إهدار مليارات الجنيهات في عقد امتياز بين شركة تنمية ميناء العين السخنة وهيئة موانئ البحر الأحمر

البديل

العقد يعطي الشركة الأولوية في استغلال جميع الموانئ ومحطات الحاويات والبضائع والصب والأرصفة علي البحر الأحبلمر مستقبلا
الهيئة نجحت في تعديل بندين من الامتيارات مقابل حصول الشركة علي حق إنشاء وإدارة امتداد لمحطة الحاويات بمساحة 640 ألف متر مربع

كتب: رضا حبيشي

حصلت «البديل» علي نسخة من اتفاق تعديل العقد الذي وقعته هيئة موانئ البحر الأحمر وشركة تنمية ميناء السخنة في 9 فبراير 1999، والعقد يعطي الشركة الحق في إنشاء وإدارة واستغلال محطات الحاويات والبضائع العامة والصب الجاف بالحوض الأول لميناء شمال العين السخنة بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاماً، تضمن العقد العديد من البنود المجحفة لهيئة موانئ البحر الأحمر، والتي قطعت الهيئة فيما بعد شوطا كبيراً من المفاوضات مع الشركة لتغيير هذه البنود، وكل بند من العقد كان يتم تغييره كانت تحصل الشركة مقابله علي مكسب آخر. وكشف تعديل الامتياز عن شروط مجحفة وردت بالعقد الأصلي.
وكشف القبطان أنور عصمت السادات عضو مجلس الشعب السابق عن سر إبرام العقد بهذا الشكل، وقال «أحد رجال الأعمال أصحاب النفوذ ويدعي عمر طنطاوي كان الوسيط بين هيئة موانئ البحر الأحمر والشركة التي مثلها الربان أسامة الشريف في إنهاء العقد بين الطرفين بهذه الشروط المجحفة».
وأكد السادات حصول طنطاوي علي نسبة 10% من أسهم شركة تنمية ميناء السخنة دون أن يدفع فيها شيئا، مقابل دوره في إنهاء الاتفاق بهذا الشكل، وقال السادات «بعد حصوله علي 10% من الأسهم، باع طنطاوي الأسهم نفسها مرة اخري عام 2005 إلي أسامة الشريف بمبلغ 15 مليون دولار».
وأوضحت المستندات وجود بند في العقد يعطي شركة تنمية السخنة حق الأولوية في استغلال جميع موانئ أو محطات حاويات أو بضائع عامة أو صب أو أرصفة تخصصية في ميناء العين السخنة أو في أي موانئ أخري علي البحر الأحمر متي قررت الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر طرح عملية الاستغلال للغير، كما أعطي العقد للشركة الحق في الاشتراك مع الهيئة في القرارات التي تتخذها الهيئة حول طرق استغلال هذه الموانئ أو المحطات أو الأرصفة، بما يخدم مصالح الشركة.
وبعد مفاوضات استمرت ما يقرب من 9 سنوات لتغيير هذا البند، وافقت الشركة في 30 يناير 2008 علي إلغاء بند الأولوية مقابل حصولها علي حق إنشاء وإدارة وتشغيل امتداد لمحطة الحاويات بمساحة 640 ألف متر مربع وأطوال أرصفة 1300 م علي أن تتحمل الشركة تكلفة أعمال التكريك للحوض ودائرة الدوران وكذلك تكلفة إنشاء الأرصفة الجديدة وعمال المرافق، مع منح الشركة الخيار في الحصول علي امتداد إضافي للمحطة .
هذا ويكشف اتفاق تعديل الامتياز بنوداً أخري في العقد اعتبرها الربان محمد سعيد أيوب، رئيس الإدارة المركزية للخدمات البحرية والفنية السابق بميناء الإسكندرية، تؤدي إلي احتكار الشركة بالكامل لميناء العين السخنة، منها بند يعطي للشركة الحق في اقتراح إجراء التعديلات التي تراها مناسبة علي مناطق الامتياز الممنوحة للشركة، علي أن تقدم لهيئة موانئ البحر الأحمر الدراسات الفنية والاقتصادية لهذه الاقتراحات.
وبند آخر يعطي للشركة الحق في إنشاء وادارة وتشغيل محطة البضائع العامة بمساحة 160 ألف كيلو متر مربع وأطوال أرصفة 800 م، المخطط إنشاؤها مستقبلا، علي أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء الرصيف وأي أعمال تكريك وأعمال المرافق، وذلك وفقا لعقد امتياز جديد وشروط يتم التفاوض عليها تفصيليا. وبند آخر تمت إضافته إلي العقد في 30 يناير الماضي تحصل بمقتضاه الشركة علي مساحة أراض إضافية كامتداد لمحطة الصب السائل بمساحة 250 ألف متر مربع ليصبح إجمالي أراضي المحطة 4000 متر مربع علي أن تتحمل الشركة تكاليف تجهيز المساحة الإضافية ومدها بالمرافق وذلك وفقا لعقد امتياز جديد وشروط يتم التفاوض عليها تفصيليا، وغيرها من البنود الأخري المجحفة لهيئة موانئ البحر الأحمر.
