إهانة الطيب للنواب تثير أزمة حادة بالبرلمان

الكتلة البرلمانية للاخوان المسلمين

كتب: عادل عبد المجيد

تسبَّب الدكتور أحمد الطيب- رئيس جامعة الأزهر- في حدوث أزمةٍ حادة خلال الاجتماع المشترك للجنتي التعليم والدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب أمس الإثنين 25-12-2006، والذي خُصص لمناقشة أحداث جامعة الأزهر.
بدأ الطيب حديثه بشنِّ هجومٍ شديد على النواب، قائلاً إن مناقشاتهم مجرد صراخ.. وقال: أنا من حقي أن أتحدث كيفما أشاء داخل المجلس كما أعطيتكم الحقَّ أن تصرخوا ساعةً كاملة، وهنا انفعل النواب بشدة- سواء من الإخوان أو المعارضة وبعض نواب الوطني- رافضين إهانة رئيس جامعة الأزهر لنواب الشعب، وأكدوا أن الطيب وجَّه إهانةً بالغة للأعضاء، ولا بد أن يعتذر عنها، وقال بعضهم بصوت مرتفع: إذا كان هذا هو حال رئيس الجامعة مع النواب حيث جاء لإعطائهم درسًا في الأخلاق، فماذا عن وضع الطلبة؟
ولم يكتف رئيسُ الجامعة بذلك بل إنه استمر قائلاً: أعذر مجلس الشعب إذا كانت قضاياه تُعالج بهذه الطريقة الانفعالية، وقاطعة النائب المستقل سعد عبود قائلاً: لا يجوز لك أن تقول هذا الكلام، فنحن الذين نحاسبك ونرشدك، ولا يصح أن تنصب نفسك مرشدًا على نواب الشعب فهذا لا يليق إطلاقًا.
وفاجأ نائبُ الوطني إبراهيم أبو شادي- رئيس جامعة الأزهر قائلاً بصوتٍ مرتفع: "أنت السبب في كل ما جرى في جامعة الأزهر؛ لأنك قافل مكتبك عليك وما بتستقبلش حد، وأعتقد أنك مفتحتش بالك لهؤلاء الطلاب" الذين كانو يحتاجون إلى الحوار.. واستطرد بقوله: وأنت ونائبك علاء الصاوي حوَّلتم الجامعة إلى عِزبة".
وتحدث في بداية الاجتماع المشترك للجنتي التعليم والدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب عددٌ من النواب، وقال النائب عبد الحليم هلال- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان- "أمتنا في مرحلةٍ خطيرة تحتاج إلى لغةٍ حوار بين الجميع لتقريب وجهات النظر حتى نعمل جميعًا أغلبية ومعارضة من أجل صالح البلد"، مشيرًا إلى أن ما حدث في جامعة الأزهر تمَّ الاعتذار عنه، ولكن هناك إصرارٌ عجيب على تصعيد القضية رغم أن ما فعله الطلاب كان نتيجةً طبيعية لما يحدث معهم من محاولات إقصائهم من ممارسة حقهم الطبيعي في الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب.
وتحدث د. عبد الأحد جمال الدين- زعيم الأغلبية- فوجَّه تحيةً باسم المجلس كله لرئيس جامعة الأزهر، وقال إنه لا يقبل أي مبررٍ للعبث بأمن الجامعة ولو حدثت أي تجاوزات من الإدارة بحق الطلاب يجب رفعها فورًا لرئيس الجامعة، وتساءل هل أحد في مصر يريد أن تتحول بلدنا إلى لبنان أخرى أو فلسطين أو الصومال؟.
