دولة قطر... في سباق الخير والمعرفة

الدستور

المتسابقون في الخير ليس أكثر .. بل قائل .. ودولة قطر واحدة من دول الخليج التي دخلت هذا السباق من منطلق إنها دولة تملك ثروات نفطية كبيرة وفكراً متفتحاً.. وفي قطر أقيمت دولة جديدة.. أو بالتعبير المصري الشعبي - دولة زى ما بيقول الكتاب - أهم ما يميزها انها اتخذت من فكر السياسة الخارجية مبدأ لها وأساساً لها ..
أجيال جديدة في قطر وفي دول الخليج ، هم أبناء حكام جيل ما قبل الستينات وحتي نهاية القرن الماضي .. أجيال لا تعترف بالميراث والتركة التي خلفها لهم إباؤهم .. ولا تعترف بالمسلمات والثوابت التي تركها لهم أجدادهم .. حتي لو كانوا رؤساء أو ملوكاً أو أمراء .. تعلموا الحياة خارج بلادهم .. تعلموا السياسة والاقتصاد .. بعيداً عن مؤثرات السلطنة والمملكة ... نظروا للأمور من بعيد .. فكان حكمهم علي الأشياء حكماً خالياً من المؤثرات وبعيداً عن الانتهازيين الذين يحيطون الملوك والأمراء .. ويفسدون أنظمة الحكم ..هؤلاء الشباب عرفوا قيمة الحياة وقيمة المشاركة وقيمة التضامن القومي .. تعلموا .. كيف تبني الدول .. وكيف توضع القوانين .. وكيف يخطط للمستقبل ... وكيف يخدم الفكر السياسي دولهم الصغيرة.
و شباب حكام قطر أيقنوا أن الملك لله وحده... ولن يبقي لهم ذكري سوي عملهم في رفع مستوي معيشة أهلهم وأبناء وطنهم.. وفي الخير والعطاء الذي يقدمونه .. وبدءوا بالديمقراطية وفتحوا أبواباً لها في بلدهم... منتديات للفكر والحوار.. وحتي الاختلافات والنقد ..
و دولة قطر اتخذت من منهج وفكر السياسة الدولية قاطرة لباقي فروع الحضارة.. أنشأت أشهر محطات الفضائيات الإخبارية الحرة ( الجزيرة ) وسمحت بقيام المؤسسات الفكرية علي اختلاف أيدلوجياتها ومعتقداتها ... ولم تخشي أحداً من الجيران العرب في اتهامها أنها تصدر الأفكار إليها !! وصنفت عالمياً بأنها من أفضل الفضائيات الإخبارية وأكثرها مشاهدة ..
استوعب حكامها دروس التاريخ واستغلوا ثرواتهم في نشر الأفكار الحرة.. ولم يستخدموها في إثارة قضايا وخلافات مع الدول المجاورة.. مثل بعض الدول النفطية ..
والمقارنة بين مصر وقطر لن تكون منصفة ، فلماذ الشعور بالغيرة ؟؟ او الشعور بقلة الحيلة وقلة الموارد ؟ ... فلكل من الدولتين أسلوبها وظروفها، تجعلها تأخذ طريقاً قد يكون مخالفاً للآخر في محاولة النهوض بالمستوي الاقتصادي والحضاري لبلده .. ولكن ما يقوم به بعض الكتاب المصريين والصحفيين من تلميحات عن حكام قطر وعن أسلوب عملهم وعن أفكارهم ، لا يخدم أحداً .. بل يعود بنا الي الوراء و يقلل من قيمة وحجم الأعمال التي تصب في مصلحة المواطن العربي بصفة عامة ..
حكام وحكومة قطر ، الممثلة في شباب جديد تحدثوا عن الديمقراطية وفتحوا نوافذ لنشر الوعي والتنوير لها في بلدهم في شكل منتديات ولقاءات للبحث والتحليل .... ومساحات واسعة للخلاف في الرأي وفى وجهات النظر .... وكانت أعينهم وعقولهم علي مصر في كثير من تحركاتهم ...وعندما يدعون علماء أو أصحاب فكر او سياسيين أو اقتصاديين أو إعلاميين .. تكون مصر هي الدولة الأولي بالحضور المكثف لمؤتمراتهم وندواتهم .. مهما كانت أهداف هذه اللقاءات .. ( منتدى الديمقراطية والإصلاح الثاني الذي انعقد في الفترة من 27 -29 مايو 2007 ... علي سبيل المثال حضره أكثر من 100 مدعوا من مصر وحدها ) والقضايا المطروحة علي الحاضرين في الندوات... قضايا كلاسيكية.. وليست جديدة بالمعني المفهوم .. وحتى الآراء والاقتراحات المتداولة .. لم تأت بجديد ..وكان يمكن أن تطرح في مصر ..بدون هذا المؤتمر .. ولكن .. مجرد الحضور والزيارة يخلق روحا من الألفة بين الأشقاء ويضع حدا أدني لتقريب وجهات النظر .. وهذا هو المطلوب .. أو علي الأقل واحداً من أهداف هذه المؤتمرات والندوات ان يجتمعوا لتقضية وقت مثمر وبناء ... ولن أقول أنهم سوف يحلوا شفرة قضايا الشرق الأوسط .. وإنهم سوف يخرجون أمريكا من العراق ... ولكن اجتماعهم رحمة .. وأفضل من تشتتهم و تفرقهم .. وهو هدف يستحق ان ينفق علية الملايين.
وهل شباب الخليج عندما يأتي الي مصر ينشد أكثر من الراحة والسكينة والتآلف وتبادل وجهات النظر و .. تبادل مصالح والمعايشة مع أشقائهم المصريين ..
دول الخليج العربي .. أغني دول المنطقة .. ولكل دوله منها صفات تختلف عن الاخري ولكل بلد مذاقه الخاص في الحضارة والثقافة والحياة بصفة عامة .
وما تفعله السيدة حرم السيد رئيس الجمهورية في مصر من مشروعات تخدم بها المجتمع المصري لا يعيه أو يفهمه سوي المصريين الذين يشعرون بحاجتهم الي تلك المشروعات .. وبالتالي ما تقوم به الأسرة الحاكمة وعلي رأسها الشيخة موزة في قطر من مشروعات تنموية وإنشاء مؤسسات وكيانات ثقافية وعلمية .. لا يقدره ويفهمه سوي القطريين من أبناء البلد .. وهن يلقين تقديرا واحتراماً إقليمياً و عالمياً ...ولا شك ان الكل يسعي في سباق الخير والمعرفة .. ومضمار سباق الخير والمعرفة عريض وطويل ويستوعب كل الجهود و المشاركة لرفاهية الشعوب .
ولا شك ان امتلاك الثروات محنة .. واختبار من الله –سبحانه وتعالي – وسيسأل عنها يوم القيامة .. كل الحكام والقائمين عليها .. فيما أنفقت تلك الثروة .. هل في أعمار الأرض ..؟ او خراب النفوس والذمم ؟؟ والمؤامرات والتخريب ..
فإذا كانت دولة صغيرة مثل دولة قطر تحاول أن تقوم بمبادرات ..من شأنها رفع مستوي المواطن العربي إنسانياً و حضارياً ... فهناك دول أخري تملك مثل ما تملك قطر ولا تفعل ما يعمر الأرض .. فهل تتساوي الدولتان..؟ ان حجم ونوعية مساهمات دولة قطر في إنشاء المؤسسات والكيانات التنموية والعلمية يفوق ما تقوم به الدول العربية مجتمعة ... فلما التهكم عليها ؟ولم النقد علي إقامتها ندوات ومؤتمرات تدعو إليها سياسيين ومفكرين وإعلاميين من كل الدول العربية والعالم ؟ ونحن في اشد الحاجة الي حوار الثقافات ومعرفة الآخر .

