عصمت السادات ومفاجأة سارة لـ "إبراهيم عيسى"

محيط
في تطور جديد ومثير فيما يتعلق بأزمة صحيفة "الدستور" المصرية المعارضة ، فاجأ محمد
أنور عصمت السادات‏ وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية " تحت التأسيس " يوم السبت
الموافق 16 أكتوبر الجميع برسالة تحد واضحة لرئيس مجلس إدارة الجريدة رضا إدوارد
تتضمن خيارين لا ثالث لهما ، إما الموافقة على البيع أو إصدار " الدستور الجديد " .

وكان عصمت السادات دخل على خط أزمة جريدة الدستور يوم 14 أكتوبر بتقديمه
عرضا لرضا إدوارد رئيس مجلس الإدارة لشراء الجريدة بالشراكة مع شخصيات عامة‏.‏

وقدم السادات لإدوارد هذا العرض عبر رسالة أكد فيها استعداده وشركاؤه
لإبرام تلك الصفقة بأي مبالغ يحددها الملاك بما فيها أرباح رأس المال عن الفترة
الماضية‏ ،‏ مشيرا إلى أنهم أمهلوا إدارة الدستور الحالية أسبوعا للرد‏ .

وأضاف السادات ، الذي لم يفصح عن أسماء شركائه ، أن هذا العرض يأتي في إطار
مبادرة لحل الأزمة‏ ، مشددا على أن تصوراته وشركاؤه لشراء الدستور‏‏ تقوم على الفصل
التام بين رأس المال والتحرير‏.‏

وفيما تردد أن السادات عرض شراء "الدستور"
بـ 20 مليون جنيه شريطة أن ينص العقد علي استمرار إبراهيم عيسي رئيسا للتحرير ‏،
أعلن رضا إدوارد رفضه المطلق لبيع الدستور أو التفاوض في هذا الشأن ، قائلا :" لن
أبيع الدستور ولو بمليارات الجنيهات " .

ونفى في هذا الصدد أن يكون السادات
أرسل إليه خطابا يعرض فيه شراء الدستور، مشيرا إلى أنه تلقى هذا العرض تليفونيا عبر
وسيط مجهول له.
وفي تعقيبه على موقف إدوارد السابق ، خرج السادات على الملأ في 16 أكتوبر ليخير رئيس مجلس إدارة الجريدة بين أمرين : إما الموافقة على البيع أو تأسيس "الدستور الجديد" ، معربا في الوقت ذاته عن أسفه من تصريحات رضا إدوارد التي رفض فيها عرضه وشخصيات عامة معه لشراء الصحيفة لحل الأزمة‏.‏



وتابع " أمام إدوارد مهلة تنتهى الأحد الموافق 17 أكتوبر لاتخاذ قرار أخير بشأن العرض ، إذا كان ادوارد حسن النية في شرائه للدستور سيرضي بالعرض حفاظا علي مستقبل صحفييها البالغ عددهم حوالي‏120‏ صحفيا وحفاظا أيضا علي حرية التعبير لأن الدستور كانت منفذا لجميع التيارات السياسية‏ ، وفي حال إصراره علي الرفض سيثبت بذلك سوء نية وسيغذي الآراء التي تقول إن ادوارد والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد جاءا للدستور لإبعاد إبراهيم عيسي عنها‏".‏

مفاجأة السادات

وفجر السادات مفاجأة‏ في هذا الصدد ، قائلا :" في حال إصرار إدوارد علي رأيه فإنني والشخصيات العامة معي سنلجأ لإصدار صحيفة (الدستور الجديد) بطاقمها الصحفي القديم ورئاسة تحرير إبراهيم عيسي حفاظا على الصحيفة‏ ، سنتقدم للمجلس الأعلى للصحافة للحصول على ترخيص في هذا الصدد خلال شهر" .

وأضاف أنه سيفعل ذلك في حال حصول حزبه ـ تحت التأسيس ـ علي حكم محكمة القضاء الإداري بإعطائه رخصة وفي هذه الحالة سيحق للحزب الحصول على رخصتين لصحيفتين‏.‏

وجدد السادات قوله إنه سيدفع تعويضا لإدوارد والمساهمين معه يرضيهم مقابل إتمام الصفقة ‏، مشيرا إلى أن الشخصيات العامة التي معه عددها اثنان ولا يعملان في العمل السياسي وإنما هما هواة‏.‏

ويبدو أن عدم نجاح إدوارد في التوصل لتفاهم مع صحفيي "الدستور" المعتصمين بنقابة الصحفيين منذ اندلاع الأزمة هو أمر يدعم موقف عصمت السادات بل إن التطورات الأخيرة تصب أيضا في مصلحة إبراهيم عيسى وترجح عودته بقوة للساحة الإعلامية قريبا .

