المصرى اليوم
كتب محمود محمد ومني أبوالنصر ومحمد عزام
السادات: «إحنا ولاد البطة السوداء».. وهناك «ولاد البطة البيضاء»
في جلسة درامية استغرقت ما يقرب من ٣ ساعات، وافق مجلس الشعب، بأغلبية ٣١٦ صوتاً مقابل ٨٠ صوتاً، علي إسقاط عضوية النائب أنور عصمت السادات، استناداً إلي الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بإشهار إفلاسه.
بدأت الجلسة بقيام المستشار محمد الدكروري بعرض تقرير اللجنة التشريعية بالمجلس، متضمناً توصيتها بإسقاط العضوية لفقدانه الثقة والاعتبار، وبالتالي فقدانه أحد شروط عضويته بالمجلس.
وخلال أكثر من ٢٠ دقيقة تحدث السادات، مؤكداً أنه في موقف لا يحسد عليه، وناشد الدكتور فتحي سرور إعطاءه الفرصة كاملة للدفاع عن نفسه، لارتباط القضية بمستقبله السياسي، وأكد أنه تعرض للظلم في هذه القضية، التي انتهت بإشهار إفلاسه، حيث لم يكن مديناً لأحد، بل كان ضامناً فقط بدافع «الجدعنة» - حسبما قال - لأناس كانوا في بداية عملهم في السوق،
ووصف الحكم بإشهار إفلاسه بأنه معيب وخاطئ، وأبدي دهشته من تسرع مجلس الشعب في نظر الموضوع، رغم جواز مد أجل نظر الموضوع لأكثر من عشرة أيام، وفقاً للائحة المجلس، كما انتقد قيام الحزب الوطني بحشد نوابه لضمان التصويت لصالح إسقاط عضويته.
وأضاف: علي مجلس الشعب أن يحترم الدستور والقانون، شريطة أن يكون هذا الاحترام مطلقاً، لا أن يكتب المجلس علي سطر ويترك سطراً آخر، لافتاً إلي وجود حالات صارخة لنواب متهمين بالقتل وتزوير الشيكات، ولم يسقط المجلس عضويتهم به. وقال: نحن «أولاد البطة السوداء»، وهناك آخرون «أولاد البطة البيضاء». وأكد أن المجلس يتعامل مع قضيته بمعني سياسي، وليس قانونياً.
وأشار إلي عدم إسقاط عضوية نائب الشوري ممدوح إسماعيل صاحب العبارة الغارقة، التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري. وأضاف: إن من ساعدوا ممدوح إسماعيل هم من يتحدثون دائماً عن الشرف والوطنية. وأكد أنه اضطر وعن غير قناعة لسداد قيمة الشيكات،
رغم أنه غير مدين لإبراء ذمته المالية فقط، لافتاً إلي قيامه بدفع ٢٥٠ ألف دولار من ٥٠٠ ألف دولار، الأمر الذي يثير التساؤلات حول قبول الدائنين نصف المبلغ فقط، ولفت إلي أن خروجه من المجلس في ظل حبس شقيقه طلعت السادات، يعني أن تكون دائرتهما التي يمثلانها بلا نواب.
وناشد المجلس إعطاءه الفرصة لمدة ٤٨ ساعة فقط، حتي تنظر محكمة استئناف القاهرة طلبه بإعادة النظر لإلغاء الحكم. وقال لنواب الأغلبية: هل هانت الكرامة والزمالة إلي هذا الحد؟ من يسقط من زملائكم في حفرة تسارعون بردمه بالتراب؟.. وأضاف: كله زائل ولا يهمكم ذهب «المعز» أو سيفه.
وطالب النائب طاهر حزين، المفصول من عضوية الحزب الوطني مؤخراً، بإعمال نص اللائحة الداخلية للمجلس بإحالة الموضوع إلي لجنة القيم، حتي لا يتعجل المجلس في إسقاط عضوية السادات، وتساءل حزين عن القاعدة الشهيرة «المجلس سيد قراره»، رداً علي من يتمسكون بحكم القضاء، قبل نظر محكمة النقض الطعن في الحكم،
وأعاد سرور قراءة اللائحة ليوضح لحزين أن إحالة الموضوع للجنة القيم أمر جوازي لهيئة المكتب. وتساءل حزين: لماذا لم تأخذ هيئة المكتب بهذه الرخصة.. خاصة أن الملاءمة القانونية تقتضي أن ينتظر المجلس حكم محكمة النقض احتراماً لهذه المحكمة؟
وضحك نواب المعارضة والإخوان والمستقلون، عندما بدأ عبدالأحد جمال الدين ممثل الأغلبية، بالتأكيد علي أن قلبه يعتصره الألم، وهنا ناشدهم الدكتور فتحي سرور الحفاظ علي وقار الجلسة.. وعقب عبدالأحد قائلاً: «مش عايز هزار»، ورد النائب المستقل جمال زهران: إنت اللي بتهزر، وأكد عبدالأحد ضرورة احترام الدستور والقانون بإسقاط عضوية السادات، محملاً السادات نفسه مسؤولية الحكم الصادر بحقه.
