رجال الأعمال يعلنون عن تبرعات بـ 8 مليارات جنيه سنويا.. ويدفعون 500 مليون منها فقط

البديل

دراسة تؤكد أن %80 منها للمستشفيات

رضا حبيشي

عقب فوز المنتخب الوطني لكرة القدم بكأس الأمم الأفريقية انهالت عليه التبرعات من رجال الأعمال المصريين والعرب حيث بلغ حجم التبرعات أكثرمن 100 مليون جنيه. جاء معظم تلك التبرعات من رجال الأعمال أمثال ناصر الخرافي الذي تبرع بمليون دولار، والوليد بن طلال الذي تبرع بمليون جنيه، والشيخ صالح كامل الذي تبرع أيضا بمليون جنيه، ومحمد فريد خميس تبرع بمليوني جنيه مع مكافأة خاصة 100 ألف جنيه لحارس المرمي عصام الحضري، ثم محمد أبو العينين الذي تبرع بإرسال أعضاء الفريق وأسرهم إلي الحج علي نفقته الخاصة.
أما علي مستوي رؤساء الدول فكان حفل التكريم الذي أقامه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة دبي للمنتخب المصري، وذلك علي ملعب نادي أهلي دبي. وقام ولي عهد إمارة دبي الشيخ حمدان بن راشد بتسليم الهدايا لجميع اللاعبين والجهاز الفني للمنتخب بقيادة حسن شحاتة وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة سمير زاهر وذلك بالنيابة عن الشيخ محمد بن راشد، وذلك من خلال تسليم كل لاعب كرتونة وضعت فيها الهدايا وحصل كل لاعب علي 200 الف دولار وهدايا تذكارية. فيما وعد حسن صقر رئيس الجهاز القومي للرياضة لاعبي المنتخب أثناء التصفيات بصرف مليون جنيه لكل لاعب في حال الفوز بالبطولة.

