الاهرام
تحقيق-جمال الكشكي ونادر محمود طمان:
اسقاط العضويه يتطلب تصويت ثلثي اعضاء المجلس ضد النائب المخالف
لا تزال اصداء اسقاط العضويه عن النائب محمد انور السادات تثير جدلا داخل اوساط البرلمان, وتذكرنا بوقائع اسقاط العضويه علي مر التاريخ لتوكد ان القانون لن يرحم المخالفين مهما كانت احجامهم ومراكزهم بدءا من مكرم عبيد باشا والشيخ عاشور مرورا بكمال الدين حسين وحتي اشهر واقعه هزت البرلمان وهي واقعه نواب المخدرات العشره الذين ثبت تورط بعضهم في تجاره المخدرات, واعتبرهم البرلمان نموذجا يسيء الي ممثليه تحت القبه.
اما احدث واقعه فهي واقعه النائب السادات الذي صدر ضده حكم من محكمه استئناف القاهره باشهار افلاسه بسبب عدم سداده شيكا لشركه دنماركيه بمبلغ250 الف دولار امريكي واعتبرت اللجنه الدستوريه والتشريعيه هذا الحكم يفقد النائب شرطا من شروط الثقه والاعتبار, وانتهت في تقريرها الي اسقاط عضويه النائب السادات ووافق المجلس علي راي اللجنه باغلبيه316 عضوا مقابل80 عضوا رفضوا الاسقاط.
الاقاويل كثيره حول هذه الواقعه, لكنها ليست الواقعه الاولي ولن تكون الاخيره في ظل هذه الاجواء التي يشهدها البرلمان.. فالمضبطه شاهده علي وقائع واحداث جديده.
فلنبدا من جلسه يوم12 يوليو عام1943 عندما انتهي اجتماع مكتب مجلس النواب الي قرار يقول اتخذنا قرار فصل حضره النائب المحترم مكرم عبيد باشا نائب قنا ووجهت اليه اتهامات بان النائب قد سلك مسلكا يتنافي مع الصدق والنزاهه والامانه وصحه الحكم علي الناس واللجوء الي سلاح الاختلاق وتشويه الحقائق كما ورد في كتابه الاسود الذي جرح فيه الحكومه ابان تولي النحاس باشا رئاسه مجلس الوزراء, واعتبر قرار مجلس الامه ان النائب مكرم عبيد باشا لم يصبح جديرا بشرف النيابه عن الامه ويتعين فصله من عضويه المجلس وفقا لنص الماده112 من الدستور, وقد وافق المجلس باغلبيه(208) اصوات علي فصل النائب.
دراما هذه الواقعه ملات انذاك ارجاء الاوساط السياسيه وصار اسقاط هذه العضويه علامه فارقه في تاريخ الحياه البرلمانيه وسط النواب.. ومرت السنون والازمنه لكن لم تتوقف الخلافات مع الحكام والروساء وها هي واقعه اسقاط العضويه عن لبيب شقير رئيس المجلس ووكيله عام1971 عندما حدثت خلافات ثوره14 مايو من نفس العام.
اما الواقعه الاكثر سخونه فهي واقعه كمال الدين حسنين واحد اعضاء مجلس قياده الثوره ووزير الشئون الاجتماعيه ووزير المعارف والتربيه والتعليم عندما كان نائبا بالبرلمان عن دائره بنها.
وتتصاعد دراما الحكايات.. وتفرد القصص اوراقها لتتوقف عند صفحه الشيخ عاشور نائب دائره الجمرك بمحافظه الاسكندريه.. ففي يوم21 مارس عام1978 احال المجلس اقتراحا مقدما من خمسين عضوا يطالبون باسقاط عضويه عاشور محمد محمد نصر.
وما كان للمجلس الا ان يتباري في سرعه توجيه اللوم والمطالبه باسقاط عضويه الشيخ عاشور وبالفعل قد حدث وتم اسقاط عضويه نائب دائره الجمرك.
