خطط الإخوان لإعادة البرلمان المنحل

الوفد 

 محمد شعبان

 ربما يعود البرلمان بتشكيله الكامل نهاية الشهر الجارى او اجراء انتخابات على المقاعد الفردية دون المساس بمقاعد القوائم .. هذا هو المخطط الاخوانى الجديد للسيطرة على مفاصل الدولة وامتلاك محاور السلطة فى مصر كلها لتكتمل خطة التمكين التى بدأت مع تولى الدكتور محمد مرسى المنصب الرئاسى ولا يمكن ان ننظر لتصريحات الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس البرلمان المنحل وقيادات الحرية والعدالة التى تؤكد عودة البرلمان بمعزل عن هذا الاتجاه.

قيادات الاخوان يمهدون الارض الآن لقرار عودة البرلمان ويهيئون الرأى العام تدريجيا للتخفيف من صدمة القرار الذى فشل الرئيس محمد مرسى فى تمريره فور توليه المنصب الرئاسى بإصداره قرارا جمهوريا بعودة البرلمان الذى انعقد لعدة ساعات فقط قبل ان تتصدى له المحكمة الدستورية وتعيده الى نقطة الصفر وتلغى القرار السابق مرة اخرى وتصيب قيادات الجماعة بصدمة وخيبة كبيرتين.

الرئيس مرسى نفسه سلم بقرار حل البرلمان واصدر اعلانًا دستوريًا جديد فور خروج قرارات تقاعد المشير طنطاوى وجنرالات المجلس العسكرى، حدد فيه بنفسه موعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية بعد وضع الدستور الجديد بنحو شهرين بل ان الدكتور ياسر على المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية نفى إصدار الرئاسة قرارًا بإعادة مجلس الشعب الذى تم حله مرة أخرى ولكن ثمة متغيرات سياسية أجبرت الإخوان على التفكير فى عودة البرلمان وإيجاد مخرج قانونى لذلك.

 الجماعة تدرك انها تواجه مأزقا شديد الخطورة لو اجريت انتخابات برلمانية جديدة فى هذه الفترة فهى الآن تبدو فى اتجاه وكل القوى المدنية فى اتجاه آخر، بل وتبحث عن تحالفات فيما بينها لمواجهة سيطرتها على الحياة السياسية وهو ما يهدد بحصولها على الاكثرية فى البرلمان القادم خاصة ان جبهة الاسلاميين تتعرض لانشقاق خطير بعد ظهور حزب مصر القوية برئاسة الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح وحزب الدكتور عمرو خالد اللذين سوف ينتقصان من كتلة الاخوان التصويتية، كما ان التحالف الوطنى الذى خاضت به الجماعة الانتخابات الماضية لم يعد يفكر الآن فى لانضمام إليها ويبحث عن تحالفات مع احزاب وقوى سياسية اخرى وهو ما وضع حزب الاخوان فى مأزق.

والتيار السلفى - ايضا - ليس على قلب رجل واحد بسبب انقسامات حزب النور والاستقالات التى عصفت به وظهور حزب الدكتور حازم صلاح ابو اسماعيل الذى ينتقص من كتلة حزب النور وبالتالى فإن الاخوان من الصعب ان يتحالفوا مع كل التيارات السلفية المتصارعة وهو ما يهدد مشروعها الاستحواذى لو فقدت اغلبية البرلمان القادم.

 كما ان «الإخوان» تواجه هجوما عنيفا فى الشارع المصرى بعد فشل خطة الـ100 يوم واكتشاف خدعة مشروع النهضة الذى كان سببا فى وصول الدكتور محمد مرسى الى منصبه الرئاسى، وفى الوقت نفسه فإن ممارسات نواب الجماعة فى البرلمان المنحل لم تكن ترضى طموحات الشارع الذى علق آمالا عريضة عليهم فى القضاء على مشاكل 30 عامًا من الفساد عاشتها البلاد على يد الرئيس المخلوع حسنى مبارك وهو ما يمكن ان يدفع الجماعة الى استنزاف قدرتها التصويتية وبالتالى عدم حصد الاغلبية فى البرلمان.

