المصريون
أنور عصمت السادات
أقر وأعترف بأنه عنوان صعب ... وثقيل ..ويبعد كل من يطالعه أن يستمر .. حتي في قراءة السطر الأول .. ولكن وكما قال الفنان الراحل نجيب الريحاني ... شيء لزوم الشيء !!!
والشيء الاول هو أمريكا ... وسقوط رئيسها بوش من نظر الأمريكيين والعالم .. وتهاوي البنية التحتية للولايات الأمريكية في الفترة الأخيرة تحت ضغوط اقتصاديات حروب العراق وأفغانستان والإرهاب الوهمي .. ومحاربة العفريت الذي صنعة القادة الأمريكان بأنفسهم ليخيفون به العالم ... فإذا به هو ينقلب عليهم !!
دول ومجتمعات وشعوب الوقت الحالي لها نظرة وفكر مختلف كثيرا عما هو موجود بكتب السلوك الإنساني والحضارات ... ثقافة أخري غير التي تربيت عليها أجيال وشعوب طوال مائة عام مضت ...
في مائة عام مضت كانت هناك أيدلوجيات وكيانات فكرية مختلفة في توجهاتها .. ولكل فكرة أنصارها ومؤيدوها ومشجعوها ... والآن انقلب الحال بعد أن استكفي الناس من تلك الشعارات ومن الهلاوس الفكرية التي لم تقدم لهم سوي الشقاء والكفاح للبقاء بأفكار نظرية صعبة التطبيق .
اليوم غير الأمس وما كان ممكنا بالأمس أصبح الآن غير ذي جدوى وليس له وجود سوي في كتب التاريخ ..
احتياجات الإنسان البيولوجية من أكل وشرب وتناسل .. تتكامل مع احتياجاته من تبني أفكار وعقائد تساعده علي العيش والاستمرار في الحياة ..
ومع مرور السنين وتقدم العمر .. تموت خلايا الإنسان بنسبة تتفاوت من إنسان لأخر .. ولكنها تموت .. خلية وراء خلية ... الي ان يموت كلية ..و يتوفاه الله .. وتصعد روحه الي بارئها ...
تقادم مرافق الدول يتساوي مع تقادم الأيدلوجيات .... هل تذكر كتب ( ماو ) في الصين وانتشارها في العالم المنادي بالإصلاح الاجتماعي في دول العالم الثالث ؟؟ هل تذكر تلك الكتب الحمراء صغيرة الحجم وعليها صورة ماو تسيتونج وتجاربه الإصلاحية .. والثورة الثقافية في الصين ... هل تذكر هذا ... اين هو الان ... مع العلم بانه لم يمض علي تلك الحقبة الثقافية سوي 50 عاما فقط ... وهي فترة ضئيلة جدا في عمر الحضارات والشعوب ... ومع هذا اختفت تماما . وأختفائها ليس بأوامر أو قرارات سياسية عليا .. إنما التقادم التاريخي وضعها في مهملات التاريخ .
هل تذكر زعيم حركات التحرر في العالم الثالث وفي الدول التي كانت تنادي بالاستقلال عن الامبريالية الأمريكية ... هل تذكر شي جيفا ره ... وصورته التي كانت في كل الدول التي تنادي بالتحرر وتنادي بحقوق الانسان .... ووضعت صورته في حجرات الشباب جنبا الي جنب مع صور الفيس برسلي .. ومارلين مونرو .. وبلغ من مدي انتشار أفكار جيفاره، أن قام الملحن المصري المشهور سيد مكاوي بتلحين أغنية خاصة به ...( جيفاره مات !! ) وإذاعتها الإذاعة المصرية بصفة متكررة ... حدث هذا منذ أقل من 50 عاما مضت . واليوم لا يذكره هذا سوي المؤرخين الجدد !!!
مصر ... وفي العشرين عاما الماضية .. أختلط فيها ( الحابل بالنابل ) واختلطت فيها الأفكار التقدمية مع الأفكار السلفية القديمة ... ما بين مهاجم وبين مدافع ... مهاجم في مظاهر التقدم والحضارة والسلوك الشخصي ومدافع عن الحقوق الإنسانية وحرية التعبير والرأي ..
معارك علي صفحات جرائد رسمية وحزبية مستقلة ومعارضة ... وجميعها ....قد لا تكون مقروءة ... ونسب وحجم توزيعها يكاد يغطي نفقات ومرتبات العاملين بها ...
حركة الحياة الثقافية والفكرية انحصرت في التراث في كتب نجيب محفوظ وأنيس منصور ويوسف إدريس ...وقد يكون يوسف القعيد وجمال الغيطاني لهم نصيب ضئيل جدا من الاهتمام . اذا كان هذا في الثقافة فما بالنا بالسياسة ؟؟؟ هل تجتذب أحد ؟؟ هل هناك ظهور لأفكار أيدلوجية جديدة ... ؟ وهل للقديمة تواجد .؟ ام هي كتب مرصوصة في مكتبات كليات السياسة والاقتصاد لأغراض الحصول علي الدرجات العلمية ؟؟
حدث ولا حرج ... اذا تكلمنا عن الفنون التشكيلية .... ومدي تواجدها أصلا في المجتمع المصري ... هل تذكر الفنان حامد ندا ... ولوحاته التجريدية ... هل تذكر الأخوين سيف وأدهم وانلي .. هل تذكر صاحب القباب والمـاذن عبد الرؤوف عبد المجيد ... كل هؤلاء وآخرون شكلوا مصر ورسموا لمصر روحا فنيا .... اين نحن وشبابنا الآن من تلك الحركات الفنية ؟
... الأيديولوجية المصرية تقادمت مرافقها وشاخت .... ونبحث الآن عن الذات المصرية ..
ولنا وقفات مع الذات المصرية كثيرة ....
تقادم الأفكار وتقادم الأيديولوجيات سنه من سنن الكون ... والتجديد والإبداع هو ما يجعل العالم يستمر ويستمر في الحياة
مرافق الحياة والمرافق الأيدلوجية متكاملان في جسد وفكر الإنسان ... والمرافق الأيدلوجية ليست بدعة ولا ألفاظ ولا مستحدثات في القاموس السياسي !! انها شعب وأقسام في عقل الإنسان السوي وصاحب الأرض وصاحب التاريخ ..
و نشرت ايضا فى
المصرى اليوم بتاريخ ١١- 10- ٢٠٠٧
asadat@link.net
0 comments :
إرسال تعليق