وعندما باعت شركة تنمية السخنة في فبراير الماضي 90% من أسهمها لمجموعة موانئ دبي العالمية مقابل 670 مليون دولار، وهو الاتفاق الذي تم بحضور رئيس الوزراء الدكتورأحمد نظيف ورئيس موانئ دبي العالمية سلطان أحمد بن سليم، تقدم عدد من نواب مجلس الشعب بطلبات إحاطة حول وجود عيوب بالعقد الذي وقعته شركة تنمية السخنة وموانئ دبي العالمية.
حيث تقدم النائب هشام مصطفي خليل ببيان عاجل حول قيام الشركة ببيع 90% من أسهمها رغم أن الشركة لم تدفع للدولة أي شيء من حق الامتياز، الذي حصلت عليه منذ عام 1999، وذكر خليل أن كل ما قامت به الشركة هو إنشاء وحدة للتفتيش بالميناء تكلفت 8.5 مليون دولار فقط، وذلك بقرض من بنك التصدير والاستيراد الأمريكي، في حين أن الدولة استثمرت نحو 850 مليون جنيه في البنية الأساسية لهذا الميناء، مؤكدا ً أن العقد به عيوب كثيرة.
اللافت أن هناك اتفاقا وقع بين الشركة وهيئة مواني البحر الأحمر في 30 يناير 2008 يلزم الشركة بدفع 400 مليون جنيه للهيئة للدولة مقابل بعض ما تكبدته من مصاريف إنشاء الميناء، وفقا لما ورد بالاتفاق الذي حصلت «البديل» علي نسخة منه، تسدد 200 مليون جنيه خلال شهر من تصديق رئيس الوزراء علي هذا الاتفاق، 66.7 مليون جنيه في يناير 2009، 66.7 مليون جنيه في يناير 2010، 66.7 مليون جنيه 2011.
وقال الدكتور فريد إسماعيل عضو المجلس الذي تقدم بيان عاجل عن الاتفاق الذي أبرم بين شركة تنمية السخنة وموانئ دبي وقتها، إن هذا الاتفاق الأخير مع موانئ دبي يكشف الإهدار الكبير للمال العام الذي تخلل صفقة منح عقد الامتياز لشركة تنمية السخنة عام 1999، من جانب وزارة النقل والحكومة، وخسرت الدولة مبالغ طائلة في هذه الصفقة بسبب الفساد وعدم الشفافية وسوء الإدارة.
ونفس القصة تكررت في ميناء شرق بورسعيد عندما وقعت هيئة موانئ بورسعيد مع شركة ميرسك الدنماركية عقداً لإنشاء وإدارة محطة حاويات بميناء شرق بورسعيد، تضمن العقد بنداً لا يجيز للهيئة استقدام شركات أخري غير ميرسك لإنشاء وإدارة محطات حاويات يتم إنشاؤها مستقبلا بالميناء، وبعد مفاوضات استمرت لسنوات تم تغيير هذا البند ـ وفقا لقول اللواء هشام السرساوي رئيس قطاع النقل البحري في حوار سابق له مع «البديل». لكن تغيير هذا البند حصلت في مقابله الشركة علي مد فترة الامتياز الخاص بتشغيل الرصيف الأول لميناء شرق بورسعيد من 30 عاما إلي 49 عاما ومزايا أخري.
وكشفت الربان أيوب عن بند آخر مازال بالعقد مع ميرسك تشترط فيه الشركة علي وزارة النقل ألا يزيد حجم تداول الحاويات في ميناءي دمياط وغرب بورسعيد علي مليون حاوية سنويا في كل ميناء.
من جانبه قال اللواء ممدوح دراز رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر لـ«البديل» إن «العقد شريعة المتعاقدين، وكي تتنازل الشركة عن بعض الامتيازات كان لابد أن تحصل بالمقابل علي امتيازات جديدة، لأن التنازل لا يكون من طرف واحد، خاصة أن مجلس الوزراء درس العقد واعتمده بهذا الشكل».
وأضاف دراز: أنا غير مسئول عن هذا العقد لأني لم أكن موجودا هنا عام 1999، وكل وقت وله ظروف مختلفة»، وتابع حول حصول طنطاوي علي نسبة 10% من الشركة مقابل الوساطة: «لا علاقة لي بهذا الأمر ولم أكن حاضرا وقت توقيع هذا العقد ولا أعرف شيئا عن هذه النسبة».
وقال عمر طنطاوي في اتصال هاتفي مع «البديل» إنه ترك شركة تنمية السخنة منذ عام 2003 وانقطعت صلته بها منذ ذلك الحين ورفض التعليق علي حصوله علي نسبة 10% من أسهم شركة تنمية السخنة مقابل دوره في إبرام العقد بهذا الشكل وبيعه الأسهم لأسامة الشريف مقابل 15 مليون دولار عام 2005 قائلاً إنه لن يتحدث عن أي شيء يخص شركة تنمية السخنة ثم أغلق الخط.

0 comments :

إرسال تعليق