المصريون
كتب عمر القليوبي
قضت المحكمة الإدارية العليا، أمس، بإلغاء حكم وقف تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، وقررت إحالة طعن الحكومة على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في نوفمبر الماضي إلى هيئة مفوضين، لإعداد تقرير قانوني بشأنه، تمهيدا لمعاودتها نظر الطعن في 16 مارس المقبل.
وأثار الحكم، استغراب النشطاء الذين تبنوا حملة وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، والذين قالوا إنهم كانوا يترقبون صدور قرار بتأييد الحكم الصادر لصالحهم، خاصة بعد المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، بدلا من المضي قدما في وضع العراقيل أمام تنفيذ حكم قضائي بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، بأسعار بخسة تكبد الموازنة العامة للدولة خسائر تقدر بـ 9.2 مليون دولار يوميا.
وقالت المحكمة التي صدر قرارها بإجماع آراء رئيسها المستشار إبراهيم الصغير وأعضائها الخمسة في حيثيات الحكم، إن قرار الحكومة الذي صدر في سبتمبر عام 2007 بتصدير الغاز الطبيعي لدول شرق البحر الأبيض المتوسط ومنها إسرائيل لا يخضع لرقابة القضاء، بل هو من صميم اختصاص الحكومة.
وتابعت "القرار من الأعمال التي تصدر عن الحكومة بوصفها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية مما يدخل في أعمال السيادة التي استقر القضاء الدستوري والإداري على استبعادها من رقابته وإخراجها من نطاق اختصاصه الولائي. الأمر الذي يرجح معه إلغاء الحكم المطعون فيه ومن ثم تقضي المحكمة بوقف تنفيذ الحكم بعد أن توافر بشأنه ركن الجدية وركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ الحكم من المساس بالتزامات الدولة وتعهداتها مع الدول الأخرى".
وكانت محكمة القضاء الإداري قضت بوقف تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، لأن مجلس الشعب لم يناقش ولم يقر اتفاقية تصديره، فيما اعتبرته يمثل انتقاصا من السيادة المصرية، ونظرا لبيع بأسعار أقل من الأسعار العالمية.
وأثار حكم الإدارية العليا، صدمة للفريق القانوني الذي رفع دعوى وقف تصدير الغاز لإسرائيل، بقيادة السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية السابق، لكنه أكد أن هذا الحكم لن يثنيهم عن المضي قدما للحصول على حكم قضائي، لأن الحكم في الشق المستعجل لا يقطع الطريق على استمرار الشق الموضوعي للدعوى.
وأوضح يسري لـ "المصريون" أنه والفريق القانوني المعاون له سيبدأ في إقامة الدعوى مجددا، لاسيما في الشق الموضوعي، وسيلجأ إلى هيئة مفوضي الدولة مدعومين بعدد كبير من الوثائق والمستندات غير القابلة للطعن أو الدحض، حسب قوله.
لكنه مع ذلك رفض التعليق على الحكم، إلا أنه رفض اعتبار إبرام صفقة غاز من قبيل أعمال السيادة، وقال إن ذلك يخالف ما تعارف عليه القانونيون والدستوريون من أن أعمال السيادة ترتبط بقرارات رئيس الجمهورية الخاصة بإعلان حالة الطوارئ، وقطع العلاقات مع أي دولة أو اتخاذ إجراء ضد أي من الدول في المنظمات الدولية.
وأوضح أن الأعمال السيادية لا تتعلق أبدا بأعمال الوزراء أو مجلس الوزراء في ضوء تصرفهم كسلطة إدارة وليس سلطة حكم؛ فليس من القانون في شيء تحصين أعمال وزير الزراعة مثلا إذا أبرم صفقة بيع بصل للخارج.
وعبر يسري عن شعوره بالأسى نتيجة استمرار تصدير الغاز لإسرائيل، لأن ذلك يلحق خسارة فادحة بالاقتصاد المصري قدرها الخبراء بحوالي 9 ملايين دولار يوميًا، حيث تقل أسعار التصدير لإسرائيل من 6 إلى 8 دولارات عن كل وحدة غاز في السوق العالمية، رغم حاجة مصر لكل دولار لعلاج مشاكلها المزمنة.
من جهته، عبر محمد أنور عصمت السادات عضو مجلس الشعب السابق وأحد رافعي الدعوى عن انزعاجه من حكم المحكمة الإدارية العليا، باعتباره "مخالفا لجميع المقاييس المالية والاقتصادية"، بما يؤدي إلى استنزاف موارد مصر في وقت يستخدم فيه الغاز المصري في المذابح والمجازر الإسرائيلية بحق أطفال غزة.
وكشف السادات عن مجموعة من التحركات سيقوم بها النشطاء المناهضون لتصدير الغاز لإسرائيل، من بينها تنظيم وقفة احتجاجية عند بداية خط الأنبوب في دمياط، والقيام بمسيرة لأعضاء في مجلس الشعب إلى رئاسة الجمهورية تناشد الرئيس حسني مبارك باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية التدخل لوقف تصدير الغاز لإسرائيل.
وأوضح أن التحركات ستتضمن أيضًا تنظيم مؤتمر قومي يحضره خبراء الغاز السابقون والحاليون، لبيان مدى جدوى استمرار مصر في تصدير الغاز لإسرائيل وكشف الحقيقة للرأي العام.
فيما رأى المهندس عبد العزيز الحسيني المنسق العام للحملة المصرية المناهضة للتطبيع أن الحكم زاد القضية التباسا؛ فالحكومة تذرعت في مجلس الشعب بعدم مسئوليتها عن هذه الاتفاقية، باعتبارها صفقة بين شركات خاصة، بينما المحكمة تحدثت عن القرار باعتباره من أعمال السيادة الخاصة بالحكومة، رغم أن القضية لا تخص قرارات رئيس الجمهورية، ولا تتعلق باتفاقية كامب ديفيد.
وأكد الحسيني أن المناهضين لتصدير الغاز لإسرائيل سيدشنون حملة ضد المسئولين والوزراء ورجال الأعمال المتورطين في تصدير الغاز لإسرائيل لفضحهم أمام الرأي العام.
وتم توقيع اتفاق تزويد الغاز المصري لشركة الكهرباء الإسرائيلية عام 2005، وبدأ تنفيذه في أغسطس الماضي. ويشمل تزويد إسرائيل سنويا بكمية من الغاز تصل إلى 7ر1 مليار متر مكعب لمدة 15 عاما، مع إمكانية زيادة الكمية بنسبة 25% وزيادة المدة الزمنية لـ 5 سنوات أخرى.
وأثارت هذه الاتفاقية جدلا واسعا في مصر على مستويات مختلفة، خاصة أن تفاصيلها لم تعرض على مجلس الشعب، وتحدد الاتفاقية السعر بـ 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وهو سعر أقل من سعر التكلفة الذي يبلغ 2.6 دولار، في حين أن قيمته السوقية تزيد عن 9 دولارات
0 comments :
إرسال تعليق