وقال النائب المستقل أنور عصمت السادات إن الجميع اتفق على أن ما حدث من الطلاب كان تجاوزًا مرفوضًا، والجميع قد اعتذر عن ذلك وهذه مسألة محسومة ولا يجب أن نعطيها أكبر من حجمها ولكن السؤال لماذا حدث هذا؟
وأضاف أن مشهد الطلاب يتكرر كثيرًا في المصانع والنقابات والشركات؛ بسبب حالة الاحتقان التي يشعر بها الجميع في مصر، مؤكدًا أن الإخوان ليسوا مسئولين عما حدث، والبعض استغل هذه الواقعة لتشويه صورتهم، ولكن يجب أن نحل هذه القضية من جذورها، بحيث يتمكن الطلاب من المشاركة الجادة في الأنشطة الطلابية من دون تدخل أمني.
وقال إن من يتحدثون دائمًا عن استبداد الإخوان أسألهم وماذا عن استبداد السلطة؟ ومن الذي فتح باب جامعة عين شمس للبلطجية؟ مشيرًا إلى أنه من الظلم أن تستمر هذه الحملة البوليسية ضد الإخوان؟، خاصةً وأن القضية كلها تقع مسئوليتها على الدولة.
وأكد النائب الشيخ ماهر عقل- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين- أنه حينما قام أحد نواب الوطني بإهانة وزير الأوقاف في المجلس وقدم اعتذاره بعد ذلك قبِلنا الاعتذار، بل إن رئيس المجلس نفسه قد أثنى عليه ولكن عندما يعتذر شباب جامعة الأزهر لم يُقبل منهم ويريدون أن يذبحوهم، مضيفًا: إننا نعالج ظاهر القضية وليس جوهرها لأننا لم نضع أيدينا على الأسباب التي دعت هؤلاء الطلبة لكي يفعلوا ذلك، ولماذا يستبعد هؤلاء الطلاب من المشاركة في الاتحاد رغم أن جميع التيارات الأخرى ممثلة؟ وسياسة الإقصاء لا يقبلها أحد وشعور الشباب بالقهر يولد الغضب.
وأشار إلى أن الإسلام يدعو للحوار، وقد حاور الله إبليس وحاور موسى فرعون، ولكن الدولة مُصرَّة على الصدام بدلاً من الحوار، مؤكدًا أن القضية كلها في ثوبٍ لبسه الطلاب فأصبح كقميص عثمان، غير أنهم لم يعتدوا على أحد واعتذروا عن ذلك وأبدى الجميع اعتذاره ولكن الحكومة مصممة على التضخيم والتصعيد.
وتحدث النائب الشيخ السيد عسكر- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين- مطالبًا بسيادة العدل بين جميع أبناء الشعب المصري وعدم الكيل بمكيالين، وقال إن العدل أساس الملك والشباب هم أولى الناس بذلك؛ لأنهم أبناؤنا ومعاملاتهم بشدة وعنف أمر خطير يمكن أن يجلب علينا الخراب والدمار.
وأضاف أن الكثيرين يقولون إن الجامعة مكان لتلقي العلم وليس مكانًا للسياسة فأين سيتدرب الطلاب على العمل السياسي إذا لم يحدث ذلك داخل الجامعة؟، وهل أصبحت الجامعة فقط مكانًا للحفلات الماجنة والهابطة؟؟ واستشهد بما حدث في جامعة المنصورة حينما تم تنظيم احتفالٍ غنَّى فيه أحد المطربين أغنية "بحبك يا حمار"، واستطرد عسكر بقوله "اللي بيحب الحمار حرية رأي أما اللي عايز يمارس حرية السياسة فممنوع"!! وأكد أن الأب حينما يخطئ ابنه يرشده ويوجهه ولا يذبحه كما حدث مع طلاب جامعة الأزهر.
وعقَّب د. مفيد شهاب- وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية- على قيام الحكومة بالكيل بمكيالين حينما تصر على عدم قبول اعتذار الطلاب رغم أن المجلس نفسه قبِل اعتذار وزير الثقافة فاروق حسني حينما أساء للحجاب والمحجبات، واعتبر شهاب أن الوضع مختلف تمامًا حيث إن حجم الخطأ الذي وقع فيه طلاب الأزهر يحتاج إلى المساءلة القانونية وليس مجرد الاعتذار.
