بالضرورة أن يكون مبارك قد شارك فيها حتى أكون منصفا، ولكن هو من وضع نفسه فى ذلك الموقف. ووصل الأمر بحسين سالم أن هدد حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، عندما رفض صفقة الغاز لإسرائيل أنه سيأتى بسامح فهمى وزيراً. وكتب لسامح فهمى عندما تولى وزارة البترول ولرئيس هيئة البترول بأنه تقرر إنشاء شركة غاز شرق المتوسط. وكأنه هو من يقرر لوزير دولة وهذا الخطاب فى ملف القضية لدى النائب العام. حتى عاطف عبيد كتب له خطاباً وهو رئيس وزراء يقول له فيه يسعدنى نقل تحياتى وبلاغك بسعادتى لتوقيع عقد تصدير الغاز. وهذا يوضح حجم الفساد الذى تسبب فيه الرجل. وحجم النفوذ الذى كان يتمتع به فى إدارة الأمور.
■ ترددت أنباء عن وجود حسين سالم فى إسرائيل وامتلاكه جواز سفر إسرائيلياً.. ما مدى صحة ذلك؟
ـ سمعت هذا الكلام ولكننى لست متأكداً منه، ولكن ما هو مؤكد بالنسبة لى أنه قريبا سنرى هذا الرجل مقبوضا عليه وأنا أعى ما أقول عبر معلومات موثقة وأعرف ما تبذله النيابة المصرية من جهود مكثفة مع الإنتربول للقبض عليه.
■ البعض يتخوف ألا يكون هناك تكييف قانونى للتهم الموجهة لحسين سالم.. فبأى تهم نُحاكم حسين سالم؟
ـ أطمئن المتخوفين بأن هناك الكثير الذى سيحاسب عليه حسين سالم، وقد استعدت النيابة المصرية لذلك الموقف، يكفى أن نذكر أراضى شرم الشيخ التى أخذها بلا ثمن تقريبا، وكيف باع للبنك العقارى الفيلات فى شرم الشيخ وحصل على ماله مقدما، وعقد تصدير الغاز لإسرائيل، وشركة ميدور التى أسسها مع صديقه الإسرائيلى يوسى ميانمان بقروض من بنوك مصرية ثم بيعهما أسهم تلك الشركة للحكومة المصرية بأسعار خيالية.
■ وفقا للقانون من الممكن الدفاع عنه بأنه رجل أعمال لم يجبر أحداً على بيع أو شراء شىء. الحكومة المصرية هى من سعى للبيع والشراء؟
ـ النيابة العامة تعمل باحتراف وتجهز له ملفات عديدة، ما يزعجنى فقط أنه مازال طائرا بعيدا عن يد القانون فى مصر، خاصة أن ملفه به أدوار تتعدى البيزنس والتجارة بل وتتعلق بالأمن القومى العربى والمصرى، تصل لحد الخيانة العظمى وأنا أجمع لها الوثائق.
■ كم يتحمل حسين سالم من وجهة نظرك فى نسبة الفساد فى مصر؟
ـ كان لاعباً رئيسياً فى الفساد ويليه مجدى راسخ، والد زوجة علاء مبارك، بالطبع هناك أسماء أخرى كنا نراها فى جمعية المستقبل والمحيطين بجمال مبارك، ولكن حسين وراسخ، يتحملان النسبة الأكبر. فمن يعرف بدايات الرجل يعرف أنه أخذ من مصر الكثير.
فبداية حسين سالم كانت كموظف مدنى فى جهاز المخابرات ولم يكن عسكرياً كما أشيع، وخرج من الجهاز عام ١٩٧٨. وقتها كان أبوغزالة ملحقاً عسكرياً فى واشنطن، ومنير ثابت مسؤولاً عن مكتب المشتريات وأنشأوا مع حسنى مبارك، وقت أن كان نائب رئيس، شركة بدأ عملها مع بداية شراء مصر للأسلحة الأمريكية بعد توقيع معاهدة السلام، وتولى حسين سالم عبر شركته التى سماها «تراسام» ثم «فور وينجز» نقل السلاح لمصر. ووطد علاقته بمبارك وأبوغزالة إلى أن انتهى أبوغزالة مع زيادة مساحة الخوف منه فى الجيش.