لا ينظر أحد إلي المبالغ المقدمة إلي لاعبي المنتخب بعين الحقد والحسد فقد حققوا إنجازا كبيرا استحقوا عليه تلك المكافآت لكن السؤال الجائز الآن لماذا لا نري نموذجا مشابها عندما يتعلق الأمر بمساعدة بسطاء المصريين، وتحديدا 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم طبقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة في عام 2007حيث تحتل مصر المركز 111 بين دول العالم من حيث مستويات التنمية. وذكر نفس التقرير أن أغلب الفقراء في مصر يعيشون في محافظات الوجه القبلي، حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها حوالي 35.2% من إجمالي عدد السكان، بينما تنخفض نسبة الفقراء بالوجه البحري لتصل إلي 13.1%. وأوضح تقرير التنمية البشرية أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد يوميا تبلغ 3.1%، بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9%. فهؤلاء لا يجدون من رجال الأعمال مَن يتبني مشروعا لتحسين حياتهم، إضافة إلي أنه لا يوجد أي من هؤلاء تتجه تبرعاتهم نحو المشاريع الخيرية الجادة التي تخدم البلاد وجميع المواطنين في مصر لتناظر مثيلاتها علي مستوي العالم.
أما المرات التي أعلن فيها عن مثل تلك المشاريع الخيرية فكانت مجرد بالونات إعلامية أعلنت في مؤتمرات صحفية ولم تر طريقها نحو التنفيذ.
وهو ما يصفه د. حسن عبدالفضيل - أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة - في دراسة عن تبرعات رجال الأعمال، بوعود تعلن في مؤتمرات صحفية ولا ينفذ منها شيء. فيما أظهرت دراسة عبدالفضيل أن قيمة التبرعات التي يعلن رجال الأعمال عن تقديمها سنويا تصل إلي 8 مليارات جنيه لا يوفي بها معلنها، في حين لا تزيد التبرعات الفعلية التي يتم تقديمها علي 500 مليون جنيه حيث لا يوجد قانون يلزم المتبرع بالوفاء بما وعد به من مبالغ مالية.
الأمثلة علي ذلك كثيرة ففي مايو الماضي أعلنت المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي عن عزمها إنشاء أول مركز طبي خيري لتشخيص وعلاج سرطان الثدي في مصر، وذلك من خلال التبرعات ثم عقدت مؤتمرا صحفيا لإعلان ذلك، حضره عدد كبير من الشخصيات علي رأسها الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والسكان والسيدة حرمه والدكتور سامي سعد زغلول أمين عام مجلس الوزراء وحرمه والمهندس عقيل بشير رئيس الهيئة المصرية للاتصالات والدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بأمانة السياسات بالحزب الوطني والسيد منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد بالإضافة إلي زوجة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء ورغم ذلك لم يجد هذا المشروع من يتبرع له بالملايين ولم تتحقق فيه أي خطوات عملية حتي الآن. أما فكرة د. أحمد زويل المتعلقة بإنشاء جامعة علمية عالمية في مصر لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، فلم يجد العالم المصري أيا من رجال الأعمال هؤلاء لتبني الفكرة أو تقديم تبرعات في سبيل تنفيذ هذه الفكرة التي نفذها زويل بعد ذلك في دولة قطر.
وهو الأمر الذي يصفه د.علي حبيش نقيب العلميين بمشاريع لا تهم رجال الأعمال مشيرا إلي أن معظم رجال الأعمال في مصر لا يتبرعون لهذه النوعية من الأعمال الخيرية، فنشاطهم في العمل المجتمعي يقتصر علي إنشاء الجامعات والمدارس الخاصة التي تهدف لتحقيق أرباح كبيرة يعاد إنفاقها مرة أخري علي العملية التعليمية بها لتحقق أرباحا جديدة.
ورغم أن دراسة عبدالفضيل تشير إلي أن 80 % من هذه التبرعات تتجه لبناء المستشفيات والجمعيات المهتمة بالمرضي إلا أن الواقعة التالية تروي وجها آخر لهذا الرقم، ففي أغسطس 2005 وفي أعقاب تفجيرات شرم الشيخ أعلن مجموعة من المستثمرين عن إنشاء أول مركز طبي متطور في شرم الشيخ لجراحة المخ والأعصاب بتكلفة 100 مليون دولار كمشروع استثماري. حينها أكد مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء حينذاك أن المشروع سوف يتم افتتاحه عام 2007 ولم يتم حتي الآن البدء في تنفيذ المشروع وذلك لأن الربح الذي سوف يحققه لا يتماشي مع استثماراتهم التي يريدونها.
فيما تؤكد دراسة عبدالفضيل أنه لا يوجد مشروع واحد متكامل قام من خلال تبرعات رجال الأعمال حتي المشاريع التي قامت علي التبرعات كانت الغالبية العظمي منها من تبرعات المواطنين العاديين ومحدودي الدخل وذلك لأن رجال الأعمال في مصر لا يهمهم المشاركة في العمل الخيري وعندما يحدث ذلك يكون بهدف دعائي <

