منع الرقابة الدولية على الانتخابات في صالح الديمقراطية أم لا


 تقرير: عصمت سعد

سادت حالة من الجدل فى الشارع السياسى والمجتمع المدنى اثر رفض المجلس العسكرى للرقابة الدولية على الانتخابات وأصدرت بعض المؤسسات بيانا عبرت فيه عن أسفها من هذا القرار.
وقد خلقت قضية المراقبة الدولية على الانتخابات جدلا شديدا بين القوى السياسية بين مؤيد ومعارض، فقد طالب حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالسماح بالرقابة الدولية على الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمتين، وطالب بدعوة المنظمات الدولية المعنية بذلك لزيارة مصر قبل إجرائهما بوقت كاف، حتى يتم الاستعداد لهذه العملية التي سوف تسهم في توفير ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات، وإعمالاً للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وكسراً لمقولات النظام القديم باعتبار الرقابة الدولية انتهاك للسيادة الوطنية، في حين أن جميع دول العالم والديمقراطيات الناشئة تأخذ بمبدأ الرقابة الدولية.

وقال إنه في إطار التطورات الديمقراطية الهامة التي تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير، والاستحقاقات التي فرضتها الثورة فإنه ينبغي توفير الضمانات الكفيلة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، من خلال الإشراف القضائي الكامل على تلك الانتخابات،وان يسمح بمراقبتها دوليا ومحليا،لأن الرقابة الدولية جزء من العملية الإنتخابية في أي مكان، ويجب علي مصر أن تسمح بها حتي يتم الإعلان أمام العالم والمجتمع الدولي عن نجاح الثورة، مشيرا إلي أن الرقابة الدولية لا تعتبر إنتهاكا للسيادة المصرية، لأنها تأتي بدعوة من الدولة المصرية، مشددا علي ضرورة التكامل بين الرقابة الدولية والرقابة الوطنية.
ويقول يوسف عبد الخالق المنسق لمؤسسة "مراقبون بلا حدود" أن قرار المجلس العسكري بمنع المراقبة الدولية للانتخابات التشريعية غير صائب ولا يتناسب مع حجم الحرية التي أطلقتها الثورة، ويتعارض مع إرادة الشعب في أن يكون أداء الحكومة المصرية في كافة المجالات المرتبطة بالحرية والعدالة والديمقراطية أكثر شفافية في عملها أمام المجتمع المصري والدولي، مؤكدا أن هذا القرار لم يتم بناء على دراسة جيدة ومتأنية لدور المراقبة الدولية، التي تمثل فقط مؤشرًا لطريقة سير العملية الانتخابية، ومدى توافر المعايير الدولية لنزاهة وحرية إجراء الانتخابات وتعبيرها عن إرادة الناخبين، وهو ما يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للدول التي تسعى لترسيخ الديمقراطية أمام المجتمع الدولي، لتأكيد نزاهة الانتخابات التي تجري بها، واهتمامها باحترام حقوق المرشحين والناخبين، وحياد الأجهزة التنفيذية، والتداول السلمي للسلطة وعدم احتكارها.

تعارض مع القانون

وأضاف أن هذا الإعلان يتعارض مع نص الفقرة الخامسة من المادة 3 مكرر "و" من المرسوم بقانون 46 لسنة 2011 بشأن تعديلات بعض أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية والتي نصت علي أن من ضمن اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات "وضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية فى متابعة كافة العمليات الانتخابية".
وأوضح أن الرقابة الدولية تساعد في إعادة الثقة إلى الشعب الذي قد يساوره الشك في أهمية العملية الانتخابية وفي قيمة مشاركة الناخب، فأنشطة المراقبين الدوليين والمحليين قبل الانتخابات وحضورهم في مراكز الاقتراع يوم الانتخاب، ترفع درجة الثقة الجماهيرية وتشجع على مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية، كما أن التصريحات والتقارير العلنية التي تصدرها مجموعة المراقبين يمكن أن تؤدي إلى حدوث تغييرات في السياسات من شأنها تدعيم إجراء عملية انتخابية أكثر عدلاً، وهو أمر لا يمكن أن يوفره المراقبون المحليون وحدهم مهما بلغت كفاءتهم، والذين يحتاجون دائما الي مساعدة دولية لتطوير عملهم واكتساب خبرة ومهارات جديدة.