ثم تحدَّث رئيس جامعة الأزهر- الدكتور أحمد الطيب- بعد مشاداتٍ حامية مع النواب محاولاً تهدئة الأمور بعد أن أشعلها أسلوبه غير الموفق قائلاً "اسمعوني ثم ضعوا كلامي في سلة المهملات إذا لم يعجبكم"، واستعرض الطيب في بداية حديثه تاريخَ توليه رئاسة الجامعة وعلاقته بطلاب الإخوان منذ أول يوم لتسلمه منصبهن وكيف تعامل مع المظاهرات والاعتقالات الطلابية، مؤكدًا وجود علاقة احترام متبادل بين الجانبين.
وقال إنه مع بداية هذا العام فوجئ بلافتةٍ كبيرة تعبر عن طلاب الإخوان المسلمين بالجامعة وأشار إلى أنه أحضر ممثلين عن الطلاب وتناقش معهم في هذه القضية، وقال لهم إنه لن يستمر هذا الوضع في حرم الجامعة، ووعدتهم بأنه سيتم تسكينهم جميعًا بالمدينة الجامعية، ولكنني فوجئت بالطلاب ينظمون اعتصامًا بالجامعة لعدم التسكين رغم أني وعدتهم بإنهاء هذا الموضوع، ووقتها قلت لهم "عشان الموقف ده اضربوا دماغكم في الحيطة وامشوا ومفيش تسكين"، وبدأوا في تصعيد المظاهرات ضدنا وبعدها بأيام طلبت منهم إحضار أمتعتهم لإسكانهم.
وأضاف الطيب "بتجيلي تقارير عنهم أنهم في بداية السنة يتسللون إلى الطلبة الوافدين لتقديم خدمات لهم ويشترون لهم ملف التقديم؛ حيث إنهم مدربون على هذا الأسلوب وما يفعله هؤلاء الطلاب أكبر بكثير من إمكاناتهم وطاقاتهم وتفكيرهم، وقد تحاورت معهم وقلت لهم "لو لهفكم الأمن مش هعرف أجيبكم"!!
وأضاف: بعد هذه المظاهرات نظَّم الطلابُ حفلاً لاستقبال الطلاب الجدد وسوقا (معرضًا) لبيع الكتب دون الحصول على إذن الجامعة، وأمرت بإنهائه فورًا وأمرت بتحويل الطلاب الذين نظموا السوق لمجلس تأديب، ولم يحضروا في البداية ثم حضروا بصحبة محققين وقالوا لا نعترف بقانون 103 الخاص بالجامعة.
وحول الانتخابات الطلابية برَّر رئيس الجامعة استبعادَ الطلاب بقوله "عندما يكون لدينا طلاب يرفعون راية جماعة محظورة قانونًا أليس من حقنا أن نقول لهم ليس من حقكم دخول الاتحاد؟ إذا أتى واحد مجرم من الخارج وقال عايز أشارك في النشاط الشرعي أسمح له؟"، واعترض نواب الإخوان على هذا التشبيه.. فاستطرد الطيب قائلاً إنه لا يقصد الإساءة للطلاب.
ونفى رئيس جامعة الأزهر ما تردد حول قيام أحد الضباط بالجامعة بركل طالبةٍ بقدمه (بالشلوط)، وأشار إلى أنه لما سمع عن هذه الواقعة ذهب للطالبات المعتصمات وطلب الاستفسار حول الواقعة، متعهدًا بمعاقبة هذا الضابط بترك مكانه فورًا، وأمر بتحويل الموضوع للتحقيق، غير أن الطالبة تراجعت بعد تهديد رئيس الجامعة بفصلها إذا كانت مدعية على الضابط، وأضاف فوجئت برئيس الحرس يقدم اعتذاره نيابةً عن كل الضباط، مؤكدًا أن هؤلاء البنات مثل أبنائه تمامًا.