ليس هذا فقط، بل ان حزب الحرية والعدالة الذى كان يستعد قبل اسبوعين فقط لخوض الانتخابات البرلمانية وقام بالتجهيز لقوائمه الانتخابية استطلاعا للرأى فى المحافظات لقياس مدى نجاحه وجاءت النتائج مخيبة لآمال بعض لجان الحزب فى المحافظات التى كانت معروفة بتوجهها الاخوانى فى الانتخابات البرلمانية السابقة وهو ما دفع الحزب الى البحث عن شخصيات جديدة يدفع بها فى الانتخابات القادمة ولكن جاء التفكير فى قرار عودة البرلمان ليكون مغامرة لحزب الجماعة فاما ان ينجح فى إعادته والاحتفاظ بالاغلبية الحالية او الدخول فى مقامره سياسية انتخابية قد لا تأتى بأغلبية اخوانية فى البرلمان القادم او على الاقل يحصل الحزب على عدد اقل من المقاعد التى حصل عليها فى البرلمان الماضى.

هناك 3 سيناريوهات لمستقبل البرلمان المنحل طرحها الخبراء لمصير البرلمان المنحل اولها هو إصدار الإدارية العليا حكما يوم 24 سبتمبر القادم بتفسير حكم الدستورية على انه تجاوز وتصدر حكما بعودة البرلمان مرة اخرى وهو السيناريو الذى يدعمه حزب الحرية والعدالة اعتمادا على التصريحات التى ادلتها المستشارة تهانى الجبالى الى جريدة النيويورك تايمز والتى اكدت فيها أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة استعان بالمحكمة الدستورية لحل مجلس الشعب واستعادة سيطرته على السلطة فى مصر وهى التصريحات التى قام على أثرها محمد العمدة وكيل اللجنة التشريعية السابق برفع دعوى قضائية ضدها لإثبات عدم حسن نية الدستورية فى الحكم الصادر بحل البرلمان وهى القضية التى ربما تقلب مسار حكم الدستورية نفسه رأسا على عقب، وتؤدى الى عودة المؤسسات المنتخبة الى العمل حسب وصف العمدة لذلك فى أحد التصريحات السابقة له السيناريو الآخر هو حكم الإدارية العليا بإجراء انتخابات على المقاعد الفردية فقط وع الاحتفاظ بثلثى البرلمان وهذا السيناريو غير محبب لدى الجماعة خاصة انها ستفقد قدرًا كبيرًا من اغلبيتها فى البرلمان الحالى، خاصة انها حصدت اغلب المقاعد الفردية ومنها مقعد رئيس البرلمان الحالى الدكتور محمد سعد الكتاتنى الذى خاض الانتخابات على المقاعد الفرديه وبالتالى فإن منصب رئيس المجلس من الممكن ان يذهب الى أى شخص آخر لو اجريت الانتخابات على المقاعد الفردية وفشل الكتاتنى فى الفوز بالمقعد مرة اخرى ولكن الجماعة ربما تقبل بهذا اذا كان البديل إجراء انتخابات جديدة.

السيناريو الثالث وهو الذى يؤيده اغلب فقهاء الدستور هو عدم تجاوز حكم الادارية العليا لحكم الدستورية، وهو التأكيد على حل البرلمان وهو السيناريو الذى تستعد له الجماعة جيدًا بمظاهرات فى المحافظات المختلفة والمظاهرات امام مقر المحكمة للتنديد بالحكم. ولكن يبقى السؤال عن موقف الرئيس مرسى من تلك السيناريوهات ومدى استجابته لها خاصة انه سلم بقرار حل البرلمان، واصدر اعلانًا دستوريًا حدد فيه موعد الانتخابات البرلمانية الجديدة وهو ما يعنى ان البرلمان محلول.

 الاجابة ببساطة ان الرئيس امامه ايضا 3 سيناريوهات للتعامل مع حكم الادارية العليا لو جاء فى صالح قرار عودة البرلمان، اولها ان يلجأ الرئيس نفسه الى الاستفتاء الشعبى على قرار حل البرلمان، مثلما فعل مبارك نفسة فى الماضى وبالتالى يترك الكرة فى ملعب الرأى العام ليبعد نفسه عن الصراعات السياسيةالتى قد تنتج عن ذلك، وعلى ضوء النتيجة يحدد مصير البرلمان اما استكمال مدته او التأكيد على حله.

ايضا مرسى من الممكن ان يعيد البرلمان دون استفتاء على ان تجرى انتخابات جديدة بعد وضع الدستور بشهرين، كما جاء فى الاعلان الدستورى نفسه ويحل بذلك ازمة السلطة التشريعية التى احتفظ بها بعد تقاعد المشير طنطاوى وجنرالات المجلس العسكرى، ولكن الرئيس من الممكن ان يستجيب لضغوط الجماعة ويسلم بالحكم ويعيد البرلمان الى العمل بالكامل ليستكمل مدته.

