المصرى اليوم
سنوات طويلة ظل خلالها اسم السادات مرادفاً لجدل واسع يندلع حول الرجل حتي بعد وفاته.. فبين اتهامه بالخيانة وغضب من زيارته لإسرائيل وسلامه الوهمي.. وبين دفاع مستميت عن خطواته الذكية وقراري الحرب والسلام، تراوحت الآراء حوله والنزاعات أيضاً.. ولم يبق من الرجل الأسطورة سوي قرارين ومعاهدة وحادث اغتيال مشهور.
إنها المفردات التي اعتمد عليها الفيلم الإيراني «إعدام الفرعون» كما بدا من التصريحات التي نشرت حوله، والتي كانت وبمجرد نشرها دافعاً لكثير من الأقلام إلي تناول شخص الزعيم الراحل وإعادة جزء من الاعتبار إليه.. فقد فتح «إعدام الفرعون» المجال حول إعادة تقييم الرجل ورصد إنجازاته والدفاع عنه.
أسرة الرئيس الراحل غاضبة وتطالب بـ «تحرك».. وتعتبر السماح بعرض الفيلم «خيانة»
كتب - محمد حسام:
وجهة نظر تسير في اتجاه واحد، تلخص بها أسرة السادات رفضها القاطع خروج فيلم «إعدام الفرعون» إلي النور، حيث توجه الأسرة اتهامات الخيانة والعمالة لكل من يرحب بعرض الفيلم أو حتي مشاهدته.. الخيانة التي قصدتها الأسرة لم تكن للسادات فحسب وتاريخه، بل لمصر وحاضرها حسب تعبيرهم.
الغضب الذي بدا علي صوت رقية السادات كان مبرراً، فقد عبرت عن حزنها من الآراء التي أطلقها بعض السينمائيين الذين ينتمون لتوجهات سياسية معادية لوالدها، حيث طالبوا بضرورة مشاهدة الفيلم وتقييمه وعدم منعه من منطلق أنه لا حجر علي الفن والإبداع.
وقالت رقية: «أنا مش ضد حرية السينما عندما لا تتعارض مع الثوابت والرموز الأساسية، وفي كل الحالات فإن هذا الفيلم يتنافي وكل الأخلاق التي تربينا عليها، فليس منطقياً أن نخوض الآن في سيرة واحد ميت، وأن نلقيه بالتهم دون دليل وأن نعظم قتلته ونرسخ ثقافة الإرهاب، فالخوض في سيرة الأموات لا يندرج تحت بند الحرية، كما أنني أتساءل لحساب من يتم تشويه صورة السادات، هذا بدلاً من الدفاع عنه، لأن لو فيه حرية وسلام في مصر يبقي السادات هو اللي عملها.. وأنا مش بقول الكلام ده دفاعاً عن أبويا لكن لأنني أدافع عن الحق، وأرفض تزييف التاريخ».
وأضافت: «الفيلم ده معمول من وجهة نظر إرهابية، ولا أعتقد أنه سيقابل بترحيب عالمي بل سيرفضونه، لأن الدافع الأساسي وراء الفيلم هو علاقة السادات بشاه إيران، حيث احتضنه السادات بعد طرده من كثير من الدول، ورغم أنه موقف إنساني من الرئيس السادات فإنه يحاسب عليه حتي بعد وفاته، وأشعر بصراحة أن هذه النوعية من الأفلام تعود بنا إلي عصر المجوس».
رقية أكدت أنها ليست ضد الاختلاف في الرأي لأنه حق مكفول، لكن الإهانة وتزييف المواقف غير مقبولة، وقالت: «لا أعتب علي الإيرانيين، لكنني أعتب علي المصريين الذين ينادون بعرض الفيلم ثم تقييمه سينمائياً.. وأرد علي هؤلاء وأقول لهم: السادات ليس ملاكاً، ويكفيه قراري الحرب والسلام، ولولاه كنا لانزال نتسول أراضينا حتي الآن».
وأكدت رقية أن أسرة السادات لم تجتمع بعد لاتخاذ موقف موحد تجاه الفيلم والإساءات التي يتضمنها، وتجاه الحكومة المصرية إذا سكتت عنه وسمحت بدخوله مصر: «بصراحة أفهم أن اليهود هما اللي يعملوا الفيلم ده مش الإيرانيين لأننا أصحاب فضل عليهم».
النائب طلعت السادات أكد أنه ليس مندهشاً من تقديم إيران هذا الفيلم لأن تاريخها مليء بالتجاوزات منذ أن قتل «أبولولؤة المجوسي» عمر بن الخطاب وهو يصلي في المسجد مروراً بحادث اغتيال أنور السادات الذي نفذه «خالد الإسلامبولي».