ولعل المقال الذي نشره عصمت السادات في الموقع الإلكتروني لصحيفة الدستور بعد إقالة رئيس التحرير إبراهيم عيسى مباشرة يرجح هو الآخر أن إدوارد في مأزق كبير وأن مساحة التحدي له تتسع يوما بعد يوم .

ففي هذا المقال ، قال عصمت السادات :" صدمت كما صدمت مصر لواقعة اغتيال حرية الصحافة التي حدثت بجريدة الدستور ، فخلال سنوات من التعامل مع الصديق والأخ إبراهيم عيسى لمست فيه صدق الكلمة ووضوح الموقف وعزيمة النجاح فهو رجل يمتلك كل مقومات القيام بمؤسسة صحفية ناجحة ، كانت الدستور رمزاً لحرية الصحافة كجريدة أثبتت نجاحها على مر السنين وبشهادة العديد من الصحفيين أن العمل بالدستور يطابق أعلى معايير مهنية وحرية الصحافة ويصعب أن يوجد مثل ذلك في مكان آخر تحت قيادة أخرى".

وتابع " ما حدث في جريدة الدستور ليس حادثة فردية بل هو توجه عام من النظام لإسكات أصوات حرة بهدف احتواء الرأي العام وغلق متنفسات التعبير عن الرأي في هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر".

واستطرد عصمت السادات " لكن سنوات الدستور الماضية لن تذهب هباء فإن الوعي الذي غرسه إبراهيم عيسى وزملاؤه المحررين من خلال صفحات الدستور سيبقى لينير العقول حتى بعد الوفاه الإكلينيكية للجريدة التي حدثت في 4 أكتوبر ".

وأضاف " أما ما استوقفني حقاً وملأ قلبي بالأمل هو الموقف الشجاع لمحرري الدستور حينما أعلنوا رفضهم لاغتيال إرادتهم والمتاجرة بأقلامهم واعتصموا بجريدتهم التي بنوها بآلامهم وجهدهم لسنوات وسنوات ورفضوا أي مساومة مادية للتفريط في حقوقهم ".

واختتم عصمت السادات وهو ابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات قائلا :" أقف حائراً من موقف الدكتور السيد البدوى بعد أن يشترى الجريدة ثم يخليها من عيسى ويضيف إلى مساؤي مخرجات رأس المال منحنى جديدا وهو تقييد حرية الرأى أكثر مما هي فيه من معاناة , وأعلن تضامني مع صحفيى الدستور في كل مطالبهم وأؤكد أن الدستور هي عيسى ومنصور وآخرين ولن تكون غير ذلك , فإن خرج منها فهو كخروج الروح من الجسد فسرعان ما يبلى الجسد وتأكله الرمال وتبقى الروح إلى الأبد".

وإلى حين تتضح تطورات أزمة صحيفة الدستور خلال الأيام المقبلة ، فإن الأمور يبدو أنها تسير شيئا فشيئا في مصلحة إبراهيم عيسى .

إقالة وتفسيرات

رضا إدوارد
وكان المصريون فوجئوا مساء الإثنين الموافق 4 أكتوبر بإقالة الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى من رئاسة تحرير صحيفة الدستور وذلك بقرار من رئيس مجلس إدارة الصحيفة رئيس حزب الوفد السيد البدوي شحاتة والرئيس التنفيذي لمجلس الإدارة رضا إدوارد وذلك قبل أن يعلن السيد البدوي تنحيه عن رئاسة مجلس إدارة الصحيفة بعد ساعات من إقالة إبراهيم عيسى .

ورغم أن الموقع الإلكتروني لصحيفة "الدستور" الذي أورد الخبر لم يذكر أسباب الإقالة ، إلا أن مصادر في "الدستور" رجحت أن يكون قرار بدوي جاء بعد قيام عيسى بنشر مقال على صفحتين كاملتين مؤخرا بعنوان "الكنيسة والوطن" للمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا رئيس جمعية مصر للثقافة والحوار والذي طالب فيه البابا شنودة بإلزام الأنبا بيشوى بالاعتذار الصريح عن تصريحاته المسيئة للقرآن الكريم وهو المقال الذي رفضت "المصري اليوم" نشره حينها .