 ولكن يمكن قياس موقف الرئيس مرسى تجاه الحكم بالرجوع الى خطاب تنصيبه فى جامعة القاهره الذى اكد فيه على ان المؤسسات المنتخبة ستعود لأداء دورها مع عودة قوات الجيش المصرى العظيم لدورها، وبالفعل نجح مرسى فى ان يعيد الجيش الى دوره الاساسى وابعاده عن السياسية ويتبقى له تعهده بعودة المؤسسات المنتخبة الى العمل وهو نفس ما المح اليه فى خطابه بميدان التحرير قبل حلفه اليمين الدستورية امام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية وهو الخطاب الذى رسم فيه ملامح حكمه ويسعى الى تنفيذ ما تعهد به امام شباب الجماعة الاخوان كانت قد بدأت الاعداد لسيناريوهات الحكم فهناك بعض الاصوات داخل الجماعة تطالب بتحصين البرلمان فى الدستور الجديد، لو صدر حكم بعودتة وإضافة مادة انتقالية فيه لحمايته مثلما يفعلون الآن مع الرئيس محمد مرسى الذى تطالب الاغلبية الاسلامية فى الجمعية التأسيسية بتحصينة بمادة انتقالية فى الدستور الجديد.

القوى السياسية والاحزاب موفقها مغاير للجماعة بشأن عودة البرلمان، ففى الوقت الذى تسعى فيه الجماعة الى إيجاد مخرج قانونى لعودة البرلمان تطالب القوى المدنية الثورية بإجراء انتخابات جديدة بعد وضع الدستور مباشرة خاصة ان البرلمان المنحل انتهى دوره الى الابد.

محمد عصمت السادات – رئيس لجنة حقوق الانسان بالبرلمان المنحل – قال ان ان الدعوى المنظورة الآن امام الاداريه العليا هى التى تحدد مصير البرلمان وعلى اساس تفسير حكم الدستورية ترى المحكمة الحكم والقضية كلها فى يد القضاء، ولكن الرأى العام اعتبر ان البرلمان باطل ويريد ان يرى انتخابات جديدة بعد وضع الدستور.

 ويرى الدكتور مصطفى كامل السيد – أستاذ العلوم السياسية – ان تصريحات الدكتور الكتاتنى وقيادات الحرية والعدالة حول عودة البرلمان ربما تعكس آمالا من جانب الجماعة لعودة البرلمان، خاصة انهم رحبوا بشدة بقرار الرئيس الجمهورى بعودة البرلمان وربما لديها معلومات عن اتجاه الحكم الذى يصدره القضاء الادارى خاصة اننا لمسنا دون تشكيك فى احد وان الاحكام اصبحت تصدر على النحو الذى تريده الجماعة ودعوى حل الجمعية التأسيسية الثانية لخير دليل على ذلك حيث تم تأجيلها دون اسباب واضحة وكان من الممكن ان يتم الحكم فيها منذ فترة، وأشار الى ان الكتاتنى ربما يكون لديه توقعات أن يكون الحكم مستجيبا لرغبتهم فى تفسير حكم الدستورية على نحو يخالف قضاة هذه المحكمة، ويتطلع ان تبطل فقط الانتخابات على المقاعد الفردية التى زاحم فيها الحزبيين المستقلون رغم ان تفسير القضاء الادارى لحكم الدستورية هو نوع من العبث بالقانون.

 وأشار الى ان الجماعة ترى انه من الافضل عدم المخاطرة بخوض الانتخابات مرة اخرى، خوفًا من يقل عدد مقاعدهم، رغم عدم تقليلى من قدرة الآلة الانتخابية للجماعة، ولكن الافضل لها فى الوقت الحالى ان يعود ويمكن ان تضع فى الدستور الجديد مادة انتقالية تنص على بقاء البرلمان الحالى، كما ان مرسى من الممكن ان لا يلتزم بالاعلان الدستورى ويعلن انه يحترم حكم القضاء ويعيد البرلمان.

 وأشار عبد الغفار شكر – رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى الى ان اصل القضية جاءت فى الدعوى القضائية التى تقول ان حكم الدستورية تجاوز اختصاصها، وتريد ان تحدد وضع البرلمان، اما كونه منعدمًا او تعاد الانتخابات على الثلث الفردى.

وقال ان تصريحات الكتاتنى وقيادات الاخوان عن عودة البرلمان هى تمهيد للرأى العام لقبول القرار، وفى الوقت نفسه قياس ردود الافعال، والجماعة تقامر وتدرك جيدا ان القضاء الادارى لا يمكن ان يتدخل فى أحكام الدستورية.

