الوفد
بقلم: أنور عصمت السادات
عفوا.. هذا ليس الكتاب المقدس.. ولا من الكتب السماوية.. ولكنه اسم فقط لميثاق شرف وعقد اتفاق.. هل لو اتفقنا.. مسلمين ومسيحيين - نحن متفقون - علي كتابة عقد بيننا ينص علي أن كل من ينوي أو يفكر أو يكتب أو يقول كل ما هو من شأنه إذكاء الفتنة الطائفية يعتبر مجرماً.. في حق بلده ويعاقب بإطلاق ونشر اسمه ضمن أسماء الخونة لقضايا بلدهم؟ كثرت الأقاويل والمكاتبات والرسائل والحوارات الإعلانية والبرامج الدعائية.. حول أقباط مصر وحول حقوق المواطنة وحول مشاكل الأقليات في مصر وفي العالم العربي والإسلامي..
وهو موضوع ظاهره رحمة وباطنه شر.. يحكي عن ظلم وحقوق مسلوبة.. سلبها المسلمون من المسيحيين.. في كل المجالات.. بداية من التعليم.. وحتي تولي المناصب الرسمية والعليا بتشكيل الحكومة.. وفي المؤسسات العسكرية.. وفي الحكم المحلي.. إلي حد دور العبادة.. وتشكيك في مصرية كل مواطن طبقا لديانته.
الموضوع علي الرغم من قدمه في العالم.. وفي كل مكان وعلي جميع المستويات.. إلا أنه قد ازداد وكثر في الفترة الأخيرة.. حتي أن بعض المسيحيين أخذوا يتندرون به مع اخوانهم المسلمين علي أنه نكتة وقفشة ومزاح ونسوا أصل الموضوع ويتحدثون عنه كأنه فيلم سينمائي مصري جديد وله أبطاله!!.. أو حدث من أحداث هروب رجال أعمال بالخارج بعد أن جمع ثروة بالغش والنصب أو كأنه موجة خماسينية محملة بالأتربة مصحوبة بالرياح الشديدة.. وموجات لم تعهدها مصر من قبل.. أو مباراة بين الأهلي والزمالك.. »حتي الزمالك أصبح ذا ديانة مسيحية.. فهذا زملكاوي.. يعني مسيحي!! أو مسيحي.. يبقي زملكاوي..« إلي هذا الحد من التندر.. الموضوع قفشات مصرية ليس أكثر من هذا«.
موضوعات المصريين لا تخرج عن هذا.. أما موضوعنا الذي نتحدث عنه.. فإن خلفياته ومصاحباته وتابعياته وتعليماته ومواده وتمويله.. كلها تأتي من الخارج، وأصوله وفكره ليس مصرياً.. وبداية الموضوع - في رأيي الشخصي - تنبع من تولي الدول الكبري بمؤسساتها وملحقاتها الثقافية.. وجمعياتها المعنية بحقوق الإنسان وجمعيات حماية الأقليات بالبحث عن موضوعات ساخنة في أي منطقة من العالم.
وبالطبع عيونهم علي منطقة الشرق الأوسط.. بصفة عامة.. ومصر بصفة خاصة.. فبحثوا ووجدوا من ضعاف النفوس وضعاف العلم من يذكي نار فتنة التفرقة بعمل مؤتمرات واجتماعات ويوزع الكتب.. وبعقد المنتديات بأوروبا وأمريكا ويدعو فيها من يدعو وكيفما يشاء.. وحسب ما يري من الأصدقاء والأقرباء.. مسلمين ومسيحيين.. فرصة قادمة علي طبق من فضة.. للأستاذ مصطفي وصديقه بولس للسفر للخارج والفسحة علي حساب صاحب المحل.. ولا مانع من الكلام شوية في مشكلة المسلمين وحقوق الأقباط المسلوبة في مصر.. موضوع مثله مثل موضوع المونديال الكروي.. نتيجته في النهاية صفر.. وبعدما يرجع الأصدقاء إلي القاهرة يحكون ويتندرون بهذا السفه الذي يصرف عليه ملايين.. من جيوب تلك المؤسسات والجمعيات تحت مسميات حقوق الإنسان.