وقال الطيب "حذرت الطلاب من عمل الاتحاد الموازي، وقلت لهم إذا افترضنا أن الدولة قد منعتكم من دخول الاتحاد فتعالوا معًا نتحاور حول هذا الأمر، ولكن مفيش اتحاد موازي وسأحولكم إلى مجلس تاديب".
وأشار إلى أنه أصدر قراراتٍ بفصل 6 طلاب، فتجمَّع الطلاب يوم الخميس واعتصموا وتظاهروا اعتراضًا على الفصل، وأضاف "قلت لهم إنني مستعد أن أرفع هذه القرارات إذا أحضرتم أولياء أموركم وطلبت منهم كتابة اعتذار فرفضوا، وقالوا لن نفعل ذلك إلا إذا ألغيت الاتحاد المعين، وبعدها بأيام- بعد العرض اللي عملوه- علمت أنه تم القبض عليهم من مبنى الصفا خارج الجامعة والمسألة أصبحت الآن يد الدولة".
وعقَّب الدكتور مفيد شهاب مؤكدًا ضرورةَ تحقيق استقلاليةٍ بمعناها الحقيقي بحيث لا تتدخل السلطة التنفيذية في أي شأنٍ يخص الجامعة ولا تتدخل أي قوى حزبية أخرى كذلك، مشيرًا إلى أن الرأي العام كله يقول إنكم حظرتم العمل السياسي في الجامعات ولم يعد موجودًا داخلها سوى الإخوان المسلمين، فيجب أن يتم منع الإخوان والأحزاب على حد سواء! وقاطعه نواب الإخوان والمعارضة قائلين "وجمعية المستقبل يا سيادة الوزير"، فرد قائلاً لا بد أن تبقى الجامعة بعيدة عن أي تدخلات خارجية، وهذا ليس معناه إلغاء النشاط السياسي بالجامعة!
مشادة أخرى
كما شهد الاجتماع مواجهة ساخنة بين نائب الوطني- لواء الشرطة السابق محمد عبد الفتاح عمر- وبين نواب كتلة الإخوان المسلمين في المجلس؛ بسبب ادعائه أن واقعة الأزهر يقف وراءها التنظيم السري أو الخاص للإخوان المسلمين.
ورد نواب الإخوان بقوة على هذه المزاعم، وقاطعه النائب صبري خلف الله- عضو الكتلة البرلمانية للإخوان- قائلاً: هذا الكلام غير مسئول وغير حقيقي وإذا كنا سنتحدث بهذه اللغة لن نستمر في الاجتماع، وهنا تدخل نائب الوطني حمدي شلبي قائلاً: يقول اللي هو عايزه ياسيدي زميلك النهارده في الجلسة قال إن الحكومة فاشلة ومحدش رد عليه.
بدوره، قال صابر أبو الفتوح- عضو كتلة الإخوان- "بالذمة ده كلام يخرج من نائب شعب.. أنت نائب عن الشعب أم الحكومة"، وقال محمود مجاهد- عضو كتلة الإخوان- "كلام عبد الفتاح عمر لازم يتحذف من المضبطة لأنه مجرد ادعاء باطل".
واستكمل نائب الوطني محمد عبد الفتاح عمر ادعاءه قائلاً: جماعة الإخوان منذ عام 1982 وهي تمارس الإرهاب، وهنا احتدَّ نواب الإخوان ووقف غالبيتهم معترضين على هذا الكلام ورد بعضهم مثل: سعد الحسيني وحازم فاروق عليه بالقول: انت اللي إرهابي وبتاع تعذيب.. ولاَّ نسيت إنك المتهم التاني في أكبر قضية تعذيب في مصر.. أنت تاريخ أسود ومجرم في حق بلدك".
ووجَّه حسين محمد إبراهيم- نائب رئيس كتلة الإخوان- حديثه لعبد الفتاح قائلاً: يا محمد انت عذبت الإخوان وتاريخك أسود ومعروف للجميع، .. وجاي تتهم الإخوان بالإرهاب.. انكسف على نفسك يا مجرم".

0 comments :

إرسال تعليق