المصريون
أنور عصمت السادات
مجتمع النصف في المائة !!!! يعود بصورة أخري بعد خمسين عاما من محاولات الإصلاح الاقتصادي ... بداية بقيام ثورة 23 يوليو 1952 ونهاية بالفكر الجديد للحزب الوطني .. مجتمع الصفوة ومجتمع رجال الأعمال ..يعود بصورة جديدة ...في قرن جديد.. وبما أن الصحافة هي انعكاس للمجتمع ... تعكس خلجات وتحركات وحوادث المجتمع فلنتصفح معا صحف اليوم... .في القاهرة وحدها ، لتعرف حجم التغير الذي حدث...
وآسف ، أصحح وأقول حجم الخراب الذي طرأ علي المجتمع المصري !!
. . الم تري وتنظر وتشاهد جريدة مثل جريدة الأهرام ... في عددها الأسبوعي كل جمعة .... وانظر إلي كم إعلانات الصفوة . من قصور وفيلات ومصايف مغطاة .. بل ومدن للصفوة ....وزيادة في الاستفزاز يقولون ( ليس مهم أن تكون من قاطني تلك المدن بل لك أن تفخر أن في مصر مثل هذه المدن العالمية ) انظر وأقرأ مدي التهميش لقطاعات الشعب البسيط في تلك الكلمات !!
وعلي جرائد أخري أخبار مجتمعات أخري تبحث عن رغيف خبز بسعر مدعم لسد جوع أطفال
وامرأة تحمل أوعية تبحث عن ماء ... ومجتمعات أخري كثيرة تعيش حياة العشوائيات ..في عشش وفي مقابر ..
.. وعلي صفحات أخري وجرائد أخري أخبار عن تعيينات رؤساء مؤسسات اقتصادية وبنوك بمرتبات خيالية ... ليس بسبب كفاءتهم الاقتصادية وخبراتهم التي لا حدود لها ولكن لقربهم وصدقاتهم من السلطة ....
وإذا كانت الحياة والأيام دول ... فإننا نعيش الآن عصر عودة التاريخ خمسين عاما مضت حين كان الفلاح لا يملك شيئا والعامل لا يحكم شيئا .. والتعليم والصحة في حالات متدهورة ..
ومن يملكون كل شيء نسبتهم لا تتعدي النصف في المائة ... قد أكون مخطئا في هذه النسبة ( النصف في المائة) ولكن للأسف ليس لدينا في مصر حتى الآن أي جهة رصد وإحصاء تستطيع أن تصدر تقارير يعتمد عليها او تكون موضع ثقة الباحثين ويأخذ بها بعيدا عن رقابة الدولة ومبررات الأمن القومي والأمن الاجتماعي .. إلي آخرة من المبررات التي تخلي العالم عنها الآن وأصبحت المكاشفة والصدق صفة وسمة الشعوب التي تريد أن ترقي بنفسها وشعوبها ...
زمن الباشاوات وزمن الإقطاع وزمن أغنياء الحرب يعود في ثوبه الجديد ....وبأسماء جديدة وصفات حديثة ..
وإذا كان هذا هو الوضع الآن ... فإننا نحتاج إلي جمال عبد الناصر آخر بفكر جديد ليعيد الكرة مرة أخري بطريقة جديدة .!! بل نحتاج إلي عشرات من صنف جمال عبد الناصر وليس واحدا ..
لماذا نحتاج جمال عبد الناصر الآن ؟؟؟ سؤال يطرح نفسه .... جمال عبد الناصر - رغم كل الاختلافات عليه وعلي عصره وعلي فكره وعلي أسلوب حكمه وعلي رفاقه .. إلا انه كان قادرا علي التغيير وله قدرة علي تنفيذ قراراته .. وبسرعة وإيجاد سبل التحقيق في أيام ... ضربا بكل القوانين الوضعية ، وسحقا لكافة أنواع البيروقراطية الحكومية والقوانين السلفية في الإدارة ..
والعنوان الرئيسي لكافة مشروعاته تنطوي تحت مسمي مصلحة الشعب ورفع مستوي الانتماء الوطني بين الشعب كله ... أغنيائه وفقرائه !!! وقد كان ... وتحقق في زمنه ..
الشباب هو دائما الأمل في التغير .. من حالات الإحباط واليأس إلي حالات التفاؤل .. وبالطبع ومن المنطقي أن ظهور عبد الناصر في ثوبه الجديد .. لن يكون من بين هؤلاء الصفوة !! ولن يكون واحدا من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم والمتحكم .. في تثبيت الفقر .. بعد أن أصبح الموجودون الآن ممن يملكون ويسيطرون علي مقدرات البلد أشبه بالنائمين والسائرين وسط قطيع يساق بعصا رفيعة ... تشير وتأمر وتوجه !!
مصر عام 1956 وفي فترة أزمة السويس والعدوان الثلاثي .. كان هناك منهج سياسي تتبعه أمريكا بقيادة وزير خارجيتها جون فوستر دالاس آنذاك وهو حافة الهاوية .. سياسة قديمة كانت تتبعها أمريكا في خلال فترة الحرب الباردة .. حيث تضع الخصم في موقف محير أما القبول بما تقدمه أمريكا أو الحرب وتتفاوض وتتمادي في المفاوضات إلي حد بعيد يصل إلي إعلان الحرب ..
والآن نحن نعيش علي حافة هاوية الانهيار في الاقتصاد ولكننا نبحث في نفس الوقت عن الخصم !!! من هو الخصم الذي يلعب معنا لعبة حافة الانهيار ؟؟ لقد أختفي هذا الخصم وتركنا نقع وننحدر إلي حفرة عميقة .. ولا نعرف من هو هذا العدو ... قد يكون من كثرتهم .. لا نعرفهم !
لست أقول أوهاما وأحلاما .. وأماني ... ولكني علي ثقة انه لابد من خطوات جادة وحقيقية في التغير .. لابد أن تحدث في المجتمع ... لابد من إلقاء حجر في البركة والبحيرة ذات المياه الراكدة والآسنة لتحدث موجات ودوائر متتالية ومكررة .. حتى ولو علي سطح هذه البحيرة ..!!
موجات من التغير والتغيير الحاد الذي يولد الأمل المنشود والمرجو وهو الأمل في الإصلاح والسرعة في التنفيذ لكثير من مرافق الدولة المرتبطة بالجماهير والطبقة الكادحة .... الأمل في انفتاح العقول والتسامح ومد جسور التفاهم بين أبناء الشعب الواحد ..
المرض والهم واحد ويمسنا كلنا في صميم حياتنا ...
رسالة واضحة وصريحة ابعثها إلي من يملكون اتخاذ قرارات اقتصادية في دولتنا .حتى وان كانوا لا يصغون ولا يستمعون للنداءات ..!!
. رسالة أرسلها إلي كل من يحب وطنه ويتمني له التقدم .. وأقول الأمل مازال باقيا في إعادة تقييم الأمور والمشكلات والنظر إليها بعين أخري .. أو بعيون آخرين غير تلك التي ينظر بها أبناء الحزب الوطني .... الاعتراف بالآخرين وبالرأي الأخر ضرورة تحتمها الظروف ...
أقول هذا بمناسبة ما تقوم به لجنة السياسات بالحزب الوطني من التفرقة بين ما هو حزبي وطني والآخرين ..
0 comments :
إرسال تعليق