طبعا هي حكاية وموضوع ممكن أن يتندر به المصريون ولكن خلفه ووراءه جهات ومنظمات تسعي لوضع قدم لها في مصر تحت أي مسمي.. ولو علي اسم شركة استثمارية تجارية ويكون لها ناسها ومساندوها ومن يدعمها ويثبت أقدامها في مصر. أي شركة.. شركة تبيع أي منتج استهلاكي »أهبل وعبيط« لبان مرطب فم وكريم ينعم الأقدام والكيعان والركب!! وأحمر شفايف بطعم الفراولة و»روجا جو« جديد للوجنات المصرية.. ومسكرة لا تذوب من الدموع.. ولا من الماء للمساء والسهرة.
هل تصدق أن هذا الكلام له علاقة بالاضطهاد.. أو بالأقليات.. - كما يدعون - وكلمة الأقلية نفسها كلمة تشعل نار الفتنة. فمتي كان أقباط مصر أقلية وفئة مهضومة؟؟ ومتي كان لأقباط مصر منظمات عالمية تتحدث باسمهم في الخارج؟؟.. ومتي كان لأقباط مصر ممثلون لهم في الخارج؟؟ لو فكرنا قليلا لاكتشفنا أن الموضوع بعيد جدا عن الموضوعات الدينية.. ولكنه قريب جدا من موضوع القومية المصرية المطلوب هدمها وإزالتها من الوجود.. وإنهاء عهد الفراعنة في القرن الواحد والعشرين..!! فراعنة الآن..؟؟ نعم فالمصري فرعون في شماخته وفي كبريائه وفي طموحه.. وهو ما يخشاه الغرب ويعمل له ألف حساب وحساب.. ولم يقولوا الفراعنة الآن من أصول مسيحية أو إسلامية.. ولا ذكر لهذا.. إنما يخشون إعادة إحياء عهد الفراعنة.. وهم يعرفون أيضا من هم الفراعنة والأجيال التي أتت بعدهم وتربوا بين أعمدة معابد الأقصر وعلي طرف البحيرة المقدسة.. وتحت سفح الهرم الأكبر.. وفي معبد آمون في سيوة.. وفي كوم الدكة بالإسكندرية.. وأبناؤهم في القرن العشرين نقلوا معبدي أبوسمبل ونفرتاري من مكان بحيرة السد العالي إلي مكانه الحالي بنفس كيفية البناء المعجزة غير التقليدي وغير النمطي.. في زمن التكنولوجيا والعلم الحديث.
هم أحفاد أحفاد الفراعنة.. مصريون.. مسلمين ومسيحيين.. والموضوع مختلف عن نظرة الغرب للاضطهاد والمنازعات والتفرقة التي خلقوها هم في بلادهم.. بين البيض والملونين.. هل هناك عنصرية أكثر من هذا؟.. أن تتم التفرقة علي أساس اللون والعرق.. حمداً لله أنها لم ولن تحدث في منطقتنا.. عهد وعهود نضعها أمام الأجيال التي لم تعد تقرأ تاريخاً ولم تتعلم دروساً في القومية الوطنية.. والتي تقرأ وتتعلم من الإنترنت ومن الشبكات ومن الفضائيات.. وتكرر ما يقولونه دون وعى.
عهد أود أن يصاغ ويكتب وينشر بين أبناء وطنى.. عهد ينص علي تجريم وإدانة كل شخص يكتب وينشر ما من شأنه إشعال نار الفتنة.. وأن يذكر اسمه صراحة دون مواربة.. ويضع في قائمة من شذوا وانحرفوا عن الطريق القويم والسليم.
أقولها بوضوح وصراحة إذا كان هناك تمييز أو حقوق لإخواننا الأقباط وشركائنا في الوطن.. فلابد أن تحل وتواجه بكل وضوح وصراحة حتي يطمئن الجميع.. فإن خطر الفتنة يطل بوجهه القبيح علينا.. ولابد من المواجهة.. وقتل الفتنة في مهدها.. اللهم اني قد بلغت.. اللهم فاشهد.
0 comments :
إرسال تعليق