أنور عصمت السادات يكتب:أرجو أن يتوقف حديث جمال مبارك عن البؤس

الدستور

الذي لم يشعر به يوماً في حياته

لا يصح بأي حال من الأحوال أن يخرج علينا مسئول مثل السيد جمال مبارك ـ أمين لجنة السياسات في الحزب الحاكم ـ ليصرح بأن سوء توزيع الثروة أفضل من توزيع عادل للبؤس والفقر، تلك التصريحات المحبطة التي تمثل استفزازاً كبيراً للمواطنين وتبين إصرار النظام علي تزاوج المال بالسلطة،

الأمر الذي أثبتت الأيام فشله، وانعكست نتائجه السلبية علي المجتمع، وأصبحت مجموعة رجال الأعمال التي راهن عليها السيد جمال مبارك يسقطون واحداً تلو الآخر في جرائم غير إنسانية ويعيثون في الأرض فساداً بطريقة لم تشهدها مصر من قبل، تلك السياسات التي ضربت نموذجاً «سيئاً» للعمل الحر جعلت الشباب يفضل الهجرة والهروب علي تحمل مسئولية بناء الوطن، تلك النظرية يا سيد جمال تخالف المبدأ الأصيل «العدل أساس الملك» وتخالف الدستور المصري الذي ينص علي عدالة التوزيع في الناتج العام.

وتناول السيد جمال مبارك في تصريحاته تخويف الشعب من الفقر والبؤس والبطالة، الأمر الذي يعد طريقة غير أخلاقيه في إدارة البلاد، فإما أن يوافق المواطنون علي سرقة مواردهم دون حياء أو ليواجهوا الشقاء والتسول، والمفترض أن النظريات الاقتصادية السليمة تعتمد علي أن حسن التوزيع دليل علي حسن الإدارة وإذا أعلن النظام فشله فليسترح ويترك الحكم لمن يجيد الإدارة.

فوظيفة الدولة الرئيسية توفير فرص متساوية ومتكافئة للمصريين في التعليم والصحة والدخل ويكون بعد ذلك الاجتهاد أو التخاذل المقياس الوحيد في تحديد مدي نجاح الفرد والمجتمع، ولكننا نري سياسة النظام الحالي تتمتع بالتمييز الكبير لأصحاب الملايين دون مراعاة لمشاعر الملايين من شبابنا الذين يبذلون مجهوداً خرافياً حتي يضعوا أيديهم علي أول الطريق ويهبط عليهم فجأة أولاد الأكابر لينالوا جميع الحظوظ والفرص دون حتي أن يتركوا الفتات.

وتعرض السيد جمال مبارك في حديثه إلي وصول خطي الإصلاح الاقتصادي للعديد من الطبقات الدنيا، والحقيقة لا نجد أدل علي عدم صدق ذلك من الاحتجاجات والاعتصامات التي انتبات جميع طبقات المجتمع المصري من مدرسين ومهندسين وأطباء وصيادلة علاوة علي العمال والسائقين وغيرهم.

ورجاءً من السيد جمال مبارك أن يكف عن الحديث عن البؤس الذي لم يشعر به يوماً واحداً في حياته لأنه موزع علي 99% من المصريين وهو ليس منهم بالطبع كي يشعر بهم وبمعاناتهم اليومية بفضل سياساته التي فشلت وانعكست علي لغة تصريحاته التي خلت من الحلول وانحصرت في دعاوي «اربطوا الحزام» والتخويف من زيادة البطالة التي تعهد رئيس الجمهورية في 2005 في برنامجه الانتخابي بمواجهتها، علي الرغم من قبولنا أفكار فتح أبواب الاستثمار علي مصراعيها والخصخصة دون ضوابط وإعطاء امتيازات لا حدود لها للمستثمرين، الأمر الذي شكل فوارق طبقية كبيرة أصبحت تمثل خطراً اجتماعياً أكبر من أي مشكلة اقتصادية، بل أصبحت تؤثر في الانخفاض في معدلات الإنتاج والعمل الجماعي.

ويتلخص الحل في ضرورة إرساء مبادئ عدالة توزيع الفرص وعدالة توزيع الموارد ووضع حد أقصي لرواتب كبار موظفي الجهاز الإداري للدولة، حتي تتحقق العدالة الاجتماعية اللازمة لإيجاد التوازن بين طبقات المجتمع وإحلال السلام الاجتماعي المنشود لمصرنا الحبيبة، وأخيراً نقول للسيد جمال مبارك المساواة في الظلم عدل وليس العكس.

0 comments :

إرسال تعليق