وأضاف السادات: «أعتقد أن إسرائيل تقف وراء تقديم هذا الفيلم الذي سيشعل الأجواء في المنطقة ويعزل إيران عن دول الشرق الأوسط ويستخدمها كـ (فزاعة) للدولة العربية».
ونفي السادات عزمه تحريك دعوي قضائية ضد إيران بسبب هذا الفيلم.
وقال محمد عصمت السادات: «أي فيلم وثائقي حتي إذا كان إنتاجاً خاصاً تدعمه الحكومة بشكل أو بآخر وبالتالي فلا صحة لما أعلنته الحكومة الإيرانية بأن الفيلم لا يعبر عن وجهة نظرها، وأتعجب من موقف الحكومة الإيرانية والتي تسعي لإقامة علاقات باعتبارها دولة إسلامية لأن عرض فيلم يتناول حياة ميت يخالف تعاليم الإسلام».
وأشار السادات إلي أن الجماعات الإسلاامية نفسها ندمت علي موت الزعيم وقال: «كيف يمكن تحسين صورتنا وحوارنا مع الغرب ويتم عرض هذا الفيلم الذي يعرض صور الاغتيال والإرهاب في المنطقة العربية ويجب علي الشعب المصري أن يدافع عن شخص السادات الذي حقق انتصار أكتوبر وليس أهل السادات فقط».
وأكد عصمت السادات أن النظام الإيراني حاقد علي مصر لأن أنور السادات هو أول من حذر من إقامة الدولة الدينية وحكم الآية في إيران وخطورته علي المنطقة، وتصديرهم للثورة الإسلامية في الدول العربية مثل لبنان وفلسطين والعراق.
وأكد جمال السادات الشقيق الرابع لطلعت السادات أن الفيلم الذي أنتجته إيران ما هو إلا تزييف للتاريخ لأن السادات كان بطلاً حقيقياً ولولاه ما انتصرنا علي إسرائيل وما عادت لنا سيناء، وهو رجل شجاع لأنه ذهب إلي الكنيست دون أن يخاف من اغتياله هناك.
ويعتبر جمال الفيلم إهانة للعرب ككل ويحرض علي الاغتيالات في الدول العربية.
وأضاف جمال: منذ سنين وموقف مصر مع إيران واضح لأن الرئيس مبارك اشترط لعودة العلاقات المصرية - الإيرانية تغيير اسم شارع الإرهابي «خالد الإسلامبولي» لكن الشارع لم يتغير إلا مؤخراً ولأسباب لا نعرفها وليس لطلب الرئيس مبارك علاقة به، فالعرب اليوم يهرولون علي ربع ما قدمه لهم السادات علي صينية فضة من حقوق وأقر العرب بأن السادات كان علي حق.
وقالت فوزية عصمت السادات إن الفيلم الإيراني الذي يشوه صورة السادات رداً علي «جدعنة السادات» الذي كرم شاه إيران واستضافه علي أرض مصر وتم دفنه علي ترابها وقام السادات بعمل جنازة رسمية له تمجيداً له.
وتضيف فوزية: يوجد تقصير من الدولة في الرد علي هذا الفيلم المسيء لتاريخ هذا الرجل الذي قاد الأمة العربية والإسلامية وتساءلت: أين دور وزارات الخارجية والإعلام والثقافة؟! والفيلم يمثل الحكومة الإيرانية وليس الشعب الإيراني وموجه مع اقتراب موعد ذكري ٦ أكتوبر.
السادات أكبر من أن يهزه فيلم.. «إحنا ليه زعلانين قوي كده؟»
كتب - أحمد رجب:
يبدو الفيلم الإيراني «إعدام الفرعون»، الذي يتناول حياة واغتيال الرئيس الراحل السادات من وجهة نظر إيرانية، نموذجاً مثالياً للعلاقة المتوترة بين مصر وإيران، واستمرارا لحالة الشد والجذب بين النظامين المصري والإيراني.. الاشتعال عاد إلي العلاقة المتوترة أساساً بعد أن وصف الفيلم الإيراني الرئيس أنور السادات بـ«الخائن»، وفي الوقت نفسه وصف قتلته بـ«الشهداء».
والفيلم إذ يقدم جانباً من العلاقة غير السوية التي تربط النظامين، فإنه في رأي كثير من خبراء السياسة دليل جديد علي وجود أصابع خفية في الحكومة الإيرانية والحكومات المجاورة، من أهدافها أن تظل العلاقات المصرية الإيرانية في حالة عدم اتفاق.