ووفقا للمصادر السابقة ، فإن نشر عيسى لمقال العوا كان القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث قال ادوارد له إن الجريدة لن تتحمل المشاكل التي يتسبب فيها بالمرحلة المقبلة.

وبجانب ما سبق ، تردد أيضا أن سبب الإقالة هو خلاف نشب بين البدوي وعيسى بسبب مقال للدكتور محمد البرادعي عن نصر أكتوبر من المفترض نشره في 6 أكتوبر في العدد الأسبوعي للصحيفة.

وهناك من ردد أيضا أن قرار الإقالة يأتي بعد أقل من شهر من شراء البدوي للصحيفة وبعد أيام من فسخ عيسى تعاقده مع قناة "أو تي في" التي يملكها رجل الأعمال نجيب ساويرس حيث كان يقدم من خلالها برنامج "بلدنا بالمصري" .

ومع أنه تردد حينها أنه عيسى ترك "أون تي في" للتفرغ لصحيفة "الدستور" وتطويرها ، إلا أن لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصريين أعربت في بيان لها مؤخرا عن قلقها بشأن المعلومات التي ترددت عن ضغوط مارستها الحكومة علي قناة "OTV " من أجل تهدئة نبرة برنامج "بلدنا بالمصري" في التعامل مع القضايا الساخنة والحياة السياسية ،
وهو ما يبدو أنه السبب وراء انسحاب الكاتب الصحفي إبراهيم عيسي من القناة بعد 3 شهور فقط من العمل فيها وتحقيق نجاح جماهيري كبير ظهر من خلال معدلات مشاهدة البرنامج والتعليقات عليه عبر مواقع الإنترنت.
وأضاف بيان لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أن منع إبراهيم عيسي من المشهد التليفزيوني جاء متزامنا مع إغلاق برامج على قنوات "أوربت" التي كان يعمل فيها العديد من الزملاء الصحفيين وهو الأمر الذي يؤدي إلي شعور الرأي العام بأن هناك هجمة منظمة علي حرية الإعلام مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب .

وأكدت اللجنة في هذا الصدد تضامنها الكامل مع إبراهيم عيسي كما لفتت إلي أنها سبق وأن أصدرت بيانا أعربت فيه عن تضامنها مع الزملاء في قناة أوربت وعلي رأسهم الإعلامي عمرو أديب.

وكان تم مؤخرا فرض قيود متتالية على بعض وسائل الإعلام المصرية مثل وقف برنامج "القاهرة اليوم" الذي كان يذاع يوميا على قناة أوربت الفضائية وبرنامج "بلدنا بالمصري" الذي كان يقدمة إبراهيم عيسى على قناة "أو تي في" بسبب انتقاداتهما اللاذعة لسياسات الحكومة المصرية ، ورددت بعض أصوات المعارضة أن هذا التقييد يأتي لتسهيل عملية توريث الحكم .

عيسى في سطور

ومعروف أن إبراهيم عيسى كان يرأس تحرير "الدستور" منذ عام 2004 بعد عودتها للنشر من جديد في أعقاب 6 سنوات من التوقف بسبب بيان تم نشره ونسب لإحدى الجماعات الإسلامية.

وتعرض إبراهيم عيسى لحكم محكمة بالحبس في 2006 قبل أن يتم تخفيف الحكم للغرامة المالية ، لكن أبرز المشكلات التي واجهت الكاتب الصحفي الكبير كانت في عام 2008 حين واجه حكما بالحبس بسبب تناوله للحالة الصحية لرئيس الجمهورية وقالت المحكمة حينها إن ذلك تسبب في اضطراب البورصة المصرية قبل أن يصدر الرئيس مبارك عفوا عنه.

وقدم عيسى عددا من البرامج التليفزيونية خلال السنوات الماضية على أكثر من قناة من بينها "دريم" و"أو تي في" ، ويبدو أن خلافات داخل الدستور بدأت تظهر مع شراء بدوي وإدوارد صحيفة "الدستور" من مؤسسها وناشرها عصام إسماعيل فهمي قبل قرابة شهرين من اندلاع الأزمة .

0 comments :

إرسال تعليق