المصريون
أنور عصمت السادات
عبارة شهيرة قيلت عقب نكسة وهزيمة 1967 و احتلال شبه جزيرة سيناء قالها الزعيم جمال عبد الناصر .. ليعلن تمسكه بتراب مصر و عزمه تحرير سيناء من العدو الصهيوني ..
اليوم وبعد مرور أكثر من 35 عاما علي هذا نفرط نحن المصريون عن طيب خاطر في رمال مصر كلها بالبيع والتخصيص والإيجار والتمليك .. لم نكن نحلم أن هذه الرمال لها سعر .. ولها قيمة ..
ودارت الأيام .. وأصبحنا نقرأ يوميا عن مشاريع عملاقة تقام بصحراء مصر .. مدنا وقري ذات استثمارات عالية جدا تخطط علي ورق وتباع بمليارات من الجنيهات المصرية .. بمباركة من الدولة .. وتحت إشرافها .. هذه مدينة إماراتية /مصرية وتلك مدينتي وأخري فوق المقطم ...وتلك قرية سعودية / مصرية .. ومصرية كويتية أما التي هناك فهي مدينة خليجية مصرية كندية!! .
قدر مصر أن لها صحراء تبلغ مسلحتها 96 % من أجمالي مساحتها و 4% فقط مزروعة .. وأيضا قدر مصر أن هناك عشوائية تخطيط في توزيع السكان عليها ( 50 % من السكان مكدسون في القاهرة وحدها والباقي موزعون علي 26 محافظة )
قدر مصر أنها فقدت الروح البحثية في تلك 96 % من صحرائها واكتفت ببيع الرمال والصحراء ... أسهل وأسرع طريقة للكسب السريع .. ونقول مصر غنية ... نعم غنية بطبيعتها وسماحة أهله ...
صحراء مصر اشتكت منا .. ومن أفعالنا وتصرفاتنا .. فلا نحن استصلحناها وزرعناها بالقدر الكافي والاقتصادي ..! ولا نحن تركناها كما هي !! لقد أمتد العبث بها إننا أحترنا ( وغلب غلبنا !! )هل نبيعها أم نأجرها.. ؟ هل نقسمها مبان ومساكن وقري سياحية وقصورا ونبيعها للاخوة العرب ؟ وتبيعها لكل من يملك مالا .. ولا يملك أرضا .. ؟ هل نخصصها لشباب مصري لا يملك ثمنها ؟ ونتركه فيها ونخسرها ونخسر شبابنا في متاهات الإحباط ..؟
أفكار الانتفاع بالصحراء المصرية تنصب كلها في كيفية استثمارها في غير أغراض الزراعة .. ووجدت دول كثيرة ما تبحث عنه أمامها .. أرض بكر ممتدة في موقع من أكثر مواقع العالم أهمية وبتراب الفلوس بالمقارنة بينها وبين ما في بلادهم ..
الموضوع ليس في الرمال والصحراء .. ولكن ما تحت تلك الرمال !... ولن أكون مبالغا اذا قلت هناك المئات من مغارات علي بابا تحوي كنوزا وذهبا وفضة وياقوتا ... وبترولا !! .. هذا ما تحت الرمال .. أما ما فوق الرمان فإن مقولة تقول إن من مصادر الدخل القومي في مصر بيع الصحراء .. فهي تجلب المليارات من الدولارات للدولة .. بعد قناة السويس والبترول والسياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج ..وأعتقد .. بل أؤكد انها صحيحة ..
دكتور محمود محي الدين وزير الاستثمار .. وزير شاب . يجهد نفسه كثيرا في تغير مسميات استغلال الصحراء مثل B O A T ومرة أخري يستخدم مصطلح P P P وكلاهما يسمح بالإيجار أو البيع طويل الأجل للأجانب . وكل له شروطه ومزاياه وعيوبه .
وهو وزير نشط يبحث عن أي مصدر لزيادة موارد الدولة .. ولكن هل هكذا تستغل مصر صحراءها الممتدة والشاسعة .. أليس هناك رؤيا متكاملة للتعامل مع الصحراء أكثر شمولا ..؟
الأراضي الصحراوية القريبة من القاهرة والجيزة .. وهي أقرب مثال لما يتم ويجري في الأراضي الصحراوية ..