وجهة نظر متعصبة للموقف المصري، قدمها د. مصطفي الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب، وقال: الفيلم إساءة خطيرة من إيران إلي مصر وللنظام المصري أيضاً، وهو ما يشجع عشرات الأعمال علي تناول عمليات الإبادة الجماعية التي قامت بها الثورة الإسلامية هناك إبان قيامها، كما أن خروج مثل هذا الفيلم للنور يعطل عودة العلاقات ويشير إلي وجود أصابع خفية داخل النظام السياسي الإيراني، تهدف إلي منع عودة العلاقات بشكل طبيعي.
وأضاف: «يجب أن يعرف النظام الإيراني أن هذه النوعية من الأفلام لن تؤثر علي الزعامات التاريخية، ومن يتحجج بأن الفيلم إنتاج لشركة خاصة، يجب أن يدرك أن النظام الإيراني قادر علي منع إنتاج أي فيلم إذا اعتبره إساءة لدولة صديقة، وخروج هذا الفيلم للنور لا يتم إلا بمباركة النظام الإيراني.
د. مدحت حماد، رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي الإيراني، أكد أنه حتي هذه اللحظة لم يلحظ أي اهتمام بالفيلم أو موضوعه في وسائل الإعلام، وحتي من هاجموا الفيلم لم يروه، وأضاف: إذا حدث وخرج هذا الفيلم للنور بالتصور نفسه، فهذه واقعة غير مسبوقة لم تحدث خلال الـ ١٥ عاماً الماضية وسوف نعتبرها عملا عدائياً واستفزازياً بدرجة كبيرة.
وأضاف «حماد»: «أعتقد أن مصدر هذه المعلومات جهة أو هيئة ما لها مصلحة في هدم علاقات مصرية - إيرانية بدأت تتوثق وتشق طريقها للأمام لدرجة لقاء الرئيس مبارك بـ«علي لارجاني» مندوب المرشد علي خامنئي نهاية العام الماضي، خاصة أن كثيرا من الدول المجاورة تصب مصلحتها المباشرة في هدم وإنهاء أي بوادر ود بين الدولتين»، وقال: «سافرت شخصياً إلي إيران بداية العام الجاري وقابلت عدداً كبيراً من صناع القرار هناك ولاحظت كيف يقدرون مصر ويتمنون عودة العلاقات معها بشكل كامل».
واعتبر د. جهاد عودة، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة حلوان، تحميل الفيلم كل ثقل التوتر بين مصر وإيران شيئاً من العبث، لأن مصر تنتج عشرات الأفلام سنوياً، معظمها يهاجم أمريكا، أحد هذه الأفلام قدم وزيرة الخارجية الأمريكية في مشاهد غير لائقة، لكننا لم نسمع أن أمريكا استدعت السفير المصري، أو أن العلاقات توترت بسبب هذه المشاهد،
وأضاف: العلاقة بين مصر وإيران متوترة منذ فترة طويلة والفيلم ليس سبباً للتوتر، كما أن البعض يستخدمه للتصعيد وهذا يظهر مصر في موقف التلميذ الصغير الذي يتحجج بحجج واهية ويسيء إلي منظرنا كدولة تهتز بسبب فيلم، وإلي رموزنا السياسية التي لم ولن تهتز مكانتها بسبب أي فيلم.
زوار موقع «المصري اليوم»: «عاش راجل.. ومات شهيد»
كتبت ـ شيماء البرديني:
علي الموقع الرسمي لـ«المصري اليوم» وبعد ساعات من نشر الخبر، انهالت التعليقات التي اتفقت في مجملها علي إعادة الاعتبار لشخص واسم السادات والنيل من الفيلم «المغرض» ـ حسب وصف زوار الموقع.
١٦٠ تعليقاً حتي الآن، أبرزها كان ما قاله الزائر «هاني شاكر»: «اللي محدش يعرفه إن مناحم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، مات بسبب الاكتئاب النفسي الشديد الذي سببه له السادات، لأنه تيقن في أواخر أيامه أن السادات كان أذكي منه واستطاع انتزاع الحقوق العربية المصرية المسلوبة، ويحقن دماء شعبه من ويلات الحروب.. الله يرحمك يا سادات ويعوضنا عنك كل خير، وندعو الله عز وجل أن يهب لنا رجلاً آخر يتولي قيادة هذا البلد في مثل ذكاء وفطنة المرحوم بإذن الله (السادات)».