ومن جهته أكد أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية أن مصر فى حاجة لمراقبة دولية على الانتخابات البرلمانية القادمة لاعطائها القبول أو الشرعية الدولية، والتى سوف تؤكد للعالم أننا بدأنا نخطو على أولى درجات سلم الديمقراطية.

وأكد السادات أن المراقبة الدولية للإنتخابات التى تتضمن المتابعة والمشاهدة والرصد تؤدى الى تقوية دور المراقبة للمجتمع المدنى المصرى وأن رفضها لا يتفق مع قانون مباشرة الحقوق السياسية التى ينص على أنه من ضمن اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات وضع القواعد المنظمة، لمشاركة المجتمع المدنى والمشاركة الدولية فى متابعة كافة مراحل الانتخابية.


وأشار عصمت السادات إلى أن غالبية دول العالم تعتبر المراقبة الدولية إسلوبا معترفا به في جميع الانتخابات، ومنها دولا عربية تقل فى وزنها وثقلها السياسى والإقليمى عن مصر، وإن الاستعانة بمراقبين دوليين فى الانتخابات أو الاستفتاءات لا تعنى استبدالهم بالآخرين المحليين، بل هى أحد مكملات العمل الرقابي الداخلى وهو الإسلوب الذى تتبعه معظم دول العالم.

بينما رفض الدكتور عمرو حمزاوى، استاذ العلوم السياسية وعضو المجلس القومى لحقوق الانسان، اعتبار المراقبة الدولية للانتخابات انتهاكاً للسيادة المصرية لأن دورها استشارى، واصفاً ذلك بالوهم الذى صنعه النظام السابق ، ودعا حمزاوى الاحزاب التقليلدية والحركات الشعبية والتنظيمات السياسية إلى الخروج من عباءة وهم السيادة الوطنية التى طالما استخدمها النظام المخلوع، وكانت متخوفة من الموافقة على الرقابة الدولية فى ظل النظام السابق باعتبارها استقواءً بالخارج.
وأكد حمزاوى أن الاستعانة بمراقبين دوليين على الانتخابات أو الاستفتاءات لا تعنى استبدالهم بالآخرين المحليين، بل هى المكمل للعمل الرقابى الداخلى الاساسى، وهذا معمول به فى كثير من دول العالم.

وشدد حمزاوى على أن مصر فى حاجة لمراقبة دولية على الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث أن المراقبة الدولية ستعطى القبول أو الشرعية الدولية التى نحتاجها للتدليل على أننا نسير فى مسار ديموقراطى"، وأضاف أن المراقبة الدولية تعطى نوعاً من الثقة فى أن الدولة ليس لديها ما تخفيه عن العالم أو المجتمع الدولى أو الرأى العام العالمى، رافضاً أعتبارها نوع من الوصاية على الدولة، وأضاف أن المراقبة الدولية تكون من قبل منظمات غير حكومية بالأساس لها مقرات فى دول عربية وأجنبية، مؤكداً أن تقاريرها غير ملزمة، بل تعطى تصوراً لما حدث بالعملية الانتخابية.

المواطن مسئول عن المراقبة

من جانبه أكد الدكتور عادل سليمان، المدير التنفيذي لمركز الدراسات المستقبلية السياسية إن الرقابة تتضمن التأكد من سير العملية الانتخابية وفق القوانين والإجراءات، واحترام حق المواطن في الترشح والاختيار الحر، وتساوي فرص المرشحين في الدعاية، ومتابعة عملية فرز الأصوات، والإعلان عن النتائج، والمواطن هو المسئول الأول عن الرقابة على الانتخابات إلى جانب منظمات المجتمع المدني، ولامانع من الاستعانة بالمنظمات الدولية المحايدة فالعديد من الدول تقبل الرقابة الدولية على الانتخابات.

وأكد سليمان إلى أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية في ظل مناخ انفتاح سياسي أفرزته ثورة 25 يناير وفي ظل أهمية خاصة للبرلمان القادم، والذي سيكون منوطا به تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد يؤسس للنظام السياسي الجديد، فإن سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها تصبح أمرا شديد الأهمية

0 comments :

إرسال تعليق