مصر العربية
وائل عبد الحميد
"مرَّت ثلاث سنوات على إغلاق البرلمان، تاركًا الرئيس السيسي يعمل كمشرع وحيد، ويدعو 90 مليون لبعث رسائل له عارضين فيها بواعث قلقهم.. وبذلك القدر الكبير من القوة المتمركزة في يد الجنرال السابق، يجد المصريون العديد من السبل مغلقة في وجوههم"، جاء ذلك في سياق تقرير بشبكة بلومبرج تحت عنوان "ابعثوا لي رسائلكم.. السيسي يخبر وطنًا ما زال ينتظر برلمانًا جديدًا".
وإلى نص التقرير
وفقًا لبيان أصدرته الرئاسة الشهر الماضي، أصبح بإمكان المواطنين إرسال استفسارات، مع وعد بأن يرد السيسي عليها خلال خطابه الشهري المتلفز الموجه للأمة.
وبذلك القدر الكبير من القوة المتمركزة في يد الجنرال السابق، يجد المصريون العديد من السبل مغلقة في وجوههم.
الجماعتان السياسيتان الرئيسيتان في مصر انجرفتا بعيدًا خلال أربع سنوات من الاضطرابات.
لم يتحدَّد بعد موعد لانتخابات تجلب برلمانًا بدلاً من هذا الذي أغلقته المحاكم عام 2012، وليس واضحًا بعد ماهية المتنافسين بين حوالي 100 حزب مصري.
من جانبه، قال ياسر الشيمي، الباحث بكلية هارفارد كينيدي بكامبردج: “النموذج الحالي للحكومة المصرية يعتمد كليًّا على الكاريزما الشخصية للرئيس، وخلفيته العسكرية، والخطاب المستند على القومية المفرطة".
ومضى يقول: “في واقع الأمر، فإنَّ كافة السلطات التنفيذية والتشريعية يمارسها مكتب الرئيس دون وجود ولو قدر يسير من مشاركة السلطات، أو المساءلة أو المراقبة".
وجرى حظر الحزب الوطني التابع لمبارك بعد انتفاضة 2011، عندما أحرق المحتجون مقراته.
وبعدها بعامين، حل نفس المصير بجماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة معارضة خلال العقود الثلاثة من حكم مبارك.
وفي أعقاب سقوط مبارك، تقلَّدت الإخوان السلطة لفترة موجزة، لكنها بعد ذلك وُصفت كـ"جماعة إرهابية"، وجرى دفعها للعمل تحت الأرض بعد قيادة السيسي لهيمنة الجيش على السلطة.
خط الرسائل الساخن للرئيس هو جزء من "استراتيجية أكبر نطاقًا لتعزيز الحوار العام"، ولا يعني "استبدال دور البرلمان"، وفقًا للمتحدث الرسمي للرئاسة علاء يوسف، الذي لفت إلى التزام السيسي بإجراء انتخابات تشريعية "في أسرع وقت ممكن، وقبل نهاية العام".
"مجبر على الاعتدال"
يشرف السيسي على محاولة دفع الاقتصاد المصري نحو الاستقرار بعد أسوأ ركود في عقود، وعلى صعود مؤشرات الأسواق المالية فقد ارتفع مؤشر الأسواق المالية للبورصة حوالي 80% منذ يونيو 2013، وانخفضت عوائد سندات اليورو إلى أكثر من النصف.
لكن بالرغم من ذلك، فإنَّ استمرار موجة العنف المسلح يشير إلى أنَّ الاستقرار السياسي ما زال بعيد المنال.
واستقبل السيسي 15 ألف رسالة إلكترونية في الأسبوع الأول، أغلبها طلبات توظيف، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الأهرام التابعة للدولة.
حوالي ثلث الرسائل جاءت من مواطنين يعبرون عن إعجابهم بالسيسي، بينما تمركزت نسبة 19% حول أفكار لتنمية قناة السويس، والقضاء على البيروقراطية، وإنعاش الطاقة المتجددة. أمَّا 14% من الرسائل فتمثلت في شكاوى، بحسب التقرير.
أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة رأى أنَّ الالتصاق بحكم الرجل الواحد لمدة طويلة من شأنه أن يعمق المشكلات، وفسر ذلك بقوله: “في هذا السيناريو، سيكون النظام قادرًا على البقاء، ولكن على حساب العامة، والأمن، والاستقرار الاقتصادي".
البديل، بحسب عبد ربه، هو إدراك السيسي أنه لا يحكم البلاد بمفرده، متوقعًا أن تتسبب الضغوط في "إجبار الرئيس على اتخاذ نهج معتدل ومنفتح، رويدًا رويدًا".
"هيستيريا" الإعلام
بعد قيادته لعزل الرئيس محمد مرسي، فاز السيسي بـ 97 % من الأصوات في انتخابات الرئاسة العام الماضي.
الإعلام المحلي لا يسمح إلا بقدر ضئيل من الانتقادات لرأس النظام الجديد.
واستطرد عبد ربه: “يشوه الإعلام صورة أي شخص يتحدث ضد السيسي، إنهم هيستيريون، ويحقنون تلك الهيستيريا داخل العامة، ويعملون بمبدأ "إما أن تكون معنا أو ضدنا".
لقد كان ذلك بمثابة الخلفية للقمع الممارس ضد الإخوان، والذي سرعان ما امتد نطاقه ليشمل نشطاء غير إسلاميين.
وحُكم على مرسي بإحالة أوراقه إلى المفتي، مع الكثير من القيادات الإخوانية.
وعلاوة على ذلك، تسبب قانون يمنع التظاهر دون موافقة الشرطة في الزج بالعشرات خلف السجون.
الناشطة شيماء الصباغ لقيت حتفها في يناير الماضي، بالقرب من ميدان التحرير، مركز الاحتجاجات منذ 2011 بينما كانت تشارك في مسيرة سلمية، تستهدف وضع أكاليل من الزهور.
احتجاج آمن
علاء يوسف ذكر أن في مصر لا يُمنع أحد من التعبير عن آرائه طالما داخل حدود المجتمع المدني، وتابع: “ كل الدول تفرض قوانين تحكم التعبير السلمي والآمن عن الرأي عبر التجمعات في الساحات العامة".
وبينما كانت الحكومة الأولى بعد عزل مرسي تضم أعضاء من أحزاب سياسية، بما في ذلك، رئيس الوزراء ونائبه، لكن حكومة السيسي الحالية تتألف معظمها من تكنوقراطيين لا يمتلكون ولاءات سياسية أخرى.
وفي ذات الأثناء، في غياب برلمان تشريعي، يصدر السيسي القوانين تتعلق بمجالات عديدة، من الاستثمار إلى مكافحة الإرهاب.
كما منح السيسي تفويضا للجيش للمشاركة في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.
ووفقا للدستور، فإن كافة القوانين التي أصدرها الرئيس ستخضع لمراجعة برلمان جديد في أول 15 يوم من انتخابه.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في مارس، ولكنها أجلت بشكل غير محدد، بعد إبطال المحكمة لقوانين انتخابية.
لا عجلة
بدوره، قال البرلماني السابق محمد أنور السادات، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية: “ التأجيلات تعني أن الحكومة لا تتعجل امتلاك برلمان، إنهم يريدون حرية اتخاذ قرارات سريعة، وإصدار تشريعات".
السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، مؤيد للسيسي لكنه مؤخرا انتقد ما سماه بـ "الفراغ السياسي في مصر".
وأضاف السادات: “ الرئيس يستمتع حاليا بشعبية البطل في لحظة معينة، وحدث معين، ولكن لكي يدوم ذلك التأييد، ينبغي أن يكون رجل دولة يمتلك رؤية سياسية للبلاد".
وبينما يستطيع السيسي حاليا تحمل فقدان بعض من التأييد ، لكن عبد ربه رأي أنه سيضطر حتما للارتباط بـ "ذات السياسات التي استخدمها حسني مبارك، عبر إعطاء بعض المجال للمعارضة، وإبرام صفقات".
