الشرق الاوسط
قالت إن الاتفاق يخص موارد طبيعية وكان يتوجب عرضه على البرلمان
القاهرة: محمد فتحي يونس
قضت محكمة القضاء الإداري بمصر أمس بوقف قرار وزير البترول المصري سامح فهمي الصادر في عام 2005 بالسماح لهيئة البترول المصرية والشركات القابضة للغاز بتصدير الغاز لإسرائيل عبر شركة غاز شرق المتوسط. وقالت مصادر قضائية إن المحكمة استندت الى أن الدستور المصري أعطى للبرلمان وحده الحق في تقرير بيع الموارد الطبيعية، وبينما أفاد مسؤول في مجلس الوزراء المصري أن الحكم لا يلزم الحكومة بالتنفيذ الفوري، قررت هيئة قضايا الدولة الاستشكال ضد الحكم. ولم تطلب الحكومة المصرية موافقة البرلمان على توقيع اتفاق الغاز مع إسرائيل، قائلة إنه اتفاق خاص بين شركة غاز شرق المتوسط المصرية وشركة الكهرباء الإسرائيلية، إلا إن محكمة القضاء الإداري قالت أمس إنه يتعين على الحكومة أن تتوجه للبرلمان للحصول على موافقته طالما أنها تمنح امتيازات في الموارد الطبيعية.
ورفضت المحكمة الدفوع التي أبدتها وزارة البترول ومجلس الوزراء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وقبول تدخل عدد من المواطنين إلى جانب السفير إبراهيم يسرى مقيم الدعوى، ورفض طلبات «التدخل الانضمامي» من جانب بعض المحامين. وقالت المحكمة إن الدستور (في المادة 123 منه) حرص على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها موردا مهما من موارد الدولة ليست ملكا للأجيال الحالية فحسب، بل تشترك في ملكيتها الأجيال المستقبلية، فنص صراحة على أن يحدد القانون والقواعد والإجراءات الخاصة بمنح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة.
وتابعت: انه بموجب ذلك فانه يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلى مجلس الشعب للحصول على موافقته على منح الالتزامات المشار إليها، ويعتبر ذلك إجراء وجوبيا يحتمه الدستور وشرطا أساسيا لنفاذ العمل ونوعا من الرقابة التي تمارسها السلطة التشريعية ـ بنص الدستور ـ على بعض أعمال الإدارة وتتمثل في الفلسفة التي تبرر إعطاء هذه السلطة لمجلس الشعب في الصفة التمثيلية للجهاز التشريعي، فهو بحسب الأصل يكون منتخبا من الشعب ويعبر عن إرادة أغلبيته، وبالتالي فهو أصلح الأجهزة القادرة على مراقبة عمل الإدارة في ما يخص منح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية الموهوبة للشعب».
وكان مجموعة من المحامين المصريين رفعوا دعوى لوقف تصدير الغاز لإسرائيل قائلين إن إسرائيل تشتري الغاز الطبيعي المصري بأسعار أقل من مستوى الأسعار العالمية، إذ يعارض بيع الغاز لإسرائيل مصريون من توجهات يسارية وقومية وإسلامية.
وجاء الحكم بعد دعوى قضائية رفعها السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، معتبرا فيها أن قرار الوزير «فهمي» ينتقص من السيادة الوطنية، مشيرا في دعواه إلى أن مصر تخسر 9 ملايين دولار يوميا جراء هذه الصفقة، وأن «صفقة كهذه كان من الأجدر التعامل معها بعرضها أولا على مجلس الشعب (البرلمان) لإبداء رأيه فيها بالموافقة أو الرفض على اعتبار أن الغاز المصري ملك للشعب وليس لشركة خاصة».
وقالت مصادر في الحكومة المصرية إن هيئة قضايا الدولة برئاسة المستشار ميلاد سيدهم رئيس الهيئة تعكف على إعداد استشكال من المتوقع أن تقدمه اليوم، لوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الذي قضى بـ«وقف قرار بيع الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار تقل عن الأسعار العالمية وقيمتها السوقية».
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحملة الشعبية في مصر والمسماة بـ«لا لنكسة الغاز» على لسان المتحدث الرسمي لها النائب السابق بمجلس الشعب المصري، محمد أنور عصمت السادات، أن «الحكم فرصة ذهبية للحكومة للتراجع عن تعاقداتها التي تضر بمصالح الأجيال القادمة»، كما أعلن عن تواصل الاحتجاجات السلمية على التصدير وقرب تنظيم وقفة احتجاجية اعتراضا على ضخ الغاز لإسرائيل.
وقال النائب السادات، وهو ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحكم فرصة ذهبية يمكن أن تستغلها الحكومة المصرية للضغط على إسرائيل، لأن الأخيرة تبدي تشددا ضد تغيير سعر التصدير المتفق عليه بعد تغير الأسعار العالمية (بالزيادة)». وأكد السادات أن الحملة الشعبية للتصدي لتصدير الغاز لإسرائيل لن تتوقف وسيجتمع أعضاؤها اليوم أو غد لبحث الخطوات المقبلة، كما سينظم الأعضاء وقفة احتجاجية للاعتراض على ضخ الغاز من خلال أنبوب يمتد من دمياط (شمال مصر) إلى العريش (شرق مصر) ومنها إلى عسقلان بإسرائيل، كما شدد على «قرب تنظيم محاكمة شعبية للمتورطين في هذا العمل».
0 comments :
إرسال تعليق