وقال العضو ياسر: «حظنا العاثر ومحنة ـ الله يرحمه ـ الرئيس السادات أنه كان رجل دولة، قلما يجود الزمان بمثله، ولم يكن سابقاً لعصره فقط بل كان أميناً مع نفسه وأمام الله، وكان من الشجاعة بمكان جعله يواجه الواقع الذي خاف الآخرون أن يواجهوه، بل أنكروه خوفاً علي كراسي الحكم، وراحوا يخدعون أنفسهم وشعوبهم بأي شيء إلا المواجهة، وعجزوا حتي الآن عن أن يأتوا بحل للقضية. رحل السادات وحتي الآن أعداد القتلي من جانبنا في ازدياد.. ليه نطلب من اللي مات يعمل اللي عجز عنه الأحياء؟!».
وقال كريم دياب: «الله يرحمك يا أرجل رجل عرفته مصر، الله يرحمك يا أذكي رجل اشتكت منه إسرائيل من ذكائه، واللي عمله الراجل ده الدنيا كلها دلوقتي عاوزه تعمله مع إسرائيل ومش عارفة، ده راجل في قمة الشجاعة وعلشان كده ربنا أكرمه بالشهادة، لو رجعت الأيام دي تاني ما كان موقفنا كده دلوقتي بين الدول، عشت راجل.. ومت شهيد». وأضاف أحمد إبراهيم: «لما يطلع من صلبكم واحد يعمل ربع اللي عمله السادات ابقوا اتكلموا واعملوا أفلام، بلاش سفسطة فارغة».
وقال د. عمر: «هذه جليطة وقلة أدب من إيران.. رغم أنني أختلف مع السادات رحمه الله في اتفاقية كامب ديفيد، لكنه كان من أفضل من حكموا مصر، وتوصيف كامب ديفيد بالخيانة حماقة وغباء، فهو لا يعدو أن يكون اجتهد فأخطأ من وجهة نظري، أري أن مقاضاة الفيلم لا طائل من ورائها، وهو بمثابة زوبعة ستنتهي خلال أيام، خاصة أن عرضه في إيران لا يقدم ولا يؤخر شيئاً».
علي أبوشادي: لماذا لا نرد بـ«فيلم مضاد».. بدلاً من «المقاطعة»؟
كتب - هثيم دبور:
لم يختلف موقف السينمائيين والنقاد كثيراً تجاه الفيلم الإيراني «إعدام الفرعون»، فقد اتفقوا علي ضرورة مشاهدة الفيلم أولا ثم الحكم عليه بعد ذلك، حيث قال الناقد السينمائي طارق الشناوي: «لا أعرف عن الفيلم أكثر مما قرأته منشوراً في «المصري اليوم»، والمتابع الجيد، يجد أن الرئيس السادات هوجم في الداخل بصورة ضارية لدرجة جعلت ابنة جمال عبدالناصر تتهمه بقتل والدها،
وفي الوقت نفسه السادات شخصية عامة مثله مثل نابليون وكنيدي، ويمكن النظر لحياته بأكثر من وجهة نظر، وإن كانت السينما المصرية هاجمت الرئيس جمال عبدالناصر بسبب التعذيب في المعتقلات، فإنها في الوقت نفسه لم تتناول تطبيع السادات بأكثر من وجهة نظر.. والفيلم الوحيد الذي قدمته السينما المصرية وتناولت فيه شخصية السادات، تم تقديمه بمثالية شديدة بسبب تدخل أسرة السادات في السنياريو».
محمد خان مخرج فيلم أيام السادات، تمسك بموقفه الرافض للتعليق علي القضية، وتعلل بأنه لم يشاهد الفيلم. ووصف الناقد علي أبوشادي رئيس جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية الحجر علي حرية الآخرين بأنه جريمة، وقال: استصدار قرارات قبل رؤية الفيلم أمر مغلوط، فالأفلام التي تتناول القضايا الفكرية الكبيرة يجب أن نبدأ تقييمها بعد رؤيتها، ولا نكتفي بالسيناريو، لأن ما يخرج علي شريط السينما شيء مختلف، وفي كل الحالات الرد علي أي فيلم يكون بفيلم آخر.
وفي تأييد كامل لوجهة نظر أبوشادي، قال الناقد طارق الشناوي: «أعلم أن هناك تحركا رسميا تجاه قضية الفيلم، لكن الرد المناسب يكون بعمل فيلم آخر ذي قيمة عالية، وبعيداً عن الفيلم، فالدولة إذا أرادت أن تحسن علاقتها مع إيران ستفعل ذلك، وإذا أرادت أن تبين للرأي العام أنها علي حق في قضية مقاطعة إيران فستتحجج بكل الوسائل، حتي وإن كان فيلما اسمه (إعدام الفرعون)».
0 comments :
إرسال تعليق