■ فى رأيك ما أخطر أفعال حسين سالم التى أضرت بمصر؟
ـ أنه أوصل الرئيس السابق مبارك إلى أنه لم يعد صاحب مواقف رسمية قوية فيما يتعلق بالصراع العربى ـ الإسرائيلى، كان جليس مبارك وأقنعه بما يتبنى من أفكار. ومع احترامنا لمبارك لكنه كان رجلاً محدود الرؤية والفكر، وبالتالى سيطر الجليس على رأس الرئيس. وأفسد البقية الباقية فى رؤية مبارك، حتى التقارير التى كانت تصل إليه من الأجهزة الرقابية لم تكن لها قيمة لأنه كان يبث له أفكاره هو، فاعتمد عليه وصغر من حجم مصر فهانت على يد من يفترض أنه كان حاميها. ولذا فاهتمام المواطن العادى بالقبض على حسين سالم يفوق اهتمامه بالقبض على يوسف بطرس غالى، ورشيد محمد رشيد، اللذين تم إدراج اسميهما على النشرة الحمراء مع حسين سالم.
حوار نشوى الحوفى
لم يكن يعلم، حينما قدم استجوابه الأول عام ٢٠٠٦ تحت قبة البرلمان ضد عقد تصدير الغاز، أنه سيصبح فى خصومة مباشرة مع الرجل الأقرب للرئيس. ولم يكن يعلم أنه بعدها بسنوات قليلة سيواصل بحثه عن الرجل وينشر فضائح انتهاكه حرمة الأمن القومى المصرى. هكذا هو الحال مع محمد أنور عصمت السادات، عضو البرلمان السابق، وكيل مؤسسى حزب الإصلاح والتنمية، الذى بات هدفه الأول الوصول لحسين سالم «جليس الرئيس» كما يسميه. يقول السادات إن سالم يتحمل النسبة الأكبر فى فساد الحياة السياسية فى مصر ومن عداه لعبوا أدوارا ثانوية.
ويتهمه بالسيطرة على رؤية مبارك التى وصفها بـ«محدودة الفكر»، وإفساد البقية الباقية منها، لتصبح التقارير الرقابية من الجهات المعنية التى تصل إلى مكتب الرئيس السابق بلا أهمية. يؤكد السادات أن ملف حسين سالم ملىء بالمفاجآت لا بسبب التربح واستغلال النفوذ فحسب، ولكن بسبب لعبه فى السياسة العامة لمصر إلى حد تهديد حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، وهو فى منصبه، بأنه سيحضر سامح فهمى بدلا منه. وإلى نص الحوار معه:
■ كيف بدأت مواجهتك وملاحقاتك لحسين سالم؟
ـ بدأت منذ كنت عضوا بمجلس الشعب حينما قدمت أول استجواب ضد سامح فهمى، وزير البترول، فى عام ٢٠٠٦، بسبب ما كان يحدث من انتهاكات وتجاوزات فى قطاع البترول، وكان على رأسها قضية تصدير الغاز لإسرائيل. وقتها طلبنى الدكتور فتحى سرور وطلب منى التفاهم مع وزير البترول حتى لا نفجر مشكلة، فقلت له إنه لا مجال للتفاهم لأن المعلومات التى قدمت بسببها الاستجواب تؤكد الكثير من الوقائع الخطيرة ولا يمكن السكوت عليها. ثم حدث أننى تعاملت فى استجواب آخر فى ملف جمال مبارك، وأسامة الشريف، وعمر طنطاوى، اللذين كانا يديران ثروة جمال فى الخارج وهما الآن خارج مصر، وكان الاستجواب يتعلق بميناء العين السخنة وبعض تجاوزات الأراضى شمال غرب خليج السويس. ولذا كانت القضية التى افتعلوها لإقصائى من المجلس ولكن أنصفتنى المحكمة بتبرئتى. وفى استجواب وزير البترول لم يكن الموضوع متعلقاً بتصدير الغاز المصرى لإسرائيل فقط، ولكنه امتد لتصدير الغاز لإسبانيا أيضا، ومن يقرأ تفاصيل تلك الصفقات يعرف أن مصر كانت تباع نهارا جهارا وبلا رقيب.
■ ولكنك تولى فكرة القبض على حسين سالم اهتماماً كبيراً.. لماذا؟
ـ فى اعتقادى أن حسين سالم مفتاح لكثير من الألغاز بحكم علاقته برئيس الدولة السابق. وكان يمتلك الكثير من الصلاحيات التى تجعله على صلة قوية جدا بالشخصيات العالمية والمحلية التى تمثل دائرة علاقات مبارك. هناك صفقات سلاح مع إسبانيا كان طرفاً فيها على سبيل المثال. وجميع رؤساء وملوك العالم الذين كانوا يأتون لزيارة مبارك فى شرم الشيخ كان حسين سالم يلتقى بهم ويشرف على ترتيبات الزيارات الخاصة بهم. كان أخطبوطاً يتعامل فى كل شىء وله يد فى علاقات مصر مع إيران وإسرائيل ودول أفريقيا. ولذا لم ينتظر حتى تنحى الرئيس، بل أخذ طائرته وسافر دبى عقب اندلاع الثورة، وعلمت من مصادر موثوق بها أنه كان بحوزته ٥٠٠ مليون دولار وتم التحفظ على ما معه من مال حتى تلقت السلطات هناك اتصالا من شخصية سيادية كبرى قريبة من مبارك ـ لن أذكر اسمها ـ طلبت منهم السماح له بالرحيل بما معه من مال. فهذا الرجل لا يمتلك خزانة المال فقط للرئيس السابق ولكنه يمتلك أيضا خزانة الأسرار الخاصة بأمور تمس الأمن القومى لمصر، ويصعب علىَّ أن يظل فى الخارج يخرج لنا لسانه ويتمتع بما هو من حقه وبما ليس من حقه.