نشرت فى :
وائل عبد الحميد
"مرَّت ثلاث سنوات على إغلاق البرلمان، تاركًا الرئيس السيسي يعمل كمشرع وحيد، ويدعو 90 مليون لبعث رسائل له عارضين فيها بواعث قلقهم.. وبذلك القدر الكبير من القوة المتمركزة في يد الجنرال السابق، يجد المصريون العديد من السبل مغلقة في وجوههم"، جاء ذلك في سياق تقرير بشبكة بلومبرج تحت عنوان "ابعثوا لي رسائلكم.. السيسي يخبر وطنًا ما زال ينتظر برلمانًا جديدًا".
وإلى نص التقرير
وفقًا لبيان أصدرته الرئاسة الشهر الماضي، أصبح بإمكان المواطنين إرسال استفسارات، مع وعد بأن يرد السيسي عليها خلال خطابه الشهري المتلفز الموجه للأمة.
وبذلك القدر الكبير من القوة المتمركزة في يد الجنرال السابق، يجد المصريون العديد من السبل مغلقة في وجوههم.
الجماعتان السياسيتان الرئيسيتان في مصر انجرفتا بعيدًا خلال أربع سنوات من الاضطرابات.
لم يتحدَّد بعد موعد لانتخابات تجلب برلمانًا بدلاً من هذا الذي أغلقته المحاكم عام 2012، وليس واضحًا بعد ماهية المتنافسين بين حوالي 100 حزب مصري.
من جانبه، قال ياسر الشيمي، الباحث بكلية هارفارد كينيدي بكامبردج: “النموذج الحالي للحكومة المصرية يعتمد كليًّا على الكاريزما الشخصية للرئيس، وخلفيته العسكرية، والخطاب المستند على القومية المفرطة".
ومضى يقول: “في واقع الأمر، فإنَّ كافة السلطات التنفيذية والتشريعية يمارسها مكتب الرئيس دون وجود ولو قدر يسير من مشاركة السلطات، أو المساءلة أو المراقبة".
وجرى حظر الحزب الوطني التابع لمبارك بعد انتفاضة 2011، عندما أحرق المحتجون مقراته.
وبعدها بعامين، حل نفس المصير بجماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة معارضة خلال العقود الثلاثة من حكم مبارك.
وفي أعقاب سقوط مبارك، تقلَّدت الإخوان السلطة لفترة موجزة، لكنها بعد ذلك وُصفت كـ"جماعة إرهابية"، وجرى دفعها للعمل تحت الأرض بعد قيادة السيسي لهيمنة الجيش على السلطة.
خط الرسائل الساخن للرئيس هو جزء من "استراتيجية أكبر نطاقًا لتعزيز الحوار العام"، ولا يعني "استبدال دور البرلمان"، وفقًا للمتحدث الرسمي للرئاسة علاء يوسف، الذي لفت إلى التزام السيسي بإجراء انتخابات تشريعية "في أسرع وقت ممكن، وقبل نهاية العام".
"مجبر على الاعتدال"
يشرف السيسي على محاولة دفع الاقتصاد المصري نحو الاستقرار بعد أسوأ ركود في عقود، وعلى صعود مؤشرات الأسواق المالية فقد ارتفع مؤشر الأسواق المالية للبورصة حوالي 80% منذ يونيو 2013، وانخفضت عوائد سندات اليورو إلى أكثر من النصف.
لكن بالرغم من ذلك، فإنَّ استمرار موجة العنف المسلح يشير إلى أنَّ الاستقرار السياسي ما زال بعيد المنال.
واستقبل السيسي 15 ألف رسالة إلكترونية في الأسبوع الأول، أغلبها طلبات توظيف، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الأهرام التابعة للدولة.
حوالي ثلث الرسائل جاءت من مواطنين يعبرون عن إعجابهم بالسيسي، بينما تمركزت نسبة 19% حول أفكار لتنمية قناة السويس، والقضاء على البيروقراطية، وإنعاش الطاقة المتجددة. أمَّا 14% من الرسائل فتمثلت في شكاوى، بحسب التقرير.
أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة رأى أنَّ الالتصاق بحكم الرجل الواحد لمدة طويلة من شأنه أن يعمق المشكلات، وفسر ذلك بقوله: “في هذا السيناريو، سيكون النظام قادرًا على البقاء، ولكن على حساب العامة، والأمن، والاستقرار الاقتصادي".
البديل، بحسب عبد ربه، هو إدراك السيسي أنه لا يحكم البلاد بمفرده، متوقعًا أن تتسبب الضغوط في "إجبار الرئيس على اتخاذ نهج معتدل ومنفتح، رويدًا رويدًا".
"هيستيريا" الإعلام
بعد قيادته لعزل الرئيس محمد مرسي، فاز السيسي بـ 97 % من الأصوات في انتخابات الرئاسة العام الماضي.
الإعلام المحلي لا يسمح إلا بقدر ضئيل من الانتقادات لرأس النظام الجديد.
واستطرد عبد ربه: “يشوه الإعلام صورة أي شخص يتحدث ضد السيسي، إنهم هيستيريون، ويحقنون تلك الهيستيريا داخل العامة، ويعملون بمبدأ "إما أن تكون معنا أو ضدنا".
لقد كان ذلك بمثابة الخلفية للقمع الممارس ضد الإخوان، والذي سرعان ما امتد نطاقه ليشمل نشطاء غير إسلاميين.
وحُكم على مرسي بإحالة أوراقه إلى المفتي، مع الكثير من القيادات الإخوانية.
وعلاوة على ذلك، تسبب قانون يمنع التظاهر دون موافقة الشرطة في الزج بالعشرات خلف السجون.
الناشطة شيماء الصباغ لقيت حتفها في يناير الماضي، بالقرب من ميدان التحرير، مركز الاحتجاجات منذ 2011 بينما كانت تشارك في مسيرة سلمية، تستهدف وضع أكاليل من الزهور.
احتجاج آمن
علاء يوسف ذكر أن في مصر لا يُمنع أحد من التعبير عن آرائه طالما داخل حدود المجتمع المدني، وتابع: “ كل الدول تفرض قوانين تحكم التعبير السلمي والآمن عن الرأي عبر التجمعات في الساحات العامة".
وبينما كانت الحكومة الأولى بعد عزل مرسي تضم أعضاء من أحزاب سياسية، بما في ذلك، رئيس الوزراء ونائبه، لكن حكومة السيسي الحالية تتألف معظمها من تكنوقراطيين لا يمتلكون ولاءات سياسية أخرى.
وفي ذات الأثناء، في غياب برلمان تشريعي، يصدر السيسي القوانين تتعلق بمجالات عديدة، من الاستثمار إلى مكافحة الإرهاب.
كما منح السيسي تفويضا للجيش للمشاركة في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.
ووفقا للدستور، فإن كافة القوانين التي أصدرها الرئيس ستخضع لمراجعة برلمان جديد في أول 15 يوم من انتخابه.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في مارس، ولكنها أجلت بشكل غير محدد، بعد إبطال المحكمة لقوانين انتخابية.
لا عجلة
بدوره، قال البرلماني السابق محمد أنور السادات، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية: “ التأجيلات تعني أن الحكومة لا تتعجل امتلاك برلمان، إنهم يريدون حرية اتخاذ قرارات سريعة، وإصدار تشريعات".
السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، مؤيد للسيسي لكنه مؤخرا انتقد ما سماه بـ "الفراغ السياسي في مصر".
وأضاف السادات: “ الرئيس يستمتع حاليا بشعبية البطل في لحظة معينة، وحدث معين، ولكن لكي يدوم ذلك التأييد، ينبغي أن يكون رجل دولة يمتلك رؤية سياسية للبلاد".
وبينما يستطيع السيسي حاليا تحمل فقدان بعض من التأييد ، لكن عبد ربه رأي أنه سيضطر حتما للارتباط بـ "ذات السياسات التي استخدمها حسني مبارك، عبر إعطاء بعض المجال للمعارضة، وإبرام صفقات".
نشرت فى :
بتاريخ | بعنوان | مصدر |
2015/6/10 | "إيميل السيسى" بديل مؤقت للبرلمان | الوفد |
0 comments :
إرسال تعليق