أزمة الإخراج

المصرى اليوم

بقلم محمود مسلم

هناك موجة معارضة شديدة تجتاح المشروعات التي تعلنها الحكومة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو حتي الاجتماعية، وقد ترجع أسباب ذلك، بالدرجة الأولي، إلي اتساع مساحة الحرية، ووجود حالة من الفراغ السياسي تتناب بعض قوي المعارضة، هذا بالإضافة إلي ظهور قوي معارضة جديدة، تبحث لها من مكانة في الشارع المصري، كما أن المواطن أصبح أكثر تقبلاً لأي كلام ضد الحكومة، حتي لو وصل إلي حد التجريح، حتي يشبع احتياجاته التي حرم منها سنوات طويلة، لم يكن فيها أحد قادراً علي انتقاد مسؤول، باستثناء زوجته في المنزل.

لقد كشفت عملية بيع بنك القاهرة أن هناك أزمة كبيرة، تعاني منها الحكومة تتمثل في طريقة إخراج أي قرارات، بمعني أسلوب إعلانها وعرضها علي الجماهير، ومحاولة إقناعهم بها، كما أكدت النقص الشديد في المتحدثين المدافعين عن قرارات الحكومة وسياساتها. وللأسف فقد فشل أسطول الإعلام المصري، بما يضم من قنوات وصحف، في مواجهة المعارضة، أو في تسويق قرارات الحكومة، فالموقف نفسه يتكرر، سواء في التعديلات الدستورية أو قانون مد السن للقضاة، أو قانون مباشرة الحقوق، أو كادر المعلمين، أو حتي أزمة إسقاط العضوية عن النائب محمد أنور السادات، أو صفقة بيع عمر أفندي، وغيرها من القضايا الجماهيرية التي دخل فيها النظام معركة ضد المعارضة، ونجحت الأخيرة في استمالة عواطف الجماهير نحوها، ورفض قرارات الحكومة، التي فشلت أيضاً حتي الآن في تعلم فنون الإخراج، أو في إعداد كوادر كمتحدثين يواجهون المعارضة ومن خلفهم الجماهير، سواء عبر لقاءات شعبية أو من خلال أسطول القنوات والصحف، خاصة أن العديد من قيادات النظام يفضلون عدم توريط أنفسهم في قضايا يعتقدون أنها يمكن أن تنتقص من شعبيتهم أو مصداقيتهم، وهي أزمة أخري تكشف أن الحوار الداخلي مفقود أو أن القرارات تصاغ في مطابخ أخري.

لقد خرج علينا المسؤولون، بعد إعلان صفقة بيع بنك القاهرة، ليؤكدوا أن هناك خطة لإصلاح القطاع المصرفي منذ عام ٢٠٠٤، وفاتهم أن أحداً لا يعلم بهذه الخطة، وأن بعضهم نفوا أكثر من مرة بيع بنك القاهرة، كما أن طريقة «الصدمة الكهربائية» أصبحت هي العادة في القرارات الحكومية.

أعتقد أنه إذا كان النظام قد نجح خلال السنوات الماضية في استقطاب عقول مصرية متميزة كثيرة ضمن صفوفه، فإنه مطالب بتدريب بعض منهم علي المواجهة الإعلامية، بدلاً من أن يتواروا، خوفاً من هذه المواجهة، مع ضم بعض المخرجين الأكفاء، للمساهمة في إخراج مثل هذه المواقف الحرجة، مثل يوسف شاهين ومحمد فاضل وشريف عرفة ومروان حامد وشريف صبري!

0 comments :

إرسال تعليق