■ لهذا كنت على رأس الوفد الوحيد الذى سافر سويسرا للمطالبة بإعادة الأموال المنهوبة؟
ـ ليس سويسرا وحدها ولكن لندن أيضا وكان معى وفد شعبى، وحاولنا جمع معلومات عن ملف الأموال بوجه عام، والصناديق التى تم وضعها بها وكيفية تتبع شركات إدارة الأموال الخاصة بهم. وحصلت على معلومات عن شركة «بوليون» التى يديرها وليد كابا وعمر طنطاوى، وشركة «ميد انفست» التى يديرها شريف طنطاوى ووليد شاش، وهؤلاء الأربعة أصدقاء جمال مبارك من أيام الجامعة ويديرون ثروته فى لندن وسويسرا، وتقدر بمبلغ يتراوح بين ٥ و٦ مليارات دولار متمثلة فى إدارة عقارات وسندات أموال سائلة. وبعض هذا المبلغ يخص استثمارات جمال مبارك وبعضه الآخر إيداعات صناديق الاستثمار فى البنوك المصرية. لأن بعض هذه البنوك كان يستثمر فى صناديق جمال مبارك، لتدخل له نسبة ربح تتراوح بين ١٠ و٣٠% بإيداعات المصريين. وهذه معلومات موثقة وضعناها على مكتب النائب العام.
■ هل ترى أن هناك تعاملاً جاداً مع ملف استعادة الأموال من رموز النظام السابق، خاصة بعد قرارات الإفراج الأخيرة؟
ـ نعم هناك جدية رغم حالة الإحباط التى تسود الشارع المصرى، خاصة بعد قرارات الإفراج بكفالة عن بعض الرموز بعد ما ذكر عن حجم أموالهم، ولكن إجراءات تلك القضايا تستغرق وقتا طويلاً. هذا غير الهاربين، وعلى رأسهم حسين سالم، الذى أتوقع القبض عليه وفقا لمعلومات أتابعها بنفسى قريبا من خلال الإنتربول الدولى، والنيابة تعمل فى مناخ صعب جدا عبر تضخم أرقام قضايا نهب الأموال.
■ وهل أنت مقتنع بأن ما تملكه سوزان مبارك فقط ٤ ملايين دولار؟
ـ بالطبع لا، وهذا الأمر أصاب الناس كلها بصدمة ورأيى أن كل من تسبب فى فساد سياسى أو نهب ثروات البلد لا يمكن التساهل معه. التصالح فقط مع من شارك فى قضايا اقتصادية يمكن علاجها برده ما أخذ من مستحقات دون وجه حق حتى تسير عجلة الحياة.
■ هل التقيت بحسين سالم فى أى مناسبات سابقة؟
ـ نعم التقيت به فى بعض المناسبات القليلة جدا، وكان يتباهى لبعض الشخصيات المشتركة بأنه أقصانى عن المجلس لمجرد أننى تجرأت وقدمت استجواباً ضده فى صفقة الغاز.
■ ما المفاجآت التى تقول إن ملف حسين سالم يحتويها؟
ـ الموضوع لم يكن فقط إدارة الغاز وصفقاته، ولكنه كان يدير إمبراطورية فساد واستغلال نفوذ كان مبارك فى خلفياتها، وليس بالضرورة أن يكون مبارك قد شارك فيها حتى أكون منصفا، ولكن هو من وضع نفسه فى ذلك الموقف. ووصل الأمر بحسين سالم أن هدد حمدى البنبى، وزير البترول الأسبق، عندما رفض صفقة الغاز لإسرائيل أنه سيأتى بسامح فهمى وزيراً. وكتب لسامح فهمى عندما تولى وزارة البترول ولرئيس هيئة البترول بأنه تقرر إنشاء شركة غاز شرق المتوسط. وكأنه هو من يقرر لوزير دولة وهذا الخطاب فى ملف القضية لدى النائب العام. حتى عاطف عبيد كتب له خطاباً وهو رئيس وزراء يقول له فيه يسعدنى نقل تحياتى وبلاغك بسعادتى لتوقيع عقد تصدير الغاز. وهذا يوضح حجم الفساد الذى تسبب فيه الرجل. وحجم النفوذ الذى كان يتمتع به فى إدارة الأمور.