النائب والوزير
الوقائع عديده.. ومثيره لكنها ليست اكثر اثاره من واقعه النائب طلعت رسلان ففي يوم28 فبراير عام1989 وافقت لجنه القيم بمجلس الشعب برئاسه المستشار احمد موسي وكيل المجلس علي اسقاط عضويه النائب طلعت رسلان لتعديه علي وزير الداخليه زكي بدر عندما كان يرد علي استجوابات اعضاء المجلس المقدمه اليه حول السياسات الامنيه للوزاره.
ربما تكون هذه الوقائع هي الاكثر جدلا وسخونه ودراما داخل ملف البرلمان لكن تبعتها وقائع اخري مثل اسقاط عضويه ما اطلق عليهم نواب المخدرات اصحاب قضيه شهيره تتعلق بتجاره المخدرات. التي فجرها بالمستندات الصحفي وجيه ابو ذكري نائب رئيس تحرير الاخبار في كتابه ادله الادانه لنواب المخدرات وبعدها قرر مجلس الشعب اسقاط عضويه نائبين من اعضائه اتهما بالاتجار في المخدرات وهما عايد سليمان ابوسبيل نائب جنوب سيناء, وعبدالرحمن عبدالجواد نائب مرسي مطروح وقدم النائب محمد مبارك نائب جنوب سيناء استقالته. والنواب الثلاثه من بين عشره من اعضاء البرلمان ثارت شكوك حول تورطهم في تجاره المخدرات, وتحفظ المجلس عن خمسه نواب من العشره واجل القرار في شان اثنين اخرين واحالهما الي اداره الكسب غير المشروع للتحقيق معهما.
اختلفت ظروف كل واقعه باختلاف الازمنه والعصور لكن الوقائع تشابهت في اسقاط العضويه عن النواب.. الامر الذي دفعنا لان نتساءل متي يتم اسقاط العضويه عن النائب؟ ماذا يقول الدستور والقانون؟ وما هي الاجراءات التي يتخذها البرلمان؟! وهل هناك ابعاد سياسيه تحكم هذا الاجراء؟ وهل هناك تفرقه في اتخاذ القرار بين نائب واخر؟! وما هو الحال بالنسبه لواقعه النائب محمد انور السادات الذي تقدم بالطعن امام محكمه النقض في حكم الاستئناف الذي حكم باشهار افلاسه؟! وما هي حدود الاعتبارات المتعلقه بالشرف والثقه وتمثيل الامه؟!
ما بين معارض ومويد ومعتدل طرحنا هذه الاسئله لنعرف خيوط الحقائق
ثلثا الاعضاء
الدكتور شوقي السيد استاذ القانون الدستوري يوكد ان الماده96 من الدستور تنص علي اسقاط العضويه بالبرلمان اذا فقد العضو الثقه والاعتبار او احد شروط النيابه او صفه العامل او الفلاح الذي انتخب علي اساسها, او اذا اخل بواجبات عضويته, غير ان اسقاط العضويه يكون باغلبيه ثلثي اعضاء المجلس, كما انه يجب عدم التوقف عند الماده96 من الدستور, وحدها بل لابد من العوده الي قانون مباشره الحقوق السياسيه, وقانون مجلس الشعب فالاول ينص علي حرمان المواطن سواء كان عضوا في البرلمان او غيره من مباشره حقوقه السياسيه اذا حكم عليه بعقوبه جنايه او جنحه مخله بالشرف او فصل من الخدمه لاسباب مخله بالشرف والاعتبار, كما ان قانون مجلس الشعب يحدد شروط العضويه بان يكون مصري الجنسيه, ومقيدا بالجداول الانتخابيه, وان يودي الخدمه العسكريه, ومن خلال كل هذه النصوص يتم تحديد شروط صلاحيه العضو في التقدم للترشيح او الاستمرار في عضويه المجلس, واذا فقد شرطا من هذه الشروط فيفقد صلاحيته النيابيه, وفي واقعه النائب محمد انور السادات يري د. السيد انه في حاله ان الحكم الصادر ضده نهائي فيكون واجب التنفيذ, ويحقق شرطا من شروط فقدان الصلاحيه المتعلقه بفقدان شرط الشرف والاعتبار.