--------
التبرعات بين ألاعيب الصعود السياسي والهروب من الضرائب
عن طريقها يصلون إلي البرلمان وبها يغسلون سمعتهم و يأخذونها منا مرة أخري
يقبل بعض رجال الأعمال المصريين علي تقديم التبرعات والقيام بالأعمال الخيرية في محاولة لتحسين صورتهم أمام الرأي العام ورغم أهمية هذه التبرعات ودورها في بناء أي مجتمع إلا أن الكارثة عندما تتحول هذه التبرعات إلي وسيلة للتغطية علي التجاوزات التي يرتكبوها أو حتي لتحسين الصورة التي شوهتها ممارستهم الاحتكارية ورفعهم لأسعار المنتجات بطريقة مستفزة وليس إيمانا منهم بأهمية ممارسة أدوار اجتماعية، وهو ما شهدته مصر في كثير من فتراتها ونتج عنه بناء صروح وقف وراءها رجال أعمال جادون آمنوا بأهمية دورهم ولم يتخذونها وسيلة لغسيل السمعة فالفارق ضخم بين التبرع في حب الوطن والتبرع لغسيل الذمة والسمعة. و التبرعات الأخيرة عادة ما يعقبها مؤتمرات صحفية وحملات دعائية، تمتد لتصل إلي جميع الأنحاء وتمتلئ بها صحف تعرف الطريق إلي هؤلاء المتبرعين ولا تقف التبرعات عند هذا الحد فبعضها تستخدم لأغراض سياسية يمهد بها صاحبها لخوض انتخابات في الفترة القادمة محاولا حشد الأصوات وتعبئة الناخبين.
هذه التبرعات يصفها النائب السابق محمد عصمت السادات بأنها " إحدي وسائل رجال الأعمال للوصول للبرلمان" مؤكدا أن هناك كثيرا من رجال الأعمال استطاعوا بتلك التبرعات التقرب إلي أهل الدائرة..ليس حبا في سواد عيون الناس ولكن طمعا في كرسي البرلمان، والدليل علي ذلك أن العديد من هؤلاء ارتبطت أسماؤهم بعد ذلك بقضايا فساد اقتصر تداولها علي أروقة البرلمان أو وصلت إلي المحاكم لتكشف زيف ادعاءاتهم.
بالرغم من خطورة كلام السادات إلا أنه لا يعتبر جديدا لأنه سيناريو اعتاده الناس وبات معروفا في جميع الدوائر الانتخابية، فعادة ينزل أحد رجال الأعمال إلي دائرة ما ويبدأ في تقديم نفسه في صورة رجل الخير المحب لأهل الدائرة ، ولأن من يزرع خيرا لابد أن يحصد حبا فيجب علي أبناء الدائرة أن يعبروا عن حبهم هذا في صورة أصوات تذهب لرجل الخير في الانتخابات التي رشح نفسه فيها من أجل صالح أبنائه وأخوته.
وبالفعل يحدث المراد من كل العباد، ينجح رجل الأعمال - والخير- في الدخول إلي المجلس الموقر ، ولأن الدنيا مشاغل يختفي الرجل تماما وتختفي أخباره إلي أن يسمع الجميع اسمه مقترنا بالعديد من قضايا الفساد ، وربما تسقط عنه العضوية لهذا السبب .
من أمثلة هؤلاء عماد الجلدة رجل الأعمال والنائب السابق بمجلس الشعب عن دائرة شبراخيت بالبحيرة "حزب وطني" والذي حكم عليه بالسجن هو و12 آخرون من مسئولي الهيئة العامة للبترول وأصحاب بعض شركات البترول في تهمة الرشاوي المالية التي بلغت حوالي 2 مليون جنيه مقابل إفشاء أسرار الهيئة عن أماكن التنقيب عن زيت البترول ، وبتهمة تسهيل الاستيلاء علي المال العام حيث حكمت المحكمة بالسجن المشدد والغرامة المالية التي اختلفت من متهم لآخر وعزل موظفو الهيئة من مناصبهم وعاقبت الجلدة بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 200 ألف جنيه بتهمه تقديم سيارة شيروكي تقدر بـ 139 ألف جنيه لمسئولي الهيئة، الجلدة تم الإفراج عنه مؤخرا بعد قبول محكمة النقض الطعن الذي تقدم به.
وهناك أيضا الدكتور هاني سرور رجل الأعمال ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ونائب الظاهر عن الحزب الوطني ورئيس شركة "هايدلينا" الذي يحاكم هو و 6 آخرون حاليا أمام محكمة جنايات القاهرة في قضية أكياس الدم التي وردتها شركة "هايدلينا" لوزارة الصحة ،نفس السيناريو السابق تقريبا..رجل أعمال ثم عضو مجلس شعب "حزب وطني" فقضية فساد. سرور مازال يتمتع حتي الآن بعضوية مجلس الشعب رغم أنه محبوس حاليا علي ذمة القضية.
لايمكن أن نتكلم عن أعضاء مجلس الشعب من رجال الأعمال دون أن تأتي السيرة ( العطرة) لرجل الأعمال محمد أبو العينين الذي اشتهر بتبرعاته الخيرية والتي كان أخرها تبرعه بإرسال أعضاء الفريق الوطني لكرة القدم وأسرهم للحج علي نفقته الخاصة.