■ ترددت أنباء عن وجود حسين سالم فى إسرائيل وامتلاكه جواز سفر إسرائيلياً.. ما مدى صحة ذلك؟
ـ سمعت هذا الكلام ولكننى لست متأكداً منه، ولكن ما هو مؤكد بالنسبة لى أنه قريبا سنرى هذا الرجل مقبوضا عليه وأنا أعى ما أقول عبر معلومات موثقة وأعرف ما تبذله النيابة المصرية من جهود مكثفة مع الإنتربول للقبض عليه.
■ البعض يتخوف ألا يكون هناك تكييف قانونى للتهم الموجهة لحسين سالم.. فبأى تهم نُحاكم حسين سالم؟
ـ أطمئن المتخوفين بأن هناك الكثير الذى سيحاسب عليه حسين سالم، وقد استعدت النيابة المصرية لذلك الموقف، يكفى أن نذكر أراضى شرم الشيخ التى أخذها بلا ثمن تقريبا، وكيف باع للبنك العقارى الفيلات فى شرم الشيخ وحصل على ماله مقدما، وعقد تصدير الغاز لإسرائيل، وشركة ميدور التى أسسها مع صديقه الإسرائيلى يوسى ميانمان بقروض من بنوك مصرية ثم بيعهما أسهم تلك الشركة للحكومة المصرية بأسعار خيالية.
■ وفقا للقانون من الممكن الدفاع عنه بأنه رجل أعمال لم يجبر أحداً على بيع أو شراء شىء. الحكومة المصرية هى من سعى للبيع والشراء؟
ـ النيابة العامة تعمل باحتراف وتجهز له ملفات عديدة، ما يزعجنى فقط أنه مازال طائرا بعيدا عن يد القانون فى مصر، خاصة أن ملفه به أدوار تتعدى البيزنس والتجارة بل وتتعلق بالأمن القومى العربى والمصرى، تصل لحد الخيانة العظمى وأنا أجمع لها الوثائق.
■ كم يتحمل حسين سالم من وجهة نظرك فى نسبة الفساد فى مصر؟
ـ كان لاعباً رئيسياً فى الفساد ويليه مجدى راسخ، والد زوجة علاء مبارك، بالطبع هناك أسماء أخرى كنا نراها فى جمعية المستقبل والمحيطين بجمال مبارك، ولكن حسين وراسخ، يتحملان النسبة الأكبر. فمن يعرف بدايات الرجل يعرف أنه أخذ من مصر الكثير.
فبداية حسين سالم كانت كموظف مدنى فى جهاز المخابرات ولم يكن عسكرياً كما أشيع، وخرج من الجهاز عام ١٩٧٨. وقتها كان أبوغزالة ملحقاً عسكرياً فى واشنطن، ومنير ثابت مسؤولاً عن مكتب المشتريات وأنشأوا مع حسنى مبارك، وقت أن كان نائب رئيس، شركة بدأ عملها مع بداية شراء مصر للأسلحة الأمريكية بعد توقيع معاهدة السلام، وتولى حسين سالم عبر شركته التى سماها «تراسام» ثم «فور وينجز» نقل السلاح لمصر. ووطد علاقته بمبارك وأبوغزالة إلى أن انتهى أبوغزالة مع زيادة مساحة الخوف منه فى الجيش.
■ فى رأيك ما أخطر أفعال حسين سالم التى أضرت بمصر؟
ـ أنه أوصل الرئيس السابق مبارك إلى أنه لم يعد صاحب مواقف رسمية قوية فيما يتعلق بالصراع العربى ـ الإسرائيلى، كان جليس مبارك وأقنعه بما يتبنى من أفكار. ومع احترامنا لمبارك لكنه كان رجلاً محدود الرؤية والفكر، وبالتالى سيطر الجليس على رأس الرئيس. وأفسد البقية الباقية فى رؤية مبارك، حتى التقارير التى كانت تصل إليه من الأجهزة الرقابية لم تكن لها قيمة لأنه كان يبث له أفكاره هو، فاعتمد عليه وصغر من حجم مصر فهانت على يد من يفترض أنه كان حاميها. ولذا فاهتمام المواطن العادى بالقبض على حسين سالم يفوق اهتمامه بالقبض على يوسف بطرس غالى، ورشيد محمد رشيد، اللذين تم إدراج اسميهما على النشرة الحمراء مع حسين سالم.
0 comments :
إرسال تعليق