دعوة الوفد‮.. ‬الطريق لإنقاذ مصر

الوفد

النظام الحالي‮ »‬خليط سياسي‮«.. ‬ويجب تحويله من‮ »‬رئاسي‮« ‬إلي‮ »‬برلماني‮«‬

تحقيق ـ سحر صابر‮ ‬ عبد الوهاب عليوة‮

‬ البيان الذي أعلنه حزب الوفد بضرورة تحديد سلطات رئيس الجمهورية،‮ ‬واجراء تعديلات دستورية حقيقية علي الدستور الحالي،‮ ‬بل وضرورة سن دستور جديد لمصر‮ ‬يضمن المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق،‮ ‬ويكفل اطلاق الحريات العامة لكافة المواطنين علي السواء ويضمن حرية تداول السلطة،‮ ‬لاقت هذه الدعوة ترحيباً‮ ‬واسعاً‮ ‬من الخبراء والمتخصصين وفقهاء الدستور والقانون مؤكدين ان نهضة مصر وتقدمها ورقيها لن تتحقق الا بتلك الرؤية الشاملة التي تتضمن سن دستور جديد وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية،‮ ‬بل إن السبيل الوحيد لانقاذ مصر هو تحقيق هذه المطالب‮.‬ فقد أكد الدكتور ابراهيم درويش الفقيه الدستوري ان دعوة حزب الوفد من خلال البيان الصادر عن الحزب هي البداية لاصلاح حقيقي لأن الدستور الحالي لم‮ ‬يعد‮ ‬يقبل التعديل اوالترقيع،‮ ‬بل لابد من تغييره لأن أكثر من ثلثي مواده أصبحت‮ ‬غير دستورية كما ان التعديلات التي أدخلت عليه تعتبر خطيئة كبري لأنها تقيم النظام السياسي في مصر علي أساس شخص واحد وهو رئيس الجمهورية وأشار الي أنه لا توجد اختصاصات لمجلس الوزراء وبالتالي فلا أمل في تغيير طالما بقي النظام السياسي قائماً‮.‬ وأضاف ان الحديث عن امكانية تداول سلمي للسلطة هو وهم كبير،‮ ‬في ظل الوضع السياسي القائم ولن‮ ‬يتغير هذا الا بدستور جديد تصنعه جمعية تأسيسية منتخبة بطريقة حرة،‮ ‬بشرط ان‮ ‬يتضمن الدستور الجديد الحقوق والحريات العامة،‮ ‬ويضمن استقلال السلطة القضائية وأن‮ ‬يتولي القضاء وحده الفصل في صحة العضوية للنواب،‮ ‬وأشار الي ضرورة أن‮ ‬يتضمن تكوين هيئة دائمة مستقلة للعملية الانتخابية وللسلطة التشريعة حق الرقابة والمشاركة في وضع الميزانيات وتغييرها،‮ ‬وأكد درويش ضرورة أن‮ ‬يحق للبرلمان مساءلة السلطة التنفيذية،‮ ‬ايضاً‮ ‬لابد من مراعاة الفصل الحقيقي بين السلطات،‮ ‬وأكد ان التداول السلمي للسلطة لن‮ ‬يحدث في مصر،‮ ‬ما دام لا توجد حياة دستورية ولا ديمقراطية طالما بقي النظام القائم لأن دستور‮ ‬1971‮ ‬يؤسس ويقيم النظام السياسي علي أساس شخص واحد ومن بعده تكون الوراثة،‮ ‬كما لا‮ ‬يوجد اختصاص لمجلس الوزراء والسلطة التشريعية ويقوم النظام السياسي علي أساس شخص واحد هو رئيس الجمهورية‮.‬ سيادة القانون أكد الدكتور ثروت بدوي الفقيه الدستوري ضرورة الجمع بين عناصر ثلاثة لقيام نظام حكم سليم أولها قيام نظام ديمقراطي حقيقي،‮ ‬ثم سيادة القانون بحيث‮ ‬يخضع له الجميع الحكام قبل المحكومين،‮ ‬أخيراً‮ ‬كفالة الحريات العامة لجميع المواطنين بلا استثناء‮. ‬وأضاف بدوي ان العناصر الثلاثة‮ ‬غير قائمة في نظامنا الدستوري الحالي،‮ ‬وأشار الي ضرورة وضع دستور جديد‮ ‬يكفل تحقيق هذه العناصر الثلاثة،‮ ‬لابد من تشكيل هيئة تأسيسية منتخبة انتخاباً‮ ‬حراً‮ ‬يقتصر دورها علي وضع الدستور الجديد ولا‮ ‬يحدث ذلك الا في ظل نظام