أعداد ونوعية الجامعات ومراكز البحث العلمي والثقافي، بقطر يفوق احتياجاتها الحالية والمستقبلية .. وتستوعب طلاب علم من كل الدول المحيطة بها .. حتي انها اجتذبت الدكتور /أحمد زويل لإقامة صرح علمي بقطر .. بعد ان فشلت مصر في تدبير وسائل إقامة تلك الجامعة ...! وطلبت من الدكتور زويل تدبير التمويل اللازم لها .. وهو عالم وليس مقاولاً !! ونفس الموضوع تكرر مع علماء مصريين آخرين مثل الدكتور فاروق الباز .. وغيره الكثيرين .. اجتذبتهم قطر ... ولا ألوم علي العلماء ولا ألوم دولة قطر .. فسباق الخير والمعرفة مفتوح للجميع .. ان يعمل الدكتور زويل في القاهرة فكأنه يعمل في الدوحة تماما .. النتيجة واحدة وهي خير سوف يعم علي العالم العربي والمواطن العربي .. مصدرة مصر او قطر ...لا يهم .
نعيب علي قطر .. والعيب فينا وبأيدينا ..وننسي انه سباق .. في الخير ولمصلحة شعوبنا .. سواء أقيم هذا الخير بالقاهرة او بالدوحة .. الكل سيستفيد ..
مصر دولة وحضارة وتاريخ ..برجالها ونسائها وشبابها ...قد تهتز لبعض الوقت .. بسبب اهتزاز بعض حكامها ولكنها قيمة كبيرة وباقية ، وفي النهاية .. لا يصح الا الصحيح ..

و نشرت ايضا فى
الوطن بتاريخ 14-6-2007




أنور عصمت السادات
asadat@link.net
Asadat@democraticfront.org
ت : 4184919 فاكس 4185069

0 comments :

إرسال تعليق