من وجهه نظر اخري يري الدكتور ابراهيم درويش احد فقهاء القانون الدستوري يلفت الي ان الطعن المقدم من النائب السادات لا يوقف تنفيذ الحكم, ولكنه يختلف حول سرعه اسقاط العضويه مشيرا الي انه في ظل الظروف السياسيه والمواءامات والملاءمات فكان يجب ان يكون هناك تمهل وتريث في التعامل مع مثل هذه الوقائع فضلا عن ان هناك حالات عديده داخل مجلسي الشعب والشوري ربما يكون موقفها اشد خطوره من موقف النائب السادات ورغم ذلك لم يتم اسقاط العضويه عنهم, غير انه كان من الاحري اعطاء النائب فرصه لتسويه اوضاعه وازاله اسباب اشهار افلاسه مما يعطيه الفرصه امام القانون بانقضاء ايه عقوبات مترتبه علي ذلك لضمان استمراريه عضويته وسلامه صلاحيتها. اما الشيء الاخطر في تحليل د. درويش ان خساره البرلمان لعضويه نائب مستقل تزيد من الاتهامات التي توجه الي الحزب الحاكم وتوكد فكره الاستقواء بالاغلبيه.
في الوقت نفسه نجد الدكتوره فوزيه عبدالستار الرئيس الاسبق للجنه التشريعيه بمجلس الشعب تنفي وجود قرار عمدي ضد النائب السادات موكده ان الماده96 من الدستور حسمت التعامل مع مثل هذه القضايا واكدت ان النائب في حاله صدور حكم جنائي ضده فانه يفقد عضويته اذ يكون قد اخل باحد الشروط اللازمه للحفاظ علي الثقه والاعتبار, وهذه الحاله لا تحتمل المناقشه فيما يتعلق باسقاط العضويه, اذ لا يتم توقيع جزاءات عليه, وانما يوقع عليه نص الماده التي اقرها الدستور فاي عضو نيابي لابد ان تتوافر لديه شروط الثقه والشرف والاعتبار حتي يكون مناسبا وفقا للدستور والقانون بان يمثل الشعب تحت قبه البرلمان
لماذا السرعه
في السياق ذاته يوكد الدكتور ثروت بدوي استاذ القانون الدستوري انه كان من المفترض علي مجلس الشعب ان ينتظر لما يسفر عنه الطعن المقدم لمحكمه النقض في حكم الاستئناف الصادر ضد النائب فمن المحتمل ان يتم نقض هذا الحكم. وفي هذه الحاله من الممكن عدم اسقاط عضويه النائب خاصه ان الشيك ليس شيكا حقيقيا, وعدم توافر رصيد لهذا الشيك لا يشكل جريمه جنائيه لان المعلومات المتوافره تقول ان الشيك يحمل توقيعا بتاريخين مختلفين بينما المفترض ان يتضمن الشيك توقيعا بتاريخ واحد كما ان الورقه التي قدمت في دعوي الافلاس ليست شيكا وانما هي بمثابه كمبياله وبالتالي فانها تعتبر دعوي مدنيه وليست دعوي جنائيه, كما ان حكم الافلاس لا يكون مخلا بالشرف طالما انه ليس حكما قائما علي تدليس.
ولم يخف د. بدوي اندهاشه من السرعه التي يتعامل بها مجلس الشعب في اتخاذ قراراته تجاه المستقلين والمعارضه موكدا ان هذا يختلف في الاجراءات التي يتخذها نفس المجلس تجاه نواب الاغلبيه, الامر الذي يوجد نوعا من خصومه الراي العام ضد نواب الاغلبيه.
0 comments :
إرسال تعليق