حر‮ ‬يكفل الحريات جميعها السياسية والمدنية لجميع المواطنين دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو الديانة أو الفكر أو اللغة،‮ ‬وأضاف أن سيادة القانون لا تتحقق إلا بوجود قضاء مستقل ومحايد وحصين‮ ‬يتمتع بكل الحصانات التي تمنع تدخل أي جهة في شئون القضاء من جميع النواحي كما‮ ‬يجب ان‮ ‬يتمتع القضاة بما‮ ‬يكفل لهم حياة كريمة،‮ ‬وأشار الي ضرورة أن‮ ‬يكفل الدستور الجديد الحريات العامة لجميع المواطنين ومنها السياسية التي تكفل حق الترشح للمناصب العامة جميعاً‮ ‬والنيابية منها خصوصاً‮ ‬بداية من رئاسة الجمهورية وحتي عضوية المجالس المحلية المنتخبة‮. ‬وأكد ثروت ان كل هذه الأمور‮ ‬غير متوفرة في نظامنا الحالي وأشار الي أن النظام القائم‮ ‬يعطي رئيس الدولة صلاحيات واختصاصات وسلطات ضخمة سواء في مجال التشريع أو الإدارة أو القضاء بما انتفي معه مبدأ الفصل بين السلطات تماماً‮ ‬واكد ثروت ان هذا المبدأ ضرورة أساسية لكفالة الحرية والديمقراطية وسيادة القانون واشار الي استحالة قيام نظام ديمقراطي‮ ‬يحمي الحريات والحقوق العامة ويكفل سيادة القانون بدون دستور جديد تقوم بوضعه لجنة تأسيسية منتخبة بعد اطلاق جميع الحريات السياسية والمدنية وكفالة حق الانتخاب وحق الترشح لرئاسة الجمهورية وللمناصب العامة علي قدم المساواة لجميع المواطنين‮.‬ قاعدة عامة‮!‬ الدكتورمحمد ابراهيم درويش أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة اكد ان ما تلا ثورة‮ ‬19‮ ‬من أحداث اثرت في الحياة الدستورية لانه بعد‮ »‬4‮ ‬سنوات‮« ‬علي الثورة صدر دستور‮ ‬1923‮ ‬الذي أخذ بالنظام البرلماني طبقاً‮ ‬لنص المادة‮ »‬73‮« ‬منه والتي تقضي بأن‮ ‬يكون البرلمان من مجلسين‮: ‬مجلس الشيوخ ومجلس النواب،‮ ‬أما من ناحية الاختصاصات قرر الدستور قاعدة عامة مقتضاها المساواة بين المجلسين،كما نص الدستور علي أن الاقتراع علي الثقة بالوزارة مقرر لمجلس النواب وحده دون مجلس الشيوخ وقد أوجب الدستور عرض الميزانية ومناقشتها وتقريرها أمام مجلس النواب قبل مجلس الشيوخ،‮ ‬وأكد ان دستور‮ ‬1923‮ ‬كفل حريات الرأي والفكر وبعد قيام ثورة‮ ‬يوليو‮ ‬1952‮ ‬تميزت تلك الفترة حتي عام‮ ‬1971‮ ‬بعدم الاستقرار الدستوري حيث صدر العديد من الاعلانات الدستورية والدساتير المؤقتة واسقاط دستور‮ ‬1923‮ ‬ويؤخذ علي تلك الفترة انه تم دمج رئاسة الدولة والسلطة التنفيذية في شخص واحد وهو رئيس الجمهورية فكان النظام السياسي أقرب الي النظام الرئاسي وأشار الي أنه مع صدور الدستور الدائم عام‮ ‬1971‮ ‬أحس الشعب بأن هناك انفراجة حيث عادت الأحزاب السياسية الي الظهور علي الساحة من جديد وأعلن الرئيس السادات انه‮ ‬يريد تحقيق الحرية والديمقراطية وسيادة القانون لكن سرعان ما تبخرت هذه الأحلام،‮ ‬وأوضح الدكتور محمد ان الدساتير التي عرفتها مصر منذ عام‮ ‬1952‮ ‬حتي الآن جاءت بمزيد من الديكتاتورية وقمع الحريات حتي رغم التعديلات التي أجريت عامي‮ ‬2005‮ ‬و2007‮ ‬وأكد اننا اصبحنا في حاجة ماسة الي وضع دستور جديد للبلاد تصنعه جمعية تأسيسية منتخبة بطريقة نزيهة وليس بطريقة الاستفتاء التي نعرف نتائجها مقدماً،‮ ‬دستور تتحقق فيه مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون والحد من سلطات رئيس الجمهورية ويحقق مبدأ الفصل الحقيقي بين السلطات ويضمن نزاهة الانتخابات‮.