موضحاً أن أثر الحكم تم منذ صدوره في ١٧ مارس الماضي. وطالب حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة الإخوان، بانتظار حكم النقض، إعمالاً للمواءمة السياسية، خاصة أن الجلسة موعدها خلال أقل من أسبوعين.
وحذر محمود أباظة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، من الإسراع في إسقاط عضوية السادات، حتي لا يقول أحد العبارة الشهيرة: «إفراط هنا.. وتفريط هناك»، مؤكدا أن كثيراً من الأحكام القضائية تحطمت داخل مجلس الشعب علي صخرة «سيد قراره»، وتساءل ماذا لو حكمت محكمة النقض ببراءة السادات بعد إسقاط العضوية؟ وأضاف: إنه رغم ضرورة احترام القانون والدستور فإن الشرعية لن تحترق إذا أعادت اللجنة التشريعية بالمجلس نظر الموضوع مرة أخري.
واعترض سرور علي ما ذكره أباظة حول عدم قيام المجلس بتنفيذ بعض الأحكام النهائية، وطالب رئيس الوفد بتقديم حصرا بهذه الأحكام، وأوضح أباظة أن هذا يسير جدا، حيث رصدت الصحف الكثير من أحكام تغيير الصفة، وبطلان العضوية، ولم يتطرق المجلس لهذه الأحكام.. وأضاف «أدرأوا الحدود بالشبهات» حتي لا يقول الرأي العام إن «الأغلبية فعالة لما تريد» وعقبت د. أمال عثمان، رئيسة اللجنة التشريعية، علي حديث أباظة
، مؤكدة أن اللجنة لا يوجد بها حكم نهائي واجب النفاذ يستوجب إسقاط عضوية أي نائب بالمجلس، وأن أي طعن يصل للجنة تقوم بجمع جميع المسكنات اللازمة لتطمئن إلي قوة الأدلة، وأكدت أنه تمت إحالة موقف النائب أنور السادات للجنة التشريعية بعد طلب وزير العدل، وأنه لا يمكن الامتناع عن تطبيق القانون الذي يسقط عضوية النائب الذي أشهر إفلاسه، وأكدت أن السادات هو الذي وضع نفسه في موضع الشك والريبة ولا يمكن أن يوقف أثر هذا الحكم إلا عن طريق رد الاعتبار.
ونفي النائب إبراهيم الجوجري، وكيل اللجنة التشريعية، أن تكون اللجنة التشريعية تحفظ أحكاماً نهائية واجبة النفاذ ضد أحد النواب وتتكتم عليها، مؤكدا أنها معروضة أمامها تقارير من محكمة النقض وليست أحكاماً نهائية ولا يجوز الخلط بين التقارير والأحكام وأن اللجنة التشريعية لا تكيل بمكيالين وتلتزم باللائحة، وأكد أنه لا يجوز التأجيل في حكم الاستئناف أو امتناع المجلس عن إصدار قرار حياله، وأن ما قيل عن التماس إعادة النظر لا يؤثر في الموقف، وقال إنه يجب مخالفة اللائحة، مؤكدا وجوب اتخاذ القرار بإسقاط العضوية عن النائب.
وقال أنور عصمت السادات في كلمته الختامية قبل قرار المجلس بإسقاط عضويته: أعلم أن المسألة مهيأة وهذا قرار سياسي، وحزبي وليست له علاقة بالقانون لأن هناك أموراً كثيرة يتم تأجيلها.. وأضاف: مارست دوري ولم أتاجر أو استغل أحداً وإن شاء الله بعودة لأنني علي حق، وأعلم أنني لست أعز من التعديلات الدستورية والقوانين
0 comments :
إرسال تعليق