أبو العينين هو رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب ونائب الجيزة عن الحزب الوطني والذي تردد اسمه مؤخرا بقوة كلاعب رئيسي فيما يحدث لأهالي جزيرة القرصاية التي تقع داخل دائرته الانتخابية واتهمه أهالي الجزيرة بالتقاعس عن خدمة قضيتهم بينما دارت الاتهامات حول تجاوز فيلته وأملاكه من عمليات الاستيلاء علي أراضي أهالي الجزيرة بينما تمتلاء الدائرة بالحديث عن أعماله الخيرية وهو ما دفع أهل الجزيرة للتساؤل عن سر غياب خيريات أبو العينين عنهم .. أما الحديث عن أزمات مصانعه وعماله فلها شكل اخر
ما ينطبق علي من سبقوا ينطبق أيضا علي محمد إبراهيم سليمان صاحب المكتب الاستشاري ووزير الإسكان السابق وعضو مجلس الشعب الحالي عن دائرة الجمالية بالحزب الوطني الذي تبرع بتحمل التصميمات الهندسية للمعهد الأكاديمي لجراحات القلب بجامعة عين شمس. لكن اسم سليمان ورد في العديد من القضايا ابتداء من الكتاب الأسود الذي أصدره محمد سعد خطاب عن صفقاته والزج باسمه في قضية المهندس ممدوح حمزة بالإضافة إلي طلبات الاحاطة التي قدمت ضده واتهمته بالفساد والتربح حين كان وزيرا للإسكان، وآخرها كان البلاغ الذي تقدم به النائب علاء عبد المنعم لجهاز الكسب غير المشروع ضده عن مصادر ثروته.
تلك القائمة تضم أيضا رجل الأعمال أحمد عز .. الرجل شديد الاقتراب من السلطة وأول المستفيدين منها وأهم مموليها. ويلاحظ أن معظم تبرعات عز تتجه للحزب الوطني ومؤتمراته فيما القليل منها يتجه للمواطنين.
عز تحمل جزءا كبيرا من تكاليف الحملة الانتخابية للرئيس مبارك وحملة تعبئة المواطنين في الموافقة علي التعديلات الدستورية الأخيرة وهو أيضا الذي اتهمه النائب المستقل طلعت السادات أثناء مناقشة ميزانية 2006 ــ 2007 بالحصول علي 51 ألف فدان من أراضي خليج السويس بسعر خمسة جنيهات للمتر وعرضها للبيع علي مستثمرين صينيين بسعر 1500 جنيه للمتر في مخالفة دستورية لكونه نائبا في المجلس، مكسب من هذه الصفقة - بحسب كلام طلعت السادات - كان 6 مليارات جنيه، وهذا ليس كل شيء، فالسادات واصل اتهاماته لعز بالتلاعب في البورصة التي وقعت «بقدرة قادر» ( الكلام للسادات) ليهبط سعر حديد الدخيلة من 1300 جنيه إلي1030 جنيها فيقوم السيد العضو بشراء 4 ملايين سهم ويحقق مكاسب قدرها 1.2 مليار جنيه في دقائق، وهو ما أطلق عليه الانهيار الثاني للبورصة في يوم الثلاثاء الأسود 23 مايو 2006 و قد قدم عدد من نواب المجلس طلبات إحاطة متهمين أشخاصا بعينها (أبرزهم أحمد عز)بأنها المتسببة في ذلك الانهيار وهو ما ترتب عليه حدوث واقعة الجزمة الشهيرة.
الأمر لا يتوقف علي هؤلاء فقط بل يشمل - من وجهة نظر الدكتور أحمد أنور أستاذ الاجتماع المساعد بآداب عين شمس- جميع رجال الأعمال المصريين المسئولين عن ارتفاع الأسعار والتضخم، فهم جميعهم في سلة واحدة.. حققوا أرباحا خيالية نتيجة الممارسات الاحتكارية التي مارسوها، ومازالوا يمارسونها من خلال سيطرتهم علي صناعة مواد البناء، وسوق العقارات، والمواد الغذائية والمستشفيات والجامعات الخاصة التي يملكونها فهؤلاء يقدمون التبرعات من أجل تحسين صورتهم أمام الرأي العام ويقدمونها بشكل دعائي ويعلنون عنها في المؤتمرات الصحفية لدرجة أن هذه التبرعات أصبحت وسيلة لغسيل الأموال بالنسبة لبعض رجال الأعمال.
يتفق معه في الرأي الدكتور فؤاد السعيد الباحث بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية أن هذه التبرعات التي يتبرعون بها تكون لأهداف معينة وقلما ما تجدها لوجه الله وهي تكثر قبل الانتخابات كما أنها تخصم من الضرائب المستحقة علي رجال الأعمال، الأمر يمكن معه أن تكون وسيلة للتهرب من الضرائب من خلال تضخيمها، فالاستفادة تكون من الطرفين التهرب الضريبي وتحسين الصورة التي شوهتها تجاوزاتهم وأعمالهم الاحتكارية، ويضيف علي ذلك الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إنها أحيانا تكون وسيلة للتغطية علي تجاوزات معينة لرجل الاعمال أو أحد أفراد أسرته وقد تعقب عمل غير شرعي قام به <

0 comments :

إرسال تعليق