 وأشار الى ان «الاخوان» تدرك جيدا صعوبة الانتخابات القادمة عليها، وان القوى الوطنية والديمقراطية لن ستكون اكثر شراسة فى مواجهتها، ومن الممكن ان يفقدوا عددًا كبيرًا من المقاعد فى الانتخابات، خاصة ان الوضع الحالى لها صعب امام الرأى العام.

وأكد ابراهيم زهران – رئيس حزب التحرير الصوفى – ان حكم الدستورية لن يتغير إلا اذا كان هناك إصرار من الجماعة على مخالفة القانون، فالإخوان لديها رعب حقيقى من إعادة الانتخابات، رغم انه من المفترض ان اجهزة الدولة كلها تحت يدها الان ولكن هناك قوى اسلامية حديثة تهددها مثل حزب ابو الفتوح وعمرو خالد.

وقال ان الجماعة تريد قياس رد فعل الشارع تجاه عودة البرلمان، فأصدرت تصريحات استباقية لإمكانية التمهيد لعودة البرلمان، والرئيس من الممكن ان يستجيب لحكم الادارية لو صدر فى اتجاه عودة البرلمان، خاصة انه يريد ان تعود المؤسسات المنتخبة الى اداء دورها كما قال فى خطابه أمام جامعة القاهرة.

واكد الدكتور حمدى حسن – القيادى بحزب الحرية والعدالة – ان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية سياسى ووضحته المستشارة تهانى فى حديثها الى جريدة النيويورك تايمز بشكل يخالف الاعراف القضائية والامر الان متروك للإدارية العليا، خاصة ان الدستورية تجاوزت اختصاصها وحدودها، وأساءت استخدام سلطتها واعتقد ان الادارية ستحكم بعودة البرلمان لتعيد الامور الى نصابها بسبب عوار الحكم السابق.

 وقال حسن ان عودة البرلمان ستكون بحكم قضائى وليست اجتهادًا شخصيًا من الجماعة وهذا ما يعبر عنه اغلب تصريحات الجماعة، والرئيس من الممكن ان يسمح للبرلمان باستكمال مدته إذا كان حكم الإدارية فى هذا الاتجاه.

وأكد أن الامر متروك للشعب وهو الذى يقرر من سيمنحة صوته فى الانتخابات البرلمانية لو اجريت وعلينا ان ننتظر ونرى والمهم ان تكون الانتخابات نزيهة وتأتى بمن تشاء فى الانتخابات والاخوان تؤدى ما عليها من مهام وتواصل تحقيق المستهدف للشعب من برامج وخطط والحكم فى النهاية للشعب.

وقال أحمد بهاء شعبان وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى – ان تصريحات الجماعة عن عودة البرلمان تؤكد ان الآلة الاخوانية تدرك ان أسهمها منخفضة فى الشارع ولن تحقق ما كانت عليه فى الانتخابات السابقة ولديهم قلق شديد من دخول حلبة المنافسة وهم فى هذا الوضع بسبب تواضع ادائهم فى البرلمان وتكشف الحقائق حول مشروع النهضة وعدم انجازهم وعد الـ100 يوم وأن الشارع لديه احساس بأن الرهان على الاخوان اصبح خاسرًا.

وأشار الى ان الاعلان الدستورى الذى اصدره الرئيس يعتبر اعترافًا منه بحل البرلمان، ولكن الاخوان لديها نوايا لإعادة المجلس القديم، وهذا الامر حاولت تنفيذه، ولكنها فشلت، والآن تخطط للانقلاب الدستورى، خاصة ان مصر اصبحت رهينة فى ايديها وستقوم بالحشد اثناء حكم الادارية كنوع من الضغط والارهاب على القضاة.

وأكد المستشار فتحى رجب – وكيل مجلس الشورى السابق – ان «الإدارية العليا» من الصعب ان تلغى حكم الدستورية، ولا يمكن ان تفسر حكمًا من اعلى محكمة وما يصدر من نواب الاخوان السابقين بأنه عبارة عن اجتهادات تخالف صحيح القانون.

وأشار الى انه عندما صدر قرار حل البرلمان عام 1990 من الدستورية ايضا جاءت تعليمات من رفعت المحجوب رئيس البرلمان بأن يحث كل نواب الشعب على قبول الحكم والتصويت لصالحه فى الاستفتاء حتى لا نهدر قيمة «الدستورية».

0 comments :

إرسال تعليق