النقلـــــــة الحضارية

نهضة مصر

النقلة النوعية والحضارية المطلوبة تحقيقها الآن من الدولة تتمثل في ضرورة تواجد روح جديدة تبعث الآمل .. ومجلس الشعب بصفته ممثلا لكافة فئات الشعب وهو المنوط به إصدار التشريعات التي تضبط حركة المجتمع . ومناقشة القضايا التي تهم أفراد الشعب -حتي وان كانت تتكرر عاما بعد عام ودورة بعد دورة مثل موضوعات التعليم والصحة والميزانية وغيرها من القضايا الموسمية .. ( رمضان الأعياد الأجازات الحج والعمرة .. الخ ) و !! الا انها تمس كل مواطن بطريقة أو بآخري ..
فقط تتغير الوجوه والأشخاص .. وتبقي تلك القضايا كما هي تثار في كل دورة .. ووعود بإنهاء المشكلة ووعود أخري بمحاسبة المسئولين عن المشاكل .. .. ونهاية كل تلك القضايا فيما يبدو – حتي الان علي الأقل .. انها مؤجلة .. ومرصوصة في قوائم وجداول جديدة .. لتأخذ دورها في القرار والحساب.. وغالبا ما سيكون التأجيل .. للدورة الجديدة .. لاعتبارات سياسية او أمنية عليا ..
فصول تشريعية متتالية .. يفتتحها الدكتور / سرور مع كل دورة برلمانية ويعلن بدأ الدورة رقم كذا وكذا .. والشعب في وادي والنواب في وادي .. كأنها مصلحة حكومية تنعقد وتنفض في مواسم معلومة !
وعود وطرح لافكار ومشروعات لقوانين وتعديلات وإضافات وحذف .. حوارات لا تنتهي .. واذا انتهت لم تسفر عن شيء كثير ، ولم تعدل وضع ولم ترفع ظلم ولم تقدم أو تؤخر .. او هكذا يراها الموطن المصري البسيط والذي هو غالبا منفصل تماما عن تلك القضية البرلمانية ..
الموطن المصري البسيط أو الكبير الذي أرهق نفسه بمتابعة تلك الحوارات من منطلق وطنيته ومن مبدأ المشاركة السياسية لا يحس ولا يري أي تغير يذكر علي حياته اليومية .. بل بالعكس .. الأمور قد تعقدت أكثر وأكثر .. وأصبحت الحركة اليومية له في الذهاب الي العمل والعودة .. نوع من أنواع المغامرات الغير محسوبة .. كأن يلحق بوسيلة مواصلة في ميعاد أو ان يستخدم سيارته الخاصة او ان يستخدم أي وسيلة مواصلات ايا كان نوعها .. أصبحت مغامرة .. تحتمل الفشل والنجاح .. عناء وارهاق يومي يتكبده المواطن .. وتشعره بالحرج و الزهق من كثرة الأعذار والحجج التي تبرر تخلفه أو تأخره عن اللحاق بالعمل في مواعيده أو في الوصول في توقيت محدد .
مشكلة لا توجد الا في مصر .. علي قدر بساطتها الا انها تعكس فشلنا في أمور كثيرة تمس حياتنا .. لم نجد مثيل لتلك المشكلة في أي بلد أخر .. سواء كانت تلك البلاد متقدمة أو متأخرة اقتصاديا ..
وقد يقول البعض ان الزيادة السكانية هي السبب .. وان كثرة الأعداد الكبيرة المتنقلة يوميا هي السبب .. ولكني لا أراها كذلك بل أري ان عدم الانضباط والتساهل و العشوائية وعدم تفعيل كثيرا من قوانين هم السبب .. وان الحل مازال بأيدينا ونملكه وقادرين – لو أرادنا - ان نضبط الحركة اليومية بالشارع المصري والمدن المصرية ( القاهرة / الإسكندرية / طنطا / شبين الكوم / تلا / دمنهور / الإسماعيلية / .... حتي أسوان ) كل تلك المدن مجتمعة تعاني تلك المشكلة ... وبالتالي المواطن في أي مكان علي أرض مصر معرض لما نقوله .
والنقلة الحضارية والصحوة التي ننشدها لمصر لن تتم الا بالانضباط والتخطيط الشخصي للحياة اليومية .. وإلا تأجلت كافة المشروعات التنموية المعتمدة علي الأفراد قبل ان تكون خطط علي ورق ومعتمدة من الحكومة .. و مصر تملك ثروة بشرية قادرة علي تفعيل النقلة الحضارية .. والثروة البشرية التي تملكها مصر تعادل في قيمتها قيمة بترول كل الدول العربية مجتمعة وأكثر .. ( قناعة وزير الصناعة والتجارة في أحد تصريحاته ) وهي حقيقة ..
والنقلة التي يتمناها وينشدها الشعب تتمثل في تفعيل القوانين و وزيادة انضباط في الحياة المصرية بصفة عامة .. وفي الشارع .. بصفة خاصة .. زيادة انضباط الشارع سوف ينعكس بالقطع علي السلوك الفردي وعلي حركة الحياتية اليومية .. فأنني لا أجد سبب ولا هدف من ان تكون هناك أماكن عامة ( كالمقاهي وبعض النوادي.. تستمر في فتح أبوابها وتقديم خدماتها الي الساعات الأولي من الصباح ... كل يوم ..