وعلي سبيل المثال :
الأرض في مدينة 6 أكتوبر سعرها ينافس سعر الذهب.. فبعد أن كان سعر المتر في بداية التسعينيات 25 جنيهاً، ارتفع الآن إلي 2500 جنيه، بزيادة 100 ضعف. والسبب في هذه الزيادات الهائلة، لعبة تسقيع الأراضي والمضاربات علي أسعارها فقد احترفت مافيا الأراضي، التلاعب بالأسعار في السوق السوداء،
القاهرة الجديدة
لقد وصل سعر متر الأرضي فيها ما بين 3500 و4 آلاف جنيه خلال 3 سنوات فقط.. هذا السعر في أراضي المناطق المتميزة، كما في الجولف مثلاً، ومن 1700 إلي ،2000 شمال أكاديمية مبارك للأمن، ومن 900 إلي 1500 جنيه للمتر، في مناطق النرجس والبنفسج والياسمين والشويفات 2500 للمتر، وشمال المشتل من 2500 إلي 3 آلاف جنيه.. وأصبح الحصول علي قطعة أرض هناك حلماً من الأحلام، تلك الأمثلة للمناطق القريبة من العمار السكاني والكثافة السكانية .. وبالتالي التنافس سيكون عاليا .. أما المناطق الأخري .. فلها أوضاع مشابهة .. مثل مناطق الصحراء والشواطئ القريبة من شرم الشيخ والغردقة ومرسي علم فلها أسعار خيالية .. وهي بلا مرافق وبلا حياة !!
واذا امتد بنا النظر إلي الصحراء الغربية .. جنوب مطروح وحتي سيوه .. وجنوب العالمين وحتي منخفض القطارة .. والواحات البحرية ... فحدث ولا حرج ... أراض بكر جاهزة للاستغلال والأسعار .. حسب المشروع المزمع انشائة.. سياحي صناعي تجاري .. كل الأنشطة مدرجة .. أما الاستزراع والزراعة .. فليس له موقع علي الخريطة الاستثمارية ..
وجنوبا وحتي الواحات الداخلة .. وواحة باريس .. أراض بكر لم يمتد إليها الاتجار والتنافس لبعدها وعدم وصول الطرق الممهدة لها ...وجنوبا وحتي توشكي ... وهذا موضوع منفصل ...
وتحت تلك المناطق - تحت الرمال - مناجم الحديد .. والفوسفات .. والخيرات كثيرة ... والبترول ( المخبأ ) بقصد وبغرض ..!!! تحت واحة سيوة وتحت ضرب الأربعين !!و هل من مكتشف ؟؟
الأمثلة كثيرة .. عن كنوز مصرية تفوق في قيمتها بترول الخليج . أمامنا في الصحراء وتحتها ...ونفتقد روح المغامرة والمثابرة والإقدام في الأجهزة الحكومية ...
إن وجود رؤية شاملة لموضوع استغلال الصحراء الاستغلال الأمثل .. يمكن أن يكون بوضع قانون مكمل لقوانين الاستثمار أو عمل قانون خاص منفصل لصحراء مصر .. سوف يدفع المستثمرين المصريين للإقدام علي تلك المغامرات .. المحسوبة .. والعائد الكبير سيكون حافزا لهم ..
لقد انفرد الوزير السابق للمجتمعات العمرانية الجديدة بإدارة تلك الثروة وحده .. وهناك شبهة و اتهامات موجهة اليه في هذا الصدد .. وكيف لا .. ( المال السايب ..... ) وهي ليست مالا عاديا .. بل كنوز لا تعد ولا تحصي ولها شخص واحد يتحكم في توزيعها ويملك المنح والمنع .. ومليارات من العملات تدخل الوزارة ولا رقيب عليها غيره ..
إنني مازالت أطالب بإنشاء كيان أو جهاز منفصل له رؤية شاملة لإدارة تلك الكنوز تحت أشرف ورقابة منفصلة عن الإدارات الحالية التي تتسم بالروتين وعرقلة المشروعات الطموحة والتي تخرج عن المألوف وعن النمط القديم في تسلسل إجراءات إقامة المشروعات العالمية العملاقة .. والمستفيد وصاحب المصلحة هو الشعب وأبناء هذا الشعب وشبابه وهو في نفس الوقت الرقيب ..
و نشرت ايضا فى
نهضة مصر بتاريخ 26-3-2007
0 comments :
إرسال تعليق