لم يكن ضمن أهداف ثورة 25 يناير أن تتعرض هيبة الدولة المصرية لمثل هذه الإهتزازات التى نعيشها الآن ، وإنما قامت هذه الثورة لتمحو الظلم وتحقق الحرية والعدالة وسيادة القانون، وتعيد هيبة الدولة وكرامة المصريين التى كانت فى طريقها إلى الزوال.
ومن الطبيعى أن يتمتع الشعب بحريته التى نالها بعد الثورة ، ولكن الشعب لكونه عاش محروماً منها لعقود طويلة أصبحت تلك الحرية غير مقننة إلى حد ما فى تصرفات البعض، وحاول الكثيرون الإنحراف بمسار الثورة إلى الفوضى ، وسعى آخرين للركوب عليها لتصفية حسابات ضيقة ومآرب شخصية ، بل وإستغل البعض المطالب المشروعة والتظاهرات السلمية لإشعال نيران الفتن والقيام بأعمال عنف وتخريب .
لا شك أن هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين الحرية وتهديد هيبة الدولة وسلطة القانون، بالقدر الذى يردع اللصوص والمخربين والبلطجية والخارجين على القانون بالدرجة الأولى ، لأن هؤلاء وأمثالهم هم أكثر المستفيدين من إنهيار مؤسسات الدولة وغياب القانون.
إن هيبة الدولة تعنى هيبة مؤسساتها وسلطاتها القضائية وأجهزتها الأمنية والرقابية داخلياً وخارجياً ، وإن تعريضها للخطر سوف يؤدى بنا إلى فوضى وتخريب وإشتباكات وسب وقذف وتجريح وتحريض، وسوف تموت لغة الحوار وحق الإختلاف ، وتتقطع بيننا الصلات والروابط الإنسانية والوطنية.
إن ما نراه كل يوم من أعمال بلطجة وصلت إلى حد السيطرة على المستشفيات وترويع المرض والآمنين ، وغياب الأمن والأمان فى العديد من أنحاء مصر ، بل وتهديد أفراد ومراكز الشرطة ، ليس ثمرة يمكن أن تدرج ضمن الثمار التى إنتظرنا أن نجنيها بعد الثورة ، وليس بوسعنا أن ننتظر حتى نرى هيبة الدولة تتبدد أكثر من ذلك على أيدى اللصوص والمخربين.
إننا وإن كنا قد عانينا كثيراً من سياسات جهاز الشرطة وبعض أفراده فى العهد البائد قبل الثورة، فإن هذا لا يعنى تغييبهم وعدم الحاجة إليهم ، وإن أى إعتداء همجى على مرافق الدولة أو رجال الشرطة أثناء قيامهم بأداء واجباتهم هو إعتداء على أمن الوطن، وتطاول على الدولة وتجاوزاً للخطوط الحمراء التى لا يقبل أحد المساس بها.
إن القوى السياسية الموجودة على الساحة والتى ألقت مسئولية أمراض المجتمع ومشكلاته على عاتق النظام السابق وسلطاته ، هى مسئولة أيضاً عما كان يحدث ، فالفساد لا يتوغل وتنمو فروعه إلا بالمحاباة والخضوع واللامبالاة ومسايرة الأوضاع وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العليا للوطن ، وقد حان الوقت لتقوم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى لتقوم بأدوارها دون تعللات ، من أجل بناء وطن قوى وسليم.
إن الوضع بهذا الشكل أصبح فوق الإحتمال ، وعلى الدولة أن تفرض قوانينها ولوائحه بحزم وجدية وبلا تهاون حفاظأً على هيبتها ، وإن أهم مقومات الدولة الناجحة هى هيبتها فإن ضاعت ، ضاعت الدولة بأكملها وإفتقدت أركان سلطتها وقدرتها على الحكم ، ، فالدولة المهيبة دولة تقمع لكنها ليست دولة قمعية ، أما الدولة التى تعجز عن قمع الخارجين على قوانينها وأنظمتها لن تكون أبدا دولة مهيبة ولن تستطيع إدارة شئون شعب.
أنور عصمت السادات
وكيل مؤسسي حزب الاصلاح والتنمية
0 comments :
إرسال تعليق