وقد كان لنا تجربة قديمة في هذا الصدد .. في عهد الزعيم الراحل أنور السادات .. ( عام 1978) حين أمر بضبط ايقاع المجتمع من خلال قرار بإغلاق كافة المحلات التجارية والمقاهي بالمدن المصرية في الساعة السادسة مساءا .. يوميا .. وزاد عليها أيضا قرار إنهاء الإرسال التليفزيوني في منتصف الليل .. ولم تكن هناك فضائيات في هذا الزمن ..وسرعان ما ألغيت تلك القرارات بحجة زيادة النسل !!!
والان قد انتهينا من موضوع الفضائيات والسهرات التليفزيونية .. واعتبرناها حرية شخصية .. وحق اختيار .. وكل له أسلوبه فيما يري ويشاهد وفي التوقيت الذي يريده .. اما ان تكون هناك منافذ تجارية .. ولها تراخيص .. حكومية تعمل حتي الساعات الاولي من الصباح ويرتادها شباب وموظفين وتجار ورجال أعمال .. فان هذا خرج من منطلق الحرية الشخصية ..الي فوضي الحياة .. والتخلف المتشعب !
النقلة الحضارية تبدأ من انضباط الشارع ومن ترسيخ الأعراف والتقاليد الاجتماعية بالقانون ..
وقد أكون مبالغا في وصف ما أتمناه بنقلة حضارية .. فنحن أبعد ما نكون عن تلك المرحلة ( علي الأقل حاليا ) نتيجة التضارب في خطط التنمية في العشرين عاما الماضية وكثرة التغيرات في الإدارة ..
وتضارب أفكار وأسلوب أجيال مختلفة من الاقتصاديين وعدم خلق روح المنافسة لوضعنا في المكانة اللائقة وسط الدول المجاورة – علي الأقل –
والنقلة الحضارية مرحلة ليست بالسهلة و هي طفرة تحتاج الي تفعيل العقل . ورفع قيم الجمال بالمجتمع .. ووجود جهاز التنسيق الحضاري ( جهاز حكومي جديد ) يعدا أسهاما فعالا علي هذا الطريق وأداه لمراقبة حركة المجتمع وتصحيح أخطاء عشوائيات البناء. وربطها بالتاريخ والعراقة المصرية ..
وأيضا جمعيات و مؤسسات المجتمع المدني .. تعتبر واحدة من أدوات أحداث النقلة الحضارية . وفتح ملفات جميع المشاكل والسلبيات أمام الكل حتي تنكشف كافة الأمور المستورة ..
أكثر من عام مضي علي نواب 2005 .. بمجلس الشعب .. فهل تم ضبط الإيقاع الحياتي ؟ هل تم كشف أسباب ومعوقات التنمية ؟؟ وهو أساس تواجد أعضاء المجلس الموقر تحت القبة .. وهو الهدف الأساسي الذي علي أساسة تم انتخابنا لنمثل فقراء وضعفاء ومرضي الشعب ..
أكثر من عام مضي هل أحس المواطن المصري ان من أعطوهم صوتهم . ليمثلوهم .. بالمجلس وينقلوا نبضهم الي السلطة التنفيذية قد وصل صوتهم .. و وهل تم محاسبة المخطئون في قضايا الإهمال والرشوة والتسيب وهل أصبحت الدولة بأجهزتها الإدارية تملك قوة التغير وضبط المخالفين ومحاسبتهم بالقانون و هل هناك أمل في أحداث تلك النقلة الحضارية ؟؟
نحن المصريون .. ام الحضارات ... في العالم القديم .. ولا يختلف علي ذلك أحد .. فالتاريخ المصري القديم معروف لدي الغرب وأمريكا أكثر مما هو معروف في بلدنا .. ولكن حضارة هذا القرن والقرن السابق تختلف كثيرا عن هذا الحاضر في كل شيء .. في أسبابة وتركيبته مختلف .. وبدايته الانضباط في السلوك الفردي ..


أنور عصمت السادات

0 comments :

إرسال تعليق