‬ بداية الإصلاح وصف الدكتور عبدالله الأشعل استاذ القانون الدولي دعوة الوفد بضرورة تحديد سلطات رئيس الجمهورية وإجراء تعديلات دستورية حقيقية تزيد من السلطات البرلمانية بالدولة بانها بداية حقيقية للاصلاح السياسي في مصر،‮ ‬وانتقد الأشعل الدستور المصري الحالي مشيراً‮ ‬الي أن الصفة الرئاسية فيه أعلي من البرلمانية بعكس ما هو عليه في دساتير الدول المتقدمة ويري الأشعل ان كون الرئيس هو مركز الثقل في الدستور المصري ليس خطأه وانما خطأ الشعوب التي تصنع الاستيراد بصمتها تارة وبالنفاق تارة أخري من اجل تعزيز مصالحها الشخصية‮.‬ وأكد الأشعل ضرورة تحول النظام السياسي المصري من رئاسي الي برلماني مشيراً‮ ‬الي أن هذا لن‮ ‬يحدث الا من خلال انتخابات رئاسية حرة تتنافس من خلالها جميع الأحزاب المصرية،‮ ‬عند ذلك فقط‮ ‬يمكننا تحديد سلطات رئيس الجمهورية بحيث لا تتعدي السلطات الشرفية فقط مثل افتتاح الدورات البرلمانية أو اصدار مرسوم بتعيين رئيس الوزراء تبعاً‮ ‬لرغبة الحزب الفائز بالحكم او مقابلة الدبلوماسيين واعتمادهم كسفراء من الدول الأخري‮.‬ واعتبر الأشعل ان أي تدخل من قبل رئيس الدولة في إبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية‮ ‬يعد بمثابة اعتداء مباشر علي سلطات رئيس الوزراء‮.‬ وحذر الأشعل من مستقبل مصر المظلم في حالة استمرار مهزلة الوضع السياسي الذي نعيشه متوقعاً‮ ‬انفجاراً‮ ‬غير معلوم المدي من كل فئات الشعب المصري ضد النظام وحينها‮ ‬يستطيع الشعب وضع دستور جديد‮ ‬يعبر عن ارداته ويقضي تماماً‮ ‬علي سلطات رئيس الجمهورية وفكرة الامتداد والتوريث‮.‬ وأكد الدكتور مصطفي عفيفي أستاذ القانون العام وعميد كلية حقوق طنطا الأسبق ان اجراء تعديلات دستورية جديدة هو الطريق الوحيد الذي‮ ‬يمكننا من تحديد سلطات رئيس الجمهورية مشيراً‮ ‬الي أنه هناك نظامين للحكم في العالم وهما الرئاسي والبرلماني أما النظام الرئاسي فتوزع فيه السلطات مناصفة بين رئيس الدولة ومجلس الشعب في حين ان النظام البرلماني‮ ‬يقضي تماماً‮ ‬علي سلطات رئيس الجمهورية وتنتقل جميعها الي رئيس الوزراء الذي‮ ‬يتم اختياره بالانتخاب من حزب الأغلبية في مجلس الشعب‮ .‬ أما عن النظام المصري فيصفه الدكتور عفيفي بأنه نظام‮ »‬مخلط‮« ‬ليس بالرئاسي ولا بالبرلماني انما‮ ‬يميل للنظام الرئاسي والحكم الفردي أكثر من‮ ‬غيره‮.‬ فرغم انتخاب اعضاء مجلس الشعب الا ان رئيس الجمهورية في مصر‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يحل مجلس الشعب وقتما‮ ‬يريد وفي المقابل لا‮ ‬يستطيع اعضاء البرلمان محاكمة رئيس الجمهورية بأي حال من الأحوال مما‮ ‬يجعل تحقيق الديمقراطية مستحيلاً‮.‬ العامل البشري يري الدكتور حسن احمد عمر خبير قانون دولي ان مشكلة مصر ليست في نصوص القوانين او الدستور وانما في العامل البشري القائم علي تنفيذها لذا لابد من اصلاح القيادات اذا لم تثبت بجدارة قدرتها علي استخدام سلطاتها بشكل جيد ولصالح العامة مشيراً‮ ‬الي أن مدي تقدم الدول‮ ‬يقاس بمقدار قوة قياداتها وسيادة قوانينها علي الجميع دون استثناء‮.‬ ويؤكد الدكتور حسن أن دول العالم الثالث هي فقط التي تخضع لحكم الرجل الواحد وتفضل القيادات في كل مناصبها لمصالحها الشخصية عن المصلحة العامة‮.‬ الدكتور محمود جامع المفكر السياسي والعضو السابق بمجلس الشوري أكد ان بيان الوفد بيان قوي ويعبر عن قاعدة شعبية عريضة وأضاف اننا اصبحنا في أمس الحاجة لتغيير الدستور مؤكداً‮ ‬أنه السبيل الوحيد لاقامة نظام برلماني سليم واشار الي أن التعديلات الدستورية الأخيرة لم تقدم جديداً‮ ‬وهذه هي المشكلة لانها ركزت مصير الأمة في‮ ‬يد شخص واحد وليس هنا أي دور للمؤسسات واصبح من الصعب المنافسة علي منصب رئيس الجمهورية ولابد ان‮ ‬يتضمن الدستور تحديد مدة الرئاسة والحرص علي استقلال القضاء وان تتم الانتخابات تحت اشراف قضائي كامل‮. ‬والغاء الاستفتاءات التي بدأت منذ عهد عبدالناصر الي الآن وتكون نتائجها دائماً‮ »‬90٪‮« ‬رغم عدم ذهاب المواطنين للادلاء بأصواتهم،‮ ‬وموضحاً‮ ‬أن تغيير النظام السياسي الحالي لا‮ ‬يتحقق إلا في وجود نظام ديمقراطي حقيقي‮ ‬يضمن اجراء انتخابات حرة نزيهة،‮ ‬فالكل‮ ‬يعلم ما‮ ‬يجري في الانتخابات الآن بداية من المحليات ومروراً‮ ‬بمجلسي الشعب والشوري وحتي انتخابات الرئاسة وأكد الدكتور محمود جامع ان البداية تكون من الانتخابات الحرة في وجود ديمقراطية تضمن سيادة القانون وهنا‮ ‬يمكن ان تجد تداول السلطة،‮ ‬موضحاً‮ ‬أنه لا‮ ‬يمكن وجود برلمان قوي ومتوازن‮ ‬يستطيع ان‮ ‬يحاسب الحكومة دون ان تتم الانتخابات النيابية بحيادية تامة وعلي أساس‮ ‬يمكن به ان تعيش مصر حياة برلمانية متوازنة‮.‬ محمد أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الاصلاح والتنمية أكد تأييده لبيان الوفد ورآه معبراً‮ ‬عن المطالب التي تنادي بها القوي الوطنية وأضاف‮: ‬الوفد‮ ‬يطرح البيان في اطار الشرعية ولذلك جاء معبراً‮ ‬عن رغبات المصريين وأشار الي ضرورة الاصلاح والتغيير في هذا البلد وتكون نقطة البداية هي‮ ‬الحد من سلطات رئيس الجمهورية وتداول السلطة وأوضح ان البيان رسالة للحزب الوطني بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي له ولابد ان‮ ‬يستغل هذه الفرصة ويدعو الي اجراء حوار وطني جاد لاقرار تعديلات دستورية وتشريعية عاجلة تفتح الطريق أمام مشاركة واسعة في مستقبل الوطن وطالب السادات بضرورة تغيير الدستور لان التعديلات الدستورية لعام‮ ‬2005‮ ‬وخاصة المادة‮ »‬76‮« ‬تضع موانع وقيوداً‮ ‬من الصعب جداً‮ ‬أن تكون هناك منافسة حقيقية وشدد علي ضرورة اجراء انتخابات حقيقية حتي‮ ‬يتحقق برلمان قوي،‮ ‬موضحاً‮ ‬ضرورة منع ضم المستقلين الي حزب بعد النجاح في البرلمان واكد ان طرح الوفد بأن‮ ‬يكون هناك جمهورية برلمانية هو الحل الأمثل للتغيير،‮ ‬فالحزب الذي‮ ‬يحصل علي الأغلبية‮ ‬يكون هو الحاكم وليس شرطاً‮ ‬أن‮ ‬يكون رئيس الحزب الحاكم هو رئيس الجمهورية‮.‬